ــ[ جمانة الشغّالة ... في الميزان ]ــ
4 مشترك
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام :: القسم الاسلامي :: مسلمات
صفحة 1 من اصل 1
ــ[ جمانة الشغّالة ... في الميزان ]ــ
ــ( جمانة الشغّالة ... في الميزان )ــ
جمانة شغالة إندونيسية .
وهي زوجة السائق الخاص لإحدى العائلات .
كنت أراها عند صديقة لي .
ودائما أراها متعبة وتعمل بتباطؤ .
فقد بلغت من العمر الخامسة والخمسين .
ثم أصيبت بمرض السكري .
سألت صديقتي مرة : أما آن لهذه المسكينة أن ترتاح ؟؟
أجابت : أولادها بالجامعة , كان الله في عونها .
آخر مرة سألت عن جمانة : ابتسمت صديقتي وقالت :
جمانة ارتاحت وجلست في منزلها .
قلت يحق لها فقد تعبت كثيرا ً .
لمعت عينا صديقتي ببريق غريب تفاجأت منه .
وابتسمتْ ابتسامة أغرب . قلت : ماوراءك ؟
قالت : جمانة حققت هدفها , فهدأ بالها واطمأنت نفسها فتوقفت عن العمل .
قلت : وما كان هدفها ؟ تعليم أولادها ؟ هل تخرجوا ؟
ذهبتْ إلى أحد الأدراج وأخرجتْ منه صورة مسجد جميل أنيق صغير
كتب على حَجَر رخامي كبير في مقدمته عبارة بالخط الأسود : مسجد جمانة !!
قلت ُ : ما هذا ؟ قالت : هذا هو هدف جمانة الذي حققته .
لقد كان هدفها أن تبني مسجدا ً من تعبها وعرقها
ليكون صدقة جارية لها وبركة في حياتها وبعد مماتها .
"""""""""""""""""""""
عندما سمعت الخبر دارت بي الدنيا ولفت . وصغرت نفسي أمام عيني .
أحسست أنني قزمة أمام عملاق : اسمه جمانة الشغالة ...
جمانة الشغالة وضعت لنفسها أهدافا ً سامية نبيلة أخروية
وليس مجرد هذف او حلم حلمت به وتقاعست,
ثم تمنت ان يفتح الله لها أبواب الرزق لتحققه .
بل أتبعت الهدف سعيا ً حثيثا ً , وعملا ً دؤوبا ً . وهمة لا تنقطع .
وانا الآن أتساءل : إذا كان هذا هو هدف شغالة أمية غير عربية .
فما هي أهدافنا نحن العرب الذين نقرأ القرآن بمهارة ونفهم مافيه .
نحن الذين تعلمنا . وأنعم الله علينا بنعم كثيرة .
ما هي أهدافنا ؟؟؟؟ ـــ بناء منزل أكبر من منزل أختي !
ـــ شراء سيارة أفخم من سيارة أخي !
ــــ توسيع تجارتي ؟
ــــ تعليم أولادي الطب والهندسة ليقولوا : أم الطبيب وأم المهندس .
ــــ التخريب على صاحبتي , أو نسيبتي , أو قريبتي ,أو جارتي , أو كلهن .
وإفساد هنائها , وإظهارها بأنها فاشلة وأنني أنجح منها !
ــــ هدفي الأكبر حاليا ً عرس قريبتي القادم ,
سأرتدي فيه أغلى الملبوسات وسأتزين بأثمن المجوهرات ..
حتى أبدو فيه أجمل الحاضرات .!
ــ شغلي الشاغل وجل اهتمامي أن أقبع في منزلي ,
أمضغ اللبان وأتشدق بالكلام على هاتف أو نت ,
وأصرخ بوجه جمانة أخرى أحتقرها وأهينها بعقلي الفارغ ونفسي المريضة .
ومن يدري !!
قد تكون عند الله أفضل مني وأرفع منزلة !
"""""""""""""""""""""""
تعسا ً لنا ولأهدافنا تعسا ً لنا ولحضارتنا المزيفة
تعسا ً لعقولنا التي تعفنت وتجرثمت وتآكلت !!!!!
"
"""""""""""""""""""""""
قصة جمانة جرتني لموضوع هام جدا ً .
جعلتني أتفكر في الموازين ..
والمفاضلات :مَن ْ أفضل ُ مِنْ مَن ْ ؟؟؟
بعبارة أخرى : مَن الخاسر ؟؟ ومَن الرابح ؟؟
هناك موازين الدنيا وهي حسية , مرئية , مادية , آنية .
وهناك موازين الآخرة وهي موازين أخروية , إيمانية , غيبية .
من سيحدد الرابح والخاسر ؟؟
لنشاهد هذه الأمثلة : سمية أم عمار : يعذبها أبو جهل حتى تموت .
والرسول صلى الله عليه وسلم يصبرهم ويقول :
صبرا ً آل ياسر فإن موعدكم الجنة
صهيب بن سنان أعطى قريش كل ما يملك ليهاجر ويلحق برسول الله
فيقول له الحبيب المصطفى : ربح البيع يا أبا يحيي !!
ابن ملحان : يدخل الرمح في ظهره فيخرج من بين ثدييه فيقول فرحا ً :
فزت ورب الكعبة !!!.
ذو البجادين : أخذ عمُه كل أمواله .
وعندما مات وأدخله رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره قال :
اللهم إني أمسيت عنه راضيا ً فارض َ عنه .
يقول ابن مسعود : يا ليتني كنت صاحب الحفرة .
هؤلاء في نظر أهل الدنيا خاسرون .
ولكن بموازين الآخرة ربحوا الفردوس الأعلى .
لو نظرنا إلى قصة ماشطة ابنة الفرعون .
فقد آمنت بالله ربا ً فألقاها فرعون المتأله في الزيت المغلي مع أبنائها ,
وما تراجعت عن عقيدتها .
في موازين أهل الدنيا : ربح الفرعون وخسرت الماشطة .
أما موازين الآخرة فتقول غير ذلك .
في الحديث الشريف : مر الرسول صلى الله عليه وسلم برائحة طيبة فقال:
ما هذه الرائحة ياجبريل ؟ قال: هذه رائحة ماشطة وأولادها .
تعبق رائحة الماشطة في السماء والفراعنة يتجلجلون في أصل الجحيم .
وأحيانا ً يكون الربح في الدنيا هو عين الخسارة في الآخرة ..
فكل ربح من حرام هو خسارة مهما كبر وعظم .
في قصة الغلام والساحر والملك . قصة أصحاب الأخدود , كلنا نعرفها .
قال الملك : باسم رب الغلام . مات الغلام .
إلا ان الناس صاحوا صيحة واحدة : آمنا برب الغلام .
لقد ربح الملك ومات الغلام .
ولكن ربحه كان عين الخسارة حتى في الدنيا قبل الآخرة .
فقد خسر ملكه وشعبه وكل شيء . وربح الغلام .
ولو عدنا إلى قصة جمانة : في موازين دار الفناء جمانة خاسرة :
خسرت صحتها ,
وأرهقتها في العمل لتبني مسجدا ً لا يعود عليها في الدنيا بربح أو ريع .
ولكن ميزان دار البقاء يقول ان جمانة هي الرابح الأكبر .
فقد جعلت لنفسها صدقة جارية تدر عليها الربح الوفير بعد مماتها ..
حيث ستأتيها الأرباح تتوالى .. مادام المسجد قائما ً يرفع فيه ذكرُ الله .
ويمجدُ فيه اسمه .
أما الخاسرة الحقيقية فهي التي تجلس لتحتقر جمانة وأمثالها ,
تظلمهم وتسومهم سوء العذاب .
فتمنع عنهم الخير وحتى حقوقهم تمنعها .
وتجلب لهم البؤس والشقاء .
من تفعل ذلك خاسرة حتى ولو كان بين يديها خدم وحشم .
وتحت تصرفها المليارات . ولن ينفعها كل ذلك شيئا .
ما نفع فرعونَ موسى تأليهُه لنفسه : فأغرقه الله في اليم .
وحشره في جهنم . وجعله عبرة وموعظة للناس في الدنيا .
ما نفع قارون َ أموالُه التي تنوء بحمل مفاتيحها العصبة أولو القوة ..
فخسف الله به وبداره الأرض .
لن ينفعنا يوم القيامة مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
القلب السليم هو إخلاص النية وتحديد الهدف .
ان تكون النية لله والهدف هو الآخرة .
-مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ
وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا
وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ
[الشورى 20]
فأي حرث نريد ؟ حرث الدنيا أم الآخرة ؟
منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة .
استغرب الصحابة وقال بعضهم :
ماكنا نعلم أن بيننا من يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية .
فماذا نريد ؟ علينا ان نحدد هدفنا ومسارنا .
علينا تحديد الغاية والاتجاه .
فالاتجاه الصحيح هو التوجه إلى الله فهو الغاية وهو الهدف .
ولو كان الهدف لغير الله فلن تنفعنا عبادتنا ولو كانت أمثال أُحُد .
لن تنفعنا صلاتنا ولا صيامنا ولا صدقاتنا ستكون سرابا ً ووهما ً .
فهيا بنا نفر إلى الله دعونا نفر من نوايا مهزوزة , وأهداف مشوشة ,
وتكالب على الدنيا إلى نوايا ثابتة , وأهداف محددة علوية ,
وتفان ٍ في طلب الآخرة . دعونا نفر من كبريائنا وعنجهيتنا.
من مظاهر الدنيا التي أكلت قلوبنا من جاهلية عفنة سيطرت على عقولنا .
هيا بنا نفر إلى الله عسى أن يقبلنا ويرفع قدرنا ويُعلي شأننا .
Al_maroof- نائب مدير
- منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي : محتسب وحامد لربي
عاشق مجروح- مسلم مجتهد
- مساهماتي : 523
نقاطي : 893
تسجيلي : 16/12/2011
رد: ــ[ جمانة الشغّالة ... في الميزان ]ــ
بس الله ماشاء الله
موضوع فى غاية الاهميه
اشكرك على هذا الموضوع
موضوع فى غاية الاهميه
اشكرك على هذا الموضوع
السيد حسن2- مشرف الاقسام الادبية والثقافية
- مساهماتي : 1073
نقاطي : 1215
تسجيلي : 10/01/2012
رد: ــ[ جمانة الشغّالة ... في الميزان ]ــ
مشكور على المجهود الرائع
وسلمت اناملك
والله يعطيك العافيه ولا يحرمنا من جديدك
وسلمت اناملك
والله يعطيك العافيه ولا يحرمنا من جديدك
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام :: القسم الاسلامي :: مسلمات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى