قصة الإفك عن عائشه رضي الله عنها ... لمن لايعرفها والفوائد امستنبطة منها
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام :: القسم الاسلامي :: القصص الدينية
صفحة 1 من اصل 1
قصة الإفك عن عائشه رضي الله عنها ... لمن لايعرفها والفوائد امستنبطة منها
قصة الإفك عن عائشه رضي الله عنها ... لمن لايعرفها والفوائد امستنبطة منها
بسم الله الرحمن الرحيم ،
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد ..
إخوتي الأكارم ، أخواتي الكرائم ..
مسّاكم ربي بالخير والمسرات وعطر أوقاتكم بالخير وطيّبها بالطاعات ..
في هذا الموضوع المبارك أيها الشرفاء سنتذاكر سويا بإذنه سبحانه خبرا بارزا من أخبار السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم .. يُعنى في المقام الأول بالطاهرة المطهرة أمنا عائشة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها .. والإفك المُفترى عليها وتبرئتها منه من فوق سبع سماوات .. وربما كان هذا الخبر في نظر بعض المؤرخين والمفسرين الحدث الأهم والأبرز في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الظلال لسيد قطب رحمه الله :
لقد كانت معركة خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاضتها الجماعة المسلمة يومذاك ، وخاضها الإسلام ، معركة ضخمة لعلها أضخم المعارك التي خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج منها منتصرا كاظما لآلامه الكبار ، محتفظا بوقار نفسه وعظمة قلبه وجميل صبره ، فلم تؤثر عنه كلمة واحدة تدل على نفاد صبره وضعف احتماله .
كتابة الموضوع الخطيّة كانت في شهر شعبان من عام 1425 هـ ، وأثناء بحثي قبل عدة أيام بين أوراقي القديمة وجدت أوراق بها خط يدي وتتحدث عن الإفك والفوائد المستنبطة منه فآثرت إطلاعكم عليها ، لذا ستجدوا بعد الخبر المنقول من صحيح البخاري فوائد متعددة ، ومع كل فائدة موضع الإستشهاد الذي أخذتُ منه تلك الفائدة ، وكل أملي ورجائي في أن أقدم ولو جزءا يسيرا مما ينبغي لنا تقديمه دفاعا عن عرض نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم وتأكيدا لنزاهة وطهر الطاهرة المطهرة أمنا عائشة رضي الله عنها وعن أبيها ..
فيما يلي أنقل لكم الخبر كما جاء في صحيح البخاري ..
فقد روى البخاري رحمه الله في صحيحه عن عروة بن الزبير رضي الله عنه عن خالته الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها أنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه قالت عائشة فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما نزل الحجاب فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه ..
وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت ركبت وهم يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم إنما تأكل العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب فأممت منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت ..
وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي و والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته فوطئ على يديها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة فهلك من هلك ..
وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول قال عروة أخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده فيقره ويستمعه ويستوشيه وقال عروة أيضا لم يسم من أهل الإفك أيضا إلا حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش في ناس آخرين لا علم لي بهم غير أنهم عصبة كما قال الله تعالى وإن كبر ذلك يقال له عبد الله بن أبي ابن سلول قال عروة كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان وتقول إنه الذي قال :
فإن أبي ووالده وعرضـي :: :: لعرض محمد منكم وقاء
وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعر بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول كيف تيكم ثم ينصرف فذاك الذي يريبني ولا أشعر بالشر ..
حتى خرجت بعدما نقهت فخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط فكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت أنا وأم مسطح وهي ابنة أبي رهم بن عبد مناف وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي وقد فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا قالت أي هنتاه أولم تسمعي ما قال قالت قلت وما قال فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا على مرضي ..
فلما رجعت إلى بيتي ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني سلم ثم قال كيف تيكم فقلت أتأذن لي أن آتي أبوي قالت وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما قالت فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أبوي فقلت لأمي يا أمتاه ما يتحدث الناس قالت يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها قالت فقلت سبحان الله أولقد تحدث الناس بهذا قالت فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت أبكي ..
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله قالت فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود فقال يا رسول الله أهلك ولا نعلم إلا خيرا وأما علي بن أبي طالب فقال يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصدقك قالت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك قالت بريرة لا والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله ..
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي ابن سلول قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال يا رسول الله أنا أعذرك منه إن كان من الأوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك قالت فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية فقال لسعد كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين فتثاور الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت ..
قالت فبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم قالت فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم ولا يرقأ لي دمع يظنان أن البكاء فالق كبدي قالت فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي قالت فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس قالت ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني ..
قالت فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه قالت فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال قال والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لأمي أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن إني والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به فلئن قلت لكم إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني والله ما أجد لكم مثلا إلا قول أبي يوسف قال [ فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ] .. قالت ثم تحولت فاضطجعت على فراشي قالت وأنا حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها قالت فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه ..
قالت فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سري عنه وهو يضحك فكانت أول كلمة تكلم بها يا عائشة أما الله عز وجل فقد برأك فقالت أمي قومي إليه قالت فقلت لا والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عز وجل فأنزل الله عز وجل [ إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه ... ] العشر الآيات كلها ..
فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله [ ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ] ..
قال أبو بكر بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال والله لا أنزعها منه أبدا قالت عائشة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب ابنة جحش عن أمري فقال يا زينب ماذا علمت أو رأيت فقالت يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ما علمت إلا خيرا قالت وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع وطفقت أختها حمنة تحارب لها فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك ..
.
لا إله إلا الله ، قصة عظيمة من قصص الهدي النبوي على صاحبه أفضل السلاة وأتم التسليم ، وكنت قد بحثت عن مرجع أنقل لكم منه الخبر فما وجدت أبلغ بيانا وأفصح منطقا من سرد عائشة رضي الله عنها وأرضاها لما حدث .. أسلوب محكم وإلمام متكامل بالخبر وما تفرع منه وما ترتب عليه .. رضي الله عنها وعن أبيها وصلى الله وبارك وسلم على زوجها المطفى محمد ..
بعد فراغي إخوتي وأخواتي من نقل الخبر أترككم فيما يلي مع الفوائد المستنبطة من القصة ..
.
[ الفائدة الأولى ] ـ تحري المصداقية في قبول الخبر والتأكد منه ..
موطن الإستشهاد هو قوله تعالى [ ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ] ..
.
[ الفائدة الثانية ] ـ الأصل في أهل الخير والصلاح هو البراءة من الكبائر مالم تثبت عليهم ..
موطن الإستشهاد هو ما قاله أسامة رضي الله عنه [ يا رسول الله أهلك ولا نعلم إلا خيرا ] وما قالته زينب بنت جحش رضي الله عنها [ ما علمت إلا خيرا ] ..
.
[ الفائدة الثالثة ] ـ ثبوت عدم علم الرسول عليه الصلاة والسلام للغيب ..
وموطن الإستشهاد هو ما جاء في نص الأثر عند البخاري وفيه [ ثم قال أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ] فلو كان يعلم الغيب صلى الله عليه وسلم لما سألها وما ظل أكثر من شهر ينتظر الوحي ..
.
[الفائدة الرابعة ] ـ الذي تولى كبره هو عبدالله بن أبي ابن سلول ، فهو من أشاع الخبر ووشاه ..
موطن الإستشهاد هو تصريح عائشة رضي الله عنها بإسمه [ وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول ] ..
.
[ الفائدة الخامسة ] ـ عدم جواز سب الصحابة وإن بدر منهم الخطأ ..
موطن الإستشهاد هو ما جاء في نص الأثر عند البخاري [ كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان ] ..
.
[ الفائدة السادسة ] ـ العفو والصفح من المنازل العالية والشيم الرفيعة في الإسلام ..
موطن الإستشهاد هو قول الحق تبارك وتعالى في سورة النور [ وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله ] ..
.
[ الفائدة السابعة ] ـ علو شأن من حضر بدرا من الصحابة ..
موطن الإستشهاد هو قول عائشة رضي الله عنها [ فقلت لها بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا ] ..
.
[ الفائدة الثامنة ] ـ وجوب تغطية المرأة وجهها في حضرة الرجال الأجانب ..
موطن الإستشهاد هو ما جاء في نص الأثر عند البخاري على لسان عائشة رضي الله عنها [ فخمرت وجهي بجلبابي و والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه ] ..
.
[ الفائدة التاسعة ] ـ استحسان استشارة الفتيان كما حدث من الرسول عليه الصلاة والسلام مع علي وأسامة رضي الله عنهم ..
موطن الإستشهاد هو ما جاء في نص الأثر عند البخاري على لسان عائشة رضي الله عنها [ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله ] ..
وقد ذكر ابن حجر رحمه الله في الفتح استئناسا لطيفا عن هذه الفائدة حيث قال رحمه الله :
والعلة في اختصاص علي وأسامة بالمشاورة أن عليا كان عنده كالولد لأنه رباه من حال صغره ثم لم يفارقه , بل وازداد اتصاله بتزويج فاطمة فلذلك كان مخصوصا بالمشاورة فيما يتعلق بأهله لمزيد اطلاعه على أحواله أكثر من غيره ; وكان أهل مشورته فيما يتعلق بالأمور العامة أكابر الصحابة كأبي بكر وعمر . وأما أسامة فهو كعلي في طول الملازمة ومزيد الاختصاص والمحبة , ولذلك كانوا يطلقون عليه أنه حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ; وخصه دون أبيه وأمه لكونه كان شابا كعلي , وإن كان علي أسن منه . وذلك أن للشاب من صفاء الذهن ما ليس لغيره , ولأنه أكثر جرأة على الجواب بما يظهر له من المسن , لأن المسن غالبا يحسب العاقبة فربما أخفى بعض ما يظهر له رعاية للقائل تارة والمسئول عنه أخرى ..
.
[ الفائدة العاشرة ] ـ وجوب إقامة الحد على مستحقيه وإن كانوا من علية القوم ..
موطن الإستشهاد أن حسان بن ثابت رضي الله عنه جُلد لأنه من أهل الإفك رغم علو شأنه ومنزلته في الإسلام رضي الله عنه وأرضاه ..
.
[ الفائدة الحادية عشر ] ـ فضل التحلي بالصبر والتريث في إصدار الحكم ..
موطن الإستشهاد هو قوله تعالى [ ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ] .. ويعضده قول الحق في سورة الحجرات [ يا أيها اللذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ] رغم إختلاف السبب في الموضعين ..
.
[ الفائدة الثانية عشر ] ـ تواضع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ..
موطن الإستشهاد هو ما جاء في نص الأثر عند البخاري على لسانها رضي الله عنها [ والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ] ..
.
[ الفائدة الثالثة عشر ] ـ علو منزلة أمهات المؤمنين عن بقية النساء المسلمات ..
موطن الإستشهاد هو ما أثر عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه في حديثه مع زوجته عن حادثة الإفك حين قالت له بعد حوار بينهما : ولو كنت أنا بدل عائشة رضي الله عنها ما خنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعائشة خير مني وصفوان خير منك ، وكذلك قول الحق تبارك وتعالى في سورة الأحزاب [ يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ] .. ويعضد ذلك أيضا ما رواه النووي في شرح صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لم تزن امرأة نبي من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وهذا إكرام من الله تعالى لهم .
.
[ الفائدة الرابعة عشر ] ـ حرص المنافقين على زعزعة رأي المسلمين وإثارة الفتن ..
موطن الإستشهاد هو ما كان من عبدالله بن أبي بن سلول وحرصه على نشر الخبر وإشاعته ووشايته ..
.
[ الفائدة الخامسة عشر ] ـ كفر من قال بوقوع عائشة المطهرة رضي الله عنها في الزنى لأن في قولهم تكذيب صريح للقرآن ..
موطن الإستشهاد هو قوله تعالى [ وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ] ..
وقد ذكر ابن قدامة المقدسي رحمه الله في لمعة الإعتقاد :
(( أما من قذف أم المؤمنين عائشة بعد نزول براءتها من السماء فهو كافر مكذب للقرآن فيقتل )) ..
كما ذكر الإمام الذهبي رحمه الله في الكبائر :
(( ومن السنة الترضي عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرءات من كل سوء ، أفضلهن خديجة بنت خويلد وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه زوج النبي في الدنيا والآخرة ، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم )) ..
وقال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد :
(( واتفقت الأمة على كفر قاذفها )) ..
وقال السيوطي رحمه الله في الإكليل عند آية [ إن الذين جاؤوا بالإفك ..... ] :
(( نزلت في براءة عائشة رضي الله عنها فيما قذفت به ، فاستدل به الفقهاء على أن قاذفها يقتل لتكذيبه لنص القرآن ، قال العلماء قذف عائشة كفر لأن الله سبح نفسه عند ذكره فقال [ سبحانك هذا بهتان عظيم ] ؛ كما سبح نفسه عن ذكر ما وصفه به المشركون من الزوجة والولد )) ..
وعقوبة قاذفها أن يُقتل مرتدا عن ملة الإسلام ..
وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم في صدد تعداده الفوائد التي اشتمل عليها حديث الإفك :
(( الحادية والأربعون : براءة عائشة من الإفك وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز ، فلو تشكك فيها إنسان - والعياذ بالله - صار كافرا مرتدا بإجماع المسلمين )) ..
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى [ إن الذين يرمون المحصنات ..... ] :
(( وأجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية فإنه كافرٌ لأنه معاندٌ للقرآن )) ..
.
[ الفائدة السادسة عشر ] ـ استحسان الإنفاق على الفقراء والمحتاجين وإن بدر منهم ما يسوء المتصدق ..
موطن الإستشهاد هو قول الله تبارك وتعالى [ ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ] ..
.
[ الفائدة السابعة عشر ] ـ باب التوبة مفتوح لمن أذنب أيا كان ذنبه .. موطن الإستشهاد هو ما جاء في نص الأثر عند البخاري على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يخاطب عائشة رضي الله عنها [ وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه ] ..
.
[ الفائدة الثامنة عشر ] ـ علو منزلة عائشة رضي الله عنها إذ نزل في شأنها وحيا ً يتلى إلى يوم القيامة ..
موطن الإستشهاد هو الآيات العشرة التي وردت في سورة النور وأبتدأها الله بقوله [ إن الذي جاءوا بالإفك عصبة منكم ] وبها تبرئة صريحة لها رضي الله عنها وأرضاها ..
.
[ الفائدة التاسعة عشر ] ـ استحسان سؤال من له صلة بمن اتهم بذنب أو خطيئة ..
موطن الإستشهاد هو سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم للجارية [ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك ] ..
.
[ الفائدة العشرون ] ـ عظم جرم من تحدث بالإفك لأنه تعدى على حرمة بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
موطن الإستشهاد هو ما جاء في نص الأثر عند البخاري على لسانه صلى الله عليه وسلم [ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ] ..
.
.
آمل أن يكون الموضوع قد حاز على إستحسان الجميع ورضاهم ، لا أزعم بأنه مرجع عن الحادثة فتنقصه الكثير من المكملات والأساسيات ، ولكنه جهد بسيط من مبتدئ ٍ يحب رسول الله وأهل رسول الله ويفديهم بأبيه وأمه وبروحه .. يسوءه ويكدر صفوه الغمز واللمز الذي يصدر بين الفينة والأخرى من بعض الطوائف المنتمية للإسلام - زعموا - ، وما يتناقلونه في وسائل إعلامهم المقروءة والمسموعة من زور وظلم وبهتان وتعدٍ سافر على حرمة أشرف بيت على الوجود ، شع منه نور الإسلام وخرجت لنا منه أحكام ديننا ، ولهو أحق بيت بالدفاع عنه وتنزيهه عما يوصم به ..
صلى الله وسلم وبارك على رسولنا الحبيب ، ورضي الله عن أمنا الطاهرة المطهرة عائشة الصديقة بنت الصديق ورضي عن أبيها ، ورزقنا والمسلمين حسن التأدب مع رسول الله ومع صحابته الأخيار ، الذين زكاهم الله من فوق سبع سماوات في وحي يتلى إلى يوم القيامة .. رضي الله عنهم أجمعين .
أترككم جميعا في حفظ ربي ورعايته ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
بسم الله الرحمن الرحيم ،
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد ..
إخوتي الأكارم ، أخواتي الكرائم ..
مسّاكم ربي بالخير والمسرات وعطر أوقاتكم بالخير وطيّبها بالطاعات ..
في هذا الموضوع المبارك أيها الشرفاء سنتذاكر سويا بإذنه سبحانه خبرا بارزا من أخبار السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم .. يُعنى في المقام الأول بالطاهرة المطهرة أمنا عائشة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها .. والإفك المُفترى عليها وتبرئتها منه من فوق سبع سماوات .. وربما كان هذا الخبر في نظر بعض المؤرخين والمفسرين الحدث الأهم والأبرز في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الظلال لسيد قطب رحمه الله :
لقد كانت معركة خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاضتها الجماعة المسلمة يومذاك ، وخاضها الإسلام ، معركة ضخمة لعلها أضخم المعارك التي خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج منها منتصرا كاظما لآلامه الكبار ، محتفظا بوقار نفسه وعظمة قلبه وجميل صبره ، فلم تؤثر عنه كلمة واحدة تدل على نفاد صبره وضعف احتماله .
كتابة الموضوع الخطيّة كانت في شهر شعبان من عام 1425 هـ ، وأثناء بحثي قبل عدة أيام بين أوراقي القديمة وجدت أوراق بها خط يدي وتتحدث عن الإفك والفوائد المستنبطة منه فآثرت إطلاعكم عليها ، لذا ستجدوا بعد الخبر المنقول من صحيح البخاري فوائد متعددة ، ومع كل فائدة موضع الإستشهاد الذي أخذتُ منه تلك الفائدة ، وكل أملي ورجائي في أن أقدم ولو جزءا يسيرا مما ينبغي لنا تقديمه دفاعا عن عرض نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم وتأكيدا لنزاهة وطهر الطاهرة المطهرة أمنا عائشة رضي الله عنها وعن أبيها ..
فيما يلي أنقل لكم الخبر كما جاء في صحيح البخاري ..
فقد روى البخاري رحمه الله في صحيحه عن عروة بن الزبير رضي الله عنه عن خالته الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها أنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه قالت عائشة فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما نزل الحجاب فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه ..
وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت ركبت وهم يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم إنما تأكل العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب فأممت منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت ..
وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي و والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته فوطئ على يديها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة فهلك من هلك ..
وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول قال عروة أخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده فيقره ويستمعه ويستوشيه وقال عروة أيضا لم يسم من أهل الإفك أيضا إلا حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش في ناس آخرين لا علم لي بهم غير أنهم عصبة كما قال الله تعالى وإن كبر ذلك يقال له عبد الله بن أبي ابن سلول قال عروة كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان وتقول إنه الذي قال :
فإن أبي ووالده وعرضـي :: :: لعرض محمد منكم وقاء
وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعر بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول كيف تيكم ثم ينصرف فذاك الذي يريبني ولا أشعر بالشر ..
حتى خرجت بعدما نقهت فخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط فكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت أنا وأم مسطح وهي ابنة أبي رهم بن عبد مناف وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي وقد فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا قالت أي هنتاه أولم تسمعي ما قال قالت قلت وما قال فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا على مرضي ..
فلما رجعت إلى بيتي ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني سلم ثم قال كيف تيكم فقلت أتأذن لي أن آتي أبوي قالت وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما قالت فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أبوي فقلت لأمي يا أمتاه ما يتحدث الناس قالت يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها قالت فقلت سبحان الله أولقد تحدث الناس بهذا قالت فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت أبكي ..
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله قالت فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود فقال يا رسول الله أهلك ولا نعلم إلا خيرا وأما علي بن أبي طالب فقال يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصدقك قالت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك قالت بريرة لا والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله ..
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي ابن سلول قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال يا رسول الله أنا أعذرك منه إن كان من الأوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك قالت فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية فقال لسعد كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين فتثاور الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت ..
قالت فبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم قالت فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم ولا يرقأ لي دمع يظنان أن البكاء فالق كبدي قالت فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي قالت فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس قالت ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني ..
قالت فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه قالت فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال قال والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لأمي أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن إني والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به فلئن قلت لكم إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني والله ما أجد لكم مثلا إلا قول أبي يوسف قال [ فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ] .. قالت ثم تحولت فاضطجعت على فراشي قالت وأنا حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها قالت فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه ..
قالت فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سري عنه وهو يضحك فكانت أول كلمة تكلم بها يا عائشة أما الله عز وجل فقد برأك فقالت أمي قومي إليه قالت فقلت لا والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عز وجل فأنزل الله عز وجل [ إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه ... ] العشر الآيات كلها ..
فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله [ ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ] ..
قال أبو بكر بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال والله لا أنزعها منه أبدا قالت عائشة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب ابنة جحش عن أمري فقال يا زينب ماذا علمت أو رأيت فقالت يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ما علمت إلا خيرا قالت وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع وطفقت أختها حمنة تحارب لها فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك ..
.
لا إله إلا الله ، قصة عظيمة من قصص الهدي النبوي على صاحبه أفضل السلاة وأتم التسليم ، وكنت قد بحثت عن مرجع أنقل لكم منه الخبر فما وجدت أبلغ بيانا وأفصح منطقا من سرد عائشة رضي الله عنها وأرضاها لما حدث .. أسلوب محكم وإلمام متكامل بالخبر وما تفرع منه وما ترتب عليه .. رضي الله عنها وعن أبيها وصلى الله وبارك وسلم على زوجها المطفى محمد ..
بعد فراغي إخوتي وأخواتي من نقل الخبر أترككم فيما يلي مع الفوائد المستنبطة من القصة ..
.
[ الفائدة الأولى ] ـ تحري المصداقية في قبول الخبر والتأكد منه ..
موطن الإستشهاد هو قوله تعالى [ ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ] ..
.
[ الفائدة الثانية ] ـ الأصل في أهل الخير والصلاح هو البراءة من الكبائر مالم تثبت عليهم ..
موطن الإستشهاد هو ما قاله أسامة رضي الله عنه [ يا رسول الله أهلك ولا نعلم إلا خيرا ] وما قالته زينب بنت جحش رضي الله عنها [ ما علمت إلا خيرا ] ..
.
[ الفائدة الثالثة ] ـ ثبوت عدم علم الرسول عليه الصلاة والسلام للغيب ..
وموطن الإستشهاد هو ما جاء في نص الأثر عند البخاري وفيه [ ثم قال أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ] فلو كان يعلم الغيب صلى الله عليه وسلم لما سألها وما ظل أكثر من شهر ينتظر الوحي ..
.
[الفائدة الرابعة ] ـ الذي تولى كبره هو عبدالله بن أبي ابن سلول ، فهو من أشاع الخبر ووشاه ..
موطن الإستشهاد هو تصريح عائشة رضي الله عنها بإسمه [ وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول ] ..
.
[ الفائدة الخامسة ] ـ عدم جواز سب الصحابة وإن بدر منهم الخطأ ..
موطن الإستشهاد هو ما جاء في نص الأثر عند البخاري [ كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان ] ..
.
[ الفائدة السادسة ] ـ العفو والصفح من المنازل العالية والشيم الرفيعة في الإسلام ..
موطن الإستشهاد هو قول الحق تبارك وتعالى في سورة النور [ وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله ] ..
.
[ الفائدة السابعة ] ـ علو شأن من حضر بدرا من الصحابة ..
موطن الإستشهاد هو قول عائشة رضي الله عنها [ فقلت لها بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا ] ..
.
[ الفائدة الثامنة ] ـ وجوب تغطية المرأة وجهها في حضرة الرجال الأجانب ..
موطن الإستشهاد هو ما جاء في نص الأثر عند البخاري على لسان عائشة رضي الله عنها [ فخمرت وجهي بجلبابي و والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه ] ..
.
[ الفائدة التاسعة ] ـ استحسان استشارة الفتيان كما حدث من الرسول عليه الصلاة والسلام مع علي وأسامة رضي الله عنهم ..
موطن الإستشهاد هو ما جاء في نص الأثر عند البخاري على لسان عائشة رضي الله عنها [ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله ] ..
وقد ذكر ابن حجر رحمه الله في الفتح استئناسا لطيفا عن هذه الفائدة حيث قال رحمه الله :
والعلة في اختصاص علي وأسامة بالمشاورة أن عليا كان عنده كالولد لأنه رباه من حال صغره ثم لم يفارقه , بل وازداد اتصاله بتزويج فاطمة فلذلك كان مخصوصا بالمشاورة فيما يتعلق بأهله لمزيد اطلاعه على أحواله أكثر من غيره ; وكان أهل مشورته فيما يتعلق بالأمور العامة أكابر الصحابة كأبي بكر وعمر . وأما أسامة فهو كعلي في طول الملازمة ومزيد الاختصاص والمحبة , ولذلك كانوا يطلقون عليه أنه حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ; وخصه دون أبيه وأمه لكونه كان شابا كعلي , وإن كان علي أسن منه . وذلك أن للشاب من صفاء الذهن ما ليس لغيره , ولأنه أكثر جرأة على الجواب بما يظهر له من المسن , لأن المسن غالبا يحسب العاقبة فربما أخفى بعض ما يظهر له رعاية للقائل تارة والمسئول عنه أخرى ..
.
[ الفائدة العاشرة ] ـ وجوب إقامة الحد على مستحقيه وإن كانوا من علية القوم ..
موطن الإستشهاد أن حسان بن ثابت رضي الله عنه جُلد لأنه من أهل الإفك رغم علو شأنه ومنزلته في الإسلام رضي الله عنه وأرضاه ..
.
[ الفائدة الحادية عشر ] ـ فضل التحلي بالصبر والتريث في إصدار الحكم ..
موطن الإستشهاد هو قوله تعالى [ ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ] .. ويعضده قول الحق في سورة الحجرات [ يا أيها اللذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ] رغم إختلاف السبب في الموضعين ..
.
[ الفائدة الثانية عشر ] ـ تواضع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ..
موطن الإستشهاد هو ما جاء في نص الأثر عند البخاري على لسانها رضي الله عنها [ والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ] ..
.
[ الفائدة الثالثة عشر ] ـ علو منزلة أمهات المؤمنين عن بقية النساء المسلمات ..
موطن الإستشهاد هو ما أثر عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه في حديثه مع زوجته عن حادثة الإفك حين قالت له بعد حوار بينهما : ولو كنت أنا بدل عائشة رضي الله عنها ما خنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعائشة خير مني وصفوان خير منك ، وكذلك قول الحق تبارك وتعالى في سورة الأحزاب [ يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ] .. ويعضد ذلك أيضا ما رواه النووي في شرح صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لم تزن امرأة نبي من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وهذا إكرام من الله تعالى لهم .
.
[ الفائدة الرابعة عشر ] ـ حرص المنافقين على زعزعة رأي المسلمين وإثارة الفتن ..
موطن الإستشهاد هو ما كان من عبدالله بن أبي بن سلول وحرصه على نشر الخبر وإشاعته ووشايته ..
.
[ الفائدة الخامسة عشر ] ـ كفر من قال بوقوع عائشة المطهرة رضي الله عنها في الزنى لأن في قولهم تكذيب صريح للقرآن ..
موطن الإستشهاد هو قوله تعالى [ وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ] ..
وقد ذكر ابن قدامة المقدسي رحمه الله في لمعة الإعتقاد :
(( أما من قذف أم المؤمنين عائشة بعد نزول براءتها من السماء فهو كافر مكذب للقرآن فيقتل )) ..
كما ذكر الإمام الذهبي رحمه الله في الكبائر :
(( ومن السنة الترضي عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرءات من كل سوء ، أفضلهن خديجة بنت خويلد وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه زوج النبي في الدنيا والآخرة ، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم )) ..
وقال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد :
(( واتفقت الأمة على كفر قاذفها )) ..
وقال السيوطي رحمه الله في الإكليل عند آية [ إن الذين جاؤوا بالإفك ..... ] :
(( نزلت في براءة عائشة رضي الله عنها فيما قذفت به ، فاستدل به الفقهاء على أن قاذفها يقتل لتكذيبه لنص القرآن ، قال العلماء قذف عائشة كفر لأن الله سبح نفسه عند ذكره فقال [ سبحانك هذا بهتان عظيم ] ؛ كما سبح نفسه عن ذكر ما وصفه به المشركون من الزوجة والولد )) ..
وعقوبة قاذفها أن يُقتل مرتدا عن ملة الإسلام ..
وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم في صدد تعداده الفوائد التي اشتمل عليها حديث الإفك :
(( الحادية والأربعون : براءة عائشة من الإفك وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز ، فلو تشكك فيها إنسان - والعياذ بالله - صار كافرا مرتدا بإجماع المسلمين )) ..
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى [ إن الذين يرمون المحصنات ..... ] :
(( وأجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية فإنه كافرٌ لأنه معاندٌ للقرآن )) ..
.
[ الفائدة السادسة عشر ] ـ استحسان الإنفاق على الفقراء والمحتاجين وإن بدر منهم ما يسوء المتصدق ..
موطن الإستشهاد هو قول الله تبارك وتعالى [ ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ] ..
.
[ الفائدة السابعة عشر ] ـ باب التوبة مفتوح لمن أذنب أيا كان ذنبه .. موطن الإستشهاد هو ما جاء في نص الأثر عند البخاري على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يخاطب عائشة رضي الله عنها [ وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه ] ..
.
[ الفائدة الثامنة عشر ] ـ علو منزلة عائشة رضي الله عنها إذ نزل في شأنها وحيا ً يتلى إلى يوم القيامة ..
موطن الإستشهاد هو الآيات العشرة التي وردت في سورة النور وأبتدأها الله بقوله [ إن الذي جاءوا بالإفك عصبة منكم ] وبها تبرئة صريحة لها رضي الله عنها وأرضاها ..
.
[ الفائدة التاسعة عشر ] ـ استحسان سؤال من له صلة بمن اتهم بذنب أو خطيئة ..
موطن الإستشهاد هو سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم للجارية [ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك ] ..
.
[ الفائدة العشرون ] ـ عظم جرم من تحدث بالإفك لأنه تعدى على حرمة بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
موطن الإستشهاد هو ما جاء في نص الأثر عند البخاري على لسانه صلى الله عليه وسلم [ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ] ..
.
.
آمل أن يكون الموضوع قد حاز على إستحسان الجميع ورضاهم ، لا أزعم بأنه مرجع عن الحادثة فتنقصه الكثير من المكملات والأساسيات ، ولكنه جهد بسيط من مبتدئ ٍ يحب رسول الله وأهل رسول الله ويفديهم بأبيه وأمه وبروحه .. يسوءه ويكدر صفوه الغمز واللمز الذي يصدر بين الفينة والأخرى من بعض الطوائف المنتمية للإسلام - زعموا - ، وما يتناقلونه في وسائل إعلامهم المقروءة والمسموعة من زور وظلم وبهتان وتعدٍ سافر على حرمة أشرف بيت على الوجود ، شع منه نور الإسلام وخرجت لنا منه أحكام ديننا ، ولهو أحق بيت بالدفاع عنه وتنزيهه عما يوصم به ..
صلى الله وسلم وبارك على رسولنا الحبيب ، ورضي الله عن أمنا الطاهرة المطهرة عائشة الصديقة بنت الصديق ورضي عن أبيها ، ورزقنا والمسلمين حسن التأدب مع رسول الله ومع صحابته الأخيار ، الذين زكاهم الله من فوق سبع سماوات في وحي يتلى إلى يوم القيامة .. رضي الله عنهم أجمعين .
أترككم جميعا في حفظ ربي ورعايته ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام :: القسم الاسلامي :: القصص الدينية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى