ــ[ أخطاء تقع في الطواف ]ــ
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام :: القسم الاسلامي :: القرآن والسنة
صفحة 1 من اصل 1
ــ[ أخطاء تقع في الطواف ]ــ
ــ( أخطاء تقع في الطواف )ــ
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ابتدأ الطواف من الحجر الأسود
في الركن اليماني الشرقي من البيت، وأنه طاف بجميع البيت من وراء الحجر،
وأنه رمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط في الطواف أول ما قدم من مكة،
وأنه كان في طوافه يستلم الحجر الأسود ويقبله، واستلمه بيده وقبلها،
واستلمه بمحجن كان معه وقبل المحجن وهو راكب على بعيره،
وطاف على بعيره فجعل يُشير إلى الركن - يعني الحجر - كلما مر به.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يستلم الركن اليماني.
واختلاف الصفات في استلام الحجر إنما كان - والله أعلم - حسب السهولة،
فما سهل عليه منها فعله،
وكل ما فعله من الاستلام والتقبيل والإشارة إنما هو تعبد لله تعالى،
وتعظيم له، لا اعتقادَ أن الحجر ينفع أو يضر.
وفي الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقبل الحجر ويقول:
والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك .
والأخطاء التي تكون في الطواف تكون من وجوه:
الأول:النطق بالنية عند إرادة الطواف، فتجد الحاج يقف مستقبلا الحجر إذا أراد الطواف،
فيقول: اللهم إني أطوف سبعة أشواط للعمرة، أو اللهم إني نويت أن أطوف سبعة أشواط للحج،
أو اللهم إني نويت أن أطوف سبعة أشواط تقربًا إليك.
والتلفظ بالنية بدعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولم يأمر أمته به،
وكل من تعبد لله بأمر لم يتعبد به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأمر أمته به،
فقد ابتدع في دين الله ما ليس منه، فالتلفظ بالنية عند الطواف خطأ وبدعة،
وكما أنه خطأ من ناحية الشرع فهو خطأ من ناحية العقل،
فما الداعي إلى أن تتلفظ بالنية مع أن النية بينك وبين ربك،
والله سبحانه وتعالى عالم بما في الصدور وعالم بأنك سوف تطوف هذا الطواف،
وإذا كان الله سبحانه وتعالى عالم بذلك فلا حاجة أن تظهر هذا لعباد الله،
فإن قلت: أنا أقوله بلساني ليطابق ما في قلبي، قلنا: العبادات لا تثبت بالأقيسة.
والنبي صلى الله عليه وسلم قد طاف قبلك ولم يتكلم بالنية عند طوافه،
والصحابة رضي الله عنهم قد طافوا قبلك ولم يتكلموا بالنية عند طوافهم،
ولا عند غيره من العبادات. فهذا خطأ.
الثاني: أن بعض الطائفين يزاحم مزاحمة شديدة عند استلام الحجر والركن اليماني،
مزاحمة يتأذى بها ويؤذي غيره، مزاحمة قد تكون مع امرأة،
وربما ينزغه من الشيطان نزع فتحصل في قلبه شهوة عندما يزاحم هذه المرأة في هذا المقام الضنك،
والإنسان بشر قد تستولي عليه النفس الأمارة بالسوء،
فيقع في هذا الأمر المنكر تحت بيت الله عز وجل،
وهذا أمر يكبر ويعظم باعتبار مكانه كما أنه فتنة في أي مكان كان.
والمزاحمة الشديدة عند استلام الحجر أو الركن اليماني ليست بمشروعة،
بل إن تيسر لك بهدوء فذلك المطلوب، وإن لم يتيسر فإنك تشير إلى الحجر الأسود.
أما الركن اليماني فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشار إليه،
ولا يمكن قياسه على الحجر الأسود؛ لأن الحجر الأسود أعظم منه،
والحجر الأسود ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشار إليه .
والمزاحمة كما أنها غير مشروعة في هذه الحال،
وكما أنه يخشى من الفتنة فيما إذا كان الزحام مع امرأة،
فهي أيضًا تحدث تشويشا في القلب والفكر،
لأن الإنسان لا بد عند المزاحمة من أن يسمع كلاما يكرهه،
فتجده يشعر بامتعاض وغضب على نفسه إذا فارق هذا المحل.
والذي ينبغي للطائف أن يكون دائما في هدوء وطمأنينة،
من أجل أن يستحضر ما هو متلبس به من طاعة الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله .
الثالث: أن بعض الناس يظنون أن الطواف لا يصح بدون تقبيل الحجر،
وأن تقبيل الحجر شرط لصحة الطواف، ولصحة الحج أيضًا أو العمرة، وهذا ظن خطأ،
وتقبيل الحجر سنة وليست سنة مستقلة أيضًا، بل هي سنة للطائف،
ولا أعلم أن تقبيل الحجر يسن في غير الطواف،
وعلى هذا فإذا كان تقبيل الحجر سنة وليس بواجب ولا شرط،
فإن من لم يقبل الحجر لا نقول إن طوافه غير صحيح أو إن طوافه ناقص نقصا يأثم به؛
بل طوافه صحيح؛ بل نقول: إنه إذا كان هناك مزاحمة شديدة، فإن الإشارة أفضل من الاستلام؛
لأنه هو العمل الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم عند الزحام،
ولأن الإنسان يتقي به أذى يكون منه لغيره، أو يكون من غيره له، فلو سألنا سائل وقال:
إن المطاف مزدحم فماذا ترون: هل الأفضل أن أزاحم فأستلم الحجر وأقبله، أم الأفضل أن أشير إليه؟
قلنا: الأفضل أن تشير إليه؛ لأن السنة هكذا جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
الرابع:تقبيل الركن اليماني. وتقبيل الركن اليماني لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
، والعبادة إذا لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي بدعة وليست بقربة،
وعلى هذا فلا يشرع للإنسان أن يقبل الركن اليماني،
لأن ذلك لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وإنما ورد فيه حديث ضعيف لا تقوم به الحجة.
الخامس: بعض الناس عندما يمسح الحجر الأسود أو الركن اليماني يمسحه بيده اليسرى كالمتهاون به،
وهذا خطأ فإن اليد اليمنى أشرف من اليد اليسرى، واليد اليسرى لا تُقدَّم إلا للأذى،
كالاستنجاء بها والاستجمار بها، والامتخاط بها وما أشبه ذلك،
وأما مواضع التقبيل والاحترام، فإنه يكون لليد اليمنى.
السادس: أنهم يظنون أن استلام الحجر والركن اليماني للتبرك لا للتعبد،
فيتمسحون به تبركًا وهذا بلا شك خلاف ما قصد به،
فإن المقصود بالتمسح بالحجر الأسود أو بمسحه وتقبيله تعظيم الله عز وجل،
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استلم الحجر قال: الله أكبر
. إشارة إلى أن المقصود بهذا تعظيم الله عز وجل، وليس المقصود التبرك بمسح هذا الحجر،
ولهذا قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه عند استلامه الحجر:
والله إني لأعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع،
ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك .
هذا الظن الخاطئ من بعض الناس-
وهو أنهم يظنون أن المقصود بمسح الركن اليماني والحجر الأسود التبرك-
أدى ببعضهم إلى أن يأتي بابنه الصغير فيمسح الركن أو الحجر بيده،
ثم يمسح ابنه الصغير أو طفله بيده التي مسح بها الحجر أو الركن اليماني،
وهذا من الاعتقاد الفاسد الذي يجب أن يُنهى عنه، وأن يُبَيَّن للناس أن مثل هذه الأحجار لا تضر ولا تنفع،
وأن المقصود بمسحها تعظيم الله عز وجل وإقامة ذكره، والاقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم.
وننتقل من هذا إلى خطأ يقع أيضًا في المدينة المنورة عند حجرة قبر النبي صلى الله عليه وسلم،
حيث كان بعض العامة يتمسحون بالشباك الذي على الحجرة،
ويمسحون بأيديهم وجوهَهم ورؤوسَهم وصدورَهم، اعتقادا منهم أن في هذا بركة.
وكل هذه الأمور وأمثالها مما لا شرعية فيه، بل هو بدعة ولا ينفع صاحبه بشيء؛
لكن إن كان صاحبه جاهلا ولم يطرأ على باله أنه من البدع،
فيُرجى أن يعفى عنه، وإن كان عالمًا أو متهاونًا لم يسأل عن دينه، فإنه يكون آثما.
فالناس في هذه الأمور التي يفعلونها: إما جاهل جهلاً مطبقًا لا يطرأ بباله أن هذا محرم،
فهذا يُرجى أن لا يكون عليه شيء، وإما عالم متعمد ليَضلَّ ويُضلَّ الناس،
فهذا آثم بلا شك وعليه إثم من اتبعه واقتدى به،
وإما رجل جاهل ومتهاون في سؤال أهل العلم، فيخشى أن يكون آثما بتفريطه وعدم سؤاله.
السابع: الرمل في جميع الأشواط، مع أن المشروع أن يكون الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رمل هو وأصحابه في الأشواط الثلاثة الأولى فقط،
وأما الأربعة الباقية فيمشي على ما هو عليه، على عادته، وكذلك الرمل لا يكون إلا للرجال،
وفي الطواف أول ما يقدم إلى مكة، سواء كان طواف قدوم أو طواف عمرة.
الثامن: أن بعض الناس يخصص كل شوط بدعاء معين،
وهذا من البدع التي لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه،
فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يخص كل شوط بدعاء، ولا أصحابه أيضًا،
وغاية ما في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود:
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وقال صلى الله عليه وسلم:
إنما جعل الطواف بالبيت والصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله .
وتزداد هذه البدع خطأ، إذا حمل الطائف كتيبا، كتب فيه لكل شوط دعاء،
يقرأ هذا الكتيب، ولا يدري ماذا يقول؛ إما لكونه جاهلا باللغة العربية،
ولا يدري ما المعنى، وإما لكونه عربيًا ينطق باللغة العربية ولكنه لا يدري ما يقول،
حتى إننا نسمع بعضهم يدعو بأدعية هي في الواقع مُحرَّفة تحريفًا بينًا،
من ذلك أننا سمعنا من يقول: اللهم أغنني بجلالك عن حرامك، والصواب: بحلالك عن حرامك.
ومن ذلك أيضًا أننا نشاهد بعض الناس يقرأ هذا الكتيب، فإذا انتهى دعاء الشوط وقف ولم يدع في بقية شوطه،
وإذا كان المطاف خفيفًا، وانتهى الشوط قبل انتهاء الدعاء، قطع الدعاء.
ودواء ذلك أن نبين للحجاج، بأن الإنسان في الطواف يدعو بما شاء وبما أحب،
ويذكر الله تعالى بما شاء، فإذا بُيِّن للناس هذا زال الإشكال.
التاسع: وهو خطأ عظيم جدًا؛ أن بعض الناس يدخل في الطواف من باب الحجر،
أي المُحَجَّر الذي على شمال الكعبة، يدخل من باب الحجر، ويخرج من الباب الثاني في أيام الزحام،
يرى أن هذا أقرب وأسهل وهذا خطأ عظيم؛ لأن الذي يفعل ذلك لا يعتبر طائفًا بالبيت،
والله تعالى يقول: وليطوفوا بالبيت العتيق والنبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت من وراء الحجر،
فإذا طاف الإنسان من داخل الحجر، فإنه لا يعتبر طائفا بالبيت، فلا يصح طوافه،
وهذا مسألة خطيرة، لا سيما إذا كان الطواف ركنا، كطواف العمرة وطواف الإفاضة.
ودواء ذلك أن نُبين للحجاج أنه لا يصح الطواف إلا بجميع البيت، ومنه الحجر.
وبهذه المناسبة أود أن أبين أن كثيرًا من الناس يطلقون على هذا الحجر اسم (حجر إسماعيل)،
والحقيقة أن إسماعيل لا يعلم به، وأنه ليس حجرًا له،
وإنما هذا الحجر حصل حين قصرت النفقة على قريش، حين أرادوا بناء الكعبة،
فلم تكف النفقة لبناء الكعبة على قواعد إبراهيم، فحطموا منها هذا الجانب، وحجروه بهذا الجدار،
وسُمِّي حَطيمًا وحجرًا. فليس لإسماعيل فيه أي علم أو أي عمل.
العاشر: أن بعض الناس لا يلتزم بجعل الكعبة عن يساره، فتجده يطوف معه نساؤه،
ويكون قد وضع يده مع زميله لحماية النساء، فتجده يطوف والكعبة خلف ظهره،
وزميله الآخر يطوف والكعبة بين يديه وهذا خطأ عظيم أيضا، لأن أهل العلم يقولون:
من شرط صحة الطواف أن يجعل الكعبة عن يساره، فإذا جعلها خلف ظهره، أو جعلها أمامه،
أو جعلها يمينه وعكس الطواف، فكل هذا طواف لا يصح.
والواجب على الإنسان أن يعتني بهذا الأمر،
وأن يحرص على أن تكون الكعبة عن يساره في جميع طوافه.
ومن الناس من يتكيف في طوافه حال الزحام، فيجعل الكعبة خلف ظهره أو أمامه لبضع خطوات من أجل الزحام،
وهذا خطأ، فالواجب على المرء أن يحتاط لدينه،
وأن يعرف حدود الله تعالى في العبادة قبل أن يتلبس بها، حتى يعبد الله تعالى على بصيرة.
وإنك لتعجب أن الرجل إذا أراد أن يسافر إلى بلد يجهل طريقها،
فإنه لا يسافر إليها حتى يسأل ويبحث عن هذا الطريق، وعن الطريق السهل،
ليصل إليها براحة وطمأنينة، وبدون ضياع أو ضلال، أما في أمور الدين،
فإن كثيرا من الناس- مع الأسف- يتلبس بالعبادة وهو لا يدري حدود الله تعالى فيها،
وهذا من القصور، بل من التقصير، نسأل الله لنا ولإخواننا المسلمين الهداية،
وأن يجعلنا ممن يعلمون حدود ما أنزل الله على رسوله.
الحادي عشر: أن بعض الطائفين يستلم جميع أركان الكعبة الأربعة؟ الحجر الأسود، والركن اليمانى،
والركن الشامي، والركن العراقي، ويزعمون أنهم بذلك يعظمون بيت الله عز وجل؛
بل من الناس من يتعلق بأستار الكعبة من جميع الجوانب، وهذا أيضا من الخطأ،
وذلك لأن المشروع استلام الحجر الأسود وتقبيله إن أمكن، وإلا فالإشارة إليه.
أما الركن اليماني، فالمشروع استلامه بدون تقبيل إن تيسر، فإن لم يتيسر، فلا يشير إليه أيضا؛
لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم. أما استلام الركن العراقي، وهو أول ركن يمر به بعد الحجر الأسود،
والشامي وهو الركن الذي يليه، فهذا من البدع،
وقد أنكر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما على معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه استلام جميع الأركان،
وقال له: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم الركنين اليمانيين،
وقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، فقال معاوية رضي الله عنه: صدقت.
ورجع إلى قول ابن عباس، بعد أن كان رضي الله عنه يستلم الأركان الأربعة ويقول:
ليس شيء من البيت مهجورا
الثاني عشر: رفع الصوت بالدعاء، فإن بعض الطائفين يرفع صوته بالدعاء رفعا مزعجا،
يذهب الخشوع، ويسقط هيبة البيت، ويشوش على الطائفين؛ والتشويش على الناس في عباداتهم أمر منكر،
فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات ليلة وهم يقرءون ويجهرون بالقراءة في صلاتهم
فأخبرهم صلى الله عليه وسلم بأن كل مصل يناجي ربه،
ونهاهم أن يجهر بعضهم على بعض في القراءة، وقال: لا يؤذين بعضكم بعضا .
ولكن بعض الناس- نسأل الله لنا ولهم الهداية- في المطاف يرفعون أصواتهم بالدعاء،
وهذا كما أن فيه المحذورات التي ذكرناها، وهي إذهاب الخشوع، وسقوط هيبة البيت،
والتشويش على الطائفين، فهو مخالف لظاهر قوله تعالى:
ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين
الثالث عشر: ومن الخطأ الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يجتمع جماعة على قائد يطوف بهم
ويلقنهم الدعاء بصوت مرتفع فيتبعه الجماعة بصوت واحد، فتعلو الأصوات،
وتحصل الفوضى، ويتشوش بقية الطائفين، فلا يدرون ما يقولون، وفي هذا إذهاب للخشوع،
وإيذاء لعباد الله في هذا المكان الآمن.
وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وهم يصلون ويجهرون بالقراءة،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن .
ويا حبذا لو أن هذا القائد إذا أقبل بهم على الكعبة وقف بهم وقال: افعلوا كذا، وقولوا كذا،
ادعوا بما تحبون، وصار يمشي معهم في المطاف حتى لا يخطئ منهم أحد، فطافوا بخشوع وطمأنينة،
يدعون ربهم خوفا وطمعا، وتضرعا وخفية بما يحبونه، وما يعرفون معناه ويقصدونه، وسلم الناس من أذاهم.
الرابع عشر: أن بعض الناس يبتدئ من عند باب الكعبة، ولا يبتدئ من الحجر الأسود،
والذي يبتدئ من عند باب الكعبة ويتم طوافه على هذا الأساس ، لا يعتبر متما للطواف؛ لأن الله يقول:
وليطوفوا بالبيت العتيق وقد بدأ النبي صلى الله عليه وسلم من الحجر الأسود وقال للناس:
لتأخذوا عني مناسككم .
وإذا ابتدأ الطواف من عند الباب أو من دون محاذاة الحجر الأسود ولو بقليل،
فإن هذا الشوط الأول الذي ابتدأه يكون ملغيا ؛ لأنه لم يتم، وعليه أن يأتي ببدله إن ذكر قريبا،
وإلا فليعد الطواف من أوله.
والحكومة السعودية - وفقها الله - قد وضعت خطا ينطلق من حذاء قلب الحجر الأسود إلى آخر المطاف،
ليكون علامة على ابتداء الطواف، والناس من بعد وجود هذا الخط صار خطؤهم في هذه الناحية قليلا،
لكنه يوجد من بعض الجهال،
وعلى كل حال فعلى المرء أن ينتبه لهذا الخطأ، لئلا يقع في خطر عظيم من عدم تمام طوافه.
هذه الأخطاء التي سقناها في الطواف نرجو الله سبحانه وتعالى أن يهدي إخواننا المسلمين لإصلاحها،
حتى يكون طوافهم موافقا لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. وليس الدين يؤخذ بالعاطفة والميل،
ولكنه يؤخذ بالتلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حكم الوقوف على الحجر الأسود وتعطيل الطواف
بعض الحجاج إذا جاء إلى هذا الخط الذي وضع علامة على ابتداء الطواف وقف طويلا
وحجر على إخوانه أن يستمروا في الطواف. فما حكم الوقوف على هذا الخط والدعاء الطويل؟
الجواب: الوقوف عند هذا الخط لا يحتمل وقوفا طويلا؛ بل يستقبل الإنسان الحجر ويشير إليه ويكبر ويمشي،
وليس هذا موقفا يطال فيه الوقوف، لكني أرى بعض الناس يقفون ويقولون:
نويت أن أطوف لله تعالى سبعة أشواط، طواف العمرة، أو تطوعا، أو ما أشبه ذلك،
وهذا يرجع إلى الخطأ في النية، وقد نبهنا عليه، وأن التكلم بالنية في العبادات بدعة،
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه؛
فأنت تؤدي العبادة لله سبحانه وتعالى، وهو عالم بنيتك فلا يحتاج إلى أن تجهر بها.
التمسح بالكعبة
في أثناء الطواف يشاهد بعض الناس يمسحون بجدار الكعبة وبكسوتها، وبالمقام والحجر، فما حكم ذلك العمل؟
الجواب: هذا العمل يفعله الناس، يريدون به التقرب إلى الله عز وجل والتعبد له،
وكل عمل تريد به التقرب إلى الله والتعبد له، وليس له أصل في الشرع فإنه بدعة،
حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة .
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح سوى الركن اليماني والحجر الأسود.
وعليه فإذا مسح الإنسان أي ركن من أركان الكعبة أو جهة من جهاتها، غير الركن اليماني والحجر الأسود،
فإنه يعتبر مبتدعا، ولما رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه
يمسح الركنين الشماليين، نهاه، فقال له معاوية رضي الله عنه: ليس شيء من البيت مهجورا،
فقال ابن عباس رضي الله عنهما:
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح الركنين اليمانيين،
يعني الركن اليماني والحجر الأسود، فرجع معاوية رضي الله عنه إلى قول ابن عباس، لقوله تعالى:
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .
ومن باب أولى في البدعة، ما يفعله بعض الناس من التمسح بمقام إبراهيم،
فإن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تمسح في أي جهة من جهات المقام.
وكذلك ما يفعله بعض الناس من التمسح بزمزم، والتمسح بأعمدة الرواق.
وكل ذلك مما لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فكله بدعة، وكل بدعة ضلالة.
التمسك بأستار الكعبة
ما حكم الذين يتمسكون بأستار الكعبة ويدعون طويلا؟
الجواب: هؤلاء أيضا عملهم لا أصل له في السنة، وهو بدعة ينبغي على طالب العلم أن يبين لهم هذا،
وأنه ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم. وأما الالتزام بين الحجر الأسود وبين الكعبة،
فهذا قد ورد عن الصحابة رضي الله عنهم فعله، ولا بأس به، لكن مع المزاحمة والضيق كما يشاهد اليوم،
لا ينبغي للإنسان أن يفعل ما يتأذى به أو يؤذي به غيره، في أمر ليس من الواجبات.
صفة الالتزام
ما صفة هذا الالتزام بين الحجر الأسود والبيت ؟
الجواب: الالتزام وقوف في هذا المكان وإلصاق؛ يلصق الإنسان يديه وذراعيه وخده على هذا الجدار.
التبرك بالكعبة
هل من خصائص مكة أو الكعبة التبرك بأحجارها أو آثارها ؟
الجواب: ليس من خصائص مكة أن يتبرك الإنسان بأشجارها وأحجارها؛ بل من خصائص مكة ألا تعضد،
ولا يحش حشيشها، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، إلا الإذخر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم استثناه ؛
لأنه يكون للبيوت، وقيون الحدادين، وكذلك اللحد في القبر فإنه تسد به شقوق اللبنات،
وعلى هذا فنقول: إن حجارة الحرم أو مكة ليس فيها شيء يتبرك به،
بالتمسح به، أو بنقله إلى البلاد، أو ما أشبه ذلك.
Al_maroof- نائب مدير
- منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي : محتسب وحامد لربي
رد: ــ[ أخطاء تقع في الطواف ]ــ
صفة الالتزام
ما صفة هذا الالتزام بين الحجر الأسود والبيت ؟
Al_maroof- نائب مدير
- منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي : محتسب وحامد لربي
رد: ــ[ أخطاء تقع في الطواف ]ــ
ــ( أخطاء تقع في ركعتي الطواف )ــ
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما فرغ من الطواف تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ:
واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فصلى ركعتين، والمقام بينه وبين الكعبة،
وقرأ في الركعة الأولى الفاتحة و قل يا أيها الكافرون وفي الركعة الثانية الفاتحة و قل هو الله أحد
والأخطاء التي يقع فيها الحجاج في ركعتي الطواف نذكر منها ما يلي:
الأول: أن بعض الناس يظنون أن هاتين الركعتين لا بد أن تكونا خلف المقام،
وقريبا منه أيضا، ولهذا تجدهم يزاحمون زحاما شديدا، ويؤذون الطائفين،
وهم ليس لهم حق في هذا المكان؛ لأن الطائفين أحق به منهم،
ما دام المطاف مزدحما، لأن الطائفين ليس لهم مكان سوى هذا،
وأما المصلون للركعتين بعد الطواف فلهم مكان آخر.
المهم أننا نجد بعض الناس- نسأل الله لنا ولهم الهداية - يتحلقون خلف المقام،
ويشغلون مكانا كبيرا واسعا من أجل رجل واحد أو امرأة واحدة تصلي خلف المقام،
ويحصل في ذلك من قطع الطواف للطائفين وازدحامهم؛ لأنهم يأتون من مكان واسع،
ثم يضيق بهم المكان هنا من أجل هذه الحلقة التي تحلق بها هؤلاء،
فيحصل بذلك ضنك وضيق، وربما يحصل مضاربة ومشاتمة،
وهذا كله إيذاء لعباد الله عز وجل وتحجر لمكان غيرهم به أولى.
وهذا الفعل لا يشك عاقل - عرف مصادر الشريعة ومواردها- أنه محرم،
وأنه لا يجوز، لما فيه من إيذاء المسلمين، وتعريض طواف الطائفين للفساد أحيانا؛
لأن الطائفين- أحيانا- باشتباكهم مع هؤلاء، يجعلون البيت إما خلفهم وإما أمامهم،
مما يخل بشرط من شروط الطواف.
فالخطأ هنا أن بعض الناس يعتقد أنه لا بد أن تكون الركعتان خلف المقام وقريبا منه،
والأمر ليس كما ظن هؤلاء، فالركعتان تجزئان في كل مكان من المسجد،
ويمكن للإنسان أن يجعل المقام بينه وبين البيت، أي : بينه وبين الكعبة ولو كان بعيدا منه،
ويكون بذلك قد حقق السنة، من غير إيذاء للطائفين ولا لغيرهم.
الثاني: أن بعض الناس يطيلهما؛ يطيل القراءة فيهما، ويطيل الركوع والسجود،
والقيام والقعود، وهذا مخالف للسنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخفف هاتين الركعتين،
ويقرأ في الأولى: قل يا أيها الكافرون وفي الثانية: قل هو الله أحد وينصرف من حين أن يسلم؛
تشريعا للأمة، ولئلا يحجز المكان عمن هو أحق به منه،
فإن هذا المكان إنما يكون للذين يصلون ركعتين خلفه بعد الطواف،
أو للطائفين إن ازدحم المطاف، ولهذا يخطئ بعض الناس الذين يطيلون الركعتين خلف المقام،
لمخالفتهم السنة،
وللتضييق على إخوانهم ممن أتموا طوافهم ويريدون أن يصلوا ركعتين خلف المقام.
الثالث: أن بعض الناس إذا أتمهما جعل يدعو؛ يرفع يديه ويدعو دعاء طويلا،
والدعاء بعد الركعتين هنا ليس بمشروع ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعله،
ولا أرشد أمته إليه، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ،
فلا ينبغي للإنسان أن يبقى بعد الركعتين يدعو؛ لأن ذلك خلاف السنة،
ولأنه يؤذي الطائفين إذا كان الطواف مزدحما؛ ولأنه يحجز مكانا غيره أولى به،
ممن أتموا الطواف وأرادوا أن يصلوا في هذا المكان.
الرابع: ومن البدع هنا ما يفعله بعض الناس حيث يقوم عند مقام إبراهيم،
ويدعو دعاء المقام، وهذا الدعاء لا أصل له أبدا في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم،
فهو من البدع التي ينهى عنها، وفيه - مع كونه بدعة،
وكل بدعة ضلالة - أن بعض الناس يمسك كتابا فيه هذا الدعاء،
ويبدأ يدعو به بصوت مرتفع ويؤمن عليه من خلفه، وهذا بدعة إلى بدعة،
وفيه أيضا تشويش على المصلين حول المقام،
والتشويش على المصلين سبق أن بينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه.
وكل هذه الأخطاء التي ذكرناها في الركعتين وبعدهما،
تصويبهما أن يتمسك الإنسان في ذلك بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم،
فإذا تمسكنا به زالت عنا هذه الأخطاء كلها.
الدعاء بعد الركعتين ومسح الوجه
ذكرتم من الأخطاء في ركعتي الطواف أن يدعو الإنسان بعد الركعتين،
وهناك أيضا من يدعو طويلا ثم يمسح وجهه، فهل هذا خاص بركعتي الطواف،
أو يعم جميع السنن التي يصليها الإنسان؟
الجواب: في هذا السؤال مسألتان:
المسألة الأولى: مسح الوجه باليدين بعد الدعاء.
والمسألة الثانية: الدعاء بعد النافلة.
أما الأولى وهي مسح الوجه باليدين بعد الدعاء،
فإنه وردت فيه أحاديث ضعيفة اختلف فيها أهل العلم.
ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن هذه الأحاديث لا تقوم بها حجة،
لأنها ضعيفة مخالفة لظاهر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما،
فإنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء بأحاديث صحيحة، وأنه رفع يديه في ذلك،
ولم يذكر أنه مسح بهما وجهه، وهذا يدل على أنه لم يفعله؛ لأنه لو فعله لتوافرت الدواعي على نقله ونقل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : إن مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء بدعة.
ومن العلماء من يرى أن هذه الأحاديث الضعيفة بمجوعها ترتقي إلى درجة الحسن لغيره
أي : إلى درجة الحديث الحسن لغيره؛ ولأن الطرق الضعيفة إذا كثرت على وجه ينجبر بعضها ببعض،
صارت من قسم الحسن لغيره، ومن هؤلاء ابن حجر العسقلاني في بلوغ المرام.
والذي يظهر لي أن الأولى عدم المسح، أي : عدم مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء؛
لأنه وإن قلنا إن هذا الحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الحسن لغيره،
فإنه يبقى متنه شاذا؛ لأنه مخالف للظاهر من الأحاديث الصحيحة التي وردت بكثرة؛
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الدعاء، ولم يرد أنه مسح بهما وجهه،
وعلى كل حال: فلا أتجاسر على القول بأن ذلك بدعة، ولكني أرى أن الأفضل أن لا يمسح،
ومن مسح فلا ينكر عليه. هذا بالنسبة للفقرة الأولى من سؤالك.
أما بالنسبة للثانية وهي الدعاء بعد النافلة، فإن الدعاء بعد النافلة إن اتخذه الإنسان سنة راتبة،
بحيث يعتقد أن يشرع كلما سلم من نافلة أن يدعو، فهذا أخشى أن يكون بدعة،
لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فما أكثر ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم النفل،
ولم يرد عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو بعده،
ولو كان هذا من المشروع لسنه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، إما بقوله أو بفعله أو بإقراره.
ثم إنه ينبغي أن يعلم أن الإنسان ما دام في صلاته فإنه يناجي ربه،
فكيف يليق بالإنسان أن يدع الدعاء في الحال التي يناجي فيها ربه،
ثم يأخذ في التضرع بعد انصرافه من صلاته وانقطاع مناجاته لله عز وجل في صلاته،
فكان الأولى والأجدر بالإنسان أن يجعل الدعاء قبل السلام ما دام في الحال التي يناجي فيها به،
وهذا المعنى أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو معنى حسن جيد.
فإذا أردت أيها الأخ المسلم أن تدعو الله فاجعل دعاءك قبل السلام؛
لأن هذا هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله في حديث عبد الله بن مسعود
حين ذكر التشهد قال:
ثم يتخير من الدعاء ما شاء ولأنه أليق بحال الإنسان لما أسلفنا
من كونه في حال صلاته يناجي ربه.
Al_maroof- نائب مدير
- منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي : محتسب وحامد لربي
رد: ــ[ أخطاء تقع في الطواف ]ــ
ــ( أخطاء تقع في السعي بين الصفا والمروة )ــ
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حين دنا من الصفا قرأ:
إن الصفا والمروة من شعائر الله ثم رقى عليه حتى رأى الكعبة، فاستقبل القبلة ورفع يديه،
فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو، فوحد الله وكبره وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
له الملك وله الحمد وهو على كل شي قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده،
وهزم الأحزاب وحده، ثم دعا بين ذلك فقال مثل هذا ثلاث مرات،
ثم نزل ماشيًا فلما انصبَّت قدماه في بطن الوادي وهو ما بين العلمين الأخضرين
سعى حتى إذا تجاوزهما مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصَّفا.
أما بالنسبة للأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج في المسعى فيحضرني منها الأخطاء التالية:
الأول: النطق بالنية، فإن بعض الحجاج إذا أقبل على الصفا قال:
إني نويت أن أسعى سبعة أشواط لله تعالى، ويُعيِّن النسك الذي يسعى فيه،
يقول ذلك أحيانًا إذا أقبل على الصفا، وأحيانًا إذا صعد على الصفا،
وقد سبق أن النطق بالنية من البدع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينطق بالنية لا سرًا ولا جهرًا.
وقد قال الله تعالى:
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر
وذكر الله كثيرًا
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها .
وهذا الخطأ يُتلافى بأن يقتصر الإنسان على ما في قلبه من النية،
وهو إنما ينوي لله عز وجل، والله تعالى عليم بذات الصدور.
الثاني: أن بعض الناس إذا صعد على الصفا واستقبل القبلة،
جعل يرفع يديه ويشير بهما كما يفعل ذلك في تكبيرات الصلاة،
أو عند تكبيرات الإحرام والركوع والرفع منه، أو القيام من التشهد،
يرفع هكذا إلى حذو المنكبين ويشير،
وهذا خطأ، فإن الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أنه رفع يديه وجعل يدعو،
وهذا يدل على أن رفع اليدين هنا رفع دعاء، وليس رفعًا كرفع التكبير.
وعليه فينبغي للإنسان إذا صعد الصفا أن يتجه إلى القبلة، ويرفع يديه للدعاء،
ويأتي بالذكر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام،
ويدعو كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثالث: أن بعض الحجاج يمشي بين الصفا والمروة مشيًا واحدًا، مشية المعتاد،
ولا يلتفت إلى السعي الشديد بين العلمين الأخضرين، وهذا خلاف السنة،
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسعى سعيًا شديدًا في هذا المكان، أعني :
في المكان الذي بين العلمين الأخضرين، وهما إلى الصفا أقرب منهما إلى المروة.
فالمشروع للإنسان إذا وصل إلى العلم الأخضر الأول الذي يلي الصفا أن يسعى سعيًا شديدًا بقدر ما يتحمله،
بشرط ألا يتأذى ولا يؤذي أحدًا بذلك، وهذا إنما يكون حينما يكون المسعى خفيفا،
فيسعى بين هذين العلمين ثم يمشي إلى المروة مشيه المعتاد، هذه هي السنة.
الرابع: على العكس من ذلك، فإن بعض الناس إذا كان يسعى تجده يرمل في جميع السعي،
من الصفا إلى المروة، ومن المروة إلى الصفا، فيحصل في ذلك ثلاث مفاسد أو أكثر:
المفسدة الأولى: مخالفة السنة.
المفسدة الثانية: الإشقاق على نفسه،
فإن بعض الناس يجد مشقة شديدة في هذا العمل، لكنه يتحمل على اعتقاده أن ذلك هو السنة،
فتجده يرمل من الصفا إلى المروة، ومن المروة إلى الصفا، وهكذا حتى ينهي سعيه،
ومن الناس من يفعل ذلك؛ لا تحريًا للخير ولكن حبًا للعجلة وإنهاء للسعي بسرعة،
وهذا شر مما قبله، لأن هذا ينبئ عن تبرُّم الإنسان بالعبادة، وملله منها، وحبه الفرار منها،
والذي ينبغي للمسلم أن يكون قلبه مطمئنًا، وصدره منشرحًا بالعبادة،
يحب أن يتأنى فيها على الوجه المشروع الذي جاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
أما أن يفعلها وكأنه يريد الفرار منها، فهذا دليل على نقص إيمانه. وعدم اطمئنانه بالعبادة.
المفسدة الثالثة: أنه يؤذي الساعين، فأحيانًا يصطدم بهم ويؤذيهم، وأحيانًا يكون مضيقًا عليهم ومزاحمًا لهم فيتأذون بذلك.
فنصيحتي لإخواني المسلمين في هذا المقام أن يتأسوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هديه خير الهدي،
وأن يمشوا في جميع الأشواط إلا فيما بين العلمين،
فإنهم يسعون سعيًا شديدًا كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ما لم يتأذوا بذلك أو يؤذوا غيرهم.
الخامس: أن بعض النساء يسعين بين العلمين، أي : يسرعن في المشي بينهما كما يفعل الرجال،
والمرأة لا تسعى، وإنما تمشي المشية المعتادة؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما:
ليس على النساء رمل بالبيت ولا بين الصفا والمروة.
السادس: أن بعض الناس يتلو قوله تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله في كل شوط،
كلما أقبل على الصفا وكلما أقبل على المروة، وهذا خلاف السنة.
فإن السنة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلاوة هذه الآية
أنه تلاها حين دنا من الصفا بعد أن أتم الطواف وركعتي الطواف وخرج إلى المسعى،
فلما دنا من الصفا قرأ: إن الصفا والمروة من شعائر الله ثم قال صلى الله عليه وسلم:
أبدأ بما بدأ الله به إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى أنه إنما جاء ليسعى؛
لأن هذا من شعائر الله عز وجل، وأنه إنما بدأ بالصفا، لأن الله تعالى بدأ به.
فتكون تلاوة هذه الآية مشروعة عند ابتداء السعي، إذا دنا من الصفا،
وليست مشروعة كلما دنا من الصفا في كل شوط، ولا كلما دنا من المروة،
وإذا لم تكن مشروعة فلا ينبغي للإنسان أن يأتي بها إلا في الموضع
الذي أتى بها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
السابع: أن بعض الذين يسعون يخصصون كل شوط بدعاء معين،
وقد سبق أن هذا من البدع، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يخصص كل شوط بدعاء معين،
لا في الطواف ولا في السعي أيضًا،
وإذا كان هذا من البدع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل بدعة ضلالة .
وعليه، فاللائق بالمؤمن أن يدع هذه الأدعية، وأن يشتغل بالدعاء الذي يرغبه ويريده،
ويدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، ويذكر الله، ويقرأ القرآن،
وما أشبه ذلك من الأقوال المقربة إلى الله سبحانه وتعالى، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله .
الثامن: الدعاء من كتاب لا يعرف معناه،
فإن كثيرًا من الكتب التي بأيدي الناس لا يُعرف معناها بالنسبة لحاملها،
وكأنهم يقرءونها تعبُّدًا لله تعالى بتلاوة ألفاظها، لأنهم لا يعرفون المعنى،
ولا سيما إذا كانوا غير عالمين باللغة العربية؛
وهذا من الخطأ أن تدعو الله سبحانه وتعالى بدعاء لا تعرف معناه.
والمشروع لك أن تدعو الله سبحانه وتعالى بدعاء تعرف معناه، وترجو حصوله من الله عز جل،
وعليه فالدعاء بما تريده أنت، بالصيغة التي تريدها ولا تخالف الشرع،
أفضل بكثير من الدعاء بهذه الأدعية التي لا تعرف معناها،
وكيف يمكن لشخص أن يسأل الله تعالى شيئًا وهو لا يدري ماذا يسأله؟
وهل هذا إلا من إضاعة الوقت والجهل؟ ولو شئت لقلت إن هذا من سوء الأدب مع الله عز وجل؛
أن تدعو الله سبحانه وتعالى بأمر لا تدري ما تريد منه.
التاسع: البدء بالمروة، فإن بعض الناس يبدأ بالمروة جهلاً منه،
يظن أن الأمر سواء فيما إذا بدأ من الصفا أو بدأ من المروة،
أو يسوقه تيار الخارجين من المسجد، حتى يكون المروة أقرب إليه من الصفا،
فيبدأ بالمروة جهلا منه، وإذا بدأ الساعي بالمروة فإنه يلغي الشوط الأول،
فلو فرضنا أنه بدأ بالمروة، فأتم سبعة أشواط، فإنه لا يصح منها إلا ستة؛
لأن الشوط الأول يكون مُلغى،
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى وجوب البدء بالصفا حيث قال: أبدأ بما بدأ الله به .
العاشر: أن بعض الناس يعتبر الشوط الواحد من الصفا إلى الصفا،
يظن أنه لا بد من إتمام دورة كاملة، يكون في الطواف من الحجر إلى الحجر،
فيبدأ بالصفا وينتهي إلى المروة ويجعل هذا نصف الشوط لا كله،
فإذا رجع من المروة إلى الصفا، اعتبر هذا شوطًا واحدًا، وعلى هذا فيكون سعيه أربعة عشر شوطًا.
وهذا أيضًا خطأ عظيم وضلال بين، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط،
ولكنه ابتدأ بالصفا واختتم بالمروة، وجعل الذهاب من الصفا إلى المروة شوطًا،
والرجوع من المروة إلى الصفا شوطًا آخر.
وهذا الذي يقع من بعض الحجاج إنما يكون جهلا منهم بالسنة، وتفريطًا منهم في عدم التعلم،
وقد أشرنا مرارًا إلى أنه ينبغي - بل يجب - على المسلم إذا أراد أن يفعل عبادة،
أن يتعلم حدود ما أنزل الله فيها قبل أن يفعلها، وهذا التعلم من فروض الأعيان، لأنه لا يستقيم دين المرء إلا به،
أعني : تعلم حدود ما أنزل الله في عبادة يريد الإنسان أن يفعلها،
هو من فرض الأعيان.
فيجب عليه أن يتعلم حدود ما أنزل الله في هذه العبادة؛ ليعبد الله تعالى على بصيرة.
الحادي عشر: السعي في غير نسك،
يعني أن بعض الناس يتعبد لله تعالى بالسعي بين الصفا والمروة في غير نسك، أي :
في غير حج ولا عمرة، يظن أن التطوع بالسعي مشروع كالتطوع بالطواف، وهذا أيضًا خطأ.
والذي يدلنا على هذا أنك تجد بعض الناس في زمن العمرة - أي : في غير زمن الحج -
يسعى بين الصفا والمروة بدون أن يكون عليه ثياب الإحرام، مما يدل على أنه محل،
فإذا سألته: لماذا تفعل ذلك؟ قال: لأني أتعبد لله عز وجل بالسعي كما أتعبد بالطواف.
وهذا جهل مركب؛ لأنه صار جاهلاً بحكم الله جاهلاً بحاله،
حيث يظن أنه عالم وليس هو بعالم.
أما إذا كان السعي في زمن الحج بعد الوقوف بعرفة، فيمكن أن يسعى الإنسان وعليه ثيابه المعتادة؛
لأنه يتحلل برمي جمرة العقبة يوم العيد وبالحلق أو التقصير،
ثم يلبس ثيابه ويأتي إلى مكة ليطوف ويسعى بثيابه المعتادة.
على كل حال أقول: إن بعض الناس يتعبد لله تعالى بالسعي من غير حج ولا عمرة،
وهذا لا أصل له، بل هو بدعة،
ولا يقع في الغالب إلا من شخص جاهل، لكنه يعتبر من الأخطاء في السعي.
الثاني عشر: التهاون بالسعي على العربة بدون عذر،
فإن بعض الناس يتهاون بذلك ويسعى على العربة بدون عذر،
مع أن كثيرا من أهل العلم قالوا: إن السعي راكبا لا يصح إلا لعذر،
وهذه المسألة مسألة خلاف بين العلماء؛ أي :
هل يشترط في السعي أن يكون الساعي ماشيًا - إلا من عذر - أو لا يشترط؟
ولكن الإنسان ينبغي له أن يحتاط لدينه، وأن يسعى ماشيًا ما دام قادرًا،
فإن عجز فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها،
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة حين قالت
إني أريد أن أطوف وأجدني شاكية. قال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة .
فأذن لها بالركوب في الطواف؛ لأنها مريضة، وهكذا نقول في السعي:
أن الإنسان إذا كان لا يستطيع أو يشق عليه مشقة تتعبه،
فلا حرج عليه أن يسعى على العربة.
Al_maroof- نائب مدير
- منتدي عبير الاسلام
مساهماتي : 14235
نقاطي : 22524
تسجيلي : 30/10/2011
مزاجي : محتسب وحامد لربي
مواضيع مماثلة
» ــ[ ما يقول أثناء الطواف؟ ]ــ
» ـ[ إذا أقيمت الصلاة وهو في الطواف ]ـ
» أخطاء في الإفطار
» أخطاء ترتكبها بالمطبخ
» ـ[ عشرة أخطاء شائعة في قراءة سورة الفاتحة ]ـ
» ـ[ إذا أقيمت الصلاة وهو في الطواف ]ـ
» أخطاء في الإفطار
» أخطاء ترتكبها بالمطبخ
» ـ[ عشرة أخطاء شائعة في قراءة سورة الفاتحة ]ـ
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام :: القسم الاسلامي :: القرآن والسنة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى