عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
اهلا بك في منتديات عبير الاسلام
نحن نلتقي لنرتقي ونعمل جاهدين لرفعة الاسلام
ايها الزائر الكريم نحن ندعوك للتسجيل معنا
عبير اسعد

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
اهلا بك في منتديات عبير الاسلام
نحن نلتقي لنرتقي ونعمل جاهدين لرفعة الاسلام
ايها الزائر الكريم نحن ندعوك للتسجيل معنا
عبير اسعد
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

وقفات في رحاب الذكرى العطرة لمولد الهادي البشير

اذهب الى الأسفل

وو وقفات في رحاب الذكرى العطرة لمولد الهادي البشير

مُساهمة من طرف Al_maroof الإثنين 04 ديسمبر 2017, 5:16 pm

وقفات في رحاب الذكرى العطرة لمولد الهادي البشير




يعيش العالم الاسلامي هذه الايام ذكرى مولد الهادي البشير،
والسراج المنير، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، 
الذي أضاء بمولده جنبات الكون... وهذه الذكرى التي أحيت الأرض بعد موتها، 
وأيقظت البشرية من غفلتها، وأعادت للإنسانية عزتها وكرامتها... 
ذكرى المولد النبوي الذي جاء معه الحق وزهق الباطل... 
الذي أزاح الخوف وحلّ محله الأمن... والذي دحر الظلم وأقام العدل.
من المؤكد اننا مهما حاولنا ان نوفي صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم حقه...
 فليس ذلك بمقدورنا... 
وأنى لنا ذلك وقد كان صلى الله عليه وسلم قرآنا يمشي بين الناس...
 أنى لنا ذلك وهو سيد ولد آدم أجمعين... أ
نى لنا ذلك وهو النبي الذي اصطفاه ربه وأدبه فأحسن تأديبه؟
لكن أمام هذا العجز فإننا سنحاول ان نقتبس قبسات 
من فيض نوره وهديه صلى الله عليه وسلم... 
ونقف وقفات في رحاب هذه الذكرى العطرة... 
لنتعلم ونتزود منها ما يعيننا على مواصلة حياتنا إنسانيا واجتماعيا ودينيا 
حتى نكون جديرين بالانتماء الى أمته 
- صــــلى الله علــــيه وسلم - التي هي خير أمة أخرجت للناس.
إن ذكرى المولد النبوي الشريف هي محطة يجب ان يقف عندها المسلم 
ليستحضر كل المعاني والقيم النبيلة... 
فكل كلمة قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم 
وكل موقف اتخذه وكل تصرف صدر عنه وكل حياته الى مماته...
 كل ذلك دروس وعبر ومواعظ وكمال وجمال وعظمة، 
بل كل ذلك دين يتعبد لله سبحانه وتعالى، 
وحسن اتباع وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي هذه الوقفة سنتناول بعضا من صور الزهد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
 وعليها شهادة احد المنصفين من غير المسلمين،
 كما سنتناول مدى حرص النبي صلى الله عليه وسلم الشديد على أمته، 
وشفقته بها، والتيسير عليها، وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم بقول الله تعالى: 
«... بالمؤمنين رؤوف رحيم»...
 ووقفة أخرى مع حب النبي صلى الله عليه وسلم للفأل الحسن،
 وبغضه للطيرة، ونهي أمته عنها لأنها شرك بالله.
ثم وقفة مع صلة الرحم وكيف صلى الله عليه وسلم وصّالا للرحم
 لأنها من أعظم القربات الى الله، وقطيعتها من أعظم الذنوب وأخطرها، 
وأخيرا مع إكرام ذي الشيبة المسلم... 
الذي بلغ مرحلة عمرية تحتاج الى مزيد عناية وتوقير واحترام.
هذا ما يسمح به المقام، ولو أردنا الاستفاضة
 لاحتجنا الى مجلدات وصفحات تفوق الحصر...
وصدق الله العظيم الذي وجهنا بقوله تعالى:
 «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر...».



زهد سيد المرسلين وشهادة غير المسلمين:




تكلمنا في مقالات سابقة عن الزهد وصور من زهد الرسول صلي الله عليه وسلم 
وبعض الصحابة والتابعين والمعاصرين ونعود اليوم للحديث 
عن زهد سيد المرسلين وإمام العابدين وصفوة الله من الخلق أجمعين 
ونحن نعيش هذه الايام في رحاب ذكرى مولده العطرة.
صحح العلامة الالباني حديث أبي الْعبَّاس سَهْلِ بنِ سعْدٍ السَّاعديِّ، 
رضي اللَّه عنه، قال: جاءَ رجُلٌ إلى النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:
 فقالَ: يا رسول اللَّه دُلَّني عَلى عمَلٍ إِذا عَمِلْتُهُ أَحبَّني اللَّه، وَأَحبَّني النَّاسُ،
 فقال: 
« ازْهَدْ في الدُّنيا يُحِبَّكَ اللَّه، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحبَّكَ النَّاسُ »
 حديثٌ حسنٌ رواه ابن مَاجَه وغيره بأَسانيد حسنةٍ.


هذه أم سلمة زوجك تصف ما وجدته في دارك ليلة عرسها
 نظرت فاذا جرة فيها شيء من شعير، 
واذا رحى وبرمة وقد وقعت، فأخذت ذلك الشعير فطحنته، 
ثم عصدت البرمة، وأخذت العقب فأدمته، 
فكان ذلك طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أهله ليلة عرسه!
وكل كلام بعد هذا الوصف الساذج الصادق فضول غث في التعليق على زهد الرجل 
الذي لم يؤت أحد في زمانه سلطاناً على أصحابه كما أوتي 
لولا أنه يرى برهان ربه رأي العيان، فتصغر في عينه الدنيا وما فيها.. 
ويؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة ويؤثر على آله ولو كان بهم خصاصة، 
ولا يدخر لغده شيئاً.
أليس قد مات ودرعه مرهونة عند يهودي في قوت عياله؟
ومن هو؟ هو السيد غير منازع، 
وقد أوتي بالفتح المبين وعنت له رؤوس المعاندين، 
ولكنه كان مشغولاً بأن يسود نفسه لا بأن يسود الناس.
لهذا كان ينام على حشية من ليف، ولم يبلغ من طعام حد الشبع، 
ولم يطعم خبز الشعير يومين متوالين، وجعل طعامه التمر، 
لا يتفق له ولآله الثريد كثيراً وكم من مرة ربط على بطنه حجراً 
ليقاوم الجوع حين يشتد عليه.
وهذه عائشة أصغر زوجاته وآثرهن لديه بعد خديجة 
تصف طعام زوجها العظيم الذي لم يؤت كسرى ولا قيصر مثل سلطانه على قومه:
((ولم يأكل النبي خبزاً مرققاً ولا أكل خبزاً نقياً، 
وقد جاءت اليه فاطمة ابنته يوماً بكسرة خبز فقال: 
ما هذه الكسرة يا فاطمة؟
قالت: قرص خبزته فلم تطلب نفسي حتى آتيك بهذه الكسرة فقال صلى الله عليه وسلم: 
أما أنه أول طعام دخل فم أبيك من ثلاثة أيام!
ودخل أبو بكر بيت النبي ليلاً فلم يجد سراجاً فسأل ابنته عائشة:
أما لكم سراج؟، فقالت: لو كان لنا ما نسرج به أكلناه!
وماذا يسرج به؟ الدهن أو الزيت، 
وذاك ما كان يعوز نبياً وهو لا يعوز أفقر اتباعه الذي يفدونه بالنفس والنفيس.
قمة شاهقة في الزهد لا يطيقها كثيرون،
 فلا عجب ان نرى زوجاته يتضجرن بهذا الضيق، 
وهو الذي يملك خمس الغنائم بشريعة القرآن،
 فيهلك ذلك في الصدقات ولا يستبقى لآله من الطيبات شيئاً، 
حتى يتحسرن على ما يوقد به السراج ليأكلنه عسى ان يرد عنهن غائلة الجوع، 
وهن يرين زوجات أدنى المسلمين شأناً أوسع منهن رزقاً وأحظى بالرفاهية والزينة.
وصارحنه بما في نفوسهن من الضيق بهذا الضنك، 
فآلى ان يعتزلهن جميعاً شهراً من الزمان، حتى تحدث الناس أن النبي طلق زوجاته.
وذهب النبي فعلاً يخيرهن بين الطلاق والرضا بما أخذ نفسه به من المعيشة!
وليس يعنينا ها هنا أنهن جميعاً اخترن الحياة معه على الوجه 
الذي يريد لنفسه ولهنت فما كان يدري شيئاً من هذا حين خيرهن ذلك الخيار، 
بل كان موطناً نفسه على أنهن قد يخترن ما تصبو اليه نفوسهن من زينة الحياة الدنيا، 
وكان مستعداً لهذا الموقف مؤثراً زهده على كل شيء!
وعمر الزاهد المخشوشن ليس في زهده الا تلميذاً لهذا الزهد المطبوع، 
وقد رآه يوماً وقد أثر في جنبه الحصير الذي يفترشه لنومه، فقال له: 
يا رسول الله قد أثر في جنبك هذا الحصير، وفارس والروم قد وسع عليهم وهم لا يعبدون الله؟!
فاستوى النبي جالساً وقال: أفي شك انت يا ابن الخطاب؟ 
أولئك قوم قد عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا.
ويقول عنه الدكتور نظمي لوقا هذا النصراني المنصف 
الذي قيضه الله للدفاع عن سيد الرسل وخيرة الخلق في كتابه الرائع 
(محمد الرسالة والرسول):
 «ذلك هو الرجل الذي كان الزهد عنده طبعاً لا ضرورة 
وغنى نفس لا فقراً ولا عجزاً.. 
فانه كان أقدر القادرين على البذخ،
 لولا ان الاقتدار على نفسه كان مقدماً عنده على الاقتدار على المناعم والطيبات».
ويتابع:ما عرفت شيئاً يغير الرجال ويمتحن معادنهم مثل فتنة السلطان، 
وما رأيت رجلاً الا الأقل الأقل لم تغيره بوادر النفوذ، 
لم تدر رأسه خمر السلطة، فاذا خيلاء وصيد تتغثى له النفس، 
حتى ليصدقني فيهم قول القائل: انهم ينحطون باطناً كلما ارتفعوا ظاهراً، 
وان فيهم الفتى الغر الذي لا يحسن من أمر نفسه شيئاً فضلاً عن أمور الناس، 
وينتفش بما ألقي اليه من فتات الأمر والنهي كأنه الديك الرومي،
 أو يتثاقل في خطوه قد برز صدره ورأسه كأنه يتأهب للنطاح!
وما سلطان هؤلاء إلا غرار الهلافيت 
في جانب ما أوتيت أنت من السلطان يا أباالقاسم،
 يا لسان السماء ويا حاكم الدنيا ويا من لا يعلو سلطانك على اتباعك 
من بني آدم سلطان فليس فوقك الا المهيمن الأحد... 
هباء سلطان أولئك جميعاً مهما علوا واستطالوا إلى جانب سلطانك أو أهون من الهباء.
وما فتنك سلطان وقد انتهيت من العنت والبأس والحصار والمطاردة، 
إلى النصر المؤزر والفتح المبين والطاعة العمياء 
والسؤدد الذي لم ينبغ لأحد من قبل ولا من بعد!
يسمع الابن البكر انك وجدت على أبيه ذي الأيد والبأس 
فيأتيك يسألك الرخصة أن يضرب عنقه،
 فهو أولى بذلك من سائر الناس لتكون لك به قرة عين 
ثم تأبى أنت وتعفو وتصفح عن ذلك الغادر المتآمر كرامة لولده الطائع.
الى هذا المدى بلغ سلطانك، وناهيك به من سلطان،
 فما دار لك رأس ولا ركبتك خيلاء، 
ولا أصابك تيه وزهو، بل كنت تمشي في الأرض هوناً، 
وتزداد نمو سلطانك تواضعاً لله وخفض جناح للمؤمنين! 
وكنت تقول وتعيد القول لا تمل من تكراره: انما انا عبد،
 آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد! 
وتذهب مع أبي هريرة إلى السوق فتشتري لنفسك سراويل
 ويثب البائع إلى يدك ليقبلها، فتجذب يدك من يده مستنكراً وتقول له: 
هذا تفعله الأعاجم بملوكها، ولست بملك، أنا رجل منكم...!
وما كان ملك من ملوك الأعاجم أو غير الأعاجم
 أبعد منك نفوذاً في قومه، 
ولا أمضى كلمة وسلطاناً منك في رعاياه، 
ولكنها عصمة الله التي عصمك بها من فتنة ذلك السلطان، 
وانه لكبير أجل كبير امر ذلك السلطان، 
وكبير ما قام عليه من الحق والهدى والفضل العميم، 
ولكن لباب المسألة كلها أنك كنت أكبر من سلطانك هذا الكبير 
ولم يكفك ان ترى نفسك أجل من خيلاء تقبيل اليد، فاذا بك تقول لأبي هريرة 
وقد تقدم يحمل عنك ما اشتريت: 
صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله! (رجل منكم)
ذلك ما أردت لنفسك وما أرادته لك خلة التواضع السمح، 
بل أراده لك صدق الإيمان بأن لله الأمر جميعاً، وأن ليس لك من الأمر شيء!
ويأتيك الرجل من الأعراب ليبايعك يوم الفتح الرهيب، 
وأنت فوق قمة السلطان، فتأخذه الرهبة بين يديك ويرتعد، 
فتأخذك من ذلك دهشة رائعة في بساطتها وتقول له:
((هون عليك! لست بملك! إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة))!
إني والله لأخجل من قوم أراهم بعد ذلك يأخذهم الزهو المنصب 
ويركبهم الافتتان بالسلطان وانا اتمثلك في هذا الموقف 
الذي لا تدانيه في علوه وقفات العواهل الفاتحين،
 وان مجد هذه الكلمة وحدها ليرجح في نظري فتوح الغزاة كافة، 
وأبهة القياصر أجمعين.
أنت بأجمعك في هذه الكلمة، 
وما أضخمها أيها الصادق الأمين! ثم سلام على الصادقين.
ثم هذا البيان الرائع يقول عن رسول الله 
وكأنما هي خاتمة البحث التي انتهى اليها فيقول تحت باب لا بد مما ليس منه بد:
ماذا بقي من مزعم لزاعم؟
إيمان امتحنه البلاء طويلاً قبل ان يفاء عليه النصر، 
وما كان النصر متوقعاً أو شبه متوقع لذلك الداعي إلى الله في عاصمة الأوثان والأزلام!
وعقيدة جاءت في طورها الطبيعي ملبية حاجة الإنسان الطبيعية، 
موفقة بين دينة ودنياه، ومتلافية تلك القسمة المقسمة 
بين الروح والبدن، في السر والعلن...
ونزاهة ترتفع فوق المنافع، 
وسمو يتعفف عن بهارج الحياة وسماحة لا يداخلها زهو أو استطالة
 بسلطان مطاع.. لم يفد، ولم يورث آله، 
ولم يجعل لذريته وعشيرته ميزة من ميزات الدنيا ونعيمها وسلطانها،
 وحرم على نفسه ما أحل لآحاد الناس من أتباعه،
 وألغى ما كان لقبيلته من تقدم على الناس في الجاهلية، 
حتى جعل العبدان والأحابيش سواسية وملوك قريش!
لم يكن لنفسه، ولا لذويه، وكانت لذويه بحكم الجاهلية،
 صدارة غير مدفوعة، فسوى ذلك كله بالأرض!
أي قالة بعد هذا تنهض على قدمين
 لتطاول هذا المجد الشاهق أو تدافع هذا الصدق الصادق؟
لا خيرة في الأمر: ما نطق هذا الرسول عن الهوى.
لا خيرة في الأمر: ما ضل هذا الرسول وما غوى.
لا خيرة في الأمر: 
وما صدق بشر ان لم يكن هذا الرسول بالصادق الأمين.
فسلام عليه بما هدى من سبيل، 
وما قوم من نهج وما بين من محجة... وسلام على الصادقين.





... بالمؤمنين رؤوف رحيم:




وصف الله تبارك وتعالى رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ 
بأعظم الأوصاف التي تدل على رحمته بأمته وحرصه عليها، فقال سبحانه:


 { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }
(التوبة: 28 ). 


وكان هذا الحرص النبوي ـ للناس عامة ولأمته خاصة ـ نابعًا من شفقته 
ورحمته، فمن نعم الله علينا وعلى البشرية جميعا بعثة رسول الله 
ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي قال الله تعالى عنه : 
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }
( الأنبياء:107) .
قال ابن كثير في تفسيره: « وقوله:
 { عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ } 
أي: يعز عليه الشيء الذي يعنت أمته ويشق عليها،
 { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } 
أي: على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم».


الحرص والشفقة:


وإن المتأمل في سيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ 
يجد صورا كثيرة لحرصه الشديد على أمّته, والشفقة بها، 
والتيسير عليها، ورجاء أن تكونَ في ظل الرحمن وجنّته يوم القيامة ..
وقد ظهر حرص رسول الله ـ صلى الله 
عليه وسلم ـ 
على أُمَّته منذ اللحظات الأُولى لبعثته ودعوته حين أمر أصحابه بالهجرة فرارا بدينهم،
 لمَّا رأى ما يصيبهم من البلاء،
 وأنه لا يقدر على أن يمنعهم، فقال لهم:
( لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد، 
وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه ) 
رواه البيهقي .


ومن صور حرصه ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أمته خوفه عليهم من النار، 
ورغبته أن تكون أكثر أهل الجنة، فعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه 
ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: 
( ألا وإني آخذ بحجزكم أن تهافتوا في النار كتهافت الفراش أو الذباب ) 
رواه أحمد، وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال:
 قال لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : 
( أما ترضون أَن تَكونوا ربع أهلِ الْجنة؟، قَال : فَكَبَّرْنَا، ثم قَال:
 أَما تَرضون أَن تَكونوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجنة، قَالَ: 
فَكَبَّرْنَا ، ثم قَال : إني لأرجو أن تَكونوا شَطْرَ أَهْلِ الْجنة، 
وسأخبِركم عن ذلك، ما المسلمون في الكفار إِلا كشعرةٍ بَيْضَاءَ
 في ثَوْرٍ أَسود أَوْ كَشَعْرَةٍ سَوْدَاءَ فِي ثَوْرٍ أَبْيَض ) 
رواه مسلم.
وكذلك من مظاهر حرصه بأمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ 
أنه ضحّى يوم عيد الأضحى عن نفسه وعن من لم يُضَحِّ من أمته،
 رحمة منه بالفقير الذي لا يستطيع أن يضحي،
 فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: 
( ضحى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ 
بكبشين أقرنين أملحين، أحدهما عنه وعن أهل بيته،
 والآخر عنه وعن من لم يضح من أمته )
 رواه ابن ماجه وامتدَّ حرص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
 ورحمته بأمته حتى شمل جانب العبادات، ومن ذلك ما رواه مالك بن صعصعة -
 رضي الله عنه - من تردده - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج - بين ربه ـ عز وجل ـ
وبين موسى ـ عليه السلام ـ، وسؤاله لربه 
التخفيف في الصلاة حتى جعلها الله خمس صلوات في اليوم والليلة
 بعد أن كانت خمسين شفقة على أمته .
وعن ابن أبي ليلى عن أبيه قال: 
( إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان عند أضاة (غدير) بني غفار، 
قال: فأتاه جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف، 
فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، 
ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين، 
فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك،
 ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف فقال:
 أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاءه الرابعة فقال:
 إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف،
 فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا ) رواه البخاري .
ومن ثم فكثيرا ما رأينا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ 
يُعرِض عن بعض الأعمال والعبادات - رغم حبه لها - 
لا لشيء إلاَّ لخوفه أن تُفْرَض على أُمَّته،
 فيشقّ عليهم، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: 
( إن كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليدع (يترك) العمل 
وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم ) 
رواه البخاري . 
وكان يقول: 
( لولا أن أشق على أمتي لأخرت صلاة العشاء إلى ثلث الليل أو نصف الليل ) 
رواه ابن ماجه . 
ومن مظاهر حرصه ورحمته بأمته ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ 
أنه دعا بالرفق لمن ولِيَ أمرهم فرفق بهم، 
ودعا على من شقّ عليهم، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: 
( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، 
ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشَقَّ عليهم فشُقَّ عليه ) 
رواه مسلم .
ومن صور حرصه كذلك أن دعوته لها بعدم الهلاك،
 فعن سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ 
قال : ( سأَلتُ ربِى ثَلاَثًا فَأَعطاني ثِنْتَيْنِ ومنعني واحدة،
 سأَلْتُ ربِى أَنْ لا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ (القحط) 
فَأَعطانِيها، وسألتُه أَن لاَ يهلك أُمتي بِالْغرقِ فَأَعطانِيها، 
وسألْته أَن لا يجعل بَأْسَهُمْ بينهم فَمَنَعَنِيهَا ) رواه مسلم .
ومن المواقف والكلمات العظيمة التي تبين مدى حرصه ـ صلى الله عليه وسلم ـ 
على أمَّته ورحمته وشفقته بهم، ما رواه عبد الله بن عمرو - 
رضي الله عنهما ـ : 
( أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تلا قول الله تعالى في إبراهيم:
 { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
(إبراهيم: 36)، 
وقال عيسى ـ عليه السلام ـ:
 { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
(المائدة: 118)،
 فرفع يديه وقال: 
اللهم أمتي أمتي، وبكى، فقال الله عز وجل: يا جبريل اذهب إلى محمد - وربك أعلم - 
فَسَلْه ما يبكيك؟، فأتاه جبريل فسأله فأخبره ـ صلى الله عليه وسلم ـ 
بما قال وهو أعلم، فقال الله:
 يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك ) رواه مسلم .
الشفاعة العظمى
في يوم القيامة يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، وتدنو منهم الشمس،
 حتى يبلغ عرقهم آذانهم، فإذا بلغ الغم والكرب منهم ما لا طاقة لهم به،
 كلم بعضهم بعضا في طلب من يشفع لهم عند ربهم، فلم يتعلقوا بنبي إلا قال:
 نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، 
حتى ينتهوا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ 
فينطلق، فيشفع حتى يقضي الله تبارك وتعالى بين الخلق ..
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : 
( لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها، 
وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعةً لأمتي في الآخرة ) رواه البخاري .
وفي حديث أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال - صلى الله عليه وسلم ـ :
 ( إذا كان يوم القيامة ماج (اضطرب) الناس بعضهم في بعض، 
كن عليكم بعيسى فإنه روح الله وكلمته، فيأتون عيسى فيقول: 
لست لها ولكن عليكم بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فيأتوني فأقول:
 أنا لها، فأستأذن على ربي فيؤذن لي، 
ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن، فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجدا، 
فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك، 
وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي، أمتي،
 فيقال: انطلق فأخرج من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان، 
فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا؛ 
فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع،
 فأقول: يا رب أمتي، أمتي فيقال انطلق 
فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان، فأنطلق فأفعل،
 ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا، فيقال يا محمد ارفع رأسك، 
وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع،
 فأقول يا رب أمتي، أمتي فيقال انطلق فأخرج من كان في قلبه 
أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه من النار،
 فأنطلق فأفعل ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا
 فيقال يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه،
 واشفع تشفع، فأقول يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله، 
فيقول وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله ) 
رواه البخاري .
وهكذا تتعد صور ومظاهر حرص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
 على أمته ورحمته بها في السيرة النبوية ، 
ولم يؤثر عن نبي من الأنبياء ـ عليهم السلام ـ 
ذلك الحرص والحب الشديد لأمته كما أُثِر عنه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ،
 فكم بين قول الرسل ـ عليهم السلام ـ: 
( نفسي، نفسي )، وبين قول نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ: 
( أمتي، أمتي ) من معانٍ عظيمة، وصدق الله تعالى: 
{ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}
(التوبة: 28 ) .




.... يتبع.....


Al_maroof
Al_maroof
نائب مدير
نائب مدير

اوسمتي منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي مزاجي : محتسب وحامد لربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

وو رد: وقفات في رحاب الذكرى العطرة لمولد الهادي البشير

مُساهمة من طرف Al_maroof الإثنين 04 ديسمبر 2017, 5:26 pm

صلة الأرحام في الهدي النبوي:




من المفاهيم والقيم الخاطئة عند بعض الناس قولهم: 
نحن نزور من يزورنا ونقطع من يقطعنا،
وهذا الفهم بلا ريب مخالف لهدي وسنة النبي صلى الله عليه وسلم القائل: 
(ليس الواصل بالمكافئ، لكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) (البخاري).
فأصل الصلة في هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن تصل من قطعك، 
ولا تقتصر على صلة من وصلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم 
لعقبة بن عامر رضي الله عنه: (يا عقبة بن عامر! صل من قطعك، 
وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك) (أحمد).
وصلة الرحم في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أمر واجب، 
وقاطعها آثم، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: 
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (الرحم معلقة بالعرش تقول:
 من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله) (مسلم).. 
وما أسوأ حال من يقطع الله.. ومن قطعه الله فمن ذا الذي يصله...
وعن أبي بكرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
 (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة 
في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة مثل البغي وقطيعة الرحم) (أبو داود)...
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع رحم) (مسلم). 
وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن صلة الرحم 
من أسباب طول العمر وزيادة الرزق، فقال: 
(من سرّه أن يُبْسط له في رزقه، وأن يُنسأ له في أثره 
(يؤخر له في عمره) فليصل رحمه) (البخاري).



إكرام ذي الشيبة المسلم :




من الظواهر الاجتماعية المؤرقة إهمال العناية بالمسنين وضياع الأدب معهم، 
وهم كبار السن الذين بلغوا مرحلة عمرية 
تحتاج إلى مزيد من عناية وتوقير واحترام، ورحمة وشفقة، 
ورد الجميل والمجازاة بالإحسان، فالكبار والمسنون رحِمَا ودينا 
لا يضيعون في مجتمع الإسلام الذي أولى نبيه صلى الله عليه وسلم
 القدر الكبير لرعايتهم والاهتمام بهم، فقال: 
(ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا) رواه الترمذي.
ذو الشيبة له مكانة كبيرة في هدي النبي صلى الله عليه وسلم، 
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 (من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة) 
رواه ابن حبان، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 
(لا تَنْتِفوا الشَّيْبَ، فإِنه ما من مسلم يَشِيبُ شَيبة في الإسلام، 
إلا كانت له نوراً يوم القيامة)،
 وفي رواية: (كتب الله له بها حسنة، وحَطَّ عنه بها خطيئة) 
رواه أحمد.
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ الكبير حرمة
 وحقاً لشيبته وكبره وعبادته لربه، 
فعن عبد الله بن شداد رضي الله عنه: 
أن نفراً من بني عذرة ثلاثة أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا،
 قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يَكْفِنيهِمْ؟ 
أي من يقوم بأمورهم قال طلحة: أنا. قال:
 فكانوا عند طلحة، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثًا، 
فخرج فيه أحدهم، فاستشهد، قال: ثم بعث بعثًا فخرج فيه آخر فاستشهد، 
ثم مات الثالث على فراشه. قال طلحة: 
فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة، 
فرأيت الميت على فراشه أمامهم، 
ورأيت الذي استشهد أخيرًا يليه، ورأيت الذي استشهد أولهم آخرهم،
 قال: فدخلني من ذلك، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، 
قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 
وما أنكرتَ من ذلك،
 ليس أَحَدٌ أَفْضَلَ عند الله من مؤمن يُعَمِّرُ في الإسلام، لِتسْبيحِهِ، وَتَكْبِيرِهِ، وَتَهْلِيلِهِ) 
رواه أحمد
وفي هذا الحديث دلالة على فضل الكبير وذي الشيبة المسلم، 
وإنما يكون هذا الفضل بكثرة عبادته لله عمن مات قبله،
 فعن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، 
أن رجلا قال: يا رسول الله أي الناس خير؟، 
قال صلى الله عليه وسلم: (من طال عمره وحسن عمله، 
قال: فأي الناس شر؟، قال: من طال عمره وساء عمله) 
رواه الترمذي.
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم شباب وصغار المجتمع 
بإكرام وإجلال الكبار والمسنين، وشباب اليوم هم شيوخ الغد،
 فقال: (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم) رواه أحمد.
وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدم معرفة حق الكبير
 وتــــــرك توقـــــيره فـــقال: (ليس منا من لم يوقر الكبير،
 ويرحم الصغير، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر) رواه أحمد، 
وقال: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا)، 
وفي رواية (ويعرف حق كبيرنا) رواه أحــــمد.
وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم المثال الحي والواقعي في معرفته
 لقدر الكبار والمسنين وعنايته بهم وشفقته عليهم،
 فقد روى ابن هشام في سيرته والبيهقي في الدلائل 
أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: 
لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ودخل المسجد،
 أتى أبو بكر بأبيه يقوده، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
 (هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه؟، قال أبو بكر: 
يا رسول الله، هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي إليه أنت، قالت:
 فأجلسه بين يديه، ثم مسح صدره، ثم قال له: أسلم، فأسلم) رواه أحمد.
تسليم الصغير على الكبير:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 (يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير) رواه البخاري.
كما أن الكبير في هدي النبي صلى الله عليه وسلم أحق بالمبادأة في الكلام،
 والحوار، فعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ 
أَنَّ عبد الله بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بن مسعود أَتيَا خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا في النخل، 


فَقُتِلَ عبد الله بن سهل فجاء عبد الرحمن بن سَهْلٍ وَحُوَيِّصَةُ 
وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فتكلموا في أمر صاحبهم، 
فبدأ عبد الرحمن وكان أَصْغر القوم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: 
(كَبِّرْ) رواه البخاري.
قَال يَحْيَى: « يَعْنِي لِيَلِيَ الْكَلامَ الأكْبَرُ».
وهذه قاعدة عامة في تقديم الكبير والمسن في وجوه الإكرام والتشريف،
 فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُبدأ بالكبير في تقديم الشراب ونحوه، 
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
 (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سقى قال:
 ابدأوا بالكبير - أو قال: بالأكابر) رواه الطبراني.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: 
(كان صلى الله عليه وسلم يستن وعنده
 رجلان، فأُوحي إليه: أن أعط السواك أكبرهما) 
رواه أبو داود.
قال ابن بطال: «فيه تقديم ذي السن في السواك، 
ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام وكل وجوه الإكرام».
إن كبير السن له قدره ومكانته في الإسلام 
فينبغي أن يُتعامل معه بكل توقير وإجلال، 
ويظهر ذلك التوقير في العديد من الممارسات العملية في حياة المجتمع المسلم، 
وجميع هذه الممارسات لها أصل في سيرة وهدي النبي
 صلى الله عليه وسلم القائل: 
(ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا).
Al_maroof
Al_maroof
نائب مدير
نائب مدير

اوسمتي منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي مزاجي : محتسب وحامد لربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

وو رد: وقفات في رحاب الذكرى العطرة لمولد الهادي البشير

مُساهمة من طرف Al_maroof الإثنين 04 ديسمبر 2017, 5:27 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
Al_maroof
Al_maroof
نائب مدير
نائب مدير

اوسمتي منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي مزاجي : محتسب وحامد لربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى