عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
اهلا بك في منتديات عبير الاسلام
نحن نلتقي لنرتقي ونعمل جاهدين لرفعة الاسلام
ايها الزائر الكريم نحن ندعوك للتسجيل معنا
عبير اسعد

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
اهلا بك في منتديات عبير الاسلام
نحن نلتقي لنرتقي ونعمل جاهدين لرفعة الاسلام
ايها الزائر الكريم نحن ندعوك للتسجيل معنا
عبير اسعد
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ـ[ تجديد الإيمان.. وسيلته، وأدعية تثبيته ]ـ

اذهب الى الأسفل

وو ـ[ تجديد الإيمان.. وسيلته، وأدعية تثبيته ]ـ

مُساهمة من طرف Al_maroof الأربعاء 11 ديسمبر 2013, 5:26 pm



ــ( تجديد الإيمان.. وسيلته، وأدعية تثبيته )ــ


الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه أما بعد:


فإن المؤمن مطالب بأن يعمل على تقوية إيمانه
وذلك بالإكثار من الطاعات،
لأن الإيمان يزداد بها وينقص بالمعاصي،
وقد يضعف الإيمان حتى يكون خلقا مثل الثوب البالي،
فعلى المسلم أن يسأل الله تعالى أن يجدد له إيمانه
فقد أخرج الحاكم في المستدرك
من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم
كما يخلق الثوب،
فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم.
وقد صححه الشيخ الألباني في صحيح
وضعيف الجامع الصغير.

والإكثار من ذكر الله تعالى سبب لطمأنينة القلب
وقوة الإيمان،
قال الله تعالى:
ألا بذكر الله تطمئن القلوب
[الرعد:28].

ومن الأدعية التي تعين على تثبيت الإيمان ما يلي:
1- ثبت في صحيح مسلم
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:
اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك.

2- من دعائه صلى الله عليه وسلم
الذي كان يدعو به كثيرا:
يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
رواه أحمد والترمذي وغيرهما.

3- أخرج الإمام أحمد في المسند
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:
اللهم إني أسالك الثبات في الأمر،
والعزيمة على الرشد.
كما صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة.
والله أعلم.


 cheers 


Al_maroof
Al_maroof
نائب مدير
نائب مدير

اوسمتي منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي مزاجي : محتسب وحامد لربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

وو رد: ـ[ تجديد الإيمان.. وسيلته، وأدعية تثبيته ]ـ

مُساهمة من طرف Al_maroof الأربعاء 11 ديسمبر 2013, 5:52 pm



... تجديد الإيمان وتوثيق الصلة بالله تعالى ...

إن تجديد الإيمان في القلوب والنفوس،
وتوثيق الصلة بالله - تعالى -،
أمر جاءت به نصوص الكتاب والسنة، فقد قال تعالى:
﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾
[طه: 114].

وقال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ
وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ
وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾
[النساء: 136].

وجاء في الحديث عن ابن عمرو - رضي الله عنهما -
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب
فاسألوا الله تعالى:
أن يجدد الإيمان في قلوبكم".
[روه الحاكم والطبراني وصححه الألباني].

إن العوامل والفتن والابتلاءات التي تحيط بنا من كل مكان،
لا ريب أنها تؤثر في القلب والنفس، وربما وقع صاحبها في الضيق والحرج والإثم،
لضعف العامل الإيماني والوازع الشرعي في القلب.

بل ربما وقع مثل هذا في الانتكاس عن طريق الاستقامة والعبادة،
فيقع منه التقصير في الفرائض والواجبات،
كالمحافظة على الصلوات الخمس والجمع والجماعات،
أو بذل حقوق المسلمين عليه،
أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
أو الدعوة إلى الله تعالى.

وقد يقع في التقصير في أعمال اليوم والليلة،
والتي كان في حال سابق دائم المحافظة عليها،
كترك قيام الليل، والذكر في الصباح والمساء،
والتطوع والنوافل اليومية، وصيام الاثنين والخميس.

فالمسلم إذن في حاجة دائمة إلى تقويم إيمانه وتهذيب نفسه
وتزكيتها حتى لا تؤثر فيه عوامل الفتنة والابتلاءات من حوله.

وهناك الكثير من الوسائل الإيمانية والصلات الربانية ا
لتي ترفع مستوى الإيمان في القلب،
وتوثق الصلة بين العبد وربه وتزكي النفس وتهذبها،
منها: المحافظة على عمل اليوم والليلة،
وأذكار الصباح والمساء، والسنن والرواتب،
وصيام التطوع، وورد تلاوة القرآن،
والعناية بأعمال القلوب من الإخلاص، والصدق،
والإنابة، والخشية، والخوف، والرجاء.

وكذلك تحقيق الإحسان بكل أنوعه وصوره،
وتحقيق التقوى في كل الأحوال، ومطالعة السيرة النبوية،
ومطالعة سير وتراجم العلماء والصالحين،
ومجالسة العلماء والصالحين، وحضور مجالس العلم.

وكذلك الحذر أشد الحذر من مقارفة الذنوب والمعاصي،
والتهاون في ارتكاب المحرمات والمناهي،
وأيضًا ملازمة الصحبة الصالحة، والحذر من صحبة السوء والأشرار،
ولكل منها أدلتها وشواهدها من القرآن والسنة والأخبار والقصص.

• وسأذكر هنا أمثلة سريعة ومختصرة لتلك الوسائل العظيمة،
في تجديد الإيمان، وتوثيق الصلة بالله تعالى،
فمن ذلك على سبيل المثال:

1- إقامة الصلاة بأركانها وخشوعها:
اعلموا - يا شباب الإسلام -
أن أعظم أركان الإسلام بعد التوحيد وإقامته،
إقامة الصلوات في أوقاتها لله تعالى، بأركانها وشروطها،
من الطمأنينة، والتدبر، والترتيل، والخشوع والذلة لله - تعالى -.
لقد جعل الله - تعالى - المحافظة على الصلاة،
والقيام بحقها من صفات المتقين الصادقين فقال تعالى:
﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ *
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾
[البقرة: 1-3].

كما أمر بها الأمم من قبلنا بفعلها،
فقال - تعالى - لبني إسرائيل:
﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾
[البقرة: 43]،
ثم كرر الأمر بها فقال:
﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾
[البقرة: 45].

ولما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بدعوة الناس إلى الصلاة،
كما جاء في الحديث عن معاذ وابن عباس - رضي الله عنهما -:
"إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى:
أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله،
فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات،
في كل يوم و ليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة،
تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم،
فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم،
واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب".
[رواه النسائي والترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع: 2296].

وهذه الصلاة طريق لتهذيب النفس والأخلاق،
وحفظها عن الفواحش والدنايا والمحرمات،
كما أخبرنا تعالى في كتابه: ﴿
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾
[العنكبوت: 45].

كما جعل - سبحانه - إقامة الصلاة على أوقاتها،
من أعظم ما يذهب السيئات والخطايا عن الإنسان،
فقال تعالى:
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾
[هود: 114].

وجاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة،
ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر".
[رواه مسلم].

كما جعل الله الصلاة من أجل الذكر له - تعالى - فقال عز وجل:
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
[طه: 14].

قال السعدي - رحمه الله -:

"أقم الصلاة لأجل ذكرك إياي، لأن ذكره تعالى أجل المقاصد،
وهو عبودية القلب، وبه سعادته، فالقلب المعطل عن ذكر الله،
معطل عن كل خير، وقد خرب كل الخراب،
فشرع الله للعباد أنواع العبادات،
التي المقصود منها إقامة ذكره، وخصوصا الصلاة.

قال الله - تعالى -:
﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾
أي: ما فيها من ذكر الله أكبر من نهيها عن الفحشاء والمنكر،
وهذا النوع يقال له توحيد الألوهية،
وتوحيد العبادة، فالألوهية وصفه تعالى،
والعبودية وصف عبده".

كما حذرنا الله - تعالى - من تضيع الصلاة،
وإخراجها عن وقتها الذي يحبه الله - تعالى - ويتعبدنا به فقال تعالى: ﴿
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾
[مريم: 59].

وقال تعالى:
﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾
[الماعون: 5،4].

كما جعل الله التكاسل عن الصلاة من علامات المنافقين وصفاتهم فقال تعالى:
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ
وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾
[النساء: 144].

وجاء في حديث أبي هريرة مرفوعا:
"أثقل الصلاة على المنافقين؛ صلاة العشاء،
وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما، لأتوهما ولو حبوًا،
ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلًا يصلي بالناس،
ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب،
إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار".
[متفق عليه].

وعنه قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى فقال:
يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد
فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له
فلما ولى دعاه فقال:
"هل تسمع النداء بالصلاة؟" قال: نعم قال:
"فأجب".
[رواه مسلم].

وترك الصلاة بلا عذر شرعي أمر محرم شرعًا،
وقد يفضي بصاحبه إلى الكفر عياذًا بالله تعالى فعن بريدة قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر".
[رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه].

إذن من الواجب على المسلمين الاهتمام بالصلاة والمحافظة عليها،
لأنها من أفرض الفرائض علينا، ثم لأن الصلاة بناء للإنسان وتهذيب للنفس،
وصلة قوية تربط العبد بخالقه، وتخلق فيه من أنواع الحب والخشية الشيء الكثير.

2- تلاوة القرآن وتدبره:
ثم اعلموا؛ أن أفضل الذكر تلاوة القرآن
وذلك لتضمنه لأدوية القلب كما قال الله - عز وجل -: ﴿
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴾
[الإسراء: 82].

وقال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ ﴾
[يونس: 57].

وعن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال:
سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه"
[رواه مسلم].


ويرحم الله القائل:
سأصرف وقتي في قراءةِ ما أتى
عن الله مع ما جاءنا عن رسولهِ
فإن الهدى والفوز والخير كله
بما جاء عن رب العباد ورسلهِ

وقال آخر:
القرآن أصلُ أصول الدين قاطبًة
فكن هُدِيتَ به مستمسكًا وثقًا

فما أحوج المسلم إلى تلاوة هذا الكتاب وقد بينا ذلك فيما مضى
وقد قال خباب - رضي الله عنه -:
تقرب إلى الله ما استطعت فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه.

يقول الدكتور مصطفى عبد الواحد:
"إن المسلم يعلم أن كتاب الله عز وجل هو روح الهداية في هذه الدنيا
وهو نقطة التحول في تاريخ البشرية فلابد أن يكون وثيق الصلة به
يعيش معه ولا يسأم من ترديد النظر فيه فهو حبل الله المتين وصراطه المستقيم".

ويقول أيضًا:
"ومن هنا فلا ينبغي للمسلم أن يتهاون في صلته بالقرآن
فينساه أو يهجره فالقرآن هو الدستور الذي يجمع حقائق الإسلام
فإذا انقطعت صلة المسلم به فإن نبع الإيمان يجف في نفسه
فتذوي نضارته ويذهب بهاؤه"


ويقول أبو الحسن الندوي - رحمه الله -:
"والقرآن وسيرة محمد - صلى الله عليه وسلم -
قوتان عظيمان تستطيعان أن تشعلا في العالم الإسلامي نار الحماسة والإيمان" [


فمن الواجب على كلّ مسلم أن يتدبَّر هذا القرآن العظيم،
وأن يتفهَّم آياتِه ومعانيَه، وأن يعيش معه برُوحه وفِكْره ووجدانه؛
كما قال تعالى:
﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ ﴾
[ص: 29]،

وقال أيضًا:
﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾
[محمد: 24].


قال العلامة ابن سعدي - رحِمه الله -:
"أي: فهلا يتدبَّر هؤلاء المعرضون القُرآن كتاب الله،
ويتأمَّلونه حقَّ التَّأمُّل، فإنَّهم لو تدبَّروه، لدلَّهم على كلّ خير،
ولحذَّرهم من كلِّ شرّ، ولملأ قلوبَهم من الإيمان،
وأفئِدتَهم من الإيقان، ولأوْصلَهم إلى المطالب العالية،
والمواهب الغالية، ولبيَّن لهم الطَّريق الموصّلة إلى الله، وإلى جنَّته ومكملاتها،
ومفسداتها، والطَّريق الموصّلة إلى العذاب وبأيّ شيءٍ تُحْذَر،
ولعرَّفهم بربِّهم، وأسمائه وصفاته وإحسانه،
ولشوَّقهم إلى الثَّواب الجزيل ورهَّبهم من العقاب الوبيل" .


ولا يَخفى عليْنا ما للتدبُّر من آثارٍ وفوائد،
وقد كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يتدبَّر القرآن،
ويردِّدُه وهو قائم باللَّيل، حتَّى إنَّه في إحْدى اللَّيالي
قام يردِّد آيةً واحدةً من كتاب الله، وهو يصلِّي لَم يُجاوزْها حتَّى أصبح،
وهي قوله تعالى:
﴿ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾
[المائدة: 118] رواه أحمد،
وهذا يدلّ على وجوب تدبُّر القرآن الكريم ومُعايشة آياتِه،
وفهْم معانيه وما تدْعو إليْه.

والقرآن فيه توْحيد، ووعْد ووعيد، وأحكام وأخبار،
وقصص وآداب، وأخلاق وآثارها في النَّفس متنوّعة.

وقد كان صحابة النَّبي -صلى الله عليه وسلم- يقرؤُون ويتدبَّرون ويتأثَّرون،
وكان أبو بكر - رضِي الله عنْه - رجُلاً أسيفًا رقيقَ القلب،
إذا صلَّى بالنَّاس وقرأ كلام الله -تعالى- لا يتمالَكُ نفسَه من البكاء،
ومرض عُمر - رضِي الله عنْه - من أثر تلاوة قوْل اللَّه - تعالى -:
﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِن دَافِعٍ ﴾[
الطور: 7، 8].


وقال عثمان بن عفَّان - رضي الله عنْه -:
"لو طهرتْ قُلوبُنا ما شبِعَت من كلام ربِّنا"،
وقُتِل شهيدًا مظلومًا ودمُه على مصْحفه،
وأخبار الصَّحابة في هذا كثيرة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"والمطلوب من القُرآن هو فهْم معانيه والعمل به،
فإن لم تكُن هذه همَّة حافظه لم يكُن من أهل العلم والدين"،
وصدق القائل:

فشمر ولُذْ بالله واحفظ كتابه
ففيه الهدى حقًا وللخير جامع
هو الذخر للملهوف والكنز والرجا
ومنه بلا شكٍ تُنال المنافع
به يهتدي من تاه في معمعة الهوى
به يتسلى من دهتهُ الفجائع

3- ذكر الله تعالى:
وكذلك يحتاج المسلم في عدته الإيمانية الروحية إلى الذكر
وقد قال تعالى:
﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
[الرعد: 28]،
وقال الله - تعالى -:
﴿ وَلَذِكُر اللهِ أَكْبَرُ ﴾
[العنكبوت: 45].

وقال تعالى:
﴿ فَاذكُروني أَذْكُرْكُمْ ﴾
[البقرة: 152]،
وقال تعالى:
﴿ وَاذكُروا الله كَثِيراً لَعَلَّكم تُفْلِحونَ ﴾
[الجمعة: 10].


وقال تعالى:
﴿ وَاذكُرْ رَبَّكَ في نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وخِيفةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَولِ
بالغُدُوِّ والآصَال، وَلا تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ ﴾
[الأعراف: 205].


وقال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اذْكُرُوا الله ذِكراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكرةً وَأَصِيلاً ﴾
[الأحزاب: 41، 42].

وليعلم المسلم أن حقيقة الذكر ليست باللسان بل لابد أن ينشأ أولاً في الشعور والوجدان
ثم يفيض على اللسان مناجاة وحمدًا وتسبيحًا وتنزيهًا فحينئذٍ يكون المسلم من الذاكرين
حقًا الذين أعد الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا.

وفي الحديث عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره، مثل الحي والميت".
[رواه البخاري].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"سبق المفردون"، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟
قال: "الذاكرون الله كثيراً والذاكرات".
[رواه مسلم. ].

وعن عبد الله بن بسرٍ - رضي الله عنه - أن رجلاً قال:
يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي،
فأخبرني بشيءٍ أتشبث به قال: "لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله".
[رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ].

وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال:
قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"ألا أدلك على كنزٍ من كنوز الجنة؟،
فقلت: بلى يا رسول الله قال:
"لا حول ولا قوة إلا بالله".
[متفقٌ عليه].

وقال الحسن البصري:
"تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء:
في الصلاة، وفي الذكر، وقراءة القرآن،
فإن وجدتم؛ وإلا فاعلموا أن الباب مغلق".

وقال الإمام ابن القيم: "الذكر هو المنزلة الكبرى
التي منها يتزود العارفون، وفيها يتجرون،
وإليها دائمًا يترددون، وبه يستدفعون الآفات،
ويستكشفون الكربات، وتهون عليهم به المصيبات،
وهو جلاء القلوب وصقالتها، ودواؤها إذا غشيها اعتلالها،
وكلما ازداد الذاكر في ذكره استغراقًا،
ازداد محبة إلى لقائه للمذكور واشتياقًا"

وفي الحديث القدسي: "فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي،
وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه"
[رواه البخاري].


4- مطالعة الأسماء الحسنى والصفات العلى وآثارها:
لأن مطالعة الأسماء الحسنى ومعانيها،
والصفات العلى وآثارها، مما يهذب النفس،
ويجدد الإيمان في القلب،
ويوثق الصلة بالله - تعالى -.

وقد جاء في القرآن الكريم قول الله - تعالى -: ﴿
وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
[الأعراف: 180].

وجاء في السنة الثابتة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
((إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلاّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)).
[رواه البخاري ومسلم].


وقال الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -:

"لله -تعالى- أسماء و صفات جاء بها كتابه،
و أخبر بها نبيه - صلى الله عليه وسلم- أمته،
لا يسع أحدا من خلق الله قامت عليه الحجة ردها؛
لأن القرآن نزل بها، وصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-
القول بها فيما روى عنه العدول، فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر،
أما قبل ثبوت الحجة عليه فمعذور بالجهل، لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالرؤية والفكر،
ولا يكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها،
وتثبت هذه الصفات،
وينفي عنها التشبيه كما نفى التشبيه عن نفسه -تعالى- فقال سبحانه:
(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)

وقال الإمام الصابوني - رحمه الله - في "اعتقاد أئمة الحديث":
"ويعتقدون أن الله -تعالى- مدعو بأسمائه الحسنى وموصوف بصفاته
التي سمى ووصف بها نفسه، ووصفه بها نبيه...
لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء
ولا يوصف بما فيه نقص أو عيب أو آفة فإنه - عز وجل - تعالى عن ذلك"

وقال العز بن عبد السلام -رحمه الله-:
"فهم معاني أسماء الله - تعالى -
وسيلة إلى معاملته بثمراتها من الخوف والرجاء
والمهابة والمحبة والتوكل..
وغير ذلك من ثمرات معرفة تلك الصفات".


وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله -:
"لا يستقر للعبد قدم في المعرفة بل ولا الإيمان حتى يؤمن بصفات الرب - جل جلاله -
ويعرفها معرفة تخرجه عن حد الجهل بربه،
فالإيمان بالصفات وتعرفها هو أساس الإسلام،
وقاعدة الإيمان، وثمرة شجرة الإحسان".


ونقل الحافظ ابن حجر - في فتح الباري - عن ابن بطال قوله:

"طريق العمل بها:
أن الذي يسوغ الاقتداء به فيها كالرحيم والكريم
فإن الله يحب أن يرى حالها على عبده، فليعرف العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها،
وما كان يختص بالله كالجبار والعظيم فيجب على العبد الإقرار بها والخضوع لها،
وعدم التحلي بصفة منها، وما كان فيه معنى الوعد: نقف منه عند الطمع والرغبة،
وما كان فيه معنى الوعيد: نقف منه عند الخشية والرهبة".


ويقول ابن القيم - رحمه الله -:

"وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم،
وفي ما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه
وصفاته، وعرف موجب حكمته وحمده.. ولو فتشت لرأيت عنده تعتباً على القَدَر وملامة له..
وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا،
فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك هل أنت سالم من ذلك".


ويقول أيضًا: "وليس هذا مختصاً بأوليته - تعالى -
فقط، بل جميع ما يبدو للقلوب من صفات الرب - سبحانه - يستغني العبد به
بقدر حظه وقسمه من معرفتها وقيامه بعبوديتها، فمن شهد مشهد علو الله - تعالى -
على خلقه وفوقيته لعباده واستوائه على عرشه كما أخبر بها
أعرف الخلق وأعلمهم به الصادق المصدوق،
وتعبد بمقتضى هذه الصفة بحيث يصير لقلبه صمد يعرج إليه مناجياً له
مطرقاً واقفاً بين يديه وقوف العبد الذليل بين يدي الملك العزيز،
فيشعر بأن كلمه وعمله صاعد إليه معروض عليه مع أوفى خاصته وأوليائه
فيستحي أن يصعد إليه من كلمه ما يخزيه ويفضحه هناك،
ويشهد نزول الأمر والمراسيم الإلهية إلى أقطار العوالم كل وقت،
بأنواع التدبير والتصرف من الإماتة والإحياء والتولية والعزل
والخفض والرفع والعطاء والمنع وكشف البلاء
وإرساله وتقلب الدول ومداولة الأيام بين الناس،
إلى غير ذلك من التصرفات في المملكة التي لا يتصرف فيها
سواه فمراسيمه نافذة فيها كما يشاء:
﴿ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾
[السجدة: 5].


فمن أعطى هذا المشهد حقه معرفة وعبودية استغنى به،
وكذلك من شهد مشهد العلم المحيط الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماوات،
ولا في قرار البحار ولا تحت أطباق الجبال،
بل أحاط بذلك علمه علماً تفصيلياً، ثم تعبد بمقتضى هذا الشهود
من حراسة خواطره وإرادته وجميع أحواله وعزماته وجوارحه
علم أن حركاته الظاهرة والباطنة وخواطره وإراداته
وجميع أحواله ظاهرة مكشوفة لديه علانية له بادية،
لا يخفى عليه منها شيء.


وكذلك إذا أشعر قلبه صفة سمعه - سبحانه -
لأصوات عباده على اختلافها وجهرها وخفائها،
سواء عنده من أسر القول ومن جهر به، لا يشغله جهر من جهر
عن سمعه صوت من أسر، ولا يشغله سمع عن سمع
ولا تغلطه الأصوات على كثرتها واختلافها واجتماعها،
بل هي عنده كلها كصوت واحد، كما أن خلق الخلق جميعهم
وبعثهم عنده بمنزلة نفس واحدة.


وكذلك إذا شهد معنى اسمه البصير - جل جلاله -
الذي يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في حندس الظلماء،
ويرى تفاصيل خلق الذرة الصغيرة ومخها وعروقها ولحمها وحركتها،
ويرى مد البعوضة جناحها في ظلمة الليل،
وأعطى هذا المشهد حقه من العبودية بحرس حركاته وسكناته
تيقن أنه بمرأى منه - سبحانه -،
ومشاهدة لا يغيب عنه منها شيء.


وكذلك إذا شهد مشهد القيومية الجامع لصفات الأفعال،
وأنه قائم على كل شيء وقائم على كل نفس بما كسبت،
وأنه - تعالى - هو القائم بنفسه المقيم لغيره القائم عليه بتدبيره
وقهره وإيصال جزاء المحسن وجزاء المسيء إليه،
وأنه بكمال قيوميته لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه،
رفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل،
لا تأخذه سنة ولا نوم، لا يضل ولا ينسى.. إلخ.


فلا بد للعبد من مطالعة أسماء ربه - تعالى -،
وشهود آثارها، وملازمة الافتقار إلى ربه سبحانه في كل حال، كما قال القائل:
أخي إذا أرهقت هموم الحياة
ومسك منها عظيم الضرر
وذقت الأمرين حتى بكيت
وضج فؤادك حتى انفجر
وسدت بوجهك كل الدروب
وأوشكت تسقط بين الحفر
فيمم إلى الله في لهفة
وبث الشكاة لرب البشر



5- قيام الليل:

وهذا أيضًا من أعظم الزاد والبناء الإيماني في قلب المسلم
وهو من أول ما أمر الله به نبينا عليه الصلاة والسلام يقول سبحانه:
﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ﴾
[المزمل: 1-4].


وقال الله - تعالى -: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّد بِهِ نَافِلَةً لَكَ، عَسَى أن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامَاً مَحمُوداً ﴾ [الإسراء: 79].


وقال تعالى:
﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ ﴾ [السجدة: 16].


وقال تعالى:
﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ ﴾
[الذاريات:17].


وفي الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه،
فقلت له: لم تصنع هذا، يا رسول الله، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً".
[متفقٌ عليه].


بل إن السلف الصالح كانوا يعظمون قيام الليل، ويرفعون مكانته،
ويجعلونه دليل العلم والخشية، وعلامة الصالحين الصادقين،
وكانوا يعجبون مما لا نصيب له من هذه العبادة الجليلة.


فقد ذكر ابن الجوزي - رحمه الله -
في "صفة الصفوة" في ترجمة الإمام أحمد بن حنبل:
عن أبي بكر المروزي قال: كنت مع أبي عبد الله نحوًا من أربعة اشهر بالعسكر؛
لا يدع قيام الليل، وقراءة النهار، فما علمت بختمة ختمها كان يسر ذلك.

وعن أبي عصمة بن عصام البيعقي قال: بت ليلة عند احمد بن حنبل،
فجاء بالماء فوضعه، فلما أصبح نظر في الماء،
فإذا هو كما كان فقال: سبحان الله رجل يطلب العلم لا يكون له ورد بالليل؟.
المجلد الأول.

وذكر عنه صاحب الآداب الشرعية: إبراهيم بن شماس،
قال: كنت أعرف أحمد بن حنبل وهو غلام وهو يحيي الليل.

وقال الشيخ تقي الدين: فيه أنه يُكره لأهل العلم
ترك قيام الليل، وإن كانوا مسافرين.

وعن مبارك بن فضالة قال:
سمعت الحسن وقال له شاب: أعياني قيام الليل.
فقال: قيدتك خطاياك صفة.


وفي قيام الليل لتكوين المسلم والداعية عدة عناصر:

1- الإخلاص: وهو أن يبتغي بدعوته وجه الله سبحانه.

2- التميز: وهو ضرورة لشخصية الداعية لأن الشعور بالتميز
هو الذي يعطي للمسلم في نفسه دافع الدعوة لغيره
حيث أن هذه الصلاة لا يقوى عليها إلا من تفرد وتميز بالعزم والقوة.

3- الإرادة: فصلاة التهجد معالجة لنوعي الإرادة:
البدء والاستمرار حيث نجد في هذه الكيفية طول الصلاة
ليتم من خلالها تربية الداعية على إرادة الاستمرار.

4- الاتزان النفسي: في ظروف الاستضعاف
وقد سبق الإشارة إلى فضيلة قيام الليل،
وعبادة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه.

6- ذكر الموت والدار الآخرة وقصر الأمل:
فقد جاء في الحديث عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال:
أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمنكبي فقال:
"كن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيلٍ".

وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول:
"إذا أمسيت، فلا تنتظر الصباح،
وإذا أصبحت، فلا تنتظر المساء،
وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك".
[رواه البخاري].


وجاء أيضًا عن أنس رضي الله عنه قال:
خط النبي -صلى الله عليه وسلم- خطوطاً فقال:
"هذا الإنسان، وهذا أجله، فبينما هو كذلك إذ جاء الخط الأقرب".
[رواه البخاري].


وأيضًا عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال:
خط النبي -صلى الله عليه وسلم- خطاً مربعاً،
وخط خطاً في الوسط خارجاً منه، وخط خططاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه
الذي في الوسط، فقال: "هذا الإنسان، وهذا أجله محيطاً به - أو قد أحاط به -
وهذا الذي هو خارجٌ أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض،
فإن أخطأه هذا، نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا".
[رواه البخاري].


وكذلك؛ ذكر الموت هادم اللذات وزيارة قبور الموتى
مما يزيد رصيد الإيمان في القلب ويحقر شأن الدنيا في نظر المسلم الصادق
فلا يتعلق قلبه بغير الله والدار الآخرة
ولا تلتفت نفسه إلى متاع الدنيا الفانية
لأنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة.


وقد قال تعالى:
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾
[ق:37].


وقال - أيضًا - مذكرًًا بوعده الحق:
﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ﴾
[ق: 20- 19].


وقد حوت سورة "ق" من حقائق الموت وحقائق الآخرة الكثير من المشاهد
التي تورث القلب خوضًا ووجلاً وقربًا وطمعًا في عفوه وكرمه تعالى
ووصية للدعاة أن يكثروا من تلاوتها وكيف لا وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم -
يكثر منها على المنبر في يوم الجمعة ولنا فيه الأسوة الحسنة.


وجاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"أكثروا ذكر هاذم اللذات يعني الموت".
[رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ، وصححه الألباني].


فلا ينبغي أن يغفل المسلم عن ذكر دار مستقره في الآخرة،
وعن أنه راحل عن الدنيا، فلا تعتريه الغفلة وهو في سكرة الدنيا
والأموال والتجارة غافلًا ناسيًا، وقد بين الله ذلك في كتابه.


فقال تعالى:
﴿ يا أَيُّها الَّذينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمَوالكُم ولا أَولادكُم عَن ذِكرِ اللهِ *
ومن يَفعَلْ ذلِكَ فَأُولَئِكَ هم الخاسِرُونَ *
وأنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِن قَبلِ أَن يأتِي أَحَدَكُمُ المَوْتُ
فَيَقُولَ رَبِّ لَولا أَخَّرْتَني إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وأَكُنْ مِنَ الصَّالحِينَ *
ولن يُؤَخِّرَ الله نَفساً إذَا جَاءَ أَجَلُهَا واللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ ﴾
[المنافقون: 9 - 11].


وقال تعالى:
﴿ حَتَّى إذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارجِعُونِ *
لَعَلِّي أعمَلُ صَالحاً فِيما تَرَكتُ كَلاَّ إنَّهَا كَلِمَةٌ هو قَائِلُهَا
وَمِن ورَائِهم بَرْزَخٌ إلى يَوْم يُبْعَثُونَ ﴾
[المؤمنون: 99 - 100].


فالموت لا محالة منه ولا فرار،
فلا بد من الاستعداد له، كما قال تعالى:
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوتِ وَإنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُم يَوْمَ القِيَامَةِ
فَمَن زُحْزِحَ عنِ النَّارِ وأُدخِلَ الجَنَّةَ فَقَد فَازَ
وما الحَيَاةُ الدُّنْيَا إلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ ﴾
[آل عمران: 185].


وقال تعالى:
﴿ وما تَدرِي نَفسٌ مَاذا تَكْسِبُ غداً وما تَدرِي نَفسٌ بِأَيِّ أَرضٍ تَمُوتُ ﴾
[لقمان: 34].


وقال تعالى:
﴿ فَإذَا جَاء أَجَلُهُم لا يَسْتَأخِرُونَ سَاعَةً ولا يَستَقدِمون ﴾
[النحل: 61].


وفي الحديث عن بريدة - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها".
[رواه مسلم].


 cheers 


Al_maroof
Al_maroof
نائب مدير
نائب مدير

اوسمتي منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي مزاجي : محتسب وحامد لربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى