عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
اهلا بك في منتديات عبير الاسلام
نحن نلتقي لنرتقي ونعمل جاهدين لرفعة الاسلام
ايها الزائر الكريم نحن ندعوك للتسجيل معنا
عبير اسعد

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
اهلا بك في منتديات عبير الاسلام
نحن نلتقي لنرتقي ونعمل جاهدين لرفعة الاسلام
ايها الزائر الكريم نحن ندعوك للتسجيل معنا
عبير اسعد
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ــ[ معاني الركوع والسجود في القرآن المجيد ]ــ

اذهب الى الأسفل

عع ــ[ معاني الركوع والسجود في القرآن المجيد ]ــ

مُساهمة من طرف Al_maroof الأحد 13 يناير 2013, 8:24 pm



ــ( معاني الركوع والسجود في القرآن المجيد )ــ


بحث مقدم من :
د. إبراهيم بن سعيد بن حمد الدوسري
الأستاذ المساعد في قسم القرآن وعلومه ، كلية أصول الدين
الرياض - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .


*******


ملخص البحث :
يتناول هذا البحث دراسة جميع ألفاظ الركوع والسجود في القرآن الكريم
الواقعة في تسعة وأربعين موضعا من سوره المكية والمدنية .
وقد عني بجانب التفسير التحليلي المقارن ،
وذلك برصد معانيهما اللغوية والشرعية والمجازية ،
وحسبما اقتضته الآيات جرى تصنيفها إلى ثلاثة عشر موضوعا ،
ومن ثَمَّ دُرس كل موضوع في مبحث
يتناول تلكم الآيات من خلال ما جاء في تفسيرها
من نصوص الكتاب والسنة والآثار وأقاويل السلف والمفسرين ،
كما اقتضت الدراسة الاعتبار بالسياق
وكذلك النظائر وسائر القرائن والدلائل
من المكي والمدني والناسخ والمنسوخ ،
وغير ذلك مما ينتهي بالبحث إلى الصحيح من الأقوال ،
وتعقّب المعاني الضعيفة وما لا يعوّل عليه ،
وهذا بالإضافة إلى توضيح ما جاور
ألفاظ الركوع والسجود من المفردات الغريبة ،
مما يستلزمه البحث ، وكذلك الإشارة إلى بعض المعاني البلاغية .

ويعتبر هذا البحث متصلا بعلم الوجوه والنظائر في القرآن الكريم ،
وسلسلة ينبغي أن تتواصل على أيـــدي الباحـثين ،
وإذا لم تستوعب مصادر الوجوه والنظائر
ما في القرآن الكريم من المعاني
فإن الدراسات في هذا الجانب المهم
من علوم القرآن الكريم وتفسيره
ضرورية لإبراز هدايات القرآن الكريم ودلالاته .
والله ولي التوفيق .

******


الحمد لله الذي دانت لعظمته العباد ،
وخضعت لعزته الرقاب ،
والصلاة والسلام على نبينا محمد
وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما ،
أما بعد :


فإن مما يثير التساؤل
ورود صيغ الركوع والسجود في القرآن الكريم لمعان متعددة ،
واختلاف المفسرين ـ رحمهم الله ـ في تأويلها كذلك ،
فما معنى قوله تعالى لبني إسرائيل :
{وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا }
( البقرة /58 ) ؟

وهل المقصود في قوله تعالى ـ في شأن داود عليه السلام ـ
{ وَخَرَّ رَاكِعًا }
( ص/24 )

الركوع الشرعي ؟ وهل عفّر أبوي يوسف وأخوته
وجوههم على الأرض سجدا ليوسف ؟
وما كيفية سجود النجم والشجر وغيرهما؟
وهل هو حقيقة أو مجاز ؟
كل ذلك يستدعي البحث والتدبر ،
مع ما للركوع والسجود من تاريخ عريق على اختلاف هيئاتها
باختلاف الزمان وتعدد الأديان ،
ولا جرم أن أحدهما كان أول تحية تلقاها البشر عند خلق العالم ،
وهما من أهم أركان الصلاة وأدلهما على العبودية لله رب العالمين .


تعريف الركوع والسجود :
معاني الركوع والسجود تدور على ثلاثة محاور ،
وهي :
1. 1. المعاني اللغوية .
2. 2. المعاني الشرعية .
3. 3. المعاني المجازية .

المعنى اللغوي :
الركوع : يكون في القلب بالخضوع ،
وفي الجسد بالانحناء وطأطأة الرأس .

والسجود : يشترك مع الركوع في معنييه ،
ويَفْضُلُ عليه بأنه يختص بوضع الجبهة على الأرض ،
ولا خضوع أعظم منهوالساجد أشد انحناء من الراكع .

المعنى الشرعي : الركوع والسجود من أهم أركان الصلاة
وأفضــلها كمـا في صحــيح مسلم عن ابن مسعود
رضي الله عنه موقوفا :
(( إن أفضل الصلاة الركوع والسجود)) ،

(( أما الركوع فهو أن يخفض المصلي رأسه
بعد القَومة التي فيها القراءة حتى يطمئن ظهره راكعاً،
قال أحمد بن حنبل :
(( ينبغي له إذا ركع أن يلقم راحتيه ركبتيه ويُفرِّق بين أصابعه ،
ويعتمد على ضَبْعَيه وساعديه، ويسوي ظهره ،
ولا يرفع رأسه ولا يُنكِّسه)) ،
(( وكل قومة يتلوها الركوع والسجدتان من الصلوات كلها فهي ركعة ،
ويقال ركع المصلي ركعة وركعتين وثلاث ركعات )) .

وأما السجود في الشرع فهو وضع الجباه على الأرض
ولا بد معه من الطمأنينة ،
وقد بينه الرسول صلى الله عليه وسلم
في الصلاة فيما رواه عنه ابن عباس
رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم
قال : (( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم :
علـى الجبـــهة ( وأشار بيده على أنفه )
واليدين والركبتين وأطراف القدمين ،
ولا نكِفت الثياب ولا الشعر )) .

الحقيقة والمجاز :
الحقيقة : (( اللفظ الدالّ على معنى بالوضع الذي وقع فيه ذلك التخاطب )) .
والمجاز : (( اسم لما أُريد به غير ما وُضع له لمناسبة بينهما كتسمية الشجاع : أسدا ))
وبين العلماء خلاف مشهور في وقوع المجاز في القرآن الكريم ،
بل وفي اللغة العربية ،
ومن نفاه يعتبر ما يُسمى مجازا
- من الاستعارة والحذف والتعبير عن الكل بالجزء وغير ذلك -
أسلوبا من أساليب اللغة ،
وذلك صيانة لكتاب الله تعالى من القول بجواز نفي ما أثبت ،
كنفي كثير من الصفات الثابتة لله جلّ وعلا في القرآن العظيم .

على أن من أجرى المجاز من المحققين قصَره على النصّ ،
وذلك بالرجوع إلى أهل اللغة المعتبرين ،
إذ إن المجازات واردة على خلاف الأصل الذي هو الحقيقة .
وقد حاول الزمخشري
أن يفرق بين الحقيقة والمجاز في الركوع والسجود،
فقال رحمــه الله :
( ومن المـجاز لغبت الأبل حتى ركعت ،
وهن رواكع إذا طأطت رءوسها وكبت على وجوهها …
وركع الرجل انحطت حاله وافتقر وقال في مادة (سجد) :
(( ومن المجاز شجر ساجد وسواجد وشجرة ساجدة : مائلة ،
والسفينة تسجد للرياح : تطيعها وتميل بميلها …
وفلان ساجد المنخر إذا كان ذليلا خاضعا ،
وعين ساجدة : فاترة ،
وأسجَدت عينَها :
غضَّتها … وسجد البعير وأسجد طأ من رأسه لراكبه ،
واعتبار ماسبق من المجاز غير الدقيق ،
حيث اعتبرته أكثر المصادر الأخرى حقيقة ،
ولأنه كله يدل على الخضوع والانحناء ،
(( وإذا دار اللفظ بين احتمال المجاز واحتمال الحقيقة فاحتمال الحقيقة أرجح)) .

وقد استعمل الركوع والسجود في أساليب متعددة
أصولها راجعة إلى ما أشرت إليه
في المعاني اللغوية والشرعية ، وهي :

أنه يقال للمصلي : راكع ، ويقال له أيضا ساجد .
ويقال للساجد راكع ، وللراكع ساجد .
وهذه الأساليب جميعها قد استعملت في القرآن الكريم
على خلاف بين المفسرين في تأويلها ،
وللسياق والقرائن والدلائل اعتباراتها في ذلك ،
وإن كان أكثر هذا الاختلاف من قبيل التنوع لا التضاد .

[ يتبع ...

cheers

Al_maroof
Al_maroof
نائب مدير
نائب مدير

اوسمتي منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي مزاجي : محتسب وحامد لربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عع رد: ــ[ معاني الركوع والسجود في القرآن المجيد ]ــ

مُساهمة من طرف Al_maroof الأحد 13 يناير 2013, 8:33 pm





دراسة الآيات :

وقعت ألفاظ الركوع والسجود في القرآن الكريم
في تسعة وأربعين موضعا ،
وتنتظم موضوعاتها فيما يلي :

أولاـ سجود المخلوقات جميعها لله رب العالمين .
ثانيا- سجود الملائكة .
ثالثا- سجود النبيين عليهم الصلاة والسلام .
رابعا- الرُّكع السجود في قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام .
خامسا- سجود أبوي يوسف وإخوته له .
سادسا- سجود السحرة من بني إسرائيل .
سابعا- أمر بني إسرائيل بأن يدخلوا القرية سجدا .
ثامنا- ذكر ركوع نبي الله داود عليه السلام .
تاسعا- سجود الصديقة مريم وركوعها .
عاشرا- سجود مؤمني أهل الكتاب .
حادي عشر- سجود الرسول محمد r وأمته وركوعهم .
ثاني عشر- سجود الكفار وركوعهم .
ثالث عشر- أمر اليهود بالركوع .

******

أولا - سجود المخلوقات جميعها لله رب العالمين :


قال الله تعالى :
{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا
وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ }
( الرعد/15 ) .

وقال الله تعالى :
{ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ
يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ(48)
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ }
( النحل/48،49) .


وقال الله تعالى :
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ
وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ
وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ
وَمَنْ يُهِنْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ
إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ }
(الحج/18) .


وقال الله تعالى :
{وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ }
(الرحمن/6) .


{ بِالْغُدُوِّ} : أول النهار ،
{وَالْآصَالِ} آخره ،
وهو مابين العصر إلى مغرب الشمس .

{يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ} بمعنى { بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ } ،
فمعنى تتفيأ في هذه الآية : تتنقل وتتميل ،
فالظل يرجع من موضع إلى موضع ،
والمقصود بـ {الْيَمِينِ} أول النهار ،
وبـــ {وَالشَّمَائِلِ } أواخره .
{ دَاخِرُونَ} : صاغرون .
{ وَالشَّجَرُ} : ما قام على ساق ،
وأما {وَالنَّجْمُ } فقد اختُلف فيه ،
ففسره ابن عباس رضي الله عنهما بالنــبات الذي لا ساق له ،
واختاره ابن جــرير ،
وفسره مجاهد بنجم الســماء ،
واخــتاره ابـن كثير ،
(( ويجوز أن يكون النجم ههنا يعني به ما نبت على وجه الأرض
وما طلع من نجوم السماء ،
يقال لكل ما طلع قد نَجَم

[ يتبع ...

cheers


Al_maroof
Al_maroof
نائب مدير
نائب مدير

اوسمتي منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي مزاجي : محتسب وحامد لربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عع رد: ــ[ معاني الركوع والسجود في القرآن المجيد ]ــ

مُساهمة من طرف Al_maroof الأحد 13 يناير 2013, 8:41 pm



اشتملت هذه الآيات على سجود كل شئ لله تعالى ،
إذ يقول الله تعالى :
{ مِنْ شَيْءٍ }
( النحل/48 ) ،

ونصّ على بعضه لما فيه من الدلالات الظاهرة على وحدانية الله كالظل ،
ولأن بعضه قد عُبد من دون الله كالشمس والقمر ،
والأصناف المنصوص عليها في الآيات الأربع هي :

1. 1. أهل السموات والأرض من العقلاء ،
كما يفيده التعبير بـ { مَنْ } الواقعة على العقلاء . ( الرعد/15 ، الحج/18 ) .

2. 2. الملائكة ( النحل/49 ) .

3. 3. المؤمنون في قوله تعالى { وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ }
( الحج/18 ) .

4. 4. الكفار ،
إذ هم معدودون ضمن العقلاء المذكورون أولا ،
ونص عليهم أيضا في قوله تعالى :
{ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ }
أي وكثير حق عليه العذاب سجد ،
وقيل: بل المعنى وكثير أبى السجود .

5. 5. كل مالا يعقل المعبر عنه بـ (( ما )) . ( النحل/48،49 ) .

6. 6. الظلال . ( الرعد/15 ، النحل/48 ) .

7. 7. الشمس والقمر والنجوم . ( الحج/18 ) .

8. 8. الجبال والشجر . ( الحج/18 ، الرحمن/6 ) .

9. 9. الدوابّ . ( النحل/49 ، الحج/18 ) .

وقد اختلف العلماء في سجود هذه الأصناف على ثلاثة أقوال :

القول الأول :
أنه السجود الشرعي ،
هو الوقوع على الأرض بقصد العبادة ،
واعتبروا من لم يسجد من أهل السموات والأرض
كالكفار من العام المخصوص ،
واستدلوا بقوله تعالى :
{ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ }
(الحج/18 )
على القول بأن بعض الناس غير داخل في هذا السجود .

القول الثاني :
أن المقصود المعنى اللغوي ، وهو الخضوع والخشوع .
وهذان القولان معتبران عند علماء التفسير ،
غير أن القول الأول يتعذر فيه السجود الشرعي في بعض الأصناف ،
وأما القول الثاني فيتعارض مع القاعدة الأصولية
التي تنص على أن اللفظ إذا دار بين الحقيقة الشرعية
واللغوية حمل على الشرعية ،
ولاشك أن الحقيقة الشرعية متحققة في بعض المخلوقات كالمؤمنين ،
ولولا إرادة ذلك لما أثبته لبعض الناس
ونفاه عن بعضهم الآخر في قوله تعالى :
{ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ }
( الحج/18 ).

القول الثالث :
أن السجود كل شئ مما يختص به حسب حاله ،
وهذا هو الراجح،
وعليه فيكون السجود فيما سبق من الأصناف على النحو التالي :

• • الملائكة : سجودهم عبادة حقيقية ،
ويكون طوعا بلا خلاف كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
(( إني أرى مالا ترون وأسمع مالا تسمعون ،
أطَّت السماء ، وحُقّ لها أن تئط ،
ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله …)) .

• • المؤمنون : سجودهم شرعي طوعا ،
وقيل إن الكره يكون في سجود عصاة المسلمين وأهل الكسل منهم ،
وهذا القول أجنبي عن المقصود بقوله تعالى :
{ طَوْعًا وَكَرْهًا }
( الرعد/15 ) .


[ يتبع ...

cheers

Al_maroof
Al_maroof
نائب مدير
نائب مدير

اوسمتي منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي مزاجي : محتسب وحامد لربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عع رد: ــ[ معاني الركوع والسجود في القرآن المجيد ]ــ

مُساهمة من طرف Al_maroof الأحد 13 يناير 2013, 9:01 pm




• • الكفار :

لهم السجودان : أما الشرعي فيكون كرها ،
ويصدق على المنافقين منهم ، كما قال تعالى :
{ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى
وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ }
( التوبة/54 ) .

وأما سجود الكافر خضوعاً على حسب ماهو في اللغة
فلأنه منقاد لمشيئة الله وقدرته ،
وقال مجاهد :
(( ظِل الكافر يسجد طوعا وهو كاره ،
وقال الزجاج : (( والكافر إن كفر بقلبه ولسانه وقصده
فنفس جسمه وعظمه ولحمه وجميع الشجر والحيوان خاضعة لله ساجدة )) .


• • سجود الموات والجماد المعبر عنه بـ (مالا يعقل ) :
مامن حيوان ولا نبات ولا جماد إلا وهو مطيع لله
خاشع له مسبح له كما أخبر الله تعالى عن السموات والأرض :
{ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }
( فصلت/11 ) ،

وقال جل شأنه في وصف الحجارة :
{ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ }
( البقرة/74 ) ،

وغير ذلك من الشواهد ،
مما يدل على أن الله قد أودعها فهما وإدراكا ،
والخشية لا تكون إلا لما أعطاه الله مما يختبر به خشيته ،
فهو سجود طاعة ، وعلينا التسليم لله ،
والإيمان بما أنزله من غير تطلّب كيفية السجود وفقهه ،
إلا ما جاء النص فيه مما سيأتي إن شاء الله قريبا ،
وهذا مذهب أهل السنة .

وقيل سجود الموات والنبات ونحوهما ظهور أثر الصنع فيها ،
على معنى أنه يدعو الغافلين إلى السجود
عند التأمل والتدبر فيه وهذا مخالف لكثير من ظواهر الكتاب والسنة .


• • الظلال :
لها سجود خاص غير سجود الأشخاص ،
وقيل : إن المراد بالظلال الأشخاص ،
وهو ضعيف مخالف للتفسير ولظاهر الآيات .

وقد بين الله كيفية سجود الظلال في قوله تعالى :
{يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ }
(النحل/48 )

قال ابن جرير :
(( وسجودها ميلانها ودورانها من جانب إلى جانب ،
وناحية إلى ناحية ، كما قال ابن عباس :
يقال من ذلك سجدت النخلة : إذا مالت ،
وسجد البعير وأُسجد : إذا أُميل للركوب ،
ويتضمن ذلك خضوعـها وانقيادها لأمر الله ،
كما قال تعالى :
{أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ
وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا
ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا(45)
ثُـــــمَّ قَبَضْنــَاهُ إِلَيْـــنَا قَبْــضًا يَسِيـرًا }
( الفرقان/45،46 )

ولا يبعد أن يجعل الله للظلال عقولا تخشع بها وتدرك بها ونحن لا ندركها .

• • الشمس والقمر والنجوم :
قال أبو العالية الرِّياحي :
(( مافي السماء نجم ولا شمس ولا قمر إلا يقع لله ساجدا حين يغيب ،
ثم لا ينصرف حتى يؤذن له،
فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى مطلعه ))
، فهذا سجود حقيقي،
ويشهد له ما رواه أبو ذرّ رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً :
(( أتدرون أين تذهب هذه الشمس ؟ ))
قالوا : الله ورسوله أعلم.
قــال (( إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش ،
فتخر ساجدة . فلا تزال كذلك حتى يقال لها :
ارتفعي ، ارجعي من حيث جئت فترجع ،
فتصبح طالعة من مطلعها ،
ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش ،
فتخر ساجدة ، ولا تزال كذلك حتى يقال لها : ارتفعي ،
ارجعي من حيث جئت ، فترجع ، فتصبح طالعة من مطلعها ،
ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقـرها ذاك ،
تحت العرش . فيقال لها : ارتفعي ،
اصبحي طالعة من مغربك، فتصبح طالعة من مغربها ))
، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :
(( أتدرون متى ذاكم ؟ ذاك حين
{ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ
أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا }
( الأنعام/158 ) .

فهذا نص صريح عن الصادق المصدوق
عليه الصلاة والسلام في سجود الشمس
يجب الإيمان به والتسليم به كما ورد ،
قال ابن العربي :
(( أنكر قوم سجودها وهو صحيح ممكن ))،
وقال ابن حَجَر :
(( ويحتمل أن يكون المراد بالسجود
سجود من هـــو موكّل بها من الملائكة
أو تسجد بصورة الحال فيكون عبارة عن
الزيادة في الانقياد والخضــوع في ذلك الحين )) ،
وما ذكره ابن حجر - عفا الله عنه -
صرف لهذا النص عن ظاهره وحقيقته دون قرينة تصرفه إلى ما احتمله .


• • الجبال والشجر :
نصّت آية الحج/18 على أن الجبال والشجر تسجد لله ،
وكذلك نصت آية الرحمن/6 على الشجر،
ومعنى ذلك أن الله قد أودعهما فَهماً وإدراكا ،
فهي تسجد سجوداً تعبدياً حقيقياً لا نعلم كيفيته ،
وقال ابن جرير الطبري :

(( سجود ذلك ظلاله حين تطلع عليه الشمس وحين تزول ،
إذا تحول ظل كل شئ فهو سجوده )) ،
والأظهر كما سبق أن للجبال والشجر ونحوهما سجوداً آخر خاصاً بها ،
ولظلالها سجوداً آخر خاصــاً بها .
ولـــيس فــي آيـة الحج/18 ولا الرحمن/6 ذكر سجود الظلال ،
قال ابن كثير : (( وقال مجاهد أيضا :
سجود كل شئ فيه ، وذكر الجبال قال : سجودها فيها )) .
ومما يدل على أن هذا السجود غير سجود الظلال
ما جاء عن ابن عبـاس رضي الله عنهما ،
قال : (( كنت عـنـد النبي صلى الله عليه وسلم ،
فأتاه رجـل فقال :إني رأيــت البارحة ،
فيما يرى النائم ، كأني أصلى إلى أصل شجرة ،
فقرأتُ السجدة فسجدتُّ فسجدت الشجرة لسجودي ،
فسمعتها تقول: اللهم احطط عني بها وزرا،
و اكتب لي بها أجرا ، واجعلها لي عندك ذخرا ،
قال ابن عباس : فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم
قرأ السجدة فسجد ،
فسمعته يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة )).


• • الدوابّ :
عامّ في جميع الحيوانات المميِّزة وغير المميِّزة ،
وهي داخلة ـ بحسب اختلاف أنواعها ـ
فيما تم توضيـحه آنفا . و الله أعلم .

إنه لا شيء أدل من السجود على الطاعة و الخضوع ،
ولا جرم أن إخبار الله بسجود هذه المخلوقات له
حث للناس علـى توحيده و طاعته والسجود له ،
ولهذا استُحب السجود في السـور الثلاث الأُول
التي أخبــر الله فيــها عن سجود أهل السمــوات والأرض .

واختيار صيغة المضارع في الآيات السابقة
دلالة على تجدد ذلكم السجود واستمراره.

[ يتبع : ....

cheers

Al_maroof
Al_maroof
نائب مدير
نائب مدير

اوسمتي منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي مزاجي : محتسب وحامد لربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عع رد: ــ[ معاني الركوع والسجود في القرآن المجيد ]ــ

مُساهمة من طرف Al_maroof الأحد 13 يناير 2013, 9:11 pm



ثانيا ـ سجود الملائكة :

ذكر الله تعالى في كتابه الكريم للملائكة نوعين من السجود :
السجود لله تعالى طاعة وتعبدا ، والسجود لآدم تكرمة وتحية .
أ ـ سجود الملائكة لله تعالى :
قال الله تعالى :
{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ
وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ } .
(الأعراف/206) .

ورد عن العلماء في معنى السجود ثلاثة أقوال :
1ـ السجود الشرعي ، وهو وضع الجباه بالأرض .
2ـ الصلاة .
3ـ الخضوع والتذلل.
والذي يظهر أن أصحها السجود الشرعي ،
لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
(( أطّت السماء وحُقّ لها أن تئط
ما فيـها مـوضع أربـع أصابع
إلا و ملك واضع جبهته ساجدا لله ))،
ولهذا شُرع لِيُتشبه به بالملائكة في فعلهم ،
كما جاء في الحديث :
(( ألا تصُفُّون كما تصُفّ الملائكة عند ربها ؟ ))
فقلنا يا رسول الله وكيف تصفّ الملائكة عند ربها ؟
قال يتمــون الصفوف الأُول و يتراصون في الصفّ ))،
والجمهور من العلماء على أن هذا أول مواضع سجود التلاوة
في القرآن الكريم من حيث ترتيب السور .

أما الخضوع فقد أغنى عنه في الآية قوله تعالى :
{لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } ،

وأما القول بأن معناه
(( ولله يصلون ))
فهو الذي فسر به ابن جرير هذه الآية ،
وهو لا يختلف عن القول الأول ،
لأن السجود جزء من الصلاة ،
ولأن للملائكة صلاة كما قال تعالى عنهم :
{ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ(165)
وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ }
( الصافات/165-166 ) ،

والمقصود بذلك صلاتهم .
ولا يخفى أن التعبير بصيغة المضارع في قوله تعالى
{ وَلَهُ يَسْجُدُونَ } للدلالة على التجديد والاستمرار ،
وكذلك تقديم المعمول للدلالة على الاختصاص ،
أي ولا يسجدون لغيره ،
وفيه أيضا تعريض بالذين يسجدون لغير الله تعالى وتقدس .

ب ـ سجود الملائكة لآدم :
ورد سجود الملائكة لآدم في سبع سور من القرآن الكريم ، وهي :

1ـ قوله تعالــى:
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ
أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ }.
(البقرة /34).

2ـ قوله تعــالى:
{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ
اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَــدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ }.
(الأعراف/11 ) .

3- قوله تعالى :
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ(28)
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ(29)
فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ(30)
إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ }.
(الحجر/28-31).

4 ـ قوله تعالى :
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا
إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا } .
(الإسراء/61).

5 ـ قوله تعالى :
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا
إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } .
(الكهف/50).

6 ـ قوله تعالى :
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ
فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى } .
(طه/116).

7 ـ قوله تعالى :
{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ(71)
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخــْتُ فِيهِ مِـنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ(72)
فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ(73)
إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ }.
(ص/71-74)


[ يتبع : ......

cheers


Al_maroof
Al_maroof
نائب مدير
نائب مدير

اوسمتي منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي مزاجي : محتسب وحامد لربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عع رد: ــ[ معاني الركوع والسجود في القرآن المجيد ]ــ

مُساهمة من طرف Al_maroof الأحد 13 يناير 2013, 9:17 pm





اشتملت هذه الآيات على فضيلة عظيمة لآدم حيث اسجد الله له ملائكته،
وقد اختلف العلمـاء في كيفية هذا السجود على أربعة أقوال :

1. 1. أنه مجرد الخضوع ،
دون إيماء ولا انحناء ولا نحوهما ،
وهذا يرجع إلى أحد معاني السجود اللغوية ،
والمقصود إقرارهم لآدم بالفضل والقيام بمصالِحه .

2. 2. الإيماء والخضوع.

3. 3. الانحناء المساوي للركوع ،
وذلك بالتكفَّي والتعظيم ، كسلام الأعاجم .

4. 4. أنه السجود المتعارف ،
وهو وضع الجبهة بالأرض .
وعزاه القرطبي إلى الجمهور ،
وهو الصواب ولا يُعكّر عليه أن السجود في الشريعة الإسلامية محرم ،
لأن ذلك خاص بآدم في العالم العلوي ،
وليس ذلك ضمن التكاليف المنوطة بأهل الأرض ،
فلا يقاس عليه ،
على أن هذا السجود كان جائزا قبل الإسلام
كما سيأتي بيانه في السجود ليوسف عليه السلام .
وقد اتفق العلماء على أن سجود الملائكة لآدم
سجود تحية لا عبادة تكريما لآدم عليه السلام وإظهاراً لفضله ،
ولهذا اعترض إبليس على السجود
كما أخبر الله تعالى عنه في قوله :
{أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ }
(الإسراء/62 ) ،

ولم يكن الأمر بالسجود له على أنه نُصب قبلة للساجدين كالكعبة للمسلمين ،
وذلك يقتضي أن تكون اللام بمعنى إلى في { لِآدَمَ } ،
فيكون التقدير : اسجدوا إلى آدم ،
وذلك تكلف لا مُلجئ إليه.

ومما يدلّ على أن سجودهم كان على الجباه قوله تعالى :
{فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ }
( الحجر/29،ص/72 ) ،

حيث أمرهم بالوقوع وهو السقوط ،
قال ابن جرير في تفسير هذه الجملة :
(( يقول فاسجدوا له وخِرّوا له سجدا )) ،
ومن المرجحات لقول الجمهور أن الأصل
في حكم اللفظ أن يكون محمولا على بابه وحقيقته،
ولا شك أن هذا يتأكد إذا كان معه قرينة تدل عليه كما في هذا السجود ،
ولهذا قال ابن عطية :
(( وهذه اللفظة [فَقَعُوا ]
تُقوّي أن سجود الملائكة إنما كان كالمعهود عندنا
لا أنه خضوع وتسليم واشارة كما قال بعض الناس )) ،
لكنه - رحمه الله - ناقض نفسه في موضع آخر من تفسيره ،
فقال : وقوله تعالى :
{فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ } لا دليل فيه ،
لأن الجاثي على ركبتيه واقع ،
وما اعتلّ به منقوض بكلامه الآنف الذكر ،
كما أن الجثيّ لا يلزم منه الإنحناء ،
فهذه هيئة مغايرة للهيئات التي ذكرها العلماء
في سجود الملائكة لآدم عليهم السلام .
والله أعلم

affraid


Al_maroof
Al_maroof
نائب مدير
نائب مدير

اوسمتي منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي مزاجي : محتسب وحامد لربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عع رد: ــ[ معاني الركوع والسجود في القرآن المجيد ]ــ

مُساهمة من طرف Al_maroof الأحد 13 يناير 2013, 9:28 pm




ثالثاً - سجود النبيين عليهم الصلاة و السلام :



قال الله تعالى :
{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ
وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ
وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا
إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَانِ
خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا }
( مريم/58 ) .

{آيَاتُ الرَّحْمَنِ} : كلام الله المتضمن حججه ودلائله
مما أنزله على أنبيائه في كتبهم
.
{ خَرُّوا} : الخرور هو السقوط والهوي إلى الأرض .

{وَبُكِيًّا } : بضم الباء وبكسرها
لغتان مستفيضتان وقراءتان سبعيتان ،
جمع باك وهو فاعل على فُعول ،
كساجد وسُجود ، لكن قلبت الواو ياء ،
فأدغمت نحو جاث وجثي.

وقوله تعالى :
{خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا }
اشتمل على ثلاثة أمور :
خرور وسجود وبكاء،
فهو صريح في السجود المعروف على الجباه ،
(( فلهذا أجمع العلماء على شرعية السجود
هاهنا اقتداء بهم واتباعا لمنوالهم،
كما استُحب البكاء عند تلاوة القرآن.

وقيل المقصود بالسجود في هذه الآية الصلاة ،
وقيل مجرد الخشوع ، والخرور يأباهما ،
إلا إن القول الراجح _ وهو السجود على الوجه _
يتضمن الخشوع أيضا، ولذلك قال الطبري في تفسير هذه الآية :
(( خروا لله سجدا استكانة وتذللا وخضوعا لأمره وانقيادا )) .


رابعاً - الرُّكع السجود في قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام :

قال الله تعالى :
{وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ
أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ
وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ }.
( البقرة/125 ) .

وقال الله تعالى :
{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ
أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِي
لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِـينَ وَالرُّكـَّعِ السُّجُـــودِ }
( الحج/26 ) .

{وَعَهِدْنَا} : وأََمَرْنا ،
وعُدِّي بـ {إِلى } لأنه في معنى أوحينا .

{وَالْعَاكِفِينَ } : هم المقيمون بالبيت على سبيل الجوار فيه ،
ومنهم المعتكفون .

{بَوَّأْنَا } : (( جعلنا مكان البيت مبؤا لإبراهيم ، والمبؤ المنزل )) .

{وَالْقَائِمِينَ } : أي في الصلاة .

{وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } :
جماعة القوم الراكعين لله ،
و جماعة القوم الساجدين لله ،
و قد تعددت عبارات المفسرين في ذلك ،
فقال ابن جرير الطبري :
(( يعني تعالى ذكره بقوله :
{وَالرُّكَّعِ } جماعة القوم الراكعين فيه له ،
واحدهم راكع ، وكذلـك {السُّجُودِ } :
هم جماعة القوم الساجدين فيه له ،
واحدهم ساجد : كما قال : رجل قاعد، و رجال قعود ،
و رجل جالس ، و رجال جلوس ، فكذلك ساجد و رجال سجود،
وقيل : بل عنى بالركع السجود : المصلين )) ،
ثم أسند عن عطاء قوله :
(( إذا كان يصلى فهو من الركـــع السجود )) ،
وأســــند عن قتادة قوله: {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} : أهل الصلاة ))
(( وقال الحسن : هم جمــيع المؤمنين ))

(({وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} :
سائر من يصلي فيه من المسلمين )) ،
وهذا إختلاف تنوع وعبارة لا تناقض ولا تضاد
فمنهم من فسرها بهيئات الصلاة بالنظر إلى الألفاظ المذكورة في الآيتين ،
وهي القيام والركوع والسجود ،
وهي أعظم أركان الصلاة ،
ومنهم من فسرها بالصلاة
(( لأن القيام والركوع والسجود هيئات المصلي )) ،

ومنهم من حملها على سائر أهل الإسلام
أتباع ملة إبراهيم عليه السلام ،
لأنه لا يركع ولا يسجد لله إلا المسلمون
كما أنه لم تجتمع هذه الأركان الثلاثة :
القيام والركوع والسجود في صلاة إلا في صلاة المسلمين،
ولهذا ذُكر الركوع والسجود مع البيت
لأن الصلاة إليه في غالب الأحوال ،
وهو قبلة المسلمين ،
وقد نص غير واحد من العلماء
أن اليهود لا ركوع في صلاتهم ، قال أبو حيان
(( المشاهد من صلاة اليهود والنصارى خلوها من الركوع )) ،
وقال البقاعي : (( تتبعت التوراة فلم أره ذكر فيها الركوع )) ،

وقال في موضع آخر : (( سألت عن صلاة اليهود فأَخبرت أنه ليس فيها ركوع ))


cheers


Al_maroof
Al_maroof
نائب مدير
نائب مدير

اوسمتي منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي مزاجي : محتسب وحامد لربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عع رد: ــ[ معاني الركوع والسجود في القرآن المجيد ]ــ

مُساهمة من طرف Al_maroof الأحد 13 يناير 2013, 9:41 pm




والظاهر أن مراد العلماء من قولهم
لا ركوع في صلاتهم أي مثل ركوعنا الشرعي المعروف ،
فقد ذكر الله عن داود عليه السلام أنه خر راكعا في قوله تعالى :
{فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ }
( ص/24 ) ،

وقال جل شأنه عن مريم البتول :
{يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ }
( آل عمران/43 ) ،

وسيأتي ذكر أقوال العلماء في هاتين الآيتين
في موضعه من هذا البحث فالحاصل أن قوله تعالى :
,{ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}

يدل على أن إبراهيم عليه السلام وكذلك الأمم من قبلنا
كانوا مأمورين بالصلاة وبما اشتملت عليها من هيئات ،
لكنها ليست مماثلة لصلاتنا في الأوقات والهيئات .

وقدم الركوع على السجود ،
كما تقدم القيام عليها باعتبار الزمان ،
وأما من حيث الأفضلية فإن السجود هو أفضل هيئات الصلاة
على ما نص عليه جمع من الأئمة،
وجنس الركوع والسجود أفضل من جنس القيام ،
وعن ابن مسعود رضي الله عنه موقوفا :
(( إن أفضل الصلاة الركوع والسجود )) .
وقد اشتمل قول الله تعالى :
{وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} على جملة من الأسرار البلاغية
لخَّصها الإمام اللغوي أبو حيان في قوله :
(( وجُمعا جمع تكسير لمقابلتهما ما قبلهما من جمعي السلامة ،
فكان ذلك تنويعاً في الفصاحة أيضا ،
وخالف بين وزني تكسيرهما تنوعيا في الفصاحة أيضا ،
وكان آخرهما على ( فُعول ) لا على ( فُعَّل ) لأجل كونها فاصلة ،
والفواصل قبلها وبعدها آخرها قبله حرف مد ولين ،
وعُطفت تينك الصفتان لفرط التباين بينهما بأي تفسير فسرتهما مما سبق ،
ولم يُعطف السجود على والركع لأن المقصود بهما المصلون ،
والركع والسجود وإن اختلفت هيئاتهما فيشملها فعـل واحد وهو الصلاة ،
فالمـراد بالركع السجود المصلون ،
فناسب ألا يعطف لئلا يُتوهم أن كل واحـد منهما
عباده على حيالها وليستا مجتمعتـين في عبــادة واحدة وليس كذلك )) .


خامساً - سجود أبوي يوسف وإخوته له :

قال تعالى :
{ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا
وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } .
( يوسف/4 ) .

وقال الله تعالى :
{ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجّــَدًا
وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيـلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا } .
( يوسف/100 ) .

السجود المذكور في الآية الأولى رؤيا منام ،
والمذكور في الآية الأخرى هو وقوعها ،
وأبواه : يعقوب عليه السلام وأم يوسف وقيل بل خالته ،
وظاهر القرآن أنها أمه ،
والذين خروا له سجدا أبواه ،
وذلك مصداق رؤيا الشمس والقمر ،
وإخوته الأحد عشر وذلك مصداق رؤيا الأحد عشر كوكبا .
{ الْعَرْشِ } : سريره الذي يجلس عليه .

وقد اختلف العلماء في المقصود من السجود
في قصة يوسف على النحو الذي في قصة سجود الملائكة لآدم ،
هل كان خضوعا مجردا ؟ أو مع إيماء ؟ أو كان انحناء كالركوع ؟
أو هو السجود المتعارف عليه من وضع الجبة بالأرض ؟
وأسباب هذا الاختلاف أن السجود لغير الله
شرك محرم في دين الله في جميع الأزمان،
فلذلك صرف لفظ السجود عن ظاهره
وهو تعفير الجباه إلى ما دونه من التأويلات ،
والذي عليه الأكثر أن السجود على وجه التحية والتكرمة
كان جائزا كسائر التحايا مما جرت عليه عادة الناس في التوقير والتقدير ،
لا على وجه العبودية ، فكان السجود
سائغا في الشرائع السابقة على هذا النحو ،
ولم يزل مباحا إلى أن جاء الإسلام فجعله مختصاً
بالله تعالى وحده حماية لجناب التوحيد
ومسـاواة بين الناس في العبـودية والمخلوقـية ففي الحديث :
(( لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم ، قال :
(( ما هذا يا معاذ ؟ )) ،
قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم ،
فوددتُّ في نفسي أن نفعل ذلك بك ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( فلا تفعلوا … ))
وفي بعض طرقه : ونهى عن السجود للبشر،
وأمر بالمصافحة، وعن أنس بن مالك
قال : قال رجل : يا رسول الله ،
الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له ؟
قال : (( لا )) قال : أفيلتزمه ويقبله ،
قال : (( لا )) قال : أفيأخذ بيـــده ويصـفحه ؟
قال : (( نعم )) .

وقد أجمع المفسرون أن سجود أبوي يوسف وإخوته
على أي هيئة كان فإنما كان تحية لا عبادة ،
والأظهر أنه كان على الوجوه وليس انحناء ولا إيماء لقوله تعالى
{وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا } ،
قال الجوهري :
(( وخرَّ لله ساجدا يّخِرُّ خُرُورا أي : سقط )) .
وقيــل الضمير في {لَهُ } لله عز وجل وهو قول مردود ،
ولا يلتئم مع السياق، ولا يتوافق مع الرؤيا في قوله تعالى :
{إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ }
( يوسف/4 ) .

وقال الزمخشري : (( وقيل معناه : وخروا
لأجل يوسف سجدا لله شكرا
و هذا أيضا فيه نَبْوة )).

وكل هذه التأويلات الضعيفة لأجل الخروج من أن يكون السجود لغير الله ،
ومن استبان له تاريخ السجـود زالت عنه هذه الإشكالات .

وأما سجود الكواكب والشمس والقمر في رؤيا يوسف عليه السلام
فالأصل في الكلام حمله على ظاهره وحقيقته ،
ولا مانع أن يراها ساجدة له ،
ولهذا عبر عنها بما هو خاص بالعقلاء فلم يقل :
رأيتها ساجدة ،ولكنه قال {سَاجِدِينَ } :
إظهاراً لأثر الملابسة والمقاربة ،
وقد سبق الكلام عن سجود ما لا يعقل في أول البحث .

cheers


Al_maroof
Al_maroof
نائب مدير
نائب مدير

اوسمتي منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي مزاجي : محتسب وحامد لربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عع رد: ــ[ معاني الركوع والسجود في القرآن المجيد ]ــ

مُساهمة من طرف Al_maroof الأحد 13 يناير 2013, 10:05 pm




سادساً - سجود السحرة من بني إسرائيل :

قال تعالى :
{وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ }
(الأعراف/120 )

وقال تعالى :
{فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ(45)
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ }
(الشعراء/45،46 ).

وقال تعالى :
{فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى}
( طه/70 ).

المراد بالسجود في هذه القصة السقوط على الوجوه
لما عاينه السحرة من عظيم قدرة الله ،
وصدق نبوة موسى عليه السلام والتعبير بالإلقاء في الآيات الثلاث
يفيد أنهم خروا لله تعالى متطارحين على الأرض مذعنين لله بالطاعة ،
وهو صريح في صفة سجودهم ،
وتساءل الزمخشري عن فاعل الإلقاء لو صرح به ،
فأجاب : (( هو الله عز وجل بما خولهم من التوفيق أو إيمانهم
أو ما عينوا من المعجزة الباهرة ، ولك أن لا تقدّر فاعـلا ،
لأن ألقوا بمعنـى خروا وسقطوا ))
وتعقّبه أبـو حيان في القول الأخير فقال :
((… أما أنه لا يُقدّر فاعل فقول ذاهب عن الصواب )) .

وأما من حمل السجود على الخضوع اللغـوي دون خرور الوجوه
فهو مخالف لظاهر الآيات وليس له قرينـة تدل عليه ، فلا يُعّول عليه .

وأغرب من ذلك من جوّز أن يكون السجود
دلالة على تغلب موسى على السحرة فسجدوا تعظيما له ،
وأشد غرابة منه تجويز أن يريدوا به تعظيم فرعون
حيث جعلوا السجود مقدمة لقولهم
{ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى } حذرا من بطشه ،
وينبغي أن ينزه كلام الله تعالى عن مثل هذه الأقوال الأجنبية.


سابعاً- أمر بني اسرائيل بأن يدخلوا القرية سجدا :

قال الله تعالى :
{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنـْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا
وَادْخُلُوا الْبـَابَ سُجّـَدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ}
( البقرة/58 ) .

وقال الله تعالى :
{وَقُلْنَا لَهُمْ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا}
( النساء/154 ) .

وقال الله تعالى :
{ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا }
( الأعراف/161 ) .

المراد بالقرية عند الجمهور مدينة بيـت المقدس ،
وهي المذكــورة في قوله تعالى
{ يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ }
( المائدة/21 ) ،

فمكنهم الله من دخولها بعد خروجهم من التيه بقيادة يوشع بن نون عليه السلام ،
ولما فتحوها أمروا أن يدخلوا الباب سجدا ويقولوا حطة شكرا لله وتواضعا .
و { الْبَابَ } أحد أبواب بيت المقدس .

{ وَقُولُوا حِطَّةٌ } :
الصحيح أنهم أمروا أن يقولوا هذه الكلمة بحروفها
لقول الرسول صلى الله عليه وسلم
( قيل لبني اسـرائيل:
{ ادْخُلـُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ }،
فبدلوا ، فدخلوا يزحفون على أستاههم ، وقالوا حبة في شعيرة )) ،
ولهذا استنبط العلماء منه :
(( أن الأقوال المنصوصة إذا تعبد بلفظها لا يجوز تغييرها ))،
وتفسير{ حِطَّةٌ } : اللهم حط عنا ذنوبنا أمروا به في سجودهم ،
أي ادخلوا الباب سجدا قائلين في سجودكم حطة ،
فقدم وأخر في سورتي البقرة والأعراف
في لفظتي {سُجَّدًا} { حِطَّةٌ } ليُحرز المجموع
أن المراد بهذا القول أن يكون في حال السجود لا قبله ولا بعده ،
وقد اختلف العلماء في معنى {سُجَّدًا }
فمنهم من حمل السجود على المعنى اللغوي وهو الخضوع والتواضع حسب ،
وهذا القول لا ينسجم مع نص الحديث السابق
الذي يدل على أنهم خالفوا الهيئة المطلوبة ،
ودخلوا يزحفون على أستاههم .

ومنهم من حمله على معناه الشرعي ، وهو وضع الجباه بالأرض ،
وهو متعذِّر ، إلا على ضرب من التكلف .

ومنهم من حمله على الركوع ،
وهو تفسير ابن عباس رضي الله عنهما ،
وتفسير الصحابي مقدم على غيره ،
ثم إن تفسير { سُجَّدًا } بـ ركعا هو الأظهر ،
وإنما عبر بالسجود ولم يعبر بالركوع ،
لأن السجود أدخل في الخضوع وأبلغ من الركوع ،
فلو عبر بالركوع لتوهم أن المراد الهيئة فقط
دون الخشوع والخضوع لله ،
ولهذا عبر بعض العلماء في تفسيره بـ (( ركعا خضعا )) ،
والقول بأنه المقصود في الآية الركوع هو بمعنى الانحناء ،
ولهذا قال الطبري ( وأصل السجود :
الانحناء لمن سجد له معظما بذلك ،
فكل منحن لشيء تعظيما فهو ساجد… فذلك تأويل ابن عباس قوله :
{ سُجَّدًا} : ركعا لأن الراكع منحن )) ،
وقال الزمخشري معبراً عن هذا القول :
(( السجود أن ينحنوا ويتطامنوا داخلين ليكون دخولهم بخشوع وإخبات )) .
أما عدّ الانحناء دون خضوع قولا مستقلا فليس بشئ .


ثامنا- ذكر ركوع نبي الله داود عليه السلام :


قال الله تعالى :
{وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ } ( ص/24 ) .

ابتلي داود عليه السلام في حادثة ،
فأرسل الله إليه ملكين فاختصما إليه في نازلة
قد وقع هو في نحوها ،
ومن ثَمَّ شعر وعلم أنه هو المراد
{فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ } ،
أي رجع إلى رضى ربه بالتوبة .

ومعنى {رَاكِعًا } في هذه الآية :
السجود على الوجه ،
هذا هو قول جمهور المفسرين،
حتى قال ابن العربي :
ولا خلاف بين العلماء أن الركوع هاهنا هو السجود لأنه أخوه )) ،
والصواب أن الخلاف موجود كما سيأتي ،
وإن كان المعنى الراجح أنه هو السجود ،
ووجوه الترجيح مايلي :

1. 1. حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :
(( أن النبي سجد في ص ،
وقال : (( سجدها داود توبة ونسجدها شكـرا )) ،
قـال ابن تيمية :
(( لا ريب أنه سجد كما ثبت بالسنة وإجماع المسلمين أنه سجد لله )) ،
واعتبر البقاعي هذا الحديث تفسير لهذه الآية ،
فقال : (( … ولأن النبي فسره بالسجود ))
وذكر هذا الحديث،
والصواب أن هذا ليس تفسيرا صريحا لهذه الآية ،
وإنما تضمن صفة سجود توبة داود ،
ولو كان تفسيرا للآية حقا لتعين المصير إليه في تفسيرها .

2. 2. عن مجاهـد قال : (( قلت لابن عبـاس أنسجد في ص ؟
فقرأ :{ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ } حتـى أتـى { فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ}
فقال : (( نبيكم صلى الله عليه وسلم ممن أمر أن يقتدى بهم )) ،
يشير ابن عباس رضي الله عنهما إلى قوله تعالى:
{فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}
قال ابن الجوزي :
(( قال ابن عباس: أي ساجدا )) ،
ولم أقف على تفسير ابن عباس رضي الله عنهما
لهذه الآية مسندا فيما اطلعت عليه .

وهذا الموضع من سورة ص من مواضع سجود التلاوة عند أكثر العلماء .

3. 3. اقتران لفظ الركوع في الآية بـ { خرّ } ،
والخرور هو السقوط والهوي إلى الأرض ،
فدل ذلك على أن المراد هو السجود على الوجه ،
(( وعبر بالركوع عن السجود ليُفهم أنه كان عن قيام )) ،
ولهذا كان سجود التلاوة قائما أفضل منه قاعدا
(( إذ هو أكمل وأعظم خشوعا ،
لما فيه من هبوط رأسه وأعضائه الساجدة لله من القيام )) .

فكل هذه الدلائل تؤكد أن معنى {رَاكِعًا } في الآية : ساجدا ،
وقيل : معناه على ظاهره بمعنى الانحناء ،
وحاول بعضهم أن يجمع بين القولين
بأن يكون ركع أولا ثم سجد بعد ذلك فيكون { خَرَّ } بمعنى سجد ،
أو أن الله سبحانه ذكر أول فعله وهو خروره راكعا ،
وإن كان الغرض منها الانتهاء به إلى السجود ،
وقيل بل معنى {رَاكِعًا } : (( مصليا ))
على اعتبار أن الركوع يراد به الصلاة ،
والأَولى ما قدمته . والله أعلم .


تاسعاً - سجود الصديقة مريم وركوعها :

قال الله تعالى :
{يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ }
( آل عمران/43 ) .

(( القنوت : لزوم الطاعة مع الخضوع )) ،
(( وقيل لطول القيام في الصلاة قنوت )) ،
وهو المقصود في هذه الآية عند الجمهور ،
وذلك مناسب لقوله تعالى: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي } ،
وقال سعيد بن جبير : (( أخلصي لربك ))
وبه تأوّل ابن جرير هذه الآية ،
فقال : (( فتأويل الآية إذا:
يا مريم أخلصي عبادة ربك لوجهه خالصا )) ،
وهو مناسب للآية قبلها :
{وَإِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ
وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ
(42) } ،

فإخلاص العبادة لله شكرا واعترافا
يتسق مع ما خصها الله به من كراماته .

واختلف العلماء في المراد من السجود والركوع في هذه الآية ،
فمنهم من أجراهما على هيئات الصلاة المعهودة ،
ومنهم من حملهما أو أحدهما على الصلاة مطلقا ،
ومنهم من اعتد بأصل المعنى اللغوي _ وهو الخشوع _
فيهما أو في أحدهما .

وقد تقرر أن الأصل حمل الألفاظ على حقائقها الشرعية
إلا أن تصرفها قرينة أو دلالة إلى أحد معانيها الأخرى ،
وعليه فإن معنى قوله تعالى : {وَاسْجُدِي }
على ظاهره في معناه الشرعي ،
وخُص بالذكر وقدم على الركوع لشرفه وفضله على سائر هيئات الصلاة ،
أما الركوع فقد خلت منه صلاة اليهود والنصارى ،
فلهذا جاز حمله هنا على مطلق الصلاة
أي صلي مع المصلين وقد تضمن ذلك الأمر بصلاتها مع جماعة ،
وتلك خِصِّيصة لها من بين نساء بني اسرائيل ،
والذين من قبلنا كانت لهم صلاة
لكنها ليست مماثلة لصلاتنا في أوقاتها وهيئاتها ،
فلا يلزم أن يكون في صلاة من قبلنا ركوع مثل ركوعنا ،
وكذلك ما ذكر من السجود لا يلزم أن يكون على الصورة
التي عليها شرعنا تماما ، وإنما هو مطلق السجود .

ومن العلماء من اعتد بالأصل اللغوي في هذه الآية ، وهو الخشوع ،
أي اخشعي لله مع من خشع له من خلقه شكرا
له على ما أكرمك به من الاصطفاء ،
وذلك يتضمن معنى آخر للآية بالإضافة إلى الصلاة ،
لأن قوله تعالى :
{وَاسْجُدِي} قد أفاد معنى الصلاة إذ هو جزء منها .

ولما كان موضوع الآية في مقام الشكر
على ما أنعم الله به على مريم من مزيد المواهب والعطايا
(( قال قوم : تأويلها اسجدي : أي صلي
{وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}:
أي اشكري لله جل ثناؤه مع الشاكرين ))
، نقل هذا التأويل اللغوي الحاذق ابن فارس
مستشهدا به على أنه يقال :
(( للساجد شكراً : راكع )) .

cheers

Al_maroof
Al_maroof
نائب مدير
نائب مدير

اوسمتي منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي مزاجي : محتسب وحامد لربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى