معنى شهاده ان محمد رسول الله
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام :: القسم الاسلامي :: سيرة النبي صل الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
معنى شهاده ان محمد رسول الله
سلسلة
معنى شهادة أن محمدا رسول الله
مستفاد في " معظمه "من
( مجلة البحوث الإسلامية )
_ بتصرف وإضافات _
(1)
مقدمة لابد منها:
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْمَحْمُودِ بِكُلِّ لِسَانٍ, اَلْمَعْبُودِ فِي كُلِّ زَمَانٍ, اَلَّذِي لَا يَخْلُو مِنْ عِلْمِهِ مَكَانٌ, وَلَا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ, جَلَّ عَنْ اَلْأَشْبَاهِ وَالْأَنْدَادِ, وَتَنَزَّهَ عَنْ اَلصَّاحِبَةِ وَالْأَوْلَادِ, وَنَفَذَ حُكْمُهُ فِي جَمِيعِ اَلْعِبَادِ, لَا تُمَثِّلُهُ اَلْعُقُولُ بِالتَّفْكِيرِ, وَلَا تَتَوَهَّمُهُ اَلْقُلُوبُ بِالتَّصْوِيرِ, (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير - صلى الله عليه وعلى اله وأصحابه الغُر المغاوير ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً ...
ثم أم بعد ...
لما كانت كلمة الشهادة علما على النطق بالشهادتين معا ، وكانتا متلازمتين لا تنفك إحداهما عن الأخرى ،
كان من الواجب على من أتى بكل منهما أن يعرف ما تدل عليه الكلمة ، ويعتقد ذلك المعنى ، ويطبقه في سيرته ونهجه ،
فلما علم كل مسلم أن ليس المراد من لا إله إلا الله مجرد التلفظ بها ،
فكذلك يقال في قرينتها ،
بل لا بد من التصديق بها والالتزام بمعناها ومقتضاها ،
وهو الاعتقاد الجازم بأنه - صلى الله عليه وسلم –
مرسل من ربه عز وجل ،
قد حمله الله هذه الشريعة كرسالة ،
وكلفه بتبليغها إلى الأمة ،
وفرض على جميع الأمة تقبل رسالته والسير على نهجه ،
فصل في معنى الشهادة لغة
ومعنى الشهادة بادئ ذي بدءٍ
قال الجوهري صاحب الصحاح في اللغة:
الشَهادة: خبَرٌ قاطع...
والمشاهدة: المعاينة.
وشَهِدَهُ شُهوداً، أي حَضَرَه، فهو شاهدٌ. وقومٌ شُهودٌ، أي حُضورٌ... وشَهِد له بكذا شَهادةً، أي أدَّى ما عنده من الشهادة، فهو شاهِدٌ،...
و جاء في مقاييس اللغة لابن فارِس :
(شهد) الشين والهاء والدال أصلٌ يدلُّ على
حضور
وعلم
وإعلام،
لا يخرُج شيءٌ من فروعه عن الذي ذكرناه. من ذلك الشَّهادة، يجمع الأصولَ التي ذكرناها من الحضور، والعلم، والإعلام. يقال شَهد يشهد شهادةً.أهـ
والخلاصة من كلام أهل اللغة:
أن معنى كلمة أشهد :
((أؤدي ما عندي من الخبر القاطع، معلنا ذلك على رؤوس الأشهاد ؛ وأنا حاضر الذهن أني أرى وأعلم علم اليقين المُعَايَن
(أن محمدا رسول الله)
وهذه وحدها تحتاج إلى مزيد بحث،
والبحث في ذلك يحتاج إلى معرفة أمور يحصل بها التأثر والتحقق لأداء هذه الشهادة والانتفاع بها .
الأمر الأول :
أهلية النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذه الرسالة .
وهذا ما نتناوله في الحلقة القادمة
إن كان في العمر بقية
إن شاء رب البرية
معنى شهادة أن محمدا رسول الله
مستفاد في " معظمه "من
( مجلة البحوث الإسلامية )
_ بتصرف وإضافات _
(1)
مقدمة لابد منها:
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْمَحْمُودِ بِكُلِّ لِسَانٍ, اَلْمَعْبُودِ فِي كُلِّ زَمَانٍ, اَلَّذِي لَا يَخْلُو مِنْ عِلْمِهِ مَكَانٌ, وَلَا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ, جَلَّ عَنْ اَلْأَشْبَاهِ وَالْأَنْدَادِ, وَتَنَزَّهَ عَنْ اَلصَّاحِبَةِ وَالْأَوْلَادِ, وَنَفَذَ حُكْمُهُ فِي جَمِيعِ اَلْعِبَادِ, لَا تُمَثِّلُهُ اَلْعُقُولُ بِالتَّفْكِيرِ, وَلَا تَتَوَهَّمُهُ اَلْقُلُوبُ بِالتَّصْوِيرِ, (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير - صلى الله عليه وعلى اله وأصحابه الغُر المغاوير ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً ...
ثم أم بعد ...
لما كانت كلمة الشهادة علما على النطق بالشهادتين معا ، وكانتا متلازمتين لا تنفك إحداهما عن الأخرى ،
كان من الواجب على من أتى بكل منهما أن يعرف ما تدل عليه الكلمة ، ويعتقد ذلك المعنى ، ويطبقه في سيرته ونهجه ،
فلما علم كل مسلم أن ليس المراد من لا إله إلا الله مجرد التلفظ بها ،
فكذلك يقال في قرينتها ،
بل لا بد من التصديق بها والالتزام بمعناها ومقتضاها ،
وهو الاعتقاد الجازم بأنه - صلى الله عليه وسلم –
مرسل من ربه عز وجل ،
قد حمله الله هذه الشريعة كرسالة ،
وكلفه بتبليغها إلى الأمة ،
وفرض على جميع الأمة تقبل رسالته والسير على نهجه ،
فصل في معنى الشهادة لغة
ومعنى الشهادة بادئ ذي بدءٍ
قال الجوهري صاحب الصحاح في اللغة:
الشَهادة: خبَرٌ قاطع...
والمشاهدة: المعاينة.
وشَهِدَهُ شُهوداً، أي حَضَرَه، فهو شاهدٌ. وقومٌ شُهودٌ، أي حُضورٌ... وشَهِد له بكذا شَهادةً، أي أدَّى ما عنده من الشهادة، فهو شاهِدٌ،...
و جاء في مقاييس اللغة لابن فارِس :
(شهد) الشين والهاء والدال أصلٌ يدلُّ على
حضور
وعلم
وإعلام،
لا يخرُج شيءٌ من فروعه عن الذي ذكرناه. من ذلك الشَّهادة، يجمع الأصولَ التي ذكرناها من الحضور، والعلم، والإعلام. يقال شَهد يشهد شهادةً.أهـ
والخلاصة من كلام أهل اللغة:
أن معنى كلمة أشهد :
((أؤدي ما عندي من الخبر القاطع، معلنا ذلك على رؤوس الأشهاد ؛ وأنا حاضر الذهن أني أرى وأعلم علم اليقين المُعَايَن
(أن محمدا رسول الله)
وهذه وحدها تحتاج إلى مزيد بحث،
والبحث في ذلك يحتاج إلى معرفة أمور يحصل بها التأثر والتحقق لأداء هذه الشهادة والانتفاع بها .
الأمر الأول :
أهلية النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذه الرسالة .
وهذا ما نتناوله في الحلقة القادمة
إن كان في العمر بقية
إن شاء رب البرية
مصرية وافتخر- فرسان لهم بصمات
- مساهماتي : 1167
نقاطي : 1880
تسجيلي : 10/12/2011
رد: معنى شهاده ان محمد رسول الله
معنى شهادة
(أن محمدا رسول الله)
الحلقة الثانية
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْمَحْمُودِ بِكُلِّ لِسَانٍ, اَلْمَعْبُودِ فِي كُلِّ زَمَانٍ،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الغُر المغاوير ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...أما بعد...،
قلت (أبو أنس): والخلاصة من كلام أهل اللغة أن معنى كلمة أشهد :
((أؤدي ما عندي من الخبر القاطع، معلنا ذلك على رؤوس الأشهاد ؛ وأنا حاضر الذهن أني أرى وأعلم علم اليقين المُعَايَن
(أن محمدا رسول الله)
قلت : وهذه وحدها تحتاج إلى بحث
والبحث في ذلك يحتاج إلى معرفة أمور يحصل بها التأثر والتحقق لأداء هذه الشهادة والانتفاع بها.
الأمر الأول :
أهلية النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذه الرسالة.
قال الله تعالى:
(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ )
(سورة القصص الآية 68)
وقال تعالى :
(اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)
(سورة الأنعام الآية 124)
وقال تعالى:
(وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ )
(سورة ص الآية 47)
ونحو هذه الآيات التي تفيدنا بأن رسل الله من البشر الذين فضلهم واجتباهم وطهرهم، حتى أصبحوا أهلا لحمل رسالته، وأمناء على شرعه ودينه ، ووسطاء بينه وبين عباده (أقصد بالطبع أنهم وسطاء في تبليغ الوحي)،
وقد ذكر الله عن بعض الأمم المكذبة للرسل
أنهم قالوا لرسلهم
( إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا)
(سورة إبراهيم الآية 10)
فكان جواب الرسل
(إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ
وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ)
(سورة إبراهيم الآية 11)
وحيث أن نبينا محمدا - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم الرسل وأفضلهم ، وقد خصه بما لم يحصل لغيره ممن قبله ،
فإنه بلا شك على جانب كبير من هذا الاصطفاء والاختيار الذي أصبح به مرسلا إلى عموم الخلق من الجن والإنس ،
وقد قال الله تعالى له:
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)
(سورة القلم الآية 4 )
وفي صحيح مسلم
عن عائشة - رضي الله عنها –
قالت :
(كان خلقه القرآن )
تعني أنه يطبق ما فيه من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال التي يشهد بحسنها وملاءمتها كل عاقل،
فلقد كان قبل نزول الوحي عليه على جانب كبير عن الأمانة والصدق والوفاء والعفاف ونحوها حتى كان أهل مكة يعرفونه بالصادق الأمين،
وقد تضاعفت وتمكنت فيه تلك الأخلاق بعد النبوة، فكان يتحلى بأعظم درجات الكرم والجود والحلم والصبر، والمروءة والشكر، والعدل والنزاهة، والتواضع والشجاعة. . . إلخ،
كما يوجد ذلك مدونا بأمثلة رائعة في كتب السيرة والتأريخ ، ولا يخالف في ذلك إلا من أنكر المحسوسات.
وهكذا كان - صلى الله عليه وسلم –
مبرءا عن النقائص
ومساوئ الأخلاق التي تزيل الحشمة ،
وتسقط المروءة ،
وتلحق بفاعلها الإزراء والخسة ،
كالبخل
والشح،
والظلم،
والجور،
والكبر،
والكذب،
والجبن،
والعجز،
والكسل،
والسرقة،
والخيانة
ونحوها.
هذا ما تيسر
وبالله التوفيق والعصمة من الزلل
وإلى حلقة قادمة بإذن الله
مع
الأمر الثاني
فيما بتعلق بالأمور التي يحصل بها التأثر والتحقق لأداء هذه الشهادة والانتفاع بها.
وهو
عصمته – صلى الله عليه وسلم - من الخطايا
(أن محمدا رسول الله)
الحلقة الثانية
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْمَحْمُودِ بِكُلِّ لِسَانٍ, اَلْمَعْبُودِ فِي كُلِّ زَمَانٍ،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الغُر المغاوير ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...أما بعد...،
قلت (أبو أنس): والخلاصة من كلام أهل اللغة أن معنى كلمة أشهد :
((أؤدي ما عندي من الخبر القاطع، معلنا ذلك على رؤوس الأشهاد ؛ وأنا حاضر الذهن أني أرى وأعلم علم اليقين المُعَايَن
(أن محمدا رسول الله)
قلت : وهذه وحدها تحتاج إلى بحث
والبحث في ذلك يحتاج إلى معرفة أمور يحصل بها التأثر والتحقق لأداء هذه الشهادة والانتفاع بها.
الأمر الأول :
أهلية النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذه الرسالة.
قال الله تعالى:
(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ )
(سورة القصص الآية 68)
وقال تعالى :
(اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)
(سورة الأنعام الآية 124)
وقال تعالى:
(وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ )
(سورة ص الآية 47)
ونحو هذه الآيات التي تفيدنا بأن رسل الله من البشر الذين فضلهم واجتباهم وطهرهم، حتى أصبحوا أهلا لحمل رسالته، وأمناء على شرعه ودينه ، ووسطاء بينه وبين عباده (أقصد بالطبع أنهم وسطاء في تبليغ الوحي)،
وقد ذكر الله عن بعض الأمم المكذبة للرسل
أنهم قالوا لرسلهم
( إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا)
(سورة إبراهيم الآية 10)
فكان جواب الرسل
(إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ
وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ)
(سورة إبراهيم الآية 11)
وحيث أن نبينا محمدا - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم الرسل وأفضلهم ، وقد خصه بما لم يحصل لغيره ممن قبله ،
فإنه بلا شك على جانب كبير من هذا الاصطفاء والاختيار الذي أصبح به مرسلا إلى عموم الخلق من الجن والإنس ،
وقد قال الله تعالى له:
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)
(سورة القلم الآية 4 )
وفي صحيح مسلم
عن عائشة - رضي الله عنها –
قالت :
(كان خلقه القرآن )
تعني أنه يطبق ما فيه من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال التي يشهد بحسنها وملاءمتها كل عاقل،
فلقد كان قبل نزول الوحي عليه على جانب كبير عن الأمانة والصدق والوفاء والعفاف ونحوها حتى كان أهل مكة يعرفونه بالصادق الأمين،
وقد تضاعفت وتمكنت فيه تلك الأخلاق بعد النبوة، فكان يتحلى بأعظم درجات الكرم والجود والحلم والصبر، والمروءة والشكر، والعدل والنزاهة، والتواضع والشجاعة. . . إلخ،
كما يوجد ذلك مدونا بأمثلة رائعة في كتب السيرة والتأريخ ، ولا يخالف في ذلك إلا من أنكر المحسوسات.
وهكذا كان - صلى الله عليه وسلم –
مبرءا عن النقائص
ومساوئ الأخلاق التي تزيل الحشمة ،
وتسقط المروءة ،
وتلحق بفاعلها الإزراء والخسة ،
كالبخل
والشح،
والظلم،
والجور،
والكبر،
والكذب،
والجبن،
والعجز،
والكسل،
والسرقة،
والخيانة
ونحوها.
هذا ما تيسر
وبالله التوفيق والعصمة من الزلل
وإلى حلقة قادمة بإذن الله
مع
الأمر الثاني
فيما بتعلق بالأمور التي يحصل بها التأثر والتحقق لأداء هذه الشهادة والانتفاع بها.
وهو
عصمته – صلى الله عليه وسلم - من الخطايا
مصرية وافتخر- فرسان لهم بصمات
- مساهماتي : 1167
نقاطي : 1880
تسجيلي : 10/12/2011
رد: معنى شهاده ان محمد رسول الله
معنى شهادة
(أن محمدا رسول الله)
الأمر الثاني :
عصمته من الخطايا
اتفقت الأمة على أن الأنبياء معصومون من كبائر الذنوب ،
لمنافاتها للاجتباء والاصطفاء ،
ولأن الله حملهم رسالته إلى البشر ،
فلا بد أن يكونوا قدوة لأممهم ،
وكلفهم أن يحذروا الناس من مفارقة الكفر والذنوب ،
والفسوق والمعاصي ،
فلو وقع منهم ظاهرا شيء من هذه الخطايا
لتسلط أعداؤهم بذلك على القدح فيهم ،
والطعن في شريعتهم ،
وذلك ينافي حكمة الله تعالى ،
فكان من رحمته أن حفظهم من فعل شيء من هذه المخالفات ،
وكلفهم بالنهي عنها ، وبيان سوء مغبتها ،
كما جعلهم قدوة وأسوة
في الزهد والتقلل من شهوات الدنيا
التي تشغل عن الدار الآخرة ،
أرجو من الأخوة و الأخوات التنبه لهذه الكلمات جيدا
(بالله عليكم)
فأما صغائر الذنوب فقد تقع من أحدهم على وجه الاجتهاد،
ولكن لا يقرون عليها، فلا تكون قادحة في العدالة،
ولا منافية للنبوة،
وإنما هي أمارة على أنهم بشر لم يصل أحدهم إلى علم الغيب،
ولا يصلح أن يمنح شيء من صفات الربوبية .
وقد ذكر المفسرون وأهل العلم بعضا مما وقع من ذلك،
كقوله تعالى :
سورة الأنعام الآية 52
(وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)
وقوله سورة الإسراء الآية 73
(كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا )
وفي
سورة الإسراء الآية 74
(وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا)
ونحو تلك الوقائع إلى فعلها اجتهادا
لما يؤمله من مصلحة ظاهره علم الله تعالى أنها لا تتحقق ،
فأما المعاصي والذنوب
فإن الله تعالى حماه من فعلها أو إقرارها
لمنافاة ذلك لصفات الرسالة والاختيار ،
ولمخالفة ما ورد عنه من التحذير عن الكفر والفسوق والعصيان،
فأما تبليغ ما أوصي إليه من الشرع
فقد ذكر العلماء المحققون اتفاق الأمة على عصمته
بل وعصمة الأنبياء فيما يبلغونه عن الله تعالى من الوحي والتشريع
بل إن الله جل ذكره قد عصمه قبل النبوة عن الشرك والخنا ونحو ذلك
. فقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم -
قال : ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به . . . وما هممت بسوء حتى أكرمني الله برسالته
ذكره القاضي عياض في كتاب الشفا انظر كتاب الشفاء 1 / 100 . وغيره ،
وقال ابن إسحاق في السيرة :
فشب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلؤه الله ويحفظه ويحوطه من أقذار الجاهلية ومعائبها ،
لما يريد به من كرامته ورسالته وهو على دين قومه ،
حتى بلغ أن كان رجلا أفضل قومه مروءة ،
وأحسنهم خلقا ،
وأكرمهم مخالطة ،
وأحسنهم جوالا ،
وأعظمهم خلقا ،
وأصدقهم أمانة
وأبعدهم من الفحش والأخلاق
التي تدنس الرجال تنزها وتكرما،
حتى ما اسمه في قومه إلا الأمين ،
لما جمع الله به في صغره وأمر جاهليته .
من السيرة مع الروض الأنف 2 / 219 .
هذا ما تيسر مختصرا من فضل الله
وللحديث بقية إن شاء الله
مع
الأمر الثالث : عموم رسالته .
(أن محمدا رسول الله)
الأمر الثاني :
عصمته من الخطايا
اتفقت الأمة على أن الأنبياء معصومون من كبائر الذنوب ،
لمنافاتها للاجتباء والاصطفاء ،
ولأن الله حملهم رسالته إلى البشر ،
فلا بد أن يكونوا قدوة لأممهم ،
وكلفهم أن يحذروا الناس من مفارقة الكفر والذنوب ،
والفسوق والمعاصي ،
فلو وقع منهم ظاهرا شيء من هذه الخطايا
لتسلط أعداؤهم بذلك على القدح فيهم ،
والطعن في شريعتهم ،
وذلك ينافي حكمة الله تعالى ،
فكان من رحمته أن حفظهم من فعل شيء من هذه المخالفات ،
وكلفهم بالنهي عنها ، وبيان سوء مغبتها ،
كما جعلهم قدوة وأسوة
في الزهد والتقلل من شهوات الدنيا
التي تشغل عن الدار الآخرة ،
أرجو من الأخوة و الأخوات التنبه لهذه الكلمات جيدا
(بالله عليكم)
فأما صغائر الذنوب فقد تقع من أحدهم على وجه الاجتهاد،
ولكن لا يقرون عليها، فلا تكون قادحة في العدالة،
ولا منافية للنبوة،
وإنما هي أمارة على أنهم بشر لم يصل أحدهم إلى علم الغيب،
ولا يصلح أن يمنح شيء من صفات الربوبية .
وقد ذكر المفسرون وأهل العلم بعضا مما وقع من ذلك،
كقوله تعالى :
سورة الأنعام الآية 52
(وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)
وقوله سورة الإسراء الآية 73
(كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا )
وفي
سورة الإسراء الآية 74
(وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا)
ونحو تلك الوقائع إلى فعلها اجتهادا
لما يؤمله من مصلحة ظاهره علم الله تعالى أنها لا تتحقق ،
فأما المعاصي والذنوب
فإن الله تعالى حماه من فعلها أو إقرارها
لمنافاة ذلك لصفات الرسالة والاختيار ،
ولمخالفة ما ورد عنه من التحذير عن الكفر والفسوق والعصيان،
فأما تبليغ ما أوصي إليه من الشرع
فقد ذكر العلماء المحققون اتفاق الأمة على عصمته
بل وعصمة الأنبياء فيما يبلغونه عن الله تعالى من الوحي والتشريع
بل إن الله جل ذكره قد عصمه قبل النبوة عن الشرك والخنا ونحو ذلك
. فقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم -
قال : ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به . . . وما هممت بسوء حتى أكرمني الله برسالته
ذكره القاضي عياض في كتاب الشفا انظر كتاب الشفاء 1 / 100 . وغيره ،
وقال ابن إسحاق في السيرة :
فشب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلؤه الله ويحفظه ويحوطه من أقذار الجاهلية ومعائبها ،
لما يريد به من كرامته ورسالته وهو على دين قومه ،
حتى بلغ أن كان رجلا أفضل قومه مروءة ،
وأحسنهم خلقا ،
وأكرمهم مخالطة ،
وأحسنهم جوالا ،
وأعظمهم خلقا ،
وأصدقهم أمانة
وأبعدهم من الفحش والأخلاق
التي تدنس الرجال تنزها وتكرما،
حتى ما اسمه في قومه إلا الأمين ،
لما جمع الله به في صغره وأمر جاهليته .
من السيرة مع الروض الأنف 2 / 219 .
هذا ما تيسر مختصرا من فضل الله
وللحديث بقية إن شاء الله
مع
الأمر الثالث : عموم رسالته .
مصرية وافتخر- فرسان لهم بصمات
- مساهماتي : 1167
نقاطي : 1880
تسجيلي : 10/12/2011
رد: معنى شهاده ان محمد رسول الله
الأمر الثالث :
عموم رسالته .
قال السادة العلماء:
اختص محمد - صلى الله عليه وسلم - دون الأنبياء بخصائص كثيرة
ذكر بعضها في حديث جابر المتفق عليه بقوله : أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي ، نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة )
صحيح البخاري التيمم (328),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (521),سنن النسائي الغسل والتيمم (432),مسند أحمد بن حنبل (3/304),سنن الدارمي الصلاة (1389).
وقال - صلى الله عليه وسلم - : (بعثت إلى الأسود والأحمر )
رواه مسلم هو في صحيحه مع شرح النووي 5 / 3 .
وعلى هذا فإن على جميع البشر أن يتبعوه ويطيعوه ، فإنهم جميعا من أمته أمة الدعوة ،
وقد قال الله تعالى:
( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا أي للناس كافة )
سورة سبأ الآية 28
وقال تعالى :
(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا)
سورة الأعراف الآية 158
وقد وردت الخطابات في القرآن لعموم الناس
كقوله تعالى :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ )
سورة البقرة الآية 21
وقال تعالى :
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ )
سورة النساء الآية 170
وقال تعالى :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا)
سورة النساء الآية 174
فالإشارة إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به من ربه ،
فهذه النصوص تبين
أن جميع البشر مكلفون باتباع رسالته ، وملزمون بطاعته ،
وقد اشتهر أيضا أنه - صلى الله عليه وسلم –
مبعوث إلى الجن كما بعث إلى الإنس ،
واستدل لذلك بقوله تعالى :
( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ )
سورة الأحقاف الآية 29
إلى قوله تعالى :
(يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَءَامِنُوا بِهِ)
الآيات سورة الأحقاف الآية 31
وكذا قوله تعالى :
( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا سورة الجن الآية 2 يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ )
سورة الجن الآية 1
وقد زعم اليهود والنصارى
لعنهم الله
أن رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم –
خاصة بالعرب ،
وذلك بعد أن اطمأنوا إلى صحة رسالته ،
وما تأيد به من المعجزات ،
وما حصل له من الأتباع ،
فلم يجدوا بدا من التصديق بأنه مرسل من ربه ،
ولكن حملهم الكبر
وحب المناصب
والمكاسب على ترك اتباعه ،
وقد اعترفوا بأن ما أنزل إليه فهو وحي من الله تعالى لصدقه وصحة رسالته ،
ومع ذلك لم يتقبلوا ما فيه من الأوامر الموجهة إليهم
كقوله تعالى :
( وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ سورة البقرة الآية 42 وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )
سورة البقرة الآية 41
ونحو ذلك من الآيات .
هذا ما تيسر مختصرا من فضل الله
وللحديث بقية إن شاء الله
مع
الأمر الرابع : تبليغه الرسالة :
عموم رسالته .
قال السادة العلماء:
اختص محمد - صلى الله عليه وسلم - دون الأنبياء بخصائص كثيرة
ذكر بعضها في حديث جابر المتفق عليه بقوله : أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي ، نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة )
صحيح البخاري التيمم (328),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (521),سنن النسائي الغسل والتيمم (432),مسند أحمد بن حنبل (3/304),سنن الدارمي الصلاة (1389).
وقال - صلى الله عليه وسلم - : (بعثت إلى الأسود والأحمر )
رواه مسلم هو في صحيحه مع شرح النووي 5 / 3 .
وعلى هذا فإن على جميع البشر أن يتبعوه ويطيعوه ، فإنهم جميعا من أمته أمة الدعوة ،
وقد قال الله تعالى:
( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا أي للناس كافة )
سورة سبأ الآية 28
وقال تعالى :
(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا)
سورة الأعراف الآية 158
وقد وردت الخطابات في القرآن لعموم الناس
كقوله تعالى :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ )
سورة البقرة الآية 21
وقال تعالى :
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ )
سورة النساء الآية 170
وقال تعالى :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا)
سورة النساء الآية 174
فالإشارة إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به من ربه ،
فهذه النصوص تبين
أن جميع البشر مكلفون باتباع رسالته ، وملزمون بطاعته ،
وقد اشتهر أيضا أنه - صلى الله عليه وسلم –
مبعوث إلى الجن كما بعث إلى الإنس ،
واستدل لذلك بقوله تعالى :
( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ )
سورة الأحقاف الآية 29
إلى قوله تعالى :
(يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَءَامِنُوا بِهِ)
الآيات سورة الأحقاف الآية 31
وكذا قوله تعالى :
( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا سورة الجن الآية 2 يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ )
سورة الجن الآية 1
وقد زعم اليهود والنصارى
لعنهم الله
أن رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم –
خاصة بالعرب ،
وذلك بعد أن اطمأنوا إلى صحة رسالته ،
وما تأيد به من المعجزات ،
وما حصل له من الأتباع ،
فلم يجدوا بدا من التصديق بأنه مرسل من ربه ،
ولكن حملهم الكبر
وحب المناصب
والمكاسب على ترك اتباعه ،
وقد اعترفوا بأن ما أنزل إليه فهو وحي من الله تعالى لصدقه وصحة رسالته ،
ومع ذلك لم يتقبلوا ما فيه من الأوامر الموجهة إليهم
كقوله تعالى :
( وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ سورة البقرة الآية 42 وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )
سورة البقرة الآية 41
ونحو ذلك من الآيات .
هذا ما تيسر مختصرا من فضل الله
وللحديث بقية إن شاء الله
مع
الأمر الرابع : تبليغه الرسالة :
مصرية وافتخر- فرسان لهم بصمات
- مساهماتي : 1167
نقاطي : 1880
تسجيلي : 10/12/2011
رد: معنى شهاده ان محمد رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قلت:
وقد زعم اليهود والنصارى
لعنهم الله
أن رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم –
خاصة بالعرب ،
وذلك بعد أن اطمأنوا إلى صحة رسالته ،
وما تأيد به من المعجزات ،
وما حصل له من الأتباع ،
فلم يجدوا بدا من التصديق بأنه مرسل من ربه ،
ولكن حملهم الكبر
وحب المناصب
والمكاسب على ترك اتباعه ،
وقد اعترفوا بأن ما أنزل إليه فهو وحي من الله تعالى لصدقه وصحة رسالته ،
ومع ذلك لم يتقبلوا ما فيه من الأوامر الموجهة إليهم
كقوله تعالى :
( وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ سورة البقرة الآية 42 وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )
سورة البقرة الآية 41
قلت:
وقد زعم اليهود والنصارى
لعنهم الله
أن رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم –
خاصة بالعرب ،
وذلك بعد أن اطمأنوا إلى صحة رسالته ،
وما تأيد به من المعجزات ،
وما حصل له من الأتباع ،
فلم يجدوا بدا من التصديق بأنه مرسل من ربه ،
ولكن حملهم الكبر
وحب المناصب
والمكاسب على ترك اتباعه ،
وقد اعترفوا بأن ما أنزل إليه فهو وحي من الله تعالى لصدقه وصحة رسالته ،
ومع ذلك لم يتقبلوا ما فيه من الأوامر الموجهة إليهم
كقوله تعالى :
( وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ سورة البقرة الآية 42 وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )
سورة البقرة الآية 41
مصرية وافتخر- فرسان لهم بصمات
- مساهماتي : 1167
نقاطي : 1880
تسجيلي : 10/12/2011
رد: معنى شهاده ان محمد رسول الله
الأمر الرابع :
تبليغه الرسالة :
قال الله تعالى :
في سورة المائدة الآية 67
((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ))
وهذا تكليف من ربه تعالى ، فلا بد من حصوله مع أن هذا هو وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - من جملتهم ،
وقد قال تعالى :
في سورة الشورى / الآية 48
((إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ))
وقال :
في سورة النور / الآية 54
((وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ))
وقد شهد له صحابته - رضي الله عنهم -
بهذا البلاغ والبيان ،
فيقول أبو ذر - رضي الله عنه - :
" توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما طائر يقلب جناحيه إلا ذكر لنا منه علما "
ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في أول الحموية وهو في مسند أحمد 5 / 263 وغيره .
وروى أحمد وابن ماجه عنه - صلى الله عليه وسلم - قال : لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك "
وفي صحيح مسلم وغيره
عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه له"م
صحيح مسلم الإمارة (1844),سنن النسائي البيعة (4191),سنن ابن ماجه الفتن (3956),مسند أحمد بن حنبل (2/191).
وقد اشتهر أنه - صلى الله عليه وسلم -
بدأ بدعوة أهل بلده وقومه ،
ثم بدعوة العرب في أنحاء الجزيرة ،
ثم بمن وراءهم ،
فكان يرسل الرسل إلى القبائل في البوادي والقرى للدعوة إلى الله وقبول هذه الرسالة ،
ثم بعث الدعاة إلى اليمن والبحرين وغيرهما ،
ثم بعث كتبا تتضمن الدعوة إلى هذه الشريعة إلى ملوك الفرس والروم وغيرهم ،
فما توفي حتى انتشرت دعوته ،
واشتهر أمره عند القريب والبعيد
قال الله تعالى:
(( فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ))
سورة النحل / الآية 36
وهكذا قام صحابته من بعده بالدعوة إلى دينه ،
وقتال من أبى وامتنع من قبولها ،
حتى يدخل في الإسلام أو يعطي الجزية ،
ويلتزم الذل والصغار ،
حتى بلغت هذه الدعوة أقطار الأرض في أقصر مدة ،
كما ذكر في كتب التاريخ ،
ومع ذلك فإن من كان نائيا في طرف البلاد وقدر أنه لم يسمع بهذه الشريعة أصلا
فإن له حكم أهل الفترات ،
وهو مع ذلك مكلف بأن يبحث وينقب عن الدين الذي خلق له وما يدين به الناس حوله .
هذا ما تيسر مختصرا من فضل الله
وللحديث بقية إن شاء الله
مع
الأمر الخامس : ختم النبوة :
تبليغه الرسالة :
قال الله تعالى :
في سورة المائدة الآية 67
((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ))
وهذا تكليف من ربه تعالى ، فلا بد من حصوله مع أن هذا هو وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - من جملتهم ،
وقد قال تعالى :
في سورة الشورى / الآية 48
((إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ))
وقال :
في سورة النور / الآية 54
((وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ))
وقد شهد له صحابته - رضي الله عنهم -
بهذا البلاغ والبيان ،
فيقول أبو ذر - رضي الله عنه - :
" توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما طائر يقلب جناحيه إلا ذكر لنا منه علما "
ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في أول الحموية وهو في مسند أحمد 5 / 263 وغيره .
وروى أحمد وابن ماجه عنه - صلى الله عليه وسلم - قال : لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك "
وفي صحيح مسلم وغيره
عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه له"م
صحيح مسلم الإمارة (1844),سنن النسائي البيعة (4191),سنن ابن ماجه الفتن (3956),مسند أحمد بن حنبل (2/191).
وقد اشتهر أنه - صلى الله عليه وسلم -
بدأ بدعوة أهل بلده وقومه ،
ثم بدعوة العرب في أنحاء الجزيرة ،
ثم بمن وراءهم ،
فكان يرسل الرسل إلى القبائل في البوادي والقرى للدعوة إلى الله وقبول هذه الرسالة ،
ثم بعث الدعاة إلى اليمن والبحرين وغيرهما ،
ثم بعث كتبا تتضمن الدعوة إلى هذه الشريعة إلى ملوك الفرس والروم وغيرهم ،
فما توفي حتى انتشرت دعوته ،
واشتهر أمره عند القريب والبعيد
قال الله تعالى:
(( فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ))
سورة النحل / الآية 36
وهكذا قام صحابته من بعده بالدعوة إلى دينه ،
وقتال من أبى وامتنع من قبولها ،
حتى يدخل في الإسلام أو يعطي الجزية ،
ويلتزم الذل والصغار ،
حتى بلغت هذه الدعوة أقطار الأرض في أقصر مدة ،
كما ذكر في كتب التاريخ ،
ومع ذلك فإن من كان نائيا في طرف البلاد وقدر أنه لم يسمع بهذه الشريعة أصلا
فإن له حكم أهل الفترات ،
وهو مع ذلك مكلف بأن يبحث وينقب عن الدين الذي خلق له وما يدين به الناس حوله .
هذا ما تيسر مختصرا من فضل الله
وللحديث بقية إن شاء الله
مع
الأمر الخامس : ختم النبوة :
مصرية وافتخر- فرسان لهم بصمات
- مساهماتي : 1167
نقاطي : 1880
تسجيلي : 10/12/2011
رد: معنى شهاده ان محمد رسول الله
أقول بعد حمد الله والصلاة و السلام على رسوله ومن والاه :
تحدثنا في الحلقات السابقة عن أربعة أمور في معنى شهادة أن محمدا رسول الله أذكر نفسي وإياكم بها مختصرة فإن كثرة الكلام تُنسي بعضه بعضا ،
فقلت في المقدمة:
... فلما علم كل مسلم أن ليس المراد من لا إله إلا الله مجرد التلفظ بها ،
فكذلك يُقال في قرينتها ، بل لا بد من التصديق بها والالتزام بمعناها ومقتضاها ، وهو الاعتقاد الجازم بأنه - صلى الله عليه وسلم – مرسل من ربه عز وجل ، قد حمله الله هذه الشريعة كرسالة ، وكلفه بتبليغها إلى الأمة ، وفرض على جميع الأمة تقبل رسالته والسير على نهجه ،
وقلت أن مقتضى هذه الشهادة توجب على المسلم الإيمان بعدة أمور منها:
الأمر الأول : أهلية النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذه الرسالة .
فهو خاتم الرسل وأفضلهم ، وقد خصه الله بما لم يحصل لغيره ممن قبله ، فإنه بلا شك على جانب كبير من هذا الاصطفاء والاختيار الذي أصبح به مرسلا إلى عموم الخلق من الجن والإنس ، مبرءا عن النقائص ومساوئ الأخلاق التي تزيل الحشمة ، وتسقط المروءة ، وتلحق بفاعلها الإزراء والخسة ،
الأمر الثاني : عصمته من الخطايا
اتفقت الأمة على أن الأنبياء معصومون من كبائر الذنوب ، لمنافاتها للاجتباء والاصطفاء ، فلو وقع منهم ظاهرا شيء من هذه الخطايا
لتسلط أعداؤهم بذلك على القدح فيهم ، والطعن في شريعتهم ،
فأما صغائر الذنوب فقد تقع من أحدهم على وجه الاجتهاد،
ولكن لا يقرون عليها، فلا تكون قادحة في العدالة، ولا منافية للنبوة، وإنما هي أمارة على أنهم بشر لم يصل أحدهم إلى علم الغيب، ولا يصلح أن يمنح شيء من صفات الربوبية .
الأمر الثالث : عموم رسالته .
اختص محمد - صلى الله عليه وسلم - دون الأنبياء بخصائص كثيرة ، وعلى هذا فإن على جميع البشر أن يتبعوه ويطيعوه ، فإنهم جميعا من أمته (أمة الدعوة) ، وقد وردت الخطابات في القرآن لعموم الناس ، وهذه النصوص تبين أن جميع البشر مكلفون باتباع رسالته ، وملزمون بطاعته ،
وقد اشتهر أيضا أنه - صلى الله عليه وسلم – مبعوث إلى الجن كما بعث إلى الإنس ،
الأمر الرابع : تبليغه الرسالة
وقلنا ان هذا محض تكليف من الله فلا بد من حصوله، مع أن هذا هو وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - من جملتهم ، وقد شهد له صحابته - رضي الله عنهم - بهذا البلاغ والبيان وقد اشتهر أنه - صلى الله عليه وسلم - بدأ بدعوة أهل بلده وقومه ، ثم بدعوة العرب في أنحاء الجزيرة ، ثم بمن وراءهم ، فكان يرسل الرسل إلى القبائل في البوادي والقرى للدعوة إلى الله وقبول هذه الرسالة ، ثم بعث الدعاة إلى اليمن والبحرين وغيرهما ، ثم بعث كتبا تتضمن الدعوة إلى هذه الشريعة إلى ملوك الفرس والروم وغيرهم ، فما توفي حتى انتشرت دعوته ، واشتهر أمره عند القريب والبعيد.
واليوم بأمر الله وتوفيقه نتحدث عن:
الأمر الخامس :
ختم النبوة :
لما كانت هذه الشريعة لجميع الخلق ، وقد كلف بها جميع العباد في أقطار البلاد ،
فإنما ذلك لكونها خاتمة الشرائع ، وآخر الرسالات المنزلة من السماء ،
فيجب علينا الإيمان بأن محمدا - صلى الله عليه وسلم –
خاتم الأنبياء وآخر الرسل ،
قال الله تعالى في سورة الأحزاب الآية 40
( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )
وقد قُرئ بفتح التاء وكسرها ، وأصل الخاتم ما يختم به ما قبله ،
ومنه ما تختم به الرسائل حتى لا يضاف إليها شيء ليس منها ،
والمعنى أنه - صلى الله عليه وسلم –
آخر الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى الخلق ، فيلزم من كونه خاتم الأنبياء أن يكون آخر الرسل ،
وقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه –
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه ، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ، ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة قال : فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين)
وروى مسلم أيضا عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه –
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
( إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي)
صحيح البخاري المناقب (3339),صحيح مسلم الفضائل (2354),سنن الترمذي الأدب (2840),مسند أحمد بن حنبل (4/80),موطأ مالك الجامع (1891),سنن الدارمي الرقاق (2775).
وفي سنن أبي داود وغيره في حديث ثوبان الطويل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
( وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون ، كلهم يزعم أنه نبي ، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي)
سنن الترمذي الفتن (2219),سنن أبو داود الفتن والملاحم (4252),سنن ابن ماجه الفتن (3952),مسند أحمد بن حنبل (5/278).
فيجب الإيمان بأنه - صلى الله عليه وسلم - آخر الأنبياء
وأن من ادعى النبوة بعده فهو كاذب ،
وأن عيسى بن مريم - عليه السلام - حين ينزل في آخر الزمان إنما يحكم بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو كفرد من أفراد هذه الأمة ، وإن كان ينزل عليه الوحي ، لكنه لا يخرج عن هذا الشرع الشريف ،
وعلى هذا فكل من زعم النبوة ، أو ادعى الرسالة في هذه الأمة فهو كذاب أفاك
ضال مضل ، ولو أتى بمخرفة أو شعوذة ، ولو سحر أعين الناس بأنواع من السحر والبهرج الذي يروج على الرعاع والجهلة من العوام ،
كما جرى على يدي الأسود العنسي ومسلمة الكذاب ، من الأحوال الشيطانية ، والترهات الباطلة التي يعلم كذبها كل ذي عقل سليم ،
وكذلك غيرهما ممن ادعى النبوة وحصل له أتباع وشوكة ، وفتن به بعض الناس ، ومن آخر هم غلام أحمد القاديانى الذي انتشر شره وفتن بشبهته طوائف وأمم في الهند والسند ، وكثير من البلاد ،
مرورا بكفرةِ البابية والبهائية وغير ذلك همٌّ كثير ،وهكذا كل مدع للنبوة إلى يوم القيمة ، وآخرهم الدجال الكذاب الذي وردت السنة بأمره وبيان فتنته والتحذير من شره ،
وقد قال تعالى : في سورة الشعراء الآية 221/ 222
(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ )
فهذا يدل على أن أولئك الكذابين تنزل عليهم الشياطين ، وتخيل إليهم إنما يأتيهم وحي من الله ، ولكن سنة الله في خلقه أن يجعل على الحق نورا ، وأن الخرافات والأكاذيب لا بد وأن ينكشف أمرها ، وبتجلي لأولى الألباب .
هذا ما تيسر مختصرا من فضل الله
وللحديث بقية إن شاء الله
مع
الأمر السادس : واجب الأمة نحوه :
تحدثنا في الحلقات السابقة عن أربعة أمور في معنى شهادة أن محمدا رسول الله أذكر نفسي وإياكم بها مختصرة فإن كثرة الكلام تُنسي بعضه بعضا ،
فقلت في المقدمة:
... فلما علم كل مسلم أن ليس المراد من لا إله إلا الله مجرد التلفظ بها ،
فكذلك يُقال في قرينتها ، بل لا بد من التصديق بها والالتزام بمعناها ومقتضاها ، وهو الاعتقاد الجازم بأنه - صلى الله عليه وسلم – مرسل من ربه عز وجل ، قد حمله الله هذه الشريعة كرسالة ، وكلفه بتبليغها إلى الأمة ، وفرض على جميع الأمة تقبل رسالته والسير على نهجه ،
وقلت أن مقتضى هذه الشهادة توجب على المسلم الإيمان بعدة أمور منها:
الأمر الأول : أهلية النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذه الرسالة .
فهو خاتم الرسل وأفضلهم ، وقد خصه الله بما لم يحصل لغيره ممن قبله ، فإنه بلا شك على جانب كبير من هذا الاصطفاء والاختيار الذي أصبح به مرسلا إلى عموم الخلق من الجن والإنس ، مبرءا عن النقائص ومساوئ الأخلاق التي تزيل الحشمة ، وتسقط المروءة ، وتلحق بفاعلها الإزراء والخسة ،
الأمر الثاني : عصمته من الخطايا
اتفقت الأمة على أن الأنبياء معصومون من كبائر الذنوب ، لمنافاتها للاجتباء والاصطفاء ، فلو وقع منهم ظاهرا شيء من هذه الخطايا
لتسلط أعداؤهم بذلك على القدح فيهم ، والطعن في شريعتهم ،
فأما صغائر الذنوب فقد تقع من أحدهم على وجه الاجتهاد،
ولكن لا يقرون عليها، فلا تكون قادحة في العدالة، ولا منافية للنبوة، وإنما هي أمارة على أنهم بشر لم يصل أحدهم إلى علم الغيب، ولا يصلح أن يمنح شيء من صفات الربوبية .
الأمر الثالث : عموم رسالته .
اختص محمد - صلى الله عليه وسلم - دون الأنبياء بخصائص كثيرة ، وعلى هذا فإن على جميع البشر أن يتبعوه ويطيعوه ، فإنهم جميعا من أمته (أمة الدعوة) ، وقد وردت الخطابات في القرآن لعموم الناس ، وهذه النصوص تبين أن جميع البشر مكلفون باتباع رسالته ، وملزمون بطاعته ،
وقد اشتهر أيضا أنه - صلى الله عليه وسلم – مبعوث إلى الجن كما بعث إلى الإنس ،
الأمر الرابع : تبليغه الرسالة
وقلنا ان هذا محض تكليف من الله فلا بد من حصوله، مع أن هذا هو وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - من جملتهم ، وقد شهد له صحابته - رضي الله عنهم - بهذا البلاغ والبيان وقد اشتهر أنه - صلى الله عليه وسلم - بدأ بدعوة أهل بلده وقومه ، ثم بدعوة العرب في أنحاء الجزيرة ، ثم بمن وراءهم ، فكان يرسل الرسل إلى القبائل في البوادي والقرى للدعوة إلى الله وقبول هذه الرسالة ، ثم بعث الدعاة إلى اليمن والبحرين وغيرهما ، ثم بعث كتبا تتضمن الدعوة إلى هذه الشريعة إلى ملوك الفرس والروم وغيرهم ، فما توفي حتى انتشرت دعوته ، واشتهر أمره عند القريب والبعيد.
واليوم بأمر الله وتوفيقه نتحدث عن:
الأمر الخامس :
ختم النبوة :
لما كانت هذه الشريعة لجميع الخلق ، وقد كلف بها جميع العباد في أقطار البلاد ،
فإنما ذلك لكونها خاتمة الشرائع ، وآخر الرسالات المنزلة من السماء ،
فيجب علينا الإيمان بأن محمدا - صلى الله عليه وسلم –
خاتم الأنبياء وآخر الرسل ،
قال الله تعالى في سورة الأحزاب الآية 40
( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )
وقد قُرئ بفتح التاء وكسرها ، وأصل الخاتم ما يختم به ما قبله ،
ومنه ما تختم به الرسائل حتى لا يضاف إليها شيء ليس منها ،
والمعنى أنه - صلى الله عليه وسلم –
آخر الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى الخلق ، فيلزم من كونه خاتم الأنبياء أن يكون آخر الرسل ،
وقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه –
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه ، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ، ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة قال : فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين)
وروى مسلم أيضا عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه –
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
( إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي)
صحيح البخاري المناقب (3339),صحيح مسلم الفضائل (2354),سنن الترمذي الأدب (2840),مسند أحمد بن حنبل (4/80),موطأ مالك الجامع (1891),سنن الدارمي الرقاق (2775).
وفي سنن أبي داود وغيره في حديث ثوبان الطويل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
( وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون ، كلهم يزعم أنه نبي ، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي)
سنن الترمذي الفتن (2219),سنن أبو داود الفتن والملاحم (4252),سنن ابن ماجه الفتن (3952),مسند أحمد بن حنبل (5/278).
فيجب الإيمان بأنه - صلى الله عليه وسلم - آخر الأنبياء
وأن من ادعى النبوة بعده فهو كاذب ،
وأن عيسى بن مريم - عليه السلام - حين ينزل في آخر الزمان إنما يحكم بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو كفرد من أفراد هذه الأمة ، وإن كان ينزل عليه الوحي ، لكنه لا يخرج عن هذا الشرع الشريف ،
وعلى هذا فكل من زعم النبوة ، أو ادعى الرسالة في هذه الأمة فهو كذاب أفاك
ضال مضل ، ولو أتى بمخرفة أو شعوذة ، ولو سحر أعين الناس بأنواع من السحر والبهرج الذي يروج على الرعاع والجهلة من العوام ،
كما جرى على يدي الأسود العنسي ومسلمة الكذاب ، من الأحوال الشيطانية ، والترهات الباطلة التي يعلم كذبها كل ذي عقل سليم ،
وكذلك غيرهما ممن ادعى النبوة وحصل له أتباع وشوكة ، وفتن به بعض الناس ، ومن آخر هم غلام أحمد القاديانى الذي انتشر شره وفتن بشبهته طوائف وأمم في الهند والسند ، وكثير من البلاد ،
مرورا بكفرةِ البابية والبهائية وغير ذلك همٌّ كثير ،وهكذا كل مدع للنبوة إلى يوم القيمة ، وآخرهم الدجال الكذاب الذي وردت السنة بأمره وبيان فتنته والتحذير من شره ،
وقد قال تعالى : في سورة الشعراء الآية 221/ 222
(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ )
فهذا يدل على أن أولئك الكذابين تنزل عليهم الشياطين ، وتخيل إليهم إنما يأتيهم وحي من الله ، ولكن سنة الله في خلقه أن يجعل على الحق نورا ، وأن الخرافات والأكاذيب لا بد وأن ينكشف أمرها ، وبتجلي لأولى الألباب .
هذا ما تيسر مختصرا من فضل الله
وللحديث بقية إن شاء الله
مع
الأمر السادس : واجب الأمة نحوه :
مصرية وافتخر- فرسان لهم بصمات
- مساهماتي : 1167
نقاطي : 1880
تسجيلي : 10/12/2011
رد: معنى شهاده ان محمد رسول الله
واجب الأمة نحوه :
وبعد أن عرفنا صدقه - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء به ، وصحة رسالته ، ووجوب تصديقه ، وذلك هو مدلول شهادة أن محمدا رسول الله ، التي تستلزم تصديقه ثم التعبد باتباعه ، والإيمان بما يترتب على ذلك من الثواب ، وعلى تركه من العقاب ، فإن من واجبنا أن نقوم بتحقيق ذلك وتطبيقه في واقع الحياة ، وذلك يتمثل في أوامر وردت أدلتها في الكتاب والسنة .
1- فمنها الإيمان به - صلى الله عليه وسلم - فقد أمر الله بذلك كما أمر بالإيمان بالله والملائكة والكتب ، ورتب الله تعالى على ذلك جزيل الثواب ، وعلى تركه أليم العقاب ،
قال الله تعالى : في سورة النساء الآية 136 (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا))
وقال تعالى : في سورة الحديد الآية 28 (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ))
وقال سبحانه : في سورة التغابن الآية 8 (( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ))
وقال تعالى : في سورة الأعراف الآية 158 (( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ ))
وقال سبحانه وتعالى : في سورة الفتح الآية 13 ((وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا ))
وغيرها من الآيات في هذا المعنى ،
وروى مسلم وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، ويؤمنوا بي وبما جئت به ) صحيح البخاري الإيمان (25),صحيح مسلم الإيمان (22).
وفسر - صلى الله عليه وسلم - الإيمان في حديث جبريل المشهور بقوله : (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره ) في سنن الترمذي الإيمان (2610),سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4990),سنن أبو داود السنة (4695),سنن ابن ماجه المقدمة (63),مسند أحمد بن حنبل (1/28).
ولا شك أن الإيمان به - صلى الله عليه وسلم - يستلزم تصديقه فيما جاء به ،
واعتقاد صحة رسالته ، ذلك أن أصل الإيمان يقين القلب واطمئنانه بصحة الشيء ، ثم التكلم به عن معرفة وإيمان ، ثم تطبيق ذلك بالعمل بمقتضاه فباجتماع ذلك يتم الإيمان ، ويعتبر وسيلة للنجاة .
وبتخلف تصديق القلب يبطل أثر الشهادة ولا تنفع قائلها .
ولهذا كذب الله المنافقين بقوله : في سورة المنافقون الآية 1 (( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ))
2 - ومن ذلك الأمر بطاعته - صلى الله عليه وسلم - والتحذير من معصيته ،
ولا شك أن طاعته من علامات الإيمان به ، فإن التصديق الجازم بصدقه لتستلزم طاعته فيما بلغه عن الله تعالى ، فمن خالفه في ذلك أو شيء منه عنادا أو تهاونا لم يكن صادقا في شهادته له بالرسالة ،
ولقد أمر الله تعالى بطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مواضع كثيرة من القرآن ،
قال الله تعالى : في سورة النساء الآية 59 (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ))
وقال تعالى : في سورة المائدة الآية 92(( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ))
وقال سبحانه وتعالى : في سورة النور الآية 54 (( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ))
ومثل معنى ذلك قوله تعالى : في سورة الحشر الآية 7 (( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ))
بل قد رتب على طاعته - صلى الله عليه وسلم - جزيل الثواب فقال تعالى : سورة النور الآية 56 وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ))
وقال تعالى : في سورة الأحزاب الآية 71 (( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ))
وهكذا توعد على معصيته بالعقوبة الشديدة ،
قال الله تعالى : في سورة النساء الآية 14و13 (( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) ((وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ))
وحكى عن أهل النار قولهم : في سورة الأحزاب الآية 66 (( يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا ))
وورد في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله)
ومعنى هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما يأمر بما أوحي إليه ، فطاعته في ذلك طاعة لربه ،
قال الله تعالى : في سورة النساء الآية 80 (( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ))
وروى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (كل الناس يدخل الجنة إلا من أبى ، قالوا : يا رسول الله وكيف يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (6851),صحيح مسلم الإمارة (1835),مسند أحمد بن حنبل (2/361).
ولا شك أن طاعته هي فعل ما أمر به ، وتجنب ما نهى عنه ، والتسليم مع ذلك لما جاء به ، والرضى بحكمه وترك الاعتراض على شرعه أو التعقب والانتقاد لحكمه .
3 - ومن ذلك أمر الأمة باتباعه والاقتداء بسنته ،
وقد رتب الله على ذلك الاهتداء والمغفرة ، وجعله علامة على صدق المحبة لله تعالى ،
قال عز وجل : في سورة الأعراف الآية 158 (( وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ))
ولما ادعى اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحبابه أنزل آية المحنة ، وهي قوله تعالى : في سورة آل عمران الآية 31و32 (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) (( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ))
وقال تعالى : في سورة الأحزاب الآية 21 (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ))
ولا شك أن مما يجب على العباد محبة ربهم الذي خلقهم وأنعم عليهم ، ولكن حصول هذه المحبة وقبولها متوقف على اتباع هذه النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - فقد جعل الله من ثواب اتباعه محبة الله تعالى لمن اتبعه ومغفرته له ،
ولكن علامة هذا الاتباع تقليده - صلى الله عليه وسلم - والسير على نهجه ، والاقتداء به في سيرته وأعماله وقرباته ، وتجنب كل ما نهى عنه ، والحذر من مخالفته التي نهايتها الخروج عن التأسي به ،
كما ثبت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ( فمن رغب عن سنتي فليس مني) : صحيح البخاري النكاح (4776),صحيح مسلم النكاح (1401),سنن النسائي النكاح (3217),مسند أحمد بن حنبل (3/285).
4 - ومن ذلك محبته الصادقة بالقلب والقالب ، بل تقديمها على ما سواها
قال الله تعالى : في سورة التوبة الآية 24 (( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ))
فانظر كيف وبخهم على تقديم شيء من هذه الأصناف الثمانية التي تميل إليها النفس عادة وتؤثر الحياة لأجلها على محبة الله ومحبة رسوله ، وتوعدهم بقوله (فتربصوا) . . الخ
أي انتظروا أمر الله وهو أثر سخطه وغضبه ، بما ينزله من العقوبة ،
وفي ذلك أبلغ دليل على وجوب محبة الله تعالى ومحبة رسوله - صلى الله عليه وسلم –
وقد أكد ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته كقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس :
(ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان ، أن يكون الله رسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار) صحيح البخاري الإيمان (16),صحيح مسلم الإيمان (43),سنن الترمذي الإيمان (2624),سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4988),سنن ابن ماجه الفتن (4033),مسند أحمد بن حنبل (3/114).
وفي الصحيحين أيضا عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)
ولما قال له عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : (( والله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي قال : لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال - رضي الله عنه - والله لأنت أحب إلى من كل شيء حتى من نفسي . فقال : الآن يا عمر ) صحيح البخاري الأيمان والنذور (6257),مسند أحمد بن حنبل (5/293).
وقد ورد في الحديث أن من ثواب محبته - صلى الله عليه وسلم - الاجتماع معه في الآخرة ، وذلك لما في صحيح البخاري المناقب (3485),
(( سأله رجل عن الساعة فقال : ما أعددت لها ؟ قال ما أعددت لها إلا حب الله ورسوله . فقال أنت مع من أحببت)) صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2639),سنن الترمذي الزهد (2385),سنن أبو داود الأدب (5127),مسند أحمد بن حنبل (3/168).
وفي الصحيحين عن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
(المرء مع من أحب) صحيح البخاري الأدب (5816),صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2641),مسند أحمد بن حنبل (4/405).
وكفي بذلك ثوابا وأجرا لهذه المحبة ، ولكن المحبة الصادقة تستلزم الاقتداء به والتأدب بآدابه ، وتقديم سنته على رضى كل أحد ، وتستلزم أيضا محبة من يحبه ويواليه ، وبغض من يبغضه ويعاديه ، ولو كان أقرب قريب ، فمن استكمل ذلك فقد صدق في هذه المحبة ، ومن خالفه أو نقص شيئا من ذلك نقصت محبته بقدر ذلك .
5 - ومن ذلك احترامه - صلى الله عليه وسلم - وتوقيه وتعزيره
كما ذكر في قوله تعالى : في سورة الفتح الآية 9 (( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ))
وقوله تعالى : في سورة الحجرات الآية 1و2و3 (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)) (( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ))
فنهاهم عن التقدم بين يديه برأي أو نظر يخالف ما جاء به ، ونهاهم عن رفع الصوت بحضرته ، أو الجهر له بالقول بدون مبرر ، وتوعدهم على ذلك بحبوط العمل ،
وقال تعالى : في سورة النور الآية 63 (( لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ))
أي لا تنادوه باسمه العلم كما يدعو أحدكم الآخر ، ولكن ادعوه بما تميز به بأن تقولوا : يا نبي الله أو يا رسول الله .
وما ذاك إلا لما خصه الله به من الفضل والرفعة ، وفي تعزيره وتوقيره واحترامه تعظيم لسنته ، ورفع لقدرها في نفوس أتباعه ، مما يحصل به اتباعه وامتثال أمره وتجنب نهيه .
قال تعالى : في سورة النساء الآية 59 (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ))
وقال تعالى : في سورة النور الآية 63 (( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))
وقال تعالى : في سورة النساء الآية 65 (( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
وأجمعت الأمة أن الرد والتحاكم بعده يكون إلى سنته ، ففي هذه الآيات أعظم برهان على تحريم مخالفته ، ومنع الاستبدال بسنته ، فانظر كيف حذر الذين يخالفون عن أمره بالفتنة وهي الشرك أو الزيغ ، وبالعذاب الأليم ، وكيف أقسم على نفي الإيمان عنهم حتى يحكموه في كل نزاع يحدث بينهم ، ويسلموا لقضائه ، ولا يبقى في نفوسهم أي حرج أو تعنت مما قضي به بينهم ، وكفى ذلك وعيدا وتهديدا لمن ترك سنته بعد معرفة حكمها تهاونا واستخفافا ، واعتاض عنها بالعادات والآراء والقوانين الوضعية ونحوها .
وبعد أن عرفنا صدقه - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء به ، وصحة رسالته ، ووجوب تصديقه ، وذلك هو مدلول شهادة أن محمدا رسول الله ، التي تستلزم تصديقه ثم التعبد باتباعه ، والإيمان بما يترتب على ذلك من الثواب ، وعلى تركه من العقاب ، فإن من واجبنا أن نقوم بتحقيق ذلك وتطبيقه في واقع الحياة ، وذلك يتمثل في أوامر وردت أدلتها في الكتاب والسنة .
1- فمنها الإيمان به - صلى الله عليه وسلم - فقد أمر الله بذلك كما أمر بالإيمان بالله والملائكة والكتب ، ورتب الله تعالى على ذلك جزيل الثواب ، وعلى تركه أليم العقاب ،
قال الله تعالى : في سورة النساء الآية 136 (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا))
وقال تعالى : في سورة الحديد الآية 28 (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ))
وقال سبحانه : في سورة التغابن الآية 8 (( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ))
وقال تعالى : في سورة الأعراف الآية 158 (( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ ))
وقال سبحانه وتعالى : في سورة الفتح الآية 13 ((وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا ))
وغيرها من الآيات في هذا المعنى ،
وروى مسلم وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، ويؤمنوا بي وبما جئت به ) صحيح البخاري الإيمان (25),صحيح مسلم الإيمان (22).
وفسر - صلى الله عليه وسلم - الإيمان في حديث جبريل المشهور بقوله : (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره ) في سنن الترمذي الإيمان (2610),سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4990),سنن أبو داود السنة (4695),سنن ابن ماجه المقدمة (63),مسند أحمد بن حنبل (1/28).
ولا شك أن الإيمان به - صلى الله عليه وسلم - يستلزم تصديقه فيما جاء به ،
واعتقاد صحة رسالته ، ذلك أن أصل الإيمان يقين القلب واطمئنانه بصحة الشيء ، ثم التكلم به عن معرفة وإيمان ، ثم تطبيق ذلك بالعمل بمقتضاه فباجتماع ذلك يتم الإيمان ، ويعتبر وسيلة للنجاة .
وبتخلف تصديق القلب يبطل أثر الشهادة ولا تنفع قائلها .
ولهذا كذب الله المنافقين بقوله : في سورة المنافقون الآية 1 (( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ))
2 - ومن ذلك الأمر بطاعته - صلى الله عليه وسلم - والتحذير من معصيته ،
ولا شك أن طاعته من علامات الإيمان به ، فإن التصديق الجازم بصدقه لتستلزم طاعته فيما بلغه عن الله تعالى ، فمن خالفه في ذلك أو شيء منه عنادا أو تهاونا لم يكن صادقا في شهادته له بالرسالة ،
ولقد أمر الله تعالى بطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مواضع كثيرة من القرآن ،
قال الله تعالى : في سورة النساء الآية 59 (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ))
وقال تعالى : في سورة المائدة الآية 92(( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ))
وقال سبحانه وتعالى : في سورة النور الآية 54 (( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ))
ومثل معنى ذلك قوله تعالى : في سورة الحشر الآية 7 (( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ))
بل قد رتب على طاعته - صلى الله عليه وسلم - جزيل الثواب فقال تعالى : سورة النور الآية 56 وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ))
وقال تعالى : في سورة الأحزاب الآية 71 (( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ))
وهكذا توعد على معصيته بالعقوبة الشديدة ،
قال الله تعالى : في سورة النساء الآية 14و13 (( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) ((وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ))
وحكى عن أهل النار قولهم : في سورة الأحزاب الآية 66 (( يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا ))
وورد في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله)
ومعنى هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما يأمر بما أوحي إليه ، فطاعته في ذلك طاعة لربه ،
قال الله تعالى : في سورة النساء الآية 80 (( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ))
وروى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (كل الناس يدخل الجنة إلا من أبى ، قالوا : يا رسول الله وكيف يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (6851),صحيح مسلم الإمارة (1835),مسند أحمد بن حنبل (2/361).
ولا شك أن طاعته هي فعل ما أمر به ، وتجنب ما نهى عنه ، والتسليم مع ذلك لما جاء به ، والرضى بحكمه وترك الاعتراض على شرعه أو التعقب والانتقاد لحكمه .
3 - ومن ذلك أمر الأمة باتباعه والاقتداء بسنته ،
وقد رتب الله على ذلك الاهتداء والمغفرة ، وجعله علامة على صدق المحبة لله تعالى ،
قال عز وجل : في سورة الأعراف الآية 158 (( وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ))
ولما ادعى اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحبابه أنزل آية المحنة ، وهي قوله تعالى : في سورة آل عمران الآية 31و32 (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) (( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ))
وقال تعالى : في سورة الأحزاب الآية 21 (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ))
ولا شك أن مما يجب على العباد محبة ربهم الذي خلقهم وأنعم عليهم ، ولكن حصول هذه المحبة وقبولها متوقف على اتباع هذه النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - فقد جعل الله من ثواب اتباعه محبة الله تعالى لمن اتبعه ومغفرته له ،
ولكن علامة هذا الاتباع تقليده - صلى الله عليه وسلم - والسير على نهجه ، والاقتداء به في سيرته وأعماله وقرباته ، وتجنب كل ما نهى عنه ، والحذر من مخالفته التي نهايتها الخروج عن التأسي به ،
كما ثبت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ( فمن رغب عن سنتي فليس مني) : صحيح البخاري النكاح (4776),صحيح مسلم النكاح (1401),سنن النسائي النكاح (3217),مسند أحمد بن حنبل (3/285).
4 - ومن ذلك محبته الصادقة بالقلب والقالب ، بل تقديمها على ما سواها
قال الله تعالى : في سورة التوبة الآية 24 (( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ))
فانظر كيف وبخهم على تقديم شيء من هذه الأصناف الثمانية التي تميل إليها النفس عادة وتؤثر الحياة لأجلها على محبة الله ومحبة رسوله ، وتوعدهم بقوله (فتربصوا) . . الخ
أي انتظروا أمر الله وهو أثر سخطه وغضبه ، بما ينزله من العقوبة ،
وفي ذلك أبلغ دليل على وجوب محبة الله تعالى ومحبة رسوله - صلى الله عليه وسلم –
وقد أكد ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته كقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس :
(ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان ، أن يكون الله رسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار) صحيح البخاري الإيمان (16),صحيح مسلم الإيمان (43),سنن الترمذي الإيمان (2624),سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4988),سنن ابن ماجه الفتن (4033),مسند أحمد بن حنبل (3/114).
وفي الصحيحين أيضا عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)
ولما قال له عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : (( والله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي قال : لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال - رضي الله عنه - والله لأنت أحب إلى من كل شيء حتى من نفسي . فقال : الآن يا عمر ) صحيح البخاري الأيمان والنذور (6257),مسند أحمد بن حنبل (5/293).
وقد ورد في الحديث أن من ثواب محبته - صلى الله عليه وسلم - الاجتماع معه في الآخرة ، وذلك لما في صحيح البخاري المناقب (3485),
(( سأله رجل عن الساعة فقال : ما أعددت لها ؟ قال ما أعددت لها إلا حب الله ورسوله . فقال أنت مع من أحببت)) صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2639),سنن الترمذي الزهد (2385),سنن أبو داود الأدب (5127),مسند أحمد بن حنبل (3/168).
وفي الصحيحين عن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
(المرء مع من أحب) صحيح البخاري الأدب (5816),صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2641),مسند أحمد بن حنبل (4/405).
وكفي بذلك ثوابا وأجرا لهذه المحبة ، ولكن المحبة الصادقة تستلزم الاقتداء به والتأدب بآدابه ، وتقديم سنته على رضى كل أحد ، وتستلزم أيضا محبة من يحبه ويواليه ، وبغض من يبغضه ويعاديه ، ولو كان أقرب قريب ، فمن استكمل ذلك فقد صدق في هذه المحبة ، ومن خالفه أو نقص شيئا من ذلك نقصت محبته بقدر ذلك .
5 - ومن ذلك احترامه - صلى الله عليه وسلم - وتوقيه وتعزيره
كما ذكر في قوله تعالى : في سورة الفتح الآية 9 (( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ))
وقوله تعالى : في سورة الحجرات الآية 1و2و3 (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)) (( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ))
فنهاهم عن التقدم بين يديه برأي أو نظر يخالف ما جاء به ، ونهاهم عن رفع الصوت بحضرته ، أو الجهر له بالقول بدون مبرر ، وتوعدهم على ذلك بحبوط العمل ،
وقال تعالى : في سورة النور الآية 63 (( لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ))
أي لا تنادوه باسمه العلم كما يدعو أحدكم الآخر ، ولكن ادعوه بما تميز به بأن تقولوا : يا نبي الله أو يا رسول الله .
وما ذاك إلا لما خصه الله به من الفضل والرفعة ، وفي تعزيره وتوقيره واحترامه تعظيم لسنته ، ورفع لقدرها في نفوس أتباعه ، مما يحصل به اتباعه وامتثال أمره وتجنب نهيه .
قال تعالى : في سورة النساء الآية 59 (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ))
وقال تعالى : في سورة النور الآية 63 (( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))
وقال تعالى : في سورة النساء الآية 65 (( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
وأجمعت الأمة أن الرد والتحاكم بعده يكون إلى سنته ، ففي هذه الآيات أعظم برهان على تحريم مخالفته ، ومنع الاستبدال بسنته ، فانظر كيف حذر الذين يخالفون عن أمره بالفتنة وهي الشرك أو الزيغ ، وبالعذاب الأليم ، وكيف أقسم على نفي الإيمان عنهم حتى يحكموه في كل نزاع يحدث بينهم ، ويسلموا لقضائه ، ولا يبقى في نفوسهم أي حرج أو تعنت مما قضي به بينهم ، وكفى ذلك وعيدا وتهديدا لمن ترك سنته بعد معرفة حكمها تهاونا واستخفافا ، واعتاض عنها بالعادات والآراء والقوانين الوضعية ونحوها .
مصرية وافتخر- فرسان لهم بصمات
- مساهماتي : 1167
نقاطي : 1880
تسجيلي : 10/12/2011
رد: معنى شهاده ان محمد رسول الله
الأمر السابع :
الاقتصاد والتوسط في حقه - صلى الله عليه وسلم - :
3 - أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يملك الضر ولا النفع لنفسه فضلا عن غيره ، قال الله تعالى : في سورة الأعراف الآية 188 (( قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ))
وقال تعالى : في سورة الجن الآية 21 (( قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ))
وما ذاك إلا أن الملك لله وحده ، فهو الذي بيده النفع والضر والعطاء والمنع ، وهو مالك الملك ، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ، أما الخلق كلهم بما فيهم الأنبياء فإنهم مملوكون ، يعمهم قول الله تعالى : في سورة سبأ الآية 22 (( لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ))
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية بعد هذه الآية :
نفي الله عما سواه كلما يتعلق به المشركون ، فنفي أن يكون لغيره ملك أو قسط منه أو يكون عونا لله . . الخ
وقد قال تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - : في سورة آل عمران الآية 128 (( لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ )) وذلك حين أن شج النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقعة أحد وكسرت رباعيته ،
فقال : "كيف يفلح قوم شجوا نبيهم أو كان ذلك لما قنت عليه الصلاة والسلام يدعو على بعض المشركين بمكة ، فأنكر الله عليه ، وأخبره بأن الأمر كله لله وحده ليس لك منه شيء"
رواه البخاري برقم 4069 وغيره عن ابن عمر - رضي الله عنه – وفي صحيح مسلم الجهاد والسير (1791),سنن الترمذي تفسير القرآن (3003),سنن ابن ماجه الفتن (4027),مسند أحمد بن حنبل (3/253).
وثبت في الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - أنذر عشيرته وأقاربه وقال لهم : أنقذوا أنفسكم من النار لا أغني عنكم من الله شيئا حتى قال ذلك لعمه وعمته وابنته"
صحيح البخاري الوصايا (2602),صحيح مسلم الإيمان (204),سنن الترمذي تفسير القرآن (3185),سنن النسائي الوصايا (3644),مسند أحمد بن حنبل (2/361),سنن الدارمي الرقاق (2732).
وفي رواية صحيح: " اشتروا أنفسكم"
البخاري الوصايا (2602),صحيح مسلم الإيمان (206),سنن النسائي الوصايا (3646),مسند أحمد بن حنبل (2/350),سنن الدارمي الرقاق (2732)
أي بتوحيد الله وإخلاص العبادة له ، وطاعته فيما أمر والانتهاء عما عنه زجر ، فإن في ذلك إنقاذ من النار ، دون الاعتماد على النسب والقرابة ،
فدفع بذلك ما يتوهمه بعضهم من أنه يغنى عن أقاربه ويشفع لهم ،
وهذا الوهم قد سرى وتمكن في نفوس الجمع الغفير ، فتراهم يعتمدون على مجرد الانتساب إلى قرابة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويعدونه شرفا ، ظانين أن النجاة والشفاعة تحصل لهم بدون عمل ، بل إنهم يخالفون سنته ، ويعصون الله ورسوله علنا ،
كما أن هناك آخرون يتعلقون بحبه المزعوم دون اتباعه وطاعته ، ويعتقدون أنه يشفع لهم بمجرد تلك المحبة الوهمية ، رغم مخالفة مدلول المحبة من تقليده والسير على نهجه ،
فإذا كان هو - صلى الله عليه وسلم - لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، ولا يدفع الضر والعذاب عن نفسه لو عصاه كما قال تعالى : في سورة الجن الآية 22 (( قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا))
فكيف بغيره من قريب أو بعيد ، وقد بين عليه الصلاة والسلام لأقاربه أنه لا ينجيهم من عذاب الله ولا يدخلهم الجنة ولا يقربهم إلى الله ، وإنما أعمالهم هي التي تنقذهم من النار .
وثبت في الصحيح " أنه - صلى الله عليه وسلم - حاول هداية عمه أبي طالب فلم يقدر على ذلك ، فلما حضرته الوفاة جاءه " فقال له : يا عم قل لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله"
صحيح البخاري المناقب (3671),صحيح مسلم الإيمان (24),سنن النسائي الجنائز (2035),مسند أحمد بن حنبل (5/433).
فلقنه جلساء السوء الحجة الشيطانية ، فكان آخر كلامه : هو "على ملة عبد المطلب".
ونزل في ذلك قوله تعالى : في سورة القصص الآية 56 (( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ))
ففي هذه القصة أعظم ما يبطل شبهة المشركين الذين يغلون في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - ويسألونه تفريج الكروب ، وغفران الذنوب ، ويهتفون باسمه عند الشدائد بقولهم : " يا رسول الله " . ونحو ذلك ،
فإذا كان هو عليه الصلاة والسلام أفضل الخلق وأقربهم من الله ، وأعظمهم عنده جاها ، ومع ذلك حرص على هداية عمه أبي طالب في حياته وعند وفاته فلم يستطع ذلك ،
لأن الله تعالى كتب عليه الشقاء ، وقد عزم على الاستغفار له .
فنهاه الله عن ذلك بقوله . في سورة التوبة الآية 113 (( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ))
ففي ذلك دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يملك لغيره نفعا ولا يدفع عنه ضرا ، ولو دعاه ورجاه وهتف باسمه ، ولو زعم أنه يحبه حبا شديدا ،
فلو كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء من هداية القلوب أو تفريج الكربات ، لكان أولى الناس بذلك عمه الكبير الذي كفله وحماه ، وحال بينه وبين أذى المشركين ، فإذا لم يقدر على هدايته ونجاته فغيره بطريق الأولى .
الاقتصاد والتوسط في حقه - صلى الله عليه وسلم - :
3 - أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يملك الضر ولا النفع لنفسه فضلا عن غيره ، قال الله تعالى : في سورة الأعراف الآية 188 (( قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ))
وقال تعالى : في سورة الجن الآية 21 (( قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ))
وما ذاك إلا أن الملك لله وحده ، فهو الذي بيده النفع والضر والعطاء والمنع ، وهو مالك الملك ، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ، أما الخلق كلهم بما فيهم الأنبياء فإنهم مملوكون ، يعمهم قول الله تعالى : في سورة سبأ الآية 22 (( لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ))
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية بعد هذه الآية :
نفي الله عما سواه كلما يتعلق به المشركون ، فنفي أن يكون لغيره ملك أو قسط منه أو يكون عونا لله . . الخ
وقد قال تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - : في سورة آل عمران الآية 128 (( لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ )) وذلك حين أن شج النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقعة أحد وكسرت رباعيته ،
فقال : "كيف يفلح قوم شجوا نبيهم أو كان ذلك لما قنت عليه الصلاة والسلام يدعو على بعض المشركين بمكة ، فأنكر الله عليه ، وأخبره بأن الأمر كله لله وحده ليس لك منه شيء"
رواه البخاري برقم 4069 وغيره عن ابن عمر - رضي الله عنه – وفي صحيح مسلم الجهاد والسير (1791),سنن الترمذي تفسير القرآن (3003),سنن ابن ماجه الفتن (4027),مسند أحمد بن حنبل (3/253).
وثبت في الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - أنذر عشيرته وأقاربه وقال لهم : أنقذوا أنفسكم من النار لا أغني عنكم من الله شيئا حتى قال ذلك لعمه وعمته وابنته"
صحيح البخاري الوصايا (2602),صحيح مسلم الإيمان (204),سنن الترمذي تفسير القرآن (3185),سنن النسائي الوصايا (3644),مسند أحمد بن حنبل (2/361),سنن الدارمي الرقاق (2732).
وفي رواية صحيح: " اشتروا أنفسكم"
البخاري الوصايا (2602),صحيح مسلم الإيمان (206),سنن النسائي الوصايا (3646),مسند أحمد بن حنبل (2/350),سنن الدارمي الرقاق (2732)
أي بتوحيد الله وإخلاص العبادة له ، وطاعته فيما أمر والانتهاء عما عنه زجر ، فإن في ذلك إنقاذ من النار ، دون الاعتماد على النسب والقرابة ،
فدفع بذلك ما يتوهمه بعضهم من أنه يغنى عن أقاربه ويشفع لهم ،
وهذا الوهم قد سرى وتمكن في نفوس الجمع الغفير ، فتراهم يعتمدون على مجرد الانتساب إلى قرابة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويعدونه شرفا ، ظانين أن النجاة والشفاعة تحصل لهم بدون عمل ، بل إنهم يخالفون سنته ، ويعصون الله ورسوله علنا ،
كما أن هناك آخرون يتعلقون بحبه المزعوم دون اتباعه وطاعته ، ويعتقدون أنه يشفع لهم بمجرد تلك المحبة الوهمية ، رغم مخالفة مدلول المحبة من تقليده والسير على نهجه ،
فإذا كان هو - صلى الله عليه وسلم - لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، ولا يدفع الضر والعذاب عن نفسه لو عصاه كما قال تعالى : في سورة الجن الآية 22 (( قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا))
فكيف بغيره من قريب أو بعيد ، وقد بين عليه الصلاة والسلام لأقاربه أنه لا ينجيهم من عذاب الله ولا يدخلهم الجنة ولا يقربهم إلى الله ، وإنما أعمالهم هي التي تنقذهم من النار .
وثبت في الصحيح " أنه - صلى الله عليه وسلم - حاول هداية عمه أبي طالب فلم يقدر على ذلك ، فلما حضرته الوفاة جاءه " فقال له : يا عم قل لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله"
صحيح البخاري المناقب (3671),صحيح مسلم الإيمان (24),سنن النسائي الجنائز (2035),مسند أحمد بن حنبل (5/433).
فلقنه جلساء السوء الحجة الشيطانية ، فكان آخر كلامه : هو "على ملة عبد المطلب".
ونزل في ذلك قوله تعالى : في سورة القصص الآية 56 (( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ))
ففي هذه القصة أعظم ما يبطل شبهة المشركين الذين يغلون في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - ويسألونه تفريج الكروب ، وغفران الذنوب ، ويهتفون باسمه عند الشدائد بقولهم : " يا رسول الله " . ونحو ذلك ،
فإذا كان هو عليه الصلاة والسلام أفضل الخلق وأقربهم من الله ، وأعظمهم عنده جاها ، ومع ذلك حرص على هداية عمه أبي طالب في حياته وعند وفاته فلم يستطع ذلك ،
لأن الله تعالى كتب عليه الشقاء ، وقد عزم على الاستغفار له .
فنهاه الله عن ذلك بقوله . في سورة التوبة الآية 113 (( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ))
ففي ذلك دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يملك لغيره نفعا ولا يدفع عنه ضرا ، ولو دعاه ورجاه وهتف باسمه ، ولو زعم أنه يحبه حبا شديدا ،
فلو كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء من هداية القلوب أو تفريج الكربات ، لكان أولى الناس بذلك عمه الكبير الذي كفله وحماه ، وحال بينه وبين أذى المشركين ، فإذا لم يقدر على هدايته ونجاته فغيره بطريق الأولى .
مصرية وافتخر- فرسان لهم بصمات
- مساهماتي : 1167
نقاطي : 1880
تسجيلي : 10/12/2011
رد: معنى شهاده ان محمد رسول الله
تابع الأمر السابع :
الاقتصاد والتوسط في حقه - صلى الله عليه وسلم - :
4 - عبوديته - صلى الله عليه وسلم - شرف وفضيلة ،
فقد ثبت في الصحيحين عن عمر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، إنما أنا عبد ، فقولوا عبد الله ورسوله"
صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3261),مسند أحمد بن حنبل (1/56).
يقول الشيخ سليمان بن عبد الله - رحمه الله - على هذا الحديث في شرح التوحيد ص 272 :
"قوله إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله أي : لا تمدحوني فتغلوا في مدحي كما غلت النصارى في عيسى فادعوا فيه الربوبية ، وإنما أنا عبد الله ، فصفوني بذلك كما وصفني به ربي ، وقولوا عبد الله ورسوله ،
فأبى عباد القبور إلا مخالفة لأمره ، وارتكابا لنهيه ، وناقضوه أعظم المناقضة ، وظنوا أنهم إذا وصفوه بأنه عبد الله ورسوله ، وأنه لا يدعى ولا يستعان به ، ولا ينذر له ، ولا يطاف بحجرته ، وأنه ليس له من الأمر شيء ، ولا يعلم من الغيب إلا ما علمه الله أن في ذلك هضما لجنابه ، وغضا من قدره ، فرفعوه فوق منزلته ، وادعوا فيه ما ادعت النصارى في عيسى أو قريبا منه ، فسألوه مغفرة الذنوب ، وتفريج الكروب .
وقد ذكر شيخ الإسلام في كتاب " الاستغاثة " عن بعض أهل زمانه أنه جوز الاستغاثة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في كل ما يستغاث فيه بالله ، وصنف فيه مصنفا .
وكان يقول : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا الله .
وحكي عن آخر من جنسه يباشر التدريس ، وينسب إلى الفتيا أنه كان يقول : " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم ما يعلمه الله ، ويقدر على ما يقدر الله عليه ، وأن هذا السر انتقل بعده إلى الحسن ، ثم انتقل إلى ذرية الحسن ، إلى أبي الحسن الشاذلي ،
وقالوا : هذا مقام القطب الغوث الفرد الجامع ،
ومن هؤلاء من يقول في قول الله تعالى : ((وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)) سورة الأحزاب الآية 42 إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يسبح بكرة وأصيلا ،
ومنهم من يقول : نحن نعبد الله ورسوله . فيجعلون الرسول
معبودا .
قلت : وقال البوصيري :
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم
فجعل الدنيا والآخرة من جوده ، وجزم بأنه يعلم ما في اللوح المحفوظ
، وهذا هو الذي حكاه شيخ الإسلام عن ذلك المدرس ، وكل ذلك كفر صريح .
ومن العجب أن الشيطان أظهر لهم ذلك في صورة محبته - عليه السلام - وتعظيمه ومتابعته ، وهذا شأن اللعين لا بد وأن يمزج الحق بالباطل ليروج على أشباه الأنعام أتباع كل ناعق ، الذين لم يستضيفوا بنور العلم ، ولم يلجوا إلى ركن وثيق ، لأن هذا ليس بتعظيم ، فإن التعظيم محله القلب واللسان والجوارح ، وهم أبعد الناس منه ،
فإن التعظيم بالقلب : ما يتبع اعتقاد كونه عبدا رسولا ، من تقديم محبته على النفس والوالد والناس أجمعين ،
ويصدق هذه المحبة أمران :
أحدهما تجريد التوحيد ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان أحرص الخلق على تجريده ، حتى قطع أسباب الشرك ووسائله من جميع الجهات ، حتى قال له رجل : " ما شاء الله وشئت " . قال : أجعلتني لله ندا ؟ بل ما شاء الله وحده"
رواه أحمد كما في المسند1 / 214 ، 282 عن ابن عباس وصححه المحقق (سنن ابن ماجه الكفارات (2117),مسند أحمد بن حنبل (1/214).
ونهى أن يحلف بغير الله ، وأخبر أن ذلك شرك ، ونهى أن يصلي إلى القبر أو يتخذه مسجدا أو عيدا ، أو يوقد عليه سراج ، بل مدار دينه على هذا الأصل الذي هو قطب رحى النجاة ، ولم يقرر أحد ما قرره - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله ، وسد الذرائع المنافية له ، فتعظيمه - صلى الله عليه وسلم - بموافقته على ذلك لا بمناقضته فيه .
الثاني : تجريد متابعته وتحكيمه وحده في الدقيق والجليل من أصول الدين وفروعه ، والرضى بحكمه والانقياد له والتسليم ، والإعراض عما خالفه ، وعدم الالتفات إلى ما خالفه ،
حتى يكون وحده هو الحاكم المتبع المقبول قوله ، المردود ما خالفه كما كان ربه تعالى وحده هو المعبود المألوه المخلوق المستغاث به ، المتوكل عليه الذي إليه الرغبة والرهبة ، الذي يؤمل وحده لكشف الشدائد ومغفرة الذنوب الذي من جوده الدنيا والآخرة الذي خلق الخلق وحده ، ورزقهم وحده ، ويبعثهم وحده ويغفر ويرحم ويهدي ويضل ، ويسعد ويشقي وحده ، وليس لغيره من الأمر شيء كائنا من كان ، لا النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا جبريل - عليه السلام - ولا غيرهما ،
فهذا هو التعظيم الحق المطابق لحال المعظم ، النافع للمعظم في معاشه ومعاده ، والذي هو لازم إيمانه وملزومه .
وأما التعظيم باللسان فهو الثناء عليه بما هو أهله مما أثنى به عليه ربه وأثنى على نفسه من غير غلو ولا تقصير ، كما فعل عباد القبور ، فإنهم غلوا في مدحه إلى الغاية .
وأما التعظيم بالجوارح فهو العمل بطاعته ، والسعي في إظهار دينه ، ونصر ما جاء به ، وجهاد ما خالفه .
وبالجملة فالتعظيم النافع هو التصديق فيما أخبر ، وطاعته فيما أمر ، والانتهاء عما عنه نهى وزجر ، والموالاة والمعاداة والحب والبغض لأجله ، وتحكيمه وحده ، والرضى بحكمه ، وأن لا يتخذ من دونه طاغوت يكون التحاكم إلى أقواله ،
فما وافقها من قوله - صلى الله عليه وسلم - قبله ، وما خالفها رده أو تأوله أو أعرض عنه ، والله سبحانه يشهد وكفي به شهيدا وملائكته ورسله وأولياؤه ، أن عباد القبور وخصوم الموحدين ليسوا كذلك ، والله المستعان .
هذا كلام الشيخ رحمه الله
وقد حكى ما شاهده في زمانه وقبله من أقوام جهلة بالتوحيد ادعوا محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فبالغوا في مدحه حتى وصفوه بها لا يستحقه إلا الله تعالى من الملك والعلم والتصرف ، وحتى صرفوا له خالص حق الله - عز وجل - من الدعاء والرجاء وتفويض الأمور إليه والاعتماد عليه ،
وقد ذكر - رحمه الله - في شرح التوحيد ص186 وما بعدها بعض ما قال أهل الغلو والإطراء في حقه - صلى الله عليه وسلم - وأورد أبياتا من قصيدة البردة للبوصيري كقوله :
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ..سواك عند حلول الحادث العمم
وما بعده من الأبيات ،
ثم بين ما فيها من الشرك الصريح ، وذكر أيضا بعضا من شعر البرعي الذي بالغ فيه وغلا ، ووقع في عبادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - صريحا ، ونسى ربه عز وجل
وهكذا ذكر النعمى في ( معارج الألباب ) ص 169 وما بعدها بعض أقوال الغلاة ومبالغتهم في التعلق بالأموات ، ومن ذلك أبيات شعر تتضمن الشرك الواضح بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأولها قوله :
يا سيدي يا صفي الدين يا سندي يا عمدتي بل ويا ذخري ومفتخري
أنت الملاذ لما أخشى ضرورته ... وأنت لي ملجأ من حادث الدهر
إلى آخر تلك الأبيات الشركية ،
وعلق عليها - رحمه الله - يقول : فلا ندري أي معنى اختص به الخالق بعد هذه المنزلة ، من كيفية مطلب ، أو تحصيل مأرب ، وماذا أبقى هذا المشرك الخبيث من الأمر ، فإن المشركين أهل الأوثان ما يؤهلون كل ما عبدوه من دون الله لشيء من هذا ولا لما هو أقل منه . ا . هـ
ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخاف على أمته من هذا الغلو ويحذرهم من أسبابه ،
فقد روي أبو داود بسند جيد عن عبد الله بن الشخير - رضي الله عنه - قال : انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا : أنت سيدنا . فقال السيد الله تبارك وتعالى قلنا : وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا ، فقال : قولوا بقولكم أو بعض قولكم"
سنن أبو داود الأدب (4806),مسند أحمد بن حنبل (4/25).
وعن أنس - رضي الله عنه -. أن أناسا قالوا : يا رسول الله يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا . فقال : يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان ، أنا محمد عبد الله ورسوله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل" .
رواه النسائي بسند جيد ، هو في عمل اليوم والليلة برقم 249 وكذا رواه أحمد 3 / 249 وغيره .
وهذا كثير في السنة كقوله - صلى الله عليه وسلم - : إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله"
رواه الطبراني ذكره في مجمع الزوائد 10 / 159 قال : ورجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة وهو حسن الحديث .
وتقدم أنه - صلى الله عليه وسلم - قال له رجل : " ما شاء الله وشئت " فقال : أجعلتني لله مثلا ما شاء الله وحده"
سنن النسائي الأيمان والنذور (3773),مسند أحمد بن حنبل (6/372).
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - هو سيد الخلق وأفضلهم وخيرهم ، لكنه يكره المدح سيما أمام الممدوح ، حتى قال : "إذا لقيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب"
رواه مسلم هو في صحيحه 128 / 18 عن المقداد - رضي الله عنه – (صحيح مسلم الزهد والرقائق (3002),سنن الترمذي الزهد (2393),سنن أبو داود الأدب (4804),سنن ابن ماجه الأدب (3742),مسند أحمد بن حنبل (6/5). ،
وما ذاك إلا أن المدح قد يوقع الممدوح في الإعجاب والكبرياء التي تحبط الأعمال أو تنافي كمال التوحيد ، وقد افتخر عليه الصلاة والسلام بالعبودية لربه وهي الذل والتواضع له ، وذلك شرف وفضيلة،
ولذلك ذكره الله باسم العبد في قوله تعالى :
في سورة البقرة الآية 23 ((وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا ))
وفي قوله : في سورة الإسراء الآية 1 ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ))
وقوله تعالى : في سورة الكهف الآية 1 ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ))
وقوله : في سورة الجن الآية 19 ((وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ))
فإن العبودية لله تعالى تقتضي غاية الذل وغاية المحبة ، فالتذلل لله تعالى يستدعي الخضوع والخشية والاستكانة لله تعالى ، وأن يرى نفسه حقيرا ذميما مقصرا في واجبه ، فيرجع إلى نفسه بالمعاتبة ، ويعترف لربه بالفضل والإنعام ، وكذلك الحب يستدعى محبة ما يحبه الله وكراهية ما يكرهه من الأقوال والأفعال والإرادات ، فظهر بذلك كمال صفة العبودية لرب الأرباب .
الاقتصاد والتوسط في حقه - صلى الله عليه وسلم - :
4 - عبوديته - صلى الله عليه وسلم - شرف وفضيلة ،
فقد ثبت في الصحيحين عن عمر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، إنما أنا عبد ، فقولوا عبد الله ورسوله"
صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3261),مسند أحمد بن حنبل (1/56).
يقول الشيخ سليمان بن عبد الله - رحمه الله - على هذا الحديث في شرح التوحيد ص 272 :
"قوله إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله أي : لا تمدحوني فتغلوا في مدحي كما غلت النصارى في عيسى فادعوا فيه الربوبية ، وإنما أنا عبد الله ، فصفوني بذلك كما وصفني به ربي ، وقولوا عبد الله ورسوله ،
فأبى عباد القبور إلا مخالفة لأمره ، وارتكابا لنهيه ، وناقضوه أعظم المناقضة ، وظنوا أنهم إذا وصفوه بأنه عبد الله ورسوله ، وأنه لا يدعى ولا يستعان به ، ولا ينذر له ، ولا يطاف بحجرته ، وأنه ليس له من الأمر شيء ، ولا يعلم من الغيب إلا ما علمه الله أن في ذلك هضما لجنابه ، وغضا من قدره ، فرفعوه فوق منزلته ، وادعوا فيه ما ادعت النصارى في عيسى أو قريبا منه ، فسألوه مغفرة الذنوب ، وتفريج الكروب .
وقد ذكر شيخ الإسلام في كتاب " الاستغاثة " عن بعض أهل زمانه أنه جوز الاستغاثة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في كل ما يستغاث فيه بالله ، وصنف فيه مصنفا .
وكان يقول : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا الله .
وحكي عن آخر من جنسه يباشر التدريس ، وينسب إلى الفتيا أنه كان يقول : " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم ما يعلمه الله ، ويقدر على ما يقدر الله عليه ، وأن هذا السر انتقل بعده إلى الحسن ، ثم انتقل إلى ذرية الحسن ، إلى أبي الحسن الشاذلي ،
وقالوا : هذا مقام القطب الغوث الفرد الجامع ،
ومن هؤلاء من يقول في قول الله تعالى : ((وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)) سورة الأحزاب الآية 42 إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يسبح بكرة وأصيلا ،
ومنهم من يقول : نحن نعبد الله ورسوله . فيجعلون الرسول
معبودا .
قلت : وقال البوصيري :
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم
فجعل الدنيا والآخرة من جوده ، وجزم بأنه يعلم ما في اللوح المحفوظ
، وهذا هو الذي حكاه شيخ الإسلام عن ذلك المدرس ، وكل ذلك كفر صريح .
ومن العجب أن الشيطان أظهر لهم ذلك في صورة محبته - عليه السلام - وتعظيمه ومتابعته ، وهذا شأن اللعين لا بد وأن يمزج الحق بالباطل ليروج على أشباه الأنعام أتباع كل ناعق ، الذين لم يستضيفوا بنور العلم ، ولم يلجوا إلى ركن وثيق ، لأن هذا ليس بتعظيم ، فإن التعظيم محله القلب واللسان والجوارح ، وهم أبعد الناس منه ،
فإن التعظيم بالقلب : ما يتبع اعتقاد كونه عبدا رسولا ، من تقديم محبته على النفس والوالد والناس أجمعين ،
ويصدق هذه المحبة أمران :
أحدهما تجريد التوحيد ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان أحرص الخلق على تجريده ، حتى قطع أسباب الشرك ووسائله من جميع الجهات ، حتى قال له رجل : " ما شاء الله وشئت " . قال : أجعلتني لله ندا ؟ بل ما شاء الله وحده"
رواه أحمد كما في المسند1 / 214 ، 282 عن ابن عباس وصححه المحقق (سنن ابن ماجه الكفارات (2117),مسند أحمد بن حنبل (1/214).
ونهى أن يحلف بغير الله ، وأخبر أن ذلك شرك ، ونهى أن يصلي إلى القبر أو يتخذه مسجدا أو عيدا ، أو يوقد عليه سراج ، بل مدار دينه على هذا الأصل الذي هو قطب رحى النجاة ، ولم يقرر أحد ما قرره - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله ، وسد الذرائع المنافية له ، فتعظيمه - صلى الله عليه وسلم - بموافقته على ذلك لا بمناقضته فيه .
الثاني : تجريد متابعته وتحكيمه وحده في الدقيق والجليل من أصول الدين وفروعه ، والرضى بحكمه والانقياد له والتسليم ، والإعراض عما خالفه ، وعدم الالتفات إلى ما خالفه ،
حتى يكون وحده هو الحاكم المتبع المقبول قوله ، المردود ما خالفه كما كان ربه تعالى وحده هو المعبود المألوه المخلوق المستغاث به ، المتوكل عليه الذي إليه الرغبة والرهبة ، الذي يؤمل وحده لكشف الشدائد ومغفرة الذنوب الذي من جوده الدنيا والآخرة الذي خلق الخلق وحده ، ورزقهم وحده ، ويبعثهم وحده ويغفر ويرحم ويهدي ويضل ، ويسعد ويشقي وحده ، وليس لغيره من الأمر شيء كائنا من كان ، لا النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا جبريل - عليه السلام - ولا غيرهما ،
فهذا هو التعظيم الحق المطابق لحال المعظم ، النافع للمعظم في معاشه ومعاده ، والذي هو لازم إيمانه وملزومه .
وأما التعظيم باللسان فهو الثناء عليه بما هو أهله مما أثنى به عليه ربه وأثنى على نفسه من غير غلو ولا تقصير ، كما فعل عباد القبور ، فإنهم غلوا في مدحه إلى الغاية .
وأما التعظيم بالجوارح فهو العمل بطاعته ، والسعي في إظهار دينه ، ونصر ما جاء به ، وجهاد ما خالفه .
وبالجملة فالتعظيم النافع هو التصديق فيما أخبر ، وطاعته فيما أمر ، والانتهاء عما عنه نهى وزجر ، والموالاة والمعاداة والحب والبغض لأجله ، وتحكيمه وحده ، والرضى بحكمه ، وأن لا يتخذ من دونه طاغوت يكون التحاكم إلى أقواله ،
فما وافقها من قوله - صلى الله عليه وسلم - قبله ، وما خالفها رده أو تأوله أو أعرض عنه ، والله سبحانه يشهد وكفي به شهيدا وملائكته ورسله وأولياؤه ، أن عباد القبور وخصوم الموحدين ليسوا كذلك ، والله المستعان .
هذا كلام الشيخ رحمه الله
وقد حكى ما شاهده في زمانه وقبله من أقوام جهلة بالتوحيد ادعوا محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فبالغوا في مدحه حتى وصفوه بها لا يستحقه إلا الله تعالى من الملك والعلم والتصرف ، وحتى صرفوا له خالص حق الله - عز وجل - من الدعاء والرجاء وتفويض الأمور إليه والاعتماد عليه ،
وقد ذكر - رحمه الله - في شرح التوحيد ص186 وما بعدها بعض ما قال أهل الغلو والإطراء في حقه - صلى الله عليه وسلم - وأورد أبياتا من قصيدة البردة للبوصيري كقوله :
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ..سواك عند حلول الحادث العمم
وما بعده من الأبيات ،
ثم بين ما فيها من الشرك الصريح ، وذكر أيضا بعضا من شعر البرعي الذي بالغ فيه وغلا ، ووقع في عبادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - صريحا ، ونسى ربه عز وجل
وهكذا ذكر النعمى في ( معارج الألباب ) ص 169 وما بعدها بعض أقوال الغلاة ومبالغتهم في التعلق بالأموات ، ومن ذلك أبيات شعر تتضمن الشرك الواضح بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأولها قوله :
يا سيدي يا صفي الدين يا سندي يا عمدتي بل ويا ذخري ومفتخري
أنت الملاذ لما أخشى ضرورته ... وأنت لي ملجأ من حادث الدهر
إلى آخر تلك الأبيات الشركية ،
وعلق عليها - رحمه الله - يقول : فلا ندري أي معنى اختص به الخالق بعد هذه المنزلة ، من كيفية مطلب ، أو تحصيل مأرب ، وماذا أبقى هذا المشرك الخبيث من الأمر ، فإن المشركين أهل الأوثان ما يؤهلون كل ما عبدوه من دون الله لشيء من هذا ولا لما هو أقل منه . ا . هـ
ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخاف على أمته من هذا الغلو ويحذرهم من أسبابه ،
فقد روي أبو داود بسند جيد عن عبد الله بن الشخير - رضي الله عنه - قال : انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا : أنت سيدنا . فقال السيد الله تبارك وتعالى قلنا : وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا ، فقال : قولوا بقولكم أو بعض قولكم"
سنن أبو داود الأدب (4806),مسند أحمد بن حنبل (4/25).
وعن أنس - رضي الله عنه -. أن أناسا قالوا : يا رسول الله يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا . فقال : يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان ، أنا محمد عبد الله ورسوله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل" .
رواه النسائي بسند جيد ، هو في عمل اليوم والليلة برقم 249 وكذا رواه أحمد 3 / 249 وغيره .
وهذا كثير في السنة كقوله - صلى الله عليه وسلم - : إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله"
رواه الطبراني ذكره في مجمع الزوائد 10 / 159 قال : ورجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة وهو حسن الحديث .
وتقدم أنه - صلى الله عليه وسلم - قال له رجل : " ما شاء الله وشئت " فقال : أجعلتني لله مثلا ما شاء الله وحده"
سنن النسائي الأيمان والنذور (3773),مسند أحمد بن حنبل (6/372).
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - هو سيد الخلق وأفضلهم وخيرهم ، لكنه يكره المدح سيما أمام الممدوح ، حتى قال : "إذا لقيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب"
رواه مسلم هو في صحيحه 128 / 18 عن المقداد - رضي الله عنه – (صحيح مسلم الزهد والرقائق (3002),سنن الترمذي الزهد (2393),سنن أبو داود الأدب (4804),سنن ابن ماجه الأدب (3742),مسند أحمد بن حنبل (6/5). ،
وما ذاك إلا أن المدح قد يوقع الممدوح في الإعجاب والكبرياء التي تحبط الأعمال أو تنافي كمال التوحيد ، وقد افتخر عليه الصلاة والسلام بالعبودية لربه وهي الذل والتواضع له ، وذلك شرف وفضيلة،
ولذلك ذكره الله باسم العبد في قوله تعالى :
في سورة البقرة الآية 23 ((وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا ))
وفي قوله : في سورة الإسراء الآية 1 ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ))
وقوله تعالى : في سورة الكهف الآية 1 ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ))
وقوله : في سورة الجن الآية 19 ((وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ))
فإن العبودية لله تعالى تقتضي غاية الذل وغاية المحبة ، فالتذلل لله تعالى يستدعي الخضوع والخشية والاستكانة لله تعالى ، وأن يرى نفسه حقيرا ذميما مقصرا في واجبه ، فيرجع إلى نفسه بالمعاتبة ، ويعترف لربه بالفضل والإنعام ، وكذلك الحب يستدعى محبة ما يحبه الله وكراهية ما يكرهه من الأقوال والأفعال والإرادات ، فظهر بذلك كمال صفة العبودية لرب الأرباب .
مصرية وافتخر- فرسان لهم بصمات
- مساهماتي : 1167
نقاطي : 1880
تسجيلي : 10/12/2011
رد: معنى شهاده ان محمد رسول الله
تابع
الاقتصاد والتوسط في حقه - صلى الله عليه وسلم - :
5 - موته - صلى الله عليه وسلم - كغيره من الأنبياء والرسل ،
قال الله تعالى في سورة الزمر الآية /30:(( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ))
وقال تعالى في سورة الأنبياء الآية /34- 35: (( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ))
ثم إن المسلمين يدينون جميعا بأن الأنبياء قبله قديما قد ماتوا ، وانقضت أعمارهم التي كتب الله لهم في الدنيا ، وأصبحوا في عالم البرزخ ، وحيث ورد في النصوص ما يقتضي حياة الشهداء كقوله تعالى في سورة آل عمران الآية 169 ((وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ))
فإن الأنبياء أولى بهذه الحياة ،
ومعلوم أن الشهداء قد خرجوا من هذه الحياة الدنيا ، وقد قست أموالهم بين الورثة ، وحلت نساؤهم لغيرهم ، فكان ذلك أوضح دليل على موتهم ، ولكن الله تعالى نهى أن نقول لهم أموات في قوله عز وجل في سورة البقرة الآية 154 ((وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ))
وهذه الحياة لا نعلم كيفيتها إلا أنا نتحقق أن أرواحهم خرجت من أبدانهم ، وأن أعمارهم انقضت ، وأعمالهم قد ختمت ،
وقد فسرت حياتهم في الحديث الصحيح بأن أرواحهم جعلت في أجواف طير خضر تعلق في شجر الجنة وهو في صحيح مسلم 13 / 30 ) عن ابن مسعود - رضي الله عنه .
وهذا يحقق أنها قد فارقت أبدانهم ، وإنما تميزوا بهذه الحياة الخاصة ، ومعلوم أن الأنبياء والرسل أولى بهذه الحياة ،
وبكل حال فإنها لا تمكنهم من إجابة من دعاهم ، أو إعطاء من سألهم ، فنحن نعتقد أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء ، وقد تميز بحماية جسده عن البلى ، كما ثبت في سنن أبي داود عن أوس بن أوس عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "إن من خير أيامكم يوم الجمعة ، فأكثروا من الصلاة علي فيه ، فإن صلاتكم معروضة علي قالوا : يا رسول الله كيف تعرض عليك وقد أرمت . قال :إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسام الأنبياء" سنن النسائي الجمعة (1374),سنن أبو داود الصلاة (1047),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1636),مسند أحمد بن حنبل (4/,سنن الدارمي الصلاة (1572).
وهذا أوضح دليل على أن روحه قد خرجت من جسده ، ورفعت إلى الرفيق الأعلى ، كما كان ذلك آخر طلبه من الدنيا ،
وكذا قد ورد في الحديث عن أبي هريرة قوله - صلى الله عليه وسلم – "ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام" و هو في سنن أبو داود المناسك (2041),مسند أحمد بن حنبل (2/527). وفي كيفية هذا الرد خلاف والله أعلم بذلك ،
وقد روى أبو داود بإسناد حسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا تجعلوا بيوتكم قبورا ولا تجعلوا قبري عيدا ، وصلوا على فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم " سنن أبو داود المناسك (2042),مسند أحمد بن حنبل (2/367).
وروى الحافظ الضياء في المختارة وغيره عن علي بن الحسن بن علي - رضي الله عنه - أنه رأى رجلا يجئ إلى فرجة كانت عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيدخل فيها فيدعو ، فنهاه وقال : ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إلا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم" سنن أبو داود المناسك (2042),مسند أحمد بن حنبل (2/367).
وقال سعيد بن منصور : حدثنا عبد العزيز بن محمد ، أخبرني سهيل بن أبي سهيل قال : رآني الحسن بن الحسن بن علي - رضي الله عنهم - عند القبر فناداني فقال : مالي رأيتك عند القبر ؟ فقلت : سلمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إذا دخلت المسجد فسلم . ثم قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا تتخذوا قبري عيدا ولا تتخذوا بيوتكم مقابر ، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم ، لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء"صحيح البخاري المغازي (4177), صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531),سنن النسائي المساجد (703),مسند أحمد بن حنبل (6/146),سنن الدارمي الصلاة (1403).
فهذه الآثار تدل على شهرة ذلك عند السلف ، وحرصهم على حفظ هذه السنة وتبليغها ،
ومعنى قوله : لا تجعلوا بيوتكم قبورا" أي لا تعطلوها من الصلاة فيها والدعاء والقراءة فتكون بمنزلة القبور التي لا تجوز الصلاة عندها ، والمراد صلاة التطوع . سنن أبو داود المناسك (2042),مسند أحمد بن حنبل (2/367).
ولا تتخذوا قبري عيدا" نهى - صلى الله عليه وسلم - من زيارة قبره على وجه مخصوص واجتماع معهود ، بحيث يكون كالعيد الذي يتكرر الاجتماع فيه في زمن محدد ، ويحصل به فرح واغتباط يعود ويتكرر كل عام مرة ومرارا ،
ثم أخبرنا بأن صلاتنا تبلغه أين ما كنا ، يعني أن ما يناله من الصلاة والسلام حاصل مع القرب
والبعد ، فلا مزية لمن صلى عليه أو سلم عند القبر ، وهذا معنى قول الحسن بن الحسن ( ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء )
ومن قصد القبر للسلام فقط ، ولم يكن قصده المسجد ، فقد اتخذه عيدا ، كما فهم ذلك الحسن بن الحسن - رضي الله عنه –
وقد كره الإمام مالك - رحمه الله - لأهل المدينة كلما دخل إنسان المسجد يأتي القبر النبوي ؛ لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك قال : ( ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ) ذكره شيخ الإسلام في الاقتضاء 366 ، 394 بنحو .
وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - وكذا كبار التابعين يصلون في المسجد النبوي خلف الخلفاء الراشدين أغلب الأوقات ، ثم ينصرفون بعد السلام أو يجلسون في قراءة أو عبادة ، ولم يحفظ عنهم الإتيان إلى القبر بعد كل صلاة ، بل يكتفون بالصلاة والسلام عليه في التشهد ، وذلك أفضل من الوقوف أمام القبر لذلك ، رغم تمكنهم من الوصول إلى القبر في حياة عائشة وبعدها قبل بناء الحيطان دونه بعد أن أدخل في توسعة المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك ،
وبكل حال فإن الصحابة لم يكونوا يعتادون الصلاة والسلام عليه عند قبره ، وإنما كان بعضهم يأتي من خارج إذا قدم من سفر فيسلم عليه ثم ينصرف ، كما نقل ذلك عن ابن عمر ،
ولم يحفظ عن غيره من الصحابة ، ولم يكن يفعله دائما ،
فتكرار ذلك كل وقت بدعة ووسيلة إلى تعظيمه أو دعائه مع الله ،
وقد اتفق الأئمة - رحمهم الله - أن من سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأراد الدعاء لنفسه لا يستقبل القبر ، وإنما يستقبل القبلة التي هي أفضل الجهات وأرجى لقبول الدعاء ،
وأما الحكاية عن مالك أنه قال للمنصور : ولم تصرف وجهك عنه . . . بل استقبله واستشفع به . . الخ فهي حكاية موضوعة مكذوبة عليه ، كما حقق ذلك العلماء رحمهم الله ذكر ذلك شيخ الإسلام أيضا في الاقتضاء ص 395 وغيره . .
الاقتصاد والتوسط في حقه - صلى الله عليه وسلم - :
5 - موته - صلى الله عليه وسلم - كغيره من الأنبياء والرسل ،
قال الله تعالى في سورة الزمر الآية /30:(( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ))
وقال تعالى في سورة الأنبياء الآية /34- 35: (( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ))
ثم إن المسلمين يدينون جميعا بأن الأنبياء قبله قديما قد ماتوا ، وانقضت أعمارهم التي كتب الله لهم في الدنيا ، وأصبحوا في عالم البرزخ ، وحيث ورد في النصوص ما يقتضي حياة الشهداء كقوله تعالى في سورة آل عمران الآية 169 ((وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ))
فإن الأنبياء أولى بهذه الحياة ،
ومعلوم أن الشهداء قد خرجوا من هذه الحياة الدنيا ، وقد قست أموالهم بين الورثة ، وحلت نساؤهم لغيرهم ، فكان ذلك أوضح دليل على موتهم ، ولكن الله تعالى نهى أن نقول لهم أموات في قوله عز وجل في سورة البقرة الآية 154 ((وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ))
وهذه الحياة لا نعلم كيفيتها إلا أنا نتحقق أن أرواحهم خرجت من أبدانهم ، وأن أعمارهم انقضت ، وأعمالهم قد ختمت ،
وقد فسرت حياتهم في الحديث الصحيح بأن أرواحهم جعلت في أجواف طير خضر تعلق في شجر الجنة وهو في صحيح مسلم 13 / 30 ) عن ابن مسعود - رضي الله عنه .
وهذا يحقق أنها قد فارقت أبدانهم ، وإنما تميزوا بهذه الحياة الخاصة ، ومعلوم أن الأنبياء والرسل أولى بهذه الحياة ،
وبكل حال فإنها لا تمكنهم من إجابة من دعاهم ، أو إعطاء من سألهم ، فنحن نعتقد أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء ، وقد تميز بحماية جسده عن البلى ، كما ثبت في سنن أبي داود عن أوس بن أوس عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "إن من خير أيامكم يوم الجمعة ، فأكثروا من الصلاة علي فيه ، فإن صلاتكم معروضة علي قالوا : يا رسول الله كيف تعرض عليك وقد أرمت . قال :إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسام الأنبياء" سنن النسائي الجمعة (1374),سنن أبو داود الصلاة (1047),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1636),مسند أحمد بن حنبل (4/,سنن الدارمي الصلاة (1572).
وهذا أوضح دليل على أن روحه قد خرجت من جسده ، ورفعت إلى الرفيق الأعلى ، كما كان ذلك آخر طلبه من الدنيا ،
وكذا قد ورد في الحديث عن أبي هريرة قوله - صلى الله عليه وسلم – "ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام" و هو في سنن أبو داود المناسك (2041),مسند أحمد بن حنبل (2/527). وفي كيفية هذا الرد خلاف والله أعلم بذلك ،
وقد روى أبو داود بإسناد حسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا تجعلوا بيوتكم قبورا ولا تجعلوا قبري عيدا ، وصلوا على فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم " سنن أبو داود المناسك (2042),مسند أحمد بن حنبل (2/367).
وروى الحافظ الضياء في المختارة وغيره عن علي بن الحسن بن علي - رضي الله عنه - أنه رأى رجلا يجئ إلى فرجة كانت عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيدخل فيها فيدعو ، فنهاه وقال : ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إلا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم" سنن أبو داود المناسك (2042),مسند أحمد بن حنبل (2/367).
وقال سعيد بن منصور : حدثنا عبد العزيز بن محمد ، أخبرني سهيل بن أبي سهيل قال : رآني الحسن بن الحسن بن علي - رضي الله عنهم - عند القبر فناداني فقال : مالي رأيتك عند القبر ؟ فقلت : سلمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إذا دخلت المسجد فسلم . ثم قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا تتخذوا قبري عيدا ولا تتخذوا بيوتكم مقابر ، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم ، لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء"صحيح البخاري المغازي (4177), صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531),سنن النسائي المساجد (703),مسند أحمد بن حنبل (6/146),سنن الدارمي الصلاة (1403).
فهذه الآثار تدل على شهرة ذلك عند السلف ، وحرصهم على حفظ هذه السنة وتبليغها ،
ومعنى قوله : لا تجعلوا بيوتكم قبورا" أي لا تعطلوها من الصلاة فيها والدعاء والقراءة فتكون بمنزلة القبور التي لا تجوز الصلاة عندها ، والمراد صلاة التطوع . سنن أبو داود المناسك (2042),مسند أحمد بن حنبل (2/367).
ولا تتخذوا قبري عيدا" نهى - صلى الله عليه وسلم - من زيارة قبره على وجه مخصوص واجتماع معهود ، بحيث يكون كالعيد الذي يتكرر الاجتماع فيه في زمن محدد ، ويحصل به فرح واغتباط يعود ويتكرر كل عام مرة ومرارا ،
ثم أخبرنا بأن صلاتنا تبلغه أين ما كنا ، يعني أن ما يناله من الصلاة والسلام حاصل مع القرب
والبعد ، فلا مزية لمن صلى عليه أو سلم عند القبر ، وهذا معنى قول الحسن بن الحسن ( ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء )
ومن قصد القبر للسلام فقط ، ولم يكن قصده المسجد ، فقد اتخذه عيدا ، كما فهم ذلك الحسن بن الحسن - رضي الله عنه –
وقد كره الإمام مالك - رحمه الله - لأهل المدينة كلما دخل إنسان المسجد يأتي القبر النبوي ؛ لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك قال : ( ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ) ذكره شيخ الإسلام في الاقتضاء 366 ، 394 بنحو .
وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - وكذا كبار التابعين يصلون في المسجد النبوي خلف الخلفاء الراشدين أغلب الأوقات ، ثم ينصرفون بعد السلام أو يجلسون في قراءة أو عبادة ، ولم يحفظ عنهم الإتيان إلى القبر بعد كل صلاة ، بل يكتفون بالصلاة والسلام عليه في التشهد ، وذلك أفضل من الوقوف أمام القبر لذلك ، رغم تمكنهم من الوصول إلى القبر في حياة عائشة وبعدها قبل بناء الحيطان دونه بعد أن أدخل في توسعة المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك ،
وبكل حال فإن الصحابة لم يكونوا يعتادون الصلاة والسلام عليه عند قبره ، وإنما كان بعضهم يأتي من خارج إذا قدم من سفر فيسلم عليه ثم ينصرف ، كما نقل ذلك عن ابن عمر ،
ولم يحفظ عن غيره من الصحابة ، ولم يكن يفعله دائما ،
فتكرار ذلك كل وقت بدعة ووسيلة إلى تعظيمه أو دعائه مع الله ،
وقد اتفق الأئمة - رحمهم الله - أن من سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأراد الدعاء لنفسه لا يستقبل القبر ، وإنما يستقبل القبلة التي هي أفضل الجهات وأرجى لقبول الدعاء ،
وأما الحكاية عن مالك أنه قال للمنصور : ولم تصرف وجهك عنه . . . بل استقبله واستشفع به . . الخ فهي حكاية موضوعة مكذوبة عليه ، كما حقق ذلك العلماء رحمهم الله ذكر ذلك شيخ الإسلام أيضا في الاقتضاء ص 395 وغيره . .
مصرية وافتخر- فرسان لهم بصمات
- مساهماتي : 1167
نقاطي : 1880
تسجيلي : 10/12/2011
رد: معنى شهاده ان محمد رسول الله
الأمر السابع :
الاقتصاد والتوسط في حقه - صلى الله عليه وسلم - :
6 - منع السفر لمجرد زيارة القبر النبوي ،
ثبت في الصحاح والسنن والمسانيد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى)
ومعنى ذلك النهي عن السفر إلى بقعة أو موضع لقصد التعبد فيه ، لاعتقاد أن العمل فيه مضاعف أو له مزية على غيره من المواضع ، فدخل في ذلك منع السفر لزيارة القبور ولو قبور الأنبياء ، فإنه من اتخاذها أعيادا ، والاعتقاد في المقبورين بما يكون وسيلة إلى عبادتهم مع الله تعالى ، كما هو الواقع من المشركين في هذا الزمان وقبله ، حيث ينشئون الأسفار الطويلة إلى قبور الأولياء كما زعموا ، أو يتجشمون المشقات ، وينفقون الأموال الطائلة ،
ومتى وصلوا إلى تلك المشاهد كما أسموها حطوا رحالهم ، وأخذوا في الهتاف والنداء لا أولئك الأموات ،
وعملوا هناك مالا يصلح إلا لله رب العالمين ، من الطواف بتلك الأضرحة والتمسح بترابها ، والدعاء لأربابها ، والذبح والنحر لها ونحو ذلك ،
فهذا ما خافه عليه الصلاة والسلام من منعه شد الرحال لغير المساجد الثلاثة ،
وقد كتب في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - رسالة ذكر فيها اختلاف العلماء في حكم شد الرحال لمجرد زيارة قبور الأنبياء والصالحين ، ورجح المنع ، وذكر أنه قول ابن بطة وأبي الوفاء ابن عقيل ، والجوينى والقاضي عياض وغيرهم ، بل هو قول الجمهور ، ونص عليه مالك ، ولم يخالفه أحد من الأئمة ،
ولكن ليس المراد النهي عن زيارة القبور بدون شد رحل ، فقد ورد الترغيب فيها ، وأنها تذكر الآخرة ، وأن الزائر يدعو للأموات ويترحم عليهم ، وهذا يحصل في أقرب مقبرة عنده ، فإن كل بلد لا تخلو من المقابر ،
فأما إعمال المطي والسفر إلى بلد بعيد لأجل بقعة أو قبر ، فإنما يكون ذلك لاعتقاد عظمة ذلك المقبور ، وأهليته أن يعظم ويدعى ويرجى ، فيصرف له خالص العبادة ،
فلا جرم ورود النهي عن شد الرحال لغير المساجد الثلاثة ،
وقد روى الإمام أحمد وغيره عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري أنهما منعا شد الرحل إلى الطور ، لأجل الصلاة فيه ، واستدلا بحديث النهي عن شد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مع أن الله ذكر الطور وسماه بالوادي المقدس ، والبقعة المباركة ، وكلم عبده موسى هناك ،
وعلى هذا فمن سافر إلى المدينة قاصدا المسجد النبوي الذي تكون الصلاة فيه بألف صلاة فسفره طاعة وقربة ، وله بعد الصلاة في المسجد أن يسلم على القبر الشريف ، وعلى قبور الصحابة والشهداء ، ويدعو لهم ،
فأما من أنشأ السفر لأجل القبر نفسه ، سواء للسلام عليه أو للدعاء عنده فسفره بدعة منكرة ، حيث خالف حديث لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم فأما الأحاديث المروية في فضل الزيارة للقبر الشريف فكلها ضعيفة أو موضوعة ، كما حقق ذلك العلماء ،
فليتنبه لذلك والله الموفق .
الاقتصاد والتوسط في حقه - صلى الله عليه وسلم - :
6 - منع السفر لمجرد زيارة القبر النبوي ،
ثبت في الصحاح والسنن والمسانيد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى)
ومعنى ذلك النهي عن السفر إلى بقعة أو موضع لقصد التعبد فيه ، لاعتقاد أن العمل فيه مضاعف أو له مزية على غيره من المواضع ، فدخل في ذلك منع السفر لزيارة القبور ولو قبور الأنبياء ، فإنه من اتخاذها أعيادا ، والاعتقاد في المقبورين بما يكون وسيلة إلى عبادتهم مع الله تعالى ، كما هو الواقع من المشركين في هذا الزمان وقبله ، حيث ينشئون الأسفار الطويلة إلى قبور الأولياء كما زعموا ، أو يتجشمون المشقات ، وينفقون الأموال الطائلة ،
ومتى وصلوا إلى تلك المشاهد كما أسموها حطوا رحالهم ، وأخذوا في الهتاف والنداء لا أولئك الأموات ،
وعملوا هناك مالا يصلح إلا لله رب العالمين ، من الطواف بتلك الأضرحة والتمسح بترابها ، والدعاء لأربابها ، والذبح والنحر لها ونحو ذلك ،
فهذا ما خافه عليه الصلاة والسلام من منعه شد الرحال لغير المساجد الثلاثة ،
وقد كتب في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - رسالة ذكر فيها اختلاف العلماء في حكم شد الرحال لمجرد زيارة قبور الأنبياء والصالحين ، ورجح المنع ، وذكر أنه قول ابن بطة وأبي الوفاء ابن عقيل ، والجوينى والقاضي عياض وغيرهم ، بل هو قول الجمهور ، ونص عليه مالك ، ولم يخالفه أحد من الأئمة ،
ولكن ليس المراد النهي عن زيارة القبور بدون شد رحل ، فقد ورد الترغيب فيها ، وأنها تذكر الآخرة ، وأن الزائر يدعو للأموات ويترحم عليهم ، وهذا يحصل في أقرب مقبرة عنده ، فإن كل بلد لا تخلو من المقابر ،
فأما إعمال المطي والسفر إلى بلد بعيد لأجل بقعة أو قبر ، فإنما يكون ذلك لاعتقاد عظمة ذلك المقبور ، وأهليته أن يعظم ويدعى ويرجى ، فيصرف له خالص العبادة ،
فلا جرم ورود النهي عن شد الرحال لغير المساجد الثلاثة ،
وقد روى الإمام أحمد وغيره عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري أنهما منعا شد الرحل إلى الطور ، لأجل الصلاة فيه ، واستدلا بحديث النهي عن شد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مع أن الله ذكر الطور وسماه بالوادي المقدس ، والبقعة المباركة ، وكلم عبده موسى هناك ،
وعلى هذا فمن سافر إلى المدينة قاصدا المسجد النبوي الذي تكون الصلاة فيه بألف صلاة فسفره طاعة وقربة ، وله بعد الصلاة في المسجد أن يسلم على القبر الشريف ، وعلى قبور الصحابة والشهداء ، ويدعو لهم ،
فأما من أنشأ السفر لأجل القبر نفسه ، سواء للسلام عليه أو للدعاء عنده فسفره بدعة منكرة ، حيث خالف حديث لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم فأما الأحاديث المروية في فضل الزيارة للقبر الشريف فكلها ضعيفة أو موضوعة ، كما حقق ذلك العلماء ،
فليتنبه لذلك والله الموفق .
مصرية وافتخر- فرسان لهم بصمات
- مساهماتي : 1167
نقاطي : 1880
تسجيلي : 10/12/2011
مواضيع مماثلة
» ( عذرا رسول الله لنصصرة رسول الله )
» ــ[ بالصور الحوض الذى كان يتوضا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ]ــ
» بيان للأحاديث الضعيفة والمكذوبة على رسول الله "صلى الله عليه وسلم
» ــ[ صفة خاتم النبوة الموجود بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ]ــ
» موسوعه كامله عن حياه رسول الله (صلى الله علية وسلم)
» ــ[ بالصور الحوض الذى كان يتوضا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ]ــ
» بيان للأحاديث الضعيفة والمكذوبة على رسول الله "صلى الله عليه وسلم
» ــ[ صفة خاتم النبوة الموجود بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ]ــ
» موسوعه كامله عن حياه رسول الله (صلى الله علية وسلم)
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام :: القسم الاسلامي :: سيرة النبي صل الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى