سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
4 مشترك
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام :: القسم الاسلامي :: مسلمات
صفحة 1 من اصل 1
سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في هذا الموضوع حبيت أذكر لكم سيرة امهات المؤمنين الله جميعا
لانه من واجبنا أن نحبهن ونقدرهن لان الرسول صلى الله عليه وسلم وصى على ذلك
ولأن الله سبحانه وتعالى إرتضاهن لنبيه دون غيرهن من نساء العالم فذلك
دليل مكانتهن العاليه .
فلابد أن نعرف ونتدبر سيرة أعظم نساء العالم
أرجوا من الله أن يوفقني لنقل سيرتهن بالصوره التي تليق بهن
نبدأ هذه السلسله مع أم المؤمنين سيدتنا
خديجة بنت خويلد
فضلها:
لقد فضِّلت خديجة على نساء أمتي كما فضِّلت مريم على نساء العالمين
حديث شريف
والله ما أبدلني الله خيراً منها قد آمنت بي إذ كفر بي الناس
وصدَّقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس
ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس
حديث شريف
هي :
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية
كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة
بداية التعارف
كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال ، فلمّا بلغها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها الى الشام تاجراً ، وتعطيـه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجـار ، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخرج في مالها حتى قَدِم الشام وفي الطريق نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل الراهب ميسرة ( من هذا الرجل ؟) فأجابه ( رجل من قريش من أهل الحرم ) فقال الراهب ( ما نزل تحت هذه الشجرة قطٌ إلا نبي )
ثم وصلا الشام وباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد ، ثم أقبل قافلاً الى مكة ومعه ميسرة ، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه -صلى الله عليه وسلم- من الشمس وهو يسير على بعيره ولمّا قدم -صلى الله عليه وسلم- مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب الضعف
الخطبة و الزواج
وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما كان من أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- فبعثت الى رسول الله وقالت له ( يا ابن عمّ ! إني قد رَغبْتُ فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك وأمانتك ، وحُسْنِ خُلقِك ، وصِدْقِ حديثك ) ثم عرضت عليه نفسها ، فذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له ( إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك ) ووصل الخبر الى عم السيدة خديجة ، فأرسل الى رؤساء مُضَر ، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك ، فكان وكيل السيدة عائشة عمّها عمرو بن أسد ، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل ، ووكيل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمّه أبو طالب
وكان أول المتكلمين أبو طالب فقال ( الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل وضئضئ معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسُوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا ، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به ، وإن كان في المال قِلاّ ، فإن المال ظِلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد مَنْ قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وقد بذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهباً ونشاً -أي نصف أوقية- وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل )
ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا ( الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم ، وقد رغبنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله )
كما تكلم عمُّهـا عمرو بن أسـد فقال ( اشهدوا عليّ يا معاشـر قريـش أنّي قد أنكحـت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد ) وشهـد على ذلك صناديـد قريـش
الذرية الصالحة
تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، وولدت السيدة خديجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم -وبه كان يكنى- ، والطاهر والطيب -لقبان لعبد الله - ، وزينب ، ورقيـة ، وأم كلثـوم ، وفاطمـة عليهم السلام فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه -صلى الله عليه وسلم-
إسلام خديجة
وبعد الزواج الميمون بخمسة عشر عاماً نزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- فآمنت به خديجة ، وصدقت بما جاءه من الله ، ووازرته على أمره ، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله ، وصدق بما جاء منه ، فخفف الله بذلك عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له ، فيحزنه ذلك ، الا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها ، تثبته وتخفف عليه وتصدقه ، وتهون عليه أمر الناس ، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قَصَب -اللؤلؤ المنحوت- ، لا صخب فيه ولا نصب )
فضل خديجة
جاء جبريل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال ( إن الله يقرأ على خديجة السلام ) فقالت ( إن الله هو السلام ، وعلى جبريل السلام ، وعليك السلام ورحمة الله ) قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( خيرُ نسائها مريم ، وخير نسائها خديجة )
عام المقاطعة
ولمّا قُضيَ على بني هاشم وبني عبد المطلب عام المقاطعة أن يخرجوا من مكة الى شعابها ، لم تتردد السيدة خديجة في الخروج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي يحملها وعلى الرغم من تقدمها بالسن ، فقد نأت بأثقال الشيخوخة بهمة عالية وكأنها عاد إليها صباها ، وأقامت قي الشعاب ثلاث سنين ، وهي صابرة محتسبة للأجر عند الله تعالى
عام الحزن
وفي العام العاشر من البعثة النبوية وقبل الهجرة بثلاث سنين توفيت السيدة خديجة -رضي الله عنها- ، التي كانت للرسول -صلى الله عليه وسلم- وزير صدق على الإسلام ، يشكـو إليها ، وفي نفس العام توفـي عـم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبو طالب ، لهذا كان الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- يسمي هذا العام بعام الحزن
الوفاء
قد أثنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السيدة خديجة ما لم يثن على غيرها ، فتقول السيدة عائشة ( كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوماً من الأيام فأخذتني الغيرة ،
فقلت ( هل كانت إلا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها ) فغضب ثم قال ( لا والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس ، وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء ) قالت عائشة ( فقلتْ في نفسي : لا أذكرها بعدها بسبّةٍ أبداً )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في هذا الموضوع حبيت أذكر لكم سيرة امهات المؤمنين الله جميعا
لانه من واجبنا أن نحبهن ونقدرهن لان الرسول صلى الله عليه وسلم وصى على ذلك
ولأن الله سبحانه وتعالى إرتضاهن لنبيه دون غيرهن من نساء العالم فذلك
دليل مكانتهن العاليه .
فلابد أن نعرف ونتدبر سيرة أعظم نساء العالم
أرجوا من الله أن يوفقني لنقل سيرتهن بالصوره التي تليق بهن
نبدأ هذه السلسله مع أم المؤمنين سيدتنا
خديجة بنت خويلد
فضلها:
لقد فضِّلت خديجة على نساء أمتي كما فضِّلت مريم على نساء العالمين
حديث شريف
والله ما أبدلني الله خيراً منها قد آمنت بي إذ كفر بي الناس
وصدَّقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس
ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس
حديث شريف
هي :
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية
كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة
بداية التعارف
كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال ، فلمّا بلغها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها الى الشام تاجراً ، وتعطيـه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجـار ، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخرج في مالها حتى قَدِم الشام وفي الطريق نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل الراهب ميسرة ( من هذا الرجل ؟) فأجابه ( رجل من قريش من أهل الحرم ) فقال الراهب ( ما نزل تحت هذه الشجرة قطٌ إلا نبي )
ثم وصلا الشام وباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد ، ثم أقبل قافلاً الى مكة ومعه ميسرة ، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه -صلى الله عليه وسلم- من الشمس وهو يسير على بعيره ولمّا قدم -صلى الله عليه وسلم- مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب الضعف
الخطبة و الزواج
وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما كان من أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- فبعثت الى رسول الله وقالت له ( يا ابن عمّ ! إني قد رَغبْتُ فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك وأمانتك ، وحُسْنِ خُلقِك ، وصِدْقِ حديثك ) ثم عرضت عليه نفسها ، فذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له ( إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك ) ووصل الخبر الى عم السيدة خديجة ، فأرسل الى رؤساء مُضَر ، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك ، فكان وكيل السيدة عائشة عمّها عمرو بن أسد ، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل ، ووكيل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمّه أبو طالب
وكان أول المتكلمين أبو طالب فقال ( الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل وضئضئ معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسُوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا ، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به ، وإن كان في المال قِلاّ ، فإن المال ظِلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد مَنْ قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وقد بذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهباً ونشاً -أي نصف أوقية- وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل )
ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا ( الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم ، وقد رغبنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله )
كما تكلم عمُّهـا عمرو بن أسـد فقال ( اشهدوا عليّ يا معاشـر قريـش أنّي قد أنكحـت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد ) وشهـد على ذلك صناديـد قريـش
الذرية الصالحة
تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، وولدت السيدة خديجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم -وبه كان يكنى- ، والطاهر والطيب -لقبان لعبد الله - ، وزينب ، ورقيـة ، وأم كلثـوم ، وفاطمـة عليهم السلام فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه -صلى الله عليه وسلم-
إسلام خديجة
وبعد الزواج الميمون بخمسة عشر عاماً نزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- فآمنت به خديجة ، وصدقت بما جاءه من الله ، ووازرته على أمره ، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله ، وصدق بما جاء منه ، فخفف الله بذلك عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له ، فيحزنه ذلك ، الا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها ، تثبته وتخفف عليه وتصدقه ، وتهون عليه أمر الناس ، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قَصَب -اللؤلؤ المنحوت- ، لا صخب فيه ولا نصب )
فضل خديجة
جاء جبريل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال ( إن الله يقرأ على خديجة السلام ) فقالت ( إن الله هو السلام ، وعلى جبريل السلام ، وعليك السلام ورحمة الله ) قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( خيرُ نسائها مريم ، وخير نسائها خديجة )
عام المقاطعة
ولمّا قُضيَ على بني هاشم وبني عبد المطلب عام المقاطعة أن يخرجوا من مكة الى شعابها ، لم تتردد السيدة خديجة في الخروج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي يحملها وعلى الرغم من تقدمها بالسن ، فقد نأت بأثقال الشيخوخة بهمة عالية وكأنها عاد إليها صباها ، وأقامت قي الشعاب ثلاث سنين ، وهي صابرة محتسبة للأجر عند الله تعالى
عام الحزن
وفي العام العاشر من البعثة النبوية وقبل الهجرة بثلاث سنين توفيت السيدة خديجة -رضي الله عنها- ، التي كانت للرسول -صلى الله عليه وسلم- وزير صدق على الإسلام ، يشكـو إليها ، وفي نفس العام توفـي عـم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبو طالب ، لهذا كان الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- يسمي هذا العام بعام الحزن
الوفاء
قد أثنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السيدة خديجة ما لم يثن على غيرها ، فتقول السيدة عائشة ( كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوماً من الأيام فأخذتني الغيرة ،
فقلت ( هل كانت إلا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها ) فغضب ثم قال ( لا والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس ، وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء ) قالت عائشة ( فقلتْ في نفسي : لا أذكرها بعدها بسبّةٍ أبداً )
رد: سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
سَوْدَة بنت زَمْعَة
يا رسول الله ! ما لي رغبة في الدنيا ، إلا لأحشر "
" يوم القيامة في أزواجك ، فيكون لي من الثواب ما لهنّ
سودة بنت زمعة
هي :
سودة بنت زمعـة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل
ابن عامر بن لؤي القرشيـة ، أم المؤمنيـن ، تزوّجها الرسول -صلى الله عليه
وسلم- بعد خديجة وقبل عائشة أسلمت بمكة وهاجرت هي وزوجها الى الحبشة
في الهجرة الثانية ومات زوجها هناك
قصة الزواج
بعد وفاة السيـدة خديجـة بثـلاث سنيـن قالت خولة بنت حكيم للرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو بمكة ( ألا تتزوج ؟) فقال ( ومن ؟) فقالت ( إن شئـت بكراً وإن شئـت ثيباً !؟)قال ( من البكر ؟) قالت ( ابنة أحـبِّ خلق الله إليك ، عائشة بنت أبي بكر ؟)
قال ( ومن الثيب ؟) قالت ( سودة بنت زمعة بن قيس ، قد آمنت بك واتبعتك على ما أنت عليه )قال ( فاذهبي فاذكريهما عليّ )
فجاءت فدخلت بيت أبي بكر ، ثم خرجت فدخلت على سودة فقالت ( أي سودة ! ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ؟!) قالت ( وما ذاك ؟) قالت ( أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطبك عليه ؟!) فقالت ( وددتُ ، ادخلي على أبي فاذكري له ذلك ) وكان والدها شيخ كبير ، فدخلت عليه فحيته بتحية أهـل الجاهلية ثم قالت ( إن محمـد بن عبد الله بن عبـد المطلـب أرسلني أخطـب عليه سودة ؟) قال ( كفء كريم ، فماذا تقول صاحبته ؟) قالت ( تحب ذلك ) قال ( ادعيها إليّ ) فدُعيَت له
فقال ( أيْ سودة ، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسل يخطبك ، وهو كفء كريم ، أفتحبين أن أزوِّجْكِهِ ؟) قالت ( نعم ) فقال ( فادعيه لي ) فدعته وجاء فزوّجه
سودة والنبي
كانت السيدة سودة مصبية ، فقد كان لها خمس صبية أو ست من بعلها مات ( السكران بن عمرو ) فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( ما يمنعُك مني ؟) قالت ( والله يا نبي الله ما يمنعني منك أن لا تكون أحبَّ البرية إلي ، لكني أكرمك ، أن يمنعوا هؤلاء الصبية عند رأسك بُكرة وعشية ) فقال -صلى الله عليه وسلم- ( فهل منعك مني غير ذلك ؟) قالت ( لا والله ) قال لها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( يرحمك الله ، إن خيرَ نساءٍ ركبنَ أعجاز الإبل ، صالحُ نساءِ قريشِ أحناه على ولده في صغره ، وأرعاه على بعل بذات يده )
سودة الزوجة
أرضى الزواج السيدة سودة -رضي الله عنها- ، وأخذت مكانها الرفيع في بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحرصت على خدمة بناته الكريمات ، سعيدة يملأ نفسها الرضا والسرور وكان يسعدها أن ترى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يبتسم من مشيتها المتمايلة من ثِقَل جسمها ، الى جانب ملاحة نفسها وخفّة ظلها
الضرائر
بعد الهجرة الى المدينة جاءت عائشة بنت أبي بكر زوجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فأفسحت السيدة سودة المجال للعروس الشابة وحرصت على إرضائها والسهر على راحتها ثم خصّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- لكل زوجة بيت خاصٍ بها ، وأتت زوجات جديدات الى بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكن لم تتردد السيدة سودة في إيثار السيدة عائشة بإخلاصها ومودتها
التسريح
عندما بدأت السيدة سودة تشعر بالشيخوخة تدب في جسدها الكليل ، وأنها تأخذ ما لا حق لها فيه في ليلة تنتزعها من بين زوجات الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأنها غير قادرة على القيام بواجب الزوجية ، سرّحها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكنها لم تقبل بأن تعيش بعيدا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجمعت ثيابها وجلست في طريقه الذي يخرج منه للصلاة ، فلما دنا بكت وقالت ( يا رسول الله ، هل غمصتَ عليَّ في الإسلام ؟) فقال ( اللهم لا ) قالت ( فإني أسألك لما راجعتني ) فراجعها ، وعندما حققت مطلبها قالت ( يا رسول الله ، يومي لعائشة في رضاك ، لأنظر الى وجهك ، فوالله ما بي ما تريد النساء ، ولكني أحب أن يبعثني الله في نسائك يوم القيامة ) وهكذا حافظت على صحبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة
وفاتها
توفيـت -رضي الله عنها- في آخر زمان عمـر بن الخطـاب وبقيت السيدة عائشـة تذكرها وتؤثرها بجميل الوفاء والثناء الحسن في حياتها وبعد مماتها -رضي الله عنهما-
يا رسول الله ! ما لي رغبة في الدنيا ، إلا لأحشر "
" يوم القيامة في أزواجك ، فيكون لي من الثواب ما لهنّ
سودة بنت زمعة
هي :
سودة بنت زمعـة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل
ابن عامر بن لؤي القرشيـة ، أم المؤمنيـن ، تزوّجها الرسول -صلى الله عليه
وسلم- بعد خديجة وقبل عائشة أسلمت بمكة وهاجرت هي وزوجها الى الحبشة
في الهجرة الثانية ومات زوجها هناك
قصة الزواج
بعد وفاة السيـدة خديجـة بثـلاث سنيـن قالت خولة بنت حكيم للرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو بمكة ( ألا تتزوج ؟) فقال ( ومن ؟) فقالت ( إن شئـت بكراً وإن شئـت ثيباً !؟)قال ( من البكر ؟) قالت ( ابنة أحـبِّ خلق الله إليك ، عائشة بنت أبي بكر ؟)
قال ( ومن الثيب ؟) قالت ( سودة بنت زمعة بن قيس ، قد آمنت بك واتبعتك على ما أنت عليه )قال ( فاذهبي فاذكريهما عليّ )
فجاءت فدخلت بيت أبي بكر ، ثم خرجت فدخلت على سودة فقالت ( أي سودة ! ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ؟!) قالت ( وما ذاك ؟) قالت ( أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطبك عليه ؟!) فقالت ( وددتُ ، ادخلي على أبي فاذكري له ذلك ) وكان والدها شيخ كبير ، فدخلت عليه فحيته بتحية أهـل الجاهلية ثم قالت ( إن محمـد بن عبد الله بن عبـد المطلـب أرسلني أخطـب عليه سودة ؟) قال ( كفء كريم ، فماذا تقول صاحبته ؟) قالت ( تحب ذلك ) قال ( ادعيها إليّ ) فدُعيَت له
فقال ( أيْ سودة ، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسل يخطبك ، وهو كفء كريم ، أفتحبين أن أزوِّجْكِهِ ؟) قالت ( نعم ) فقال ( فادعيه لي ) فدعته وجاء فزوّجه
سودة والنبي
كانت السيدة سودة مصبية ، فقد كان لها خمس صبية أو ست من بعلها مات ( السكران بن عمرو ) فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( ما يمنعُك مني ؟) قالت ( والله يا نبي الله ما يمنعني منك أن لا تكون أحبَّ البرية إلي ، لكني أكرمك ، أن يمنعوا هؤلاء الصبية عند رأسك بُكرة وعشية ) فقال -صلى الله عليه وسلم- ( فهل منعك مني غير ذلك ؟) قالت ( لا والله ) قال لها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( يرحمك الله ، إن خيرَ نساءٍ ركبنَ أعجاز الإبل ، صالحُ نساءِ قريشِ أحناه على ولده في صغره ، وأرعاه على بعل بذات يده )
سودة الزوجة
أرضى الزواج السيدة سودة -رضي الله عنها- ، وأخذت مكانها الرفيع في بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحرصت على خدمة بناته الكريمات ، سعيدة يملأ نفسها الرضا والسرور وكان يسعدها أن ترى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يبتسم من مشيتها المتمايلة من ثِقَل جسمها ، الى جانب ملاحة نفسها وخفّة ظلها
الضرائر
بعد الهجرة الى المدينة جاءت عائشة بنت أبي بكر زوجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فأفسحت السيدة سودة المجال للعروس الشابة وحرصت على إرضائها والسهر على راحتها ثم خصّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- لكل زوجة بيت خاصٍ بها ، وأتت زوجات جديدات الى بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكن لم تتردد السيدة سودة في إيثار السيدة عائشة بإخلاصها ومودتها
التسريح
عندما بدأت السيدة سودة تشعر بالشيخوخة تدب في جسدها الكليل ، وأنها تأخذ ما لا حق لها فيه في ليلة تنتزعها من بين زوجات الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأنها غير قادرة على القيام بواجب الزوجية ، سرّحها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكنها لم تقبل بأن تعيش بعيدا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجمعت ثيابها وجلست في طريقه الذي يخرج منه للصلاة ، فلما دنا بكت وقالت ( يا رسول الله ، هل غمصتَ عليَّ في الإسلام ؟) فقال ( اللهم لا ) قالت ( فإني أسألك لما راجعتني ) فراجعها ، وعندما حققت مطلبها قالت ( يا رسول الله ، يومي لعائشة في رضاك ، لأنظر الى وجهك ، فوالله ما بي ما تريد النساء ، ولكني أحب أن يبعثني الله في نسائك يوم القيامة ) وهكذا حافظت على صحبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة
وفاتها
توفيـت -رضي الله عنها- في آخر زمان عمـر بن الخطـاب وبقيت السيدة عائشـة تذكرها وتؤثرها بجميل الوفاء والثناء الحسن في حياتها وبعد مماتها -رضي الله عنهما-
رد: سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
عائشة بنت أبي بكر
أنزل الله براءتك من فوق سبع سمواته "
فليس مسجد يُذكر الله فيه إلا وشأنك يُتلى
" فيه آناء الليل وأطراف النهار
ابن عباس
هي:
عائشـة بنت أبي بكر الصديـق ، عبد الله بن أبي قحافـة عثمان بن عامر
من ولد تيـم بن مرة ، ولدت السيـدة عائشـة بعد البعثة بأربع سنين ، وعقد
عليها رسـول اللـه -صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة بسنة ، ودخـل عليها
بعد الهجرة بسنة أو سنتيـن وقُبِضَ عنها الرسول الكريم وهي بنـت ثمان
عشرة سنة ، وعاشت ست وستين سنة ، وحفظت القرآن الكريم في حياة الرسول
وروت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ألفي حديث ومائي وعشرة أحاديث
الرؤيا المباركة
قال الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ( أُريتُـكِ -وهو يخاطب عائشـة- في المنام ثلاث ليالٍ ، جاءني بك الملك في سَرَقةٍ من حرير ، وهو الحرير الأبيض ،
فيقول( هذه إمرأتك ) فاكشف عن وجهك فإذا أنت هي ؟
فأقول ( إن يكُ هذا من عند الله يُمضِهِ)
الخِطبة
عندما ذكرت خولة بنت حكيـم لرسـول الله -صلى الله عليه وسلم- اسم عائشة لتخطبها له ، تهلل وجهه الشريف لتحقق الرؤيا المباركة ، ولرباط المصاهـرة الذي سيقرب بينه وبين أحـب الناس إليه دخلت خولة الى بيت أبي بكر ، فوجدت أم عائشة فقالت لها
( ماذا أدخل الله عليكم من الخير و البركة ؟) قالت أم عائشة ( وما ذاك ؟)
أجابت ( أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخطبُ له عائشة )
فقالت ( ودِدْتُ ، انتظري أبا بكر فإنه آتٍ )
وجاء أبو بكر فقالت له ( يا أبا بكر ، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ؟! أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخطبُ عائشـة )فذكر أبو بكر موضعـه من الرسـول -صلى الله عليه وسلم- وقال ( وهل تصلح له ؟إنما هـي ابنة أخيه ؟)فرجعت خولة الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقالت له ذلك ، فقال ( ارجعي إليه فقولي : أنت أخي في الإسلام ، وأنا أخوك ، وبنتك تصلحُ لي )
فذكرت ذلك لأبي بكر فقال ( انتظريني حتى أرجع ) فذهب ليتحلل من عِدَةٍ للمطعم بن عدي ، كان ذكرها على ابنه ، فلما عاد أبو بكر قال ( قد أذهبَ الله العِدَة التي كانت في نفسـه من عدِتِه التي وعدها إيّـاه ، ادْعي لي رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ) فدعتْه وجاء ، فأنكحه ، فحصلت قرابة النسب بعد قرابة الدين
العروس المباركة
وبعد أن هاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين الى المدينة ، وحين أتى الميعاد أسرع الأصحاب من الأنصار وزوجاتهم الى منزل الصديق حيث كانت تقوم فيه العروس المباركة ، فاجتمعت النسوة الى آل الصديق يهيئن العروس لتزفّ الى زوجها
( سيد الخلق ) ، وبعد أن هيَّئْنَها وزفَفْنها ، دخلت ( أم الرومان ) أم عائشة بصحبة ابنتها العروس الى منزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- من دار أبي بكر ، و قالت
( هؤلاء أهلك ، فبارك الله لك فيهنّ ، وبارك لهن فيك ) وتنقضي ليلة الزفاف في دار أبي بكر ( في بني الحارث بن الخزرج ) ثم يتحوّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأهله الى البيت الجديد وهو حجرة من الحجرات التي شُيّدت حول المسجد
حديث الإفك
حديث الإفك خطير أفظع الخطر في مضمونه ومحتواه فمضمونه : العداء للإسلام والمسلمين ، و محتواه : قذف عرض النبي -صلى الله عليه وسلم- وإشاعة مقالة السوء في أهله الأطهار ، و أغراضه : إكراه الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمهاجرين على الخروج من المدينة ، وأهدافه : إزالة آثار الإسلام والإيمان من قلوب الأنصار
الحادثة
وفي غزوة المصطلق سنة ست للهجرة ، تقول السيدة عائشة ( فلما فرغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من سفره ذلك وجّه قافلا حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل ، ثم أذّن في الناس بالرحيل ، فارتحل الناس ، وخرجت لبعض حاجاتي وفي عنقي عقد لي ، فلما فرغت أنسل من عنقي ولا أدري ، فلما رجعت الى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده ، وقد أخذ الناس في الرحيل ، فرجعت الى مكاني الذي ذهبت إليه ، فالتمسته حتى وجدته ، وجاء القوم خلافي ، الذين كانوا يُرَحِّلون لي البعير ، وقد فرغوا من رحلته ، فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه كما كنت أصنع ، فاحتملوه فشدوه على البعير ، ولم يشكوا أني فيه ، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به ، فرجعت الى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب ، قد انطلق الناس
فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني ، وعرفت أن لو قد افتقدت لرُجع إلي ، فوالله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطّل السُّلَمي ، وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته ، فلم يبت مع الناس ، فرأى سوادي فأقبل حتى وقف علي ، وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب ، فلما رآني قال ( إنا لله وإنا إليه راجعون ، ظعينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) وأنا متلففة في ثيابي ،
قال ( ما خلّفك يرحمك الله ؟) فما كلمته ، ثم قرب البعير فقال ( اركبي ) واستأخر عني ، فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس ، فوالله ما أدركنا الناس وما افتُقدت حتى أصبحت ، ونزل الناس ، فلما أطمأنوا طلع الرجل يقود بي ، فقال أهل الإفك ما قالوا ، فارتعج العسكر ، ووالله ما أعلم بشيء من ذلك )
مرض عائشة
وفي المدينة مرضت السيـدة عائشـة مرضاً شديداً ، ولم تعلم بالحديـث الذي وصل للرسـول -صلى الله عليه وسلم- وأبويها ، إلا أنها قد أنكرت من الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعض لطفه بها ، وحين رأت جفائه لها استأذنت بالإنتقال الى أمها لتمرضها فأذن لها وبعد مرور بضع وعشرين ليلة خرجت مع أم مِسْطح بنت أبي رُهْم بن المطلب بن عبد مناف ، فعلمت بحديث الإفك ، وعادت الى البيت تبكي وقالت لأمها ( يغفر الله لك ، تحدّث الناس بما تحدّثوا به وبلغك ما بلغك ، ولا تذكرين لي من ذلك شيئاً)
قالت ( أي بُنَيَّة خفِّضي الشأن ، فوالله قلّما كانت امرأة حسناء عند رجل يُحبها لها ضرائر إلا كثّرن وكثّر الناس عليها )
الأوس والخزرج
وقد قام الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الناس يخطبهم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال ( أيها الناس ، ما بال رجال يؤذونني في أهلي ، ويقولون عليهم غير الحق ؟ والله ما علمت منهم إلا خيراً ، ويقولون ذلك لرجلِ والله ما علمت منه إلا خيراً ، وما دخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي ) فلمّا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك المقالة ، قال أسيْد بن حُضَيْر ( يا رسول الله ، إن يكونوا من الأوس نكفكهم ، وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمُرْنا بأمرك ، فوالله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم )
فقام سعد بن عُبادة فقال ( كذبت لعمر الله لا تُضرَب أعناقهم ، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج ، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا )
قال أسيد ( كذبت لعمر الله ، ولكنك منافق تجادل عن المنافقين ) وتساور الناس حتى كاد أن يكون بين هذين الحيّين من الأوس والخزرج شرّ ، ونزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- فدخل على عائشة
الإستشارة
ودعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد ، فاستشارهما ، فأما أسامة فأثنى خيراً وقال ( يا رسول الله ، أهلك ، ولا نعلم عليهن إلا خيراً ، وهذا الكذب و الباطل ) وأما علي فإنه قال ( يا رسول الله ، إنّ النساء لكثير ، وإنك لقادر على أن تستخلف ، وسلِ الجارية تصدُقك ) فدعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( بريرة ) ليسألها ، فقام إليها علي فضربها ضربا شديداً وهو يقول ( اصدقي رسول الله )
فقالت ( والله ما أعلم إلا خيراً ، وما كنت أعيب على عائشة إلا أني كنت أعجن عجيني ، فآمرها أن تحفظه فتنام عنه ، فيأتي الداجن فيأكله )
الرسول و عائشة
تقول السيدة عائشة ( ثم دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي أبواي ، وعندي امرأة من الأنصار ، وأنا أبكي وهي تبكي معي ، فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ( يا عائشة ، إنه قد كان ما قد بلغك من قول الناس ، فاتّقي الله وإن كنت قارفت سوءاً مما يقول الناس فتوبي الى الله ، فإن الله يقبل التوبة من عباده )
قالت ( فوالله ما هو إلا أن قال ذلك ، فقلص دمعي ، حتى ما أحس منه شيئاً ، وانتظرت أبَوَيّ أن يجيبا عني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يتكلما فقلت لهما
( ألا تجيبان رسول الله ؟) فقالا لي ( والله ما ندري بماذا نجيبه )
قالت ( فلما أن استعجما عليّ استعبرت فبكيت ثم قلت
( والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبداً ، والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس ، والله يعلم أنّي منه بريئة ، لأقولن ما لم يكن ، ولئن أنا أنكرت ما تقولون لا تُصدِّقونني ، ولكني أقول كما قال أبو يوسف ( فصبرٌ جميلٌ والله المستعان على ما تصفون )
البراءة
قالت السيدة عائشة ( فوالله ما بَرِحَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه ، فسُجِّي بثوبه ، ووضِعت له وسادة من أدم تحت رأسه ، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت ، فوالله ما فزعت كثيرا ولا باليت ، قد عرفت أني بريئة ، وإن الله غير ظالمي ، وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده ما سُرّيَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فَرَقاً أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس
ثم سُرِّيَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجلس وإنه ليتحدّر منه مثل الجُمان في يومٍ شاتٍ ، فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول ( أبشري يا عائشة ، فقد أنزل الله براءتـك ) فقالت ( بحمـد الله وذمّكم ) ثم خرج الى الناس فخطبهم ، وتلا عليهم ما أنزل اللـه عز وجل من القرآن سورة النور ( 11-19 ) وبدايتها
قال تعالى
"( إنَّ الذين جَاؤُوا بالإفكِ عُصْبَةُ منكم ، لا تحسبوه شراً لكم بلْ هو خيرُ لكم ، لكل امرىءٍ منهم ما اكتسبَ من الإثم ، والذي تولَّى كِبْرَهُ منهم له عذابٌ عظيمٌ ، لولا إذ سمعتُموه ظنَّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً ")
إقامة الحد
ثم أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمسطح بن أثاثة ، وحسان بن ثابت ، وحمنة بنت جحش وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدَّهم
حبيبة الحبيب
قالت السيدة عائشة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-
( يا رسول الله ، كيف حبّك لي ؟) قال -صلى الله عليه وسلم- ( كعقد الحبل ) فكانت تقول له ( كيف العُقدةُ يا رسول الله ؟)000فيقول ( هي على حالها ) كما أن فاطمة -رضي الله عنها- ذهبت الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تذكر عائشة عنده فقال
( يا بُنية : حبيبة أبيك )
قال ابن عباس -رضي الله عنهما- لأم المؤمنين عائشة ( كنتِ أحبَّ نساء النبي-صلى الله عليه وسلم- إليه ، ولم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُحبُّ إلا طيّباً )
وقال( هلكت قلادتُك بالأبواء ، فأصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلتقطها فلم يجدوا ماءً ، فأنزل الله عزّ وجل:
قال تعالى ( فتيمموا صعيداً طيباً )
فكان ذلك بسببكِ وبركتك ما أنزل الله تعالى لهذه الأمة من الرخصة) وقال
( وأنزل الله براءتك من فوق سبع سمواته ، فليس مسجد يُذكر الله فيه إلاّ وشأنك يُتلى فيه آناء الليل وأطراف النهار ) فقالت
( يا ابن عباس دعني منك ومن تزكيتك ، فوالله لوددت أني كنت نسياً مِنسياً )
رؤية جبريل
قالت السيـدة عائشـة ( رأيتك يا رسـول الله واضعاً يدك على معرفة فرسٍ ، وأنت قائم تكلِّم دِحيـة الكلبي ) قال -صلى الله عليه وسلم- ( أوَقدْ رأيته ؟) قالت ( نعم!)
قال ( فإنه جبريل ، وهو يقرئك السلام ) قالت ( وعليه السلام ورحمة الله وجزاه الله خيراً من زائر ، فنعم الصاحب ونعم الداخل )
زهدها
قال عروة ( أن معاوية بعث الى عائشة -رضي الله عنها- بمائة ألف ، فوالله ما غابت الشمس عن ذلك اليوم حتى فرّقتها
قالت لها مولاتها ( لو اشتريت لنا من هذه الدراهم بدرهمٍ لحماً !)
فقالت ( لو قلت قبل أن أفرقها لفعلت )
فضلها العلمي
كانت السيدة عائشة صغيرة السن حين صحبت الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وهذا السن يكون الإنسان فيه أفرغ بالا ، وأشد استعداداً لتلقي العلم ، وقد كانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- متوقدة الذهن ، نيّرة الفكر ، شديدة الملاحظة ، فهي وإن كانت صغيرة السن كانت كبيرة العقل قال الإمام الزهري ( لو جمع علم عائشة الى علم جميع أمهات المؤمنين ، وعلم جميع النساء ، لكان علم عائشة أفضل ) وقال أبو موسى الأشعري ( ما أشكل علينا أمرٌ فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها فيه علماً )
وكان عروة يقول للسيدة عائشة ( يا أمتاه لا أعجب من فقهك ؟ أقول زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابنة أبي بكر ، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام العرب ، أقول بنية أبي بكر -وكان أعلم الناس- ولكن أعجب من علمك بالطب فكيف هو ؟ ومن أين هو ؟ وما هو ؟) قال : فضربت على منكبي ثم قالت ( أيْ عُريّة -تصغير عروة وكانت خالته- إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسقم في آخر عمره ، فكانت تقدم عليه الوفود من كل وجه فتنعت له فكنت أعالجه ، فمن ثَمَّ )
اعتزال النبي لنسائه
اعتزل النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه شهراً ، وشاع الخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد طلّق نساءه ، ولم يكن أحد من الصحابة يجرؤ على الكلام معه في ذلك ، واستأذن عمر عدّة مرات للدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يؤذن له
ثم ذهب ثالثة يستأذن في الدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأذِنَ له ، فدخل عمر والنبي -صلى الله عليه وسلم- متكىء على حصير قد أثر في جنبه ، فقال عمر ( أطلقت يا رسول الله نساءك ؟) فرفع -صلى الله عليه وسلم- رأسه وقال ( لا) فقال عمر ( الله أكبر ) ثم أخذ عمر وهو مسرور يهوّن على النبـي -صلى الله عليه وسلم- ما لاقى من نسائـه ، فقال عمر ( الله أكبر ! لو رأيتنا يا رسـول اللـه وكنّا معشر قريش قوماً نغلِبُ النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ، فغضبتُ على امرأتي يوماً ، فإذا هي تراجعني ، فأنكرت أن تراجعني ، فقالت ( ما تُنْكِر أن راجعتك ؟ فوالله إن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ليراجعْنَهُ ، وتهجره إحداهنّ اليوم الى الليل ) فقلت ( قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسِرَتْ ، أفتأمَنُ إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذاً هي قد هلكت ؟) فتبسّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فقال عمر ( يا رسول الله ، قد دخلت على حفصة فقلت ( لا يغرنّك أن كانت جاريتك -يعني عائشة- هي أوْسَم وأحبُّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منك ) فتبسّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثانية ، فاستأذن عمر -رضي الله عنه- بالجلوس فأذن له وكان -صلى الله عليه وسلم- أقسم أن لا يدخل على نسائه شهراً من شدّة مَوْجدَتِهِ عليهنّ ، حتى عاتبه الله تعالى ونزلت هذه الآية في عائشة وحفصة لأنهما البادئتان في مظاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والآية التي تليها في أمهات المؤمنين
قال تعالى
( إِن تَتُوبَا إلى اللهِ فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما وإن تَظَاهرا عَلَيه فإنّ اللهَ هوَ مَوْلاهُ وجِبريلُ وَصَالِحُ المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ ** عسى رَبُّهُ إن طلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أزواجاً خَيْراً منكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائِحاتٍ ثَيَّباتٍ وأبكاراً ) سورة التحريم آية ( 4-5 )
فما كان منهن وآيات الله تتلى على مسامعهن إلا أن قلنَ
قال تعالى ( سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير )
السيدة عائشة والإمام علي
لم يكن يوم الجمل لعلي بن أبي طالب ، والسيدة عائشة ، وطلحة والزبير قصد في القتال ، ولكن وقع الإقتتال بغير اختيارهم ، وكان علي -رضي الله عنه- يوقر أم المؤمنين عائشة ويُجلّها فهو يقول ( إنها لزوجة نبينا -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة ) وكذا السيدة عائشة كانت تُجِلّ علياً و توقره ، فإنها -رضي الله عنها- حين خرجت ، لم تخرج لقتال ، وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين ، وظنّت أن في خروجها مصلحة للمسلمين ثم تبيـن لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى ، فكانـت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبلّ خمارها
فعندما أقبلت السيدة عائشة وبلغت مياه بني عامر ليلاً ، نبحت الكلاب ، فقالت
( أيُّ ماءٍ هذا ؟) قالوا ( ماء الحوْأب ) قالت ( ما أظنني إلا راجعة ) قال بعض من كان معها ( بل تقدمين فيراك المسلمون ، فيُصلحُ الله ذات بينهم ) قالت
( إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذات يوم
( كيف بإحداكُنّ تنبُحُ عليها كلاب الحَوْأب )) وبعـد أن انتهى القتال وقـف علي -رضي اللـه عنه- على خِباء عائشـة يلومها على مسيرها فقالت
( يا ابن أبي طالب ، ملكْتَ فأسْجِحْ -أي أحسن العفو-) فجهَّزها الى المدينة وأعطاها اثني عشر ألفاً -رضي الله عنهم أجمعين-
معاوية والسيدة عائشة
لمّا قدِم معاوية المدينة يريد الحج دخل على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ومولاها ذكوان أبو عامر عندها فقالت له عائشة ( أمِنتَ أن أخبِّىء لك رجلاً يقتلك بقتلك أخي محمداً ؟) قال معاوية ( صدقتِ ) فكلّمها معاوية فلمّا قضى كلامه ، تشهدت عائشة ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق ، والذي سنّ الخلفاء بعده ، وحضّتْ معاوية على اتباع أمرهم ، فقالت في ذلك ، فلم تترِك
فلمّا قضت مقالتها قال لها معاوية ( أنتِ والله العالمة بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-المناصحة المشفقة ، البليغة الموعظة ، حَضَضْتِ على الخير وأمرت به ، ولم تأمرينا إلا بالذي هو لنا ، وأنتِ أهلٌ أن تطاعي ) فتكلّمت هي ومعاوية كلاماً كثيراً ، فلمّا قدم معاوية اتكأ على ذكوان ، قال ( والله ما سمعت خطيباً ليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبلغ من عائشة )
وفاتها
توفيت سنة ثمان وخمسين في شهر رمضان لسبع عشرة ليلة خلت منه ، ودُفنت في البقيع
أنزل الله براءتك من فوق سبع سمواته "
فليس مسجد يُذكر الله فيه إلا وشأنك يُتلى
" فيه آناء الليل وأطراف النهار
ابن عباس
هي:
عائشـة بنت أبي بكر الصديـق ، عبد الله بن أبي قحافـة عثمان بن عامر
من ولد تيـم بن مرة ، ولدت السيـدة عائشـة بعد البعثة بأربع سنين ، وعقد
عليها رسـول اللـه -صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة بسنة ، ودخـل عليها
بعد الهجرة بسنة أو سنتيـن وقُبِضَ عنها الرسول الكريم وهي بنـت ثمان
عشرة سنة ، وعاشت ست وستين سنة ، وحفظت القرآن الكريم في حياة الرسول
وروت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ألفي حديث ومائي وعشرة أحاديث
الرؤيا المباركة
قال الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ( أُريتُـكِ -وهو يخاطب عائشـة- في المنام ثلاث ليالٍ ، جاءني بك الملك في سَرَقةٍ من حرير ، وهو الحرير الأبيض ،
فيقول( هذه إمرأتك ) فاكشف عن وجهك فإذا أنت هي ؟
فأقول ( إن يكُ هذا من عند الله يُمضِهِ)
الخِطبة
عندما ذكرت خولة بنت حكيـم لرسـول الله -صلى الله عليه وسلم- اسم عائشة لتخطبها له ، تهلل وجهه الشريف لتحقق الرؤيا المباركة ، ولرباط المصاهـرة الذي سيقرب بينه وبين أحـب الناس إليه دخلت خولة الى بيت أبي بكر ، فوجدت أم عائشة فقالت لها
( ماذا أدخل الله عليكم من الخير و البركة ؟) قالت أم عائشة ( وما ذاك ؟)
أجابت ( أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخطبُ له عائشة )
فقالت ( ودِدْتُ ، انتظري أبا بكر فإنه آتٍ )
وجاء أبو بكر فقالت له ( يا أبا بكر ، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ؟! أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخطبُ عائشـة )فذكر أبو بكر موضعـه من الرسـول -صلى الله عليه وسلم- وقال ( وهل تصلح له ؟إنما هـي ابنة أخيه ؟)فرجعت خولة الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقالت له ذلك ، فقال ( ارجعي إليه فقولي : أنت أخي في الإسلام ، وأنا أخوك ، وبنتك تصلحُ لي )
فذكرت ذلك لأبي بكر فقال ( انتظريني حتى أرجع ) فذهب ليتحلل من عِدَةٍ للمطعم بن عدي ، كان ذكرها على ابنه ، فلما عاد أبو بكر قال ( قد أذهبَ الله العِدَة التي كانت في نفسـه من عدِتِه التي وعدها إيّـاه ، ادْعي لي رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ) فدعتْه وجاء ، فأنكحه ، فحصلت قرابة النسب بعد قرابة الدين
العروس المباركة
وبعد أن هاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين الى المدينة ، وحين أتى الميعاد أسرع الأصحاب من الأنصار وزوجاتهم الى منزل الصديق حيث كانت تقوم فيه العروس المباركة ، فاجتمعت النسوة الى آل الصديق يهيئن العروس لتزفّ الى زوجها
( سيد الخلق ) ، وبعد أن هيَّئْنَها وزفَفْنها ، دخلت ( أم الرومان ) أم عائشة بصحبة ابنتها العروس الى منزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- من دار أبي بكر ، و قالت
( هؤلاء أهلك ، فبارك الله لك فيهنّ ، وبارك لهن فيك ) وتنقضي ليلة الزفاف في دار أبي بكر ( في بني الحارث بن الخزرج ) ثم يتحوّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأهله الى البيت الجديد وهو حجرة من الحجرات التي شُيّدت حول المسجد
حديث الإفك
حديث الإفك خطير أفظع الخطر في مضمونه ومحتواه فمضمونه : العداء للإسلام والمسلمين ، و محتواه : قذف عرض النبي -صلى الله عليه وسلم- وإشاعة مقالة السوء في أهله الأطهار ، و أغراضه : إكراه الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمهاجرين على الخروج من المدينة ، وأهدافه : إزالة آثار الإسلام والإيمان من قلوب الأنصار
الحادثة
وفي غزوة المصطلق سنة ست للهجرة ، تقول السيدة عائشة ( فلما فرغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من سفره ذلك وجّه قافلا حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل ، ثم أذّن في الناس بالرحيل ، فارتحل الناس ، وخرجت لبعض حاجاتي وفي عنقي عقد لي ، فلما فرغت أنسل من عنقي ولا أدري ، فلما رجعت الى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده ، وقد أخذ الناس في الرحيل ، فرجعت الى مكاني الذي ذهبت إليه ، فالتمسته حتى وجدته ، وجاء القوم خلافي ، الذين كانوا يُرَحِّلون لي البعير ، وقد فرغوا من رحلته ، فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه كما كنت أصنع ، فاحتملوه فشدوه على البعير ، ولم يشكوا أني فيه ، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به ، فرجعت الى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب ، قد انطلق الناس
فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني ، وعرفت أن لو قد افتقدت لرُجع إلي ، فوالله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطّل السُّلَمي ، وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته ، فلم يبت مع الناس ، فرأى سوادي فأقبل حتى وقف علي ، وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب ، فلما رآني قال ( إنا لله وإنا إليه راجعون ، ظعينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) وأنا متلففة في ثيابي ،
قال ( ما خلّفك يرحمك الله ؟) فما كلمته ، ثم قرب البعير فقال ( اركبي ) واستأخر عني ، فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس ، فوالله ما أدركنا الناس وما افتُقدت حتى أصبحت ، ونزل الناس ، فلما أطمأنوا طلع الرجل يقود بي ، فقال أهل الإفك ما قالوا ، فارتعج العسكر ، ووالله ما أعلم بشيء من ذلك )
مرض عائشة
وفي المدينة مرضت السيـدة عائشـة مرضاً شديداً ، ولم تعلم بالحديـث الذي وصل للرسـول -صلى الله عليه وسلم- وأبويها ، إلا أنها قد أنكرت من الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعض لطفه بها ، وحين رأت جفائه لها استأذنت بالإنتقال الى أمها لتمرضها فأذن لها وبعد مرور بضع وعشرين ليلة خرجت مع أم مِسْطح بنت أبي رُهْم بن المطلب بن عبد مناف ، فعلمت بحديث الإفك ، وعادت الى البيت تبكي وقالت لأمها ( يغفر الله لك ، تحدّث الناس بما تحدّثوا به وبلغك ما بلغك ، ولا تذكرين لي من ذلك شيئاً)
قالت ( أي بُنَيَّة خفِّضي الشأن ، فوالله قلّما كانت امرأة حسناء عند رجل يُحبها لها ضرائر إلا كثّرن وكثّر الناس عليها )
الأوس والخزرج
وقد قام الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الناس يخطبهم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال ( أيها الناس ، ما بال رجال يؤذونني في أهلي ، ويقولون عليهم غير الحق ؟ والله ما علمت منهم إلا خيراً ، ويقولون ذلك لرجلِ والله ما علمت منه إلا خيراً ، وما دخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي ) فلمّا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك المقالة ، قال أسيْد بن حُضَيْر ( يا رسول الله ، إن يكونوا من الأوس نكفكهم ، وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمُرْنا بأمرك ، فوالله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم )
فقام سعد بن عُبادة فقال ( كذبت لعمر الله لا تُضرَب أعناقهم ، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج ، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا )
قال أسيد ( كذبت لعمر الله ، ولكنك منافق تجادل عن المنافقين ) وتساور الناس حتى كاد أن يكون بين هذين الحيّين من الأوس والخزرج شرّ ، ونزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- فدخل على عائشة
الإستشارة
ودعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد ، فاستشارهما ، فأما أسامة فأثنى خيراً وقال ( يا رسول الله ، أهلك ، ولا نعلم عليهن إلا خيراً ، وهذا الكذب و الباطل ) وأما علي فإنه قال ( يا رسول الله ، إنّ النساء لكثير ، وإنك لقادر على أن تستخلف ، وسلِ الجارية تصدُقك ) فدعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( بريرة ) ليسألها ، فقام إليها علي فضربها ضربا شديداً وهو يقول ( اصدقي رسول الله )
فقالت ( والله ما أعلم إلا خيراً ، وما كنت أعيب على عائشة إلا أني كنت أعجن عجيني ، فآمرها أن تحفظه فتنام عنه ، فيأتي الداجن فيأكله )
الرسول و عائشة
تقول السيدة عائشة ( ثم دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي أبواي ، وعندي امرأة من الأنصار ، وأنا أبكي وهي تبكي معي ، فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ( يا عائشة ، إنه قد كان ما قد بلغك من قول الناس ، فاتّقي الله وإن كنت قارفت سوءاً مما يقول الناس فتوبي الى الله ، فإن الله يقبل التوبة من عباده )
قالت ( فوالله ما هو إلا أن قال ذلك ، فقلص دمعي ، حتى ما أحس منه شيئاً ، وانتظرت أبَوَيّ أن يجيبا عني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يتكلما فقلت لهما
( ألا تجيبان رسول الله ؟) فقالا لي ( والله ما ندري بماذا نجيبه )
قالت ( فلما أن استعجما عليّ استعبرت فبكيت ثم قلت
( والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبداً ، والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس ، والله يعلم أنّي منه بريئة ، لأقولن ما لم يكن ، ولئن أنا أنكرت ما تقولون لا تُصدِّقونني ، ولكني أقول كما قال أبو يوسف ( فصبرٌ جميلٌ والله المستعان على ما تصفون )
البراءة
قالت السيدة عائشة ( فوالله ما بَرِحَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه ، فسُجِّي بثوبه ، ووضِعت له وسادة من أدم تحت رأسه ، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت ، فوالله ما فزعت كثيرا ولا باليت ، قد عرفت أني بريئة ، وإن الله غير ظالمي ، وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده ما سُرّيَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فَرَقاً أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس
ثم سُرِّيَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجلس وإنه ليتحدّر منه مثل الجُمان في يومٍ شاتٍ ، فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول ( أبشري يا عائشة ، فقد أنزل الله براءتـك ) فقالت ( بحمـد الله وذمّكم ) ثم خرج الى الناس فخطبهم ، وتلا عليهم ما أنزل اللـه عز وجل من القرآن سورة النور ( 11-19 ) وبدايتها
قال تعالى
"( إنَّ الذين جَاؤُوا بالإفكِ عُصْبَةُ منكم ، لا تحسبوه شراً لكم بلْ هو خيرُ لكم ، لكل امرىءٍ منهم ما اكتسبَ من الإثم ، والذي تولَّى كِبْرَهُ منهم له عذابٌ عظيمٌ ، لولا إذ سمعتُموه ظنَّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً ")
إقامة الحد
ثم أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمسطح بن أثاثة ، وحسان بن ثابت ، وحمنة بنت جحش وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدَّهم
حبيبة الحبيب
قالت السيدة عائشة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-
( يا رسول الله ، كيف حبّك لي ؟) قال -صلى الله عليه وسلم- ( كعقد الحبل ) فكانت تقول له ( كيف العُقدةُ يا رسول الله ؟)000فيقول ( هي على حالها ) كما أن فاطمة -رضي الله عنها- ذهبت الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تذكر عائشة عنده فقال
( يا بُنية : حبيبة أبيك )
قال ابن عباس -رضي الله عنهما- لأم المؤمنين عائشة ( كنتِ أحبَّ نساء النبي-صلى الله عليه وسلم- إليه ، ولم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُحبُّ إلا طيّباً )
وقال( هلكت قلادتُك بالأبواء ، فأصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلتقطها فلم يجدوا ماءً ، فأنزل الله عزّ وجل:
قال تعالى ( فتيمموا صعيداً طيباً )
فكان ذلك بسببكِ وبركتك ما أنزل الله تعالى لهذه الأمة من الرخصة) وقال
( وأنزل الله براءتك من فوق سبع سمواته ، فليس مسجد يُذكر الله فيه إلاّ وشأنك يُتلى فيه آناء الليل وأطراف النهار ) فقالت
( يا ابن عباس دعني منك ومن تزكيتك ، فوالله لوددت أني كنت نسياً مِنسياً )
رؤية جبريل
قالت السيـدة عائشـة ( رأيتك يا رسـول الله واضعاً يدك على معرفة فرسٍ ، وأنت قائم تكلِّم دِحيـة الكلبي ) قال -صلى الله عليه وسلم- ( أوَقدْ رأيته ؟) قالت ( نعم!)
قال ( فإنه جبريل ، وهو يقرئك السلام ) قالت ( وعليه السلام ورحمة الله وجزاه الله خيراً من زائر ، فنعم الصاحب ونعم الداخل )
زهدها
قال عروة ( أن معاوية بعث الى عائشة -رضي الله عنها- بمائة ألف ، فوالله ما غابت الشمس عن ذلك اليوم حتى فرّقتها
قالت لها مولاتها ( لو اشتريت لنا من هذه الدراهم بدرهمٍ لحماً !)
فقالت ( لو قلت قبل أن أفرقها لفعلت )
فضلها العلمي
كانت السيدة عائشة صغيرة السن حين صحبت الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وهذا السن يكون الإنسان فيه أفرغ بالا ، وأشد استعداداً لتلقي العلم ، وقد كانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- متوقدة الذهن ، نيّرة الفكر ، شديدة الملاحظة ، فهي وإن كانت صغيرة السن كانت كبيرة العقل قال الإمام الزهري ( لو جمع علم عائشة الى علم جميع أمهات المؤمنين ، وعلم جميع النساء ، لكان علم عائشة أفضل ) وقال أبو موسى الأشعري ( ما أشكل علينا أمرٌ فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها فيه علماً )
وكان عروة يقول للسيدة عائشة ( يا أمتاه لا أعجب من فقهك ؟ أقول زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابنة أبي بكر ، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام العرب ، أقول بنية أبي بكر -وكان أعلم الناس- ولكن أعجب من علمك بالطب فكيف هو ؟ ومن أين هو ؟ وما هو ؟) قال : فضربت على منكبي ثم قالت ( أيْ عُريّة -تصغير عروة وكانت خالته- إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسقم في آخر عمره ، فكانت تقدم عليه الوفود من كل وجه فتنعت له فكنت أعالجه ، فمن ثَمَّ )
اعتزال النبي لنسائه
اعتزل النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه شهراً ، وشاع الخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد طلّق نساءه ، ولم يكن أحد من الصحابة يجرؤ على الكلام معه في ذلك ، واستأذن عمر عدّة مرات للدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يؤذن له
ثم ذهب ثالثة يستأذن في الدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأذِنَ له ، فدخل عمر والنبي -صلى الله عليه وسلم- متكىء على حصير قد أثر في جنبه ، فقال عمر ( أطلقت يا رسول الله نساءك ؟) فرفع -صلى الله عليه وسلم- رأسه وقال ( لا) فقال عمر ( الله أكبر ) ثم أخذ عمر وهو مسرور يهوّن على النبـي -صلى الله عليه وسلم- ما لاقى من نسائـه ، فقال عمر ( الله أكبر ! لو رأيتنا يا رسـول اللـه وكنّا معشر قريش قوماً نغلِبُ النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ، فغضبتُ على امرأتي يوماً ، فإذا هي تراجعني ، فأنكرت أن تراجعني ، فقالت ( ما تُنْكِر أن راجعتك ؟ فوالله إن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ليراجعْنَهُ ، وتهجره إحداهنّ اليوم الى الليل ) فقلت ( قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسِرَتْ ، أفتأمَنُ إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذاً هي قد هلكت ؟) فتبسّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فقال عمر ( يا رسول الله ، قد دخلت على حفصة فقلت ( لا يغرنّك أن كانت جاريتك -يعني عائشة- هي أوْسَم وأحبُّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منك ) فتبسّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثانية ، فاستأذن عمر -رضي الله عنه- بالجلوس فأذن له وكان -صلى الله عليه وسلم- أقسم أن لا يدخل على نسائه شهراً من شدّة مَوْجدَتِهِ عليهنّ ، حتى عاتبه الله تعالى ونزلت هذه الآية في عائشة وحفصة لأنهما البادئتان في مظاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والآية التي تليها في أمهات المؤمنين
قال تعالى
( إِن تَتُوبَا إلى اللهِ فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما وإن تَظَاهرا عَلَيه فإنّ اللهَ هوَ مَوْلاهُ وجِبريلُ وَصَالِحُ المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ ** عسى رَبُّهُ إن طلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أزواجاً خَيْراً منكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائِحاتٍ ثَيَّباتٍ وأبكاراً ) سورة التحريم آية ( 4-5 )
فما كان منهن وآيات الله تتلى على مسامعهن إلا أن قلنَ
قال تعالى ( سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير )
السيدة عائشة والإمام علي
لم يكن يوم الجمل لعلي بن أبي طالب ، والسيدة عائشة ، وطلحة والزبير قصد في القتال ، ولكن وقع الإقتتال بغير اختيارهم ، وكان علي -رضي الله عنه- يوقر أم المؤمنين عائشة ويُجلّها فهو يقول ( إنها لزوجة نبينا -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة ) وكذا السيدة عائشة كانت تُجِلّ علياً و توقره ، فإنها -رضي الله عنها- حين خرجت ، لم تخرج لقتال ، وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين ، وظنّت أن في خروجها مصلحة للمسلمين ثم تبيـن لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى ، فكانـت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبلّ خمارها
فعندما أقبلت السيدة عائشة وبلغت مياه بني عامر ليلاً ، نبحت الكلاب ، فقالت
( أيُّ ماءٍ هذا ؟) قالوا ( ماء الحوْأب ) قالت ( ما أظنني إلا راجعة ) قال بعض من كان معها ( بل تقدمين فيراك المسلمون ، فيُصلحُ الله ذات بينهم ) قالت
( إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذات يوم
( كيف بإحداكُنّ تنبُحُ عليها كلاب الحَوْأب )) وبعـد أن انتهى القتال وقـف علي -رضي اللـه عنه- على خِباء عائشـة يلومها على مسيرها فقالت
( يا ابن أبي طالب ، ملكْتَ فأسْجِحْ -أي أحسن العفو-) فجهَّزها الى المدينة وأعطاها اثني عشر ألفاً -رضي الله عنهم أجمعين-
معاوية والسيدة عائشة
لمّا قدِم معاوية المدينة يريد الحج دخل على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ومولاها ذكوان أبو عامر عندها فقالت له عائشة ( أمِنتَ أن أخبِّىء لك رجلاً يقتلك بقتلك أخي محمداً ؟) قال معاوية ( صدقتِ ) فكلّمها معاوية فلمّا قضى كلامه ، تشهدت عائشة ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق ، والذي سنّ الخلفاء بعده ، وحضّتْ معاوية على اتباع أمرهم ، فقالت في ذلك ، فلم تترِك
فلمّا قضت مقالتها قال لها معاوية ( أنتِ والله العالمة بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-المناصحة المشفقة ، البليغة الموعظة ، حَضَضْتِ على الخير وأمرت به ، ولم تأمرينا إلا بالذي هو لنا ، وأنتِ أهلٌ أن تطاعي ) فتكلّمت هي ومعاوية كلاماً كثيراً ، فلمّا قدم معاوية اتكأ على ذكوان ، قال ( والله ما سمعت خطيباً ليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبلغ من عائشة )
وفاتها
توفيت سنة ثمان وخمسين في شهر رمضان لسبع عشرة ليلة خلت منه ، ودُفنت في البقيع
رد: سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
حفصة بنت عمر
"هي التي كانت تُساميني من أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- "
السيدة عائشة
هي :
السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- ، ولدت قبل المبعث بخمسة
أعـوام ، وتزوّجها النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- سنة ثلاث من الهجرة ، بعد أن
توفي زوجها المهاجر ( خنيـس بن حذافـة السهمـي ) الذي توفي من آثار جراحة
أصابته يوم أحـد ، وكان من السابقين الى الإسـلام هاجر الى الحبشـة وعاد الى
المدينة وشهد بدراً وأحداً فترمَّلت ولها عشرون سنة
الزواج المبارك
تألم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لابنته الشابة كثيراً ، ولألمها وعزلتها ، وبعد انقضاء عدّتها أخذ يفكر لها بزوج جديد ، ولمّا مرت الأيام ولم يخطبها أحد قام بعرضها على أبي بكر -رضي الله عنه- فلم يُجِبّه بشيء ، وعرضها على عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فقال ( بدا لي اليوم ألا أتزوج ) فوَجَد عليهما وانكسر ، وشكا حاله الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال له ( يتزوّج حفصة من هو خير من عثمان ، ويتزوّج عثمان من هو خير من حفصة )
ومع أن عمر -رضي الله عنه- من الهمّ لم يفهم معنى كلام الرسـول الكريـم ، إلا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- خطبها ، ونال عمر شرف مصاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوَّج النبي عثمان بابنته ( أم كلثوم ) بعد وفاة أختها ( زينب ) ، وبعد أن تمّ الزواج لقي أبو بكر عمر -رضي الله عنهما- فاعتذر له وقال ( لا تجـدْ عليّ ، فإن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- كان قد ذكر حفصة ، فلم أكن لأفشي سِرّه ، ولو تركها لتزوّجتها )
بيت الزوجية
ودخلت حفصة بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- ثالثة الزوجات في بيوتاته عليه الصلاة والسلام ، بعد سودة وعائشة ، أما سودة فرحّبت بها راضية ، وأمّا عائشة فحارت ماذا تصنع بابنة الفاروق عمر ، وسكتت أمام هذا الزواج المفاجيء ، الذي تقتطع فيه حفصة ثلث أيامها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكن هذه الغيرة تضاءلت مع قدوم زوجات أخريات ، فلم يسعها إلا أن تصافيها الودّ ، وتُسرّ حفصة لودّ ضرتها عائشة ، وعندها حذّر عمر بن الخطاب ابنته من هذا الحلف الداخلي ، ومن مسايرة حفصة لعائشة المدللة ، فقال لها ( يا حفصة ، أين أنت من عائشة ، وأين أبوكِ من أبيها ؟)
الجرأة الأدبية
سمع عمر -رضي الله عنه- يوما من زوجته أن حفصة تراجع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالكلام ، فمضى إليها غاضباً ، وزجرها قائلاً ( تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله ، يا بُنيّة ! لا يغرنّك هذه التي أعجبها حسنها وحبُّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- إياها ، والله لقد علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لولا أنا لطلّقك ) ولكن على الرغم من تحذير أبيها لها ، كانت تتمتع حفصة بجرأة أدبية كبيرة ، فقد كانت كاتبة ذات فصاحة وبلاغة ، ولعل هذا ما يجعلها تبدي رأيها ولو بين يدي الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- ، فقد رويَ أن الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- قد ذكر عند حفصة أصحابه الذين بايعوه تحت الشجرة فقال ( لا يدخل النار إن شاء الله أصحاب الشجـرة الذين بايعوا تحتها ) فقالت حفصـة ( بلى يا رسـول الله ) فانتهـرها ، فقالت حفصـة الآية الكريمة
قال تعالى "( وإنْ منكم إلا واردُها كان على ربِّك حتماً مقضياً ")
فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-
قال الله تعالى "( ثم ننجي الذين اتقوا ونذرُ الظالمين فيها جثِيّاً ")
الطـلاق
طلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- حفصة طلقةً رجعية ، وذلك لإفشائها سِرّاً استكتمها إيّاه ، فلم تكتمه ، وقصة ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلا يوماً بمارية -رضي الله عنها- في بيت حفصة ، فلمّا انصرفت مارية دخلت حفصة حجرتها وقالت للنبي -صلى الله عليه وسلم- ( لقد رأيت من كان عندك ، يا نبي الله لقد جئت إليّ شيئاً ما جئت إلى أحدٍ من أزواجك في يومي ، وفي دوري وفي فراشي ) ثم استعبرت باكية ، فأخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- باسترضائها فقال ( ألا ترضين أن أحرّمها فلا أقربها ؟) قالت ( بلى ) فحرّمها وقال لها ( لا تذكري ذلك لأحدٍ ) ورضيت حفصة بذلك ، وسعدت ليلتها بقرب النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا أصبحت الغداةَ ، لم تستطع على كتمان سرّها ، فنبّأت به عائشة ، فأنزل الله تعالى قوله الكريم مؤدِّباً لحفصة خاصة ولنساء النبي عامة
قال الله تعالى
( وإذْ أسَرَّ النَّبِيُّ إلى بَعْضِ أزْوَاجه حَديثاً ، فلمّا نَبّأتْ بِهِ وأظهَرَهُ اللّهُ عليه عَرَّفَ بعضَه وأعْرَض عن بَعْضٍ فلمّا نَبّأهَا بِهِ قالت مَنْ أنْبَأكَ هَذا قال نَبّأنِي العَلِيمُ الخَبيرُ ") سورة التحريم آية ( 3 )
فبلغ ذلك عمر فحثا التراب على رأسه وقال ( ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها ) فنزل جبريل -عليه السلام- من الغَدِ على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال ( إن الله يأمرك أن تُراجِعَ حفصة رحمة بعمر ) وفي رواية أن جبريل قال ( أرْجِع حفصة ، فإنها صوّامة قوّامة ، وإنها زوجتك في الجنة )
اعتزال النبي لنسائه
اعتزل النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه شهراً ، وشاع الخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد طلّق نساءه ، ولم يكن أحد من الصحابة يجرؤ على الكلام معه في ذلك ، واستأذن عمر عدّة مرات للدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يؤذن له ، فذهب مسرعاً الى بيت حفصة ، فوجدها تبكي فقال ( لعلّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قد طلّقك ؟ إنه كان قد طلّقك مرةً ، ثم راجعك من أجلي ، فإن كان طلّقك مرّة أخرى لا أكلمك أبداً )
ثم ذهب ثالثة يستأذن في الدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأذِنَ له ، فدخل عمر والنبي -صلى الله عليه وسلم- متكىء على حصير قد أثر في جنبه ، فقال عمر ( أطلقت يا رسول الله نساءك ؟) فرفع -صلى الله عليه وسلم- رأسه وقال ( لا) فقال عمر ( الله أكبر ) ثم أخذ عمر وهو مسرور يهوّن على النبـي -صلى الله عليه وسلم- ما لاقى من نسائـه ، فقال عمر ( الله أكبر ! لو رأيتنا يا رسـول اللـه وكنّا معشر قريش قوماً نغلِبُ النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ، فغضبتُ على امرأتي يوماً ، فإذا هي تراجعني ، فأنكرت أن تراجعني ، فقالت ( ما تُنْكِر أن راجعتك ؟ فوالله إن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ليراجعْنَهُ ، وتهجره إحداهنّ اليوم الى الليل ) فقلت ( قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسِرَتْ ، أفتأمَنُ إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذاً هي قد هلكت ؟) فتبسّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فقال عمر ( يا رسول الله ، قد دخلت على حفصة فقلت ( لا يغرنّك أن كانت جاريتك -يعني عائشة- هي أوْسَم وأحبُّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منك ) فتبسّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثانية ، فاستأذن عمر -رضي الله عنه- بالجلوس فأذن له وكان -صلى الله عليه وسلم- أقسم أن لا يدخل على نسائه شهراً من شدّة مَوْجدَتِهِ عليهنّ ، حتى عاتبه الله تعالى ونزلت هذه الآية في عائشة وحفصة لأنهما البادئتان في مظاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والآية التي تليها في أمهات المؤمنين
قال تعالى
( إِن تَتُوبَا إلى اللهِ فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما وإن تَظَاهرا عَلَيه فإنّ اللهَ هوَ مَوْلاهُ وجِبريلُ وَصَالِحُ المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ ** عسى رَبُّهُ إن طلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أزواجاً خَيْراً منكُنَّ مُسْلِماتٍ مؤمناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائِحاتٍ ثَيَّباتٍ وأبكاراً )
سورة التحريم آية ( 4 - 5 )
فما كان منهن وآيات الله تتلى على مسامعهن إلا أن قلنَ
قال تعالى ( سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير )
وارِثة المصحف
لقد عكِفَـت أم المؤمنين حفصـة على تلاوة المصحف وتدبُّره والتأمـل فيه ، مما أثار انتباه أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- مما جعله يُوصي الى ابنته ( حفصة ) بالمصحف الشريف الذي كُتِبَ في عهد أبي بكر الصدّيق بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وكتابته كانت على العرضة الأخيرة التي عارضها له جبريل مرتين في شهر رمضان من عام وفاته -صلى الله عليه وسلم- ولمّا أجمع الصحابة على أمر أمير المؤمنين عثمان بن عفان في جمع الناس على مصحف إمامٍ ينسخون منه مصاحفهم ، أرسل أمير المؤمنين عثمان الى أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- ( أن أرسلي إلينا بالصُّحُفِ ننسخها في المصاحف ) فحفظت أم المؤمنين الوديعة الغالية بكل أمانة ، وصانتها ورعتها
وفاتها
وبقيت حفصة عاكفة على العبادة ، صوّامة قوّامة إلى أن توفيت أول ما بويع معاوية سنة إحدى وأربعين ، وشيّعها أهل المدينة الى مثواها الأخير في البقيع مع أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن
"هي التي كانت تُساميني من أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- "
السيدة عائشة
هي :
السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- ، ولدت قبل المبعث بخمسة
أعـوام ، وتزوّجها النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- سنة ثلاث من الهجرة ، بعد أن
توفي زوجها المهاجر ( خنيـس بن حذافـة السهمـي ) الذي توفي من آثار جراحة
أصابته يوم أحـد ، وكان من السابقين الى الإسـلام هاجر الى الحبشـة وعاد الى
المدينة وشهد بدراً وأحداً فترمَّلت ولها عشرون سنة
الزواج المبارك
تألم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لابنته الشابة كثيراً ، ولألمها وعزلتها ، وبعد انقضاء عدّتها أخذ يفكر لها بزوج جديد ، ولمّا مرت الأيام ولم يخطبها أحد قام بعرضها على أبي بكر -رضي الله عنه- فلم يُجِبّه بشيء ، وعرضها على عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فقال ( بدا لي اليوم ألا أتزوج ) فوَجَد عليهما وانكسر ، وشكا حاله الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال له ( يتزوّج حفصة من هو خير من عثمان ، ويتزوّج عثمان من هو خير من حفصة )
ومع أن عمر -رضي الله عنه- من الهمّ لم يفهم معنى كلام الرسـول الكريـم ، إلا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- خطبها ، ونال عمر شرف مصاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوَّج النبي عثمان بابنته ( أم كلثوم ) بعد وفاة أختها ( زينب ) ، وبعد أن تمّ الزواج لقي أبو بكر عمر -رضي الله عنهما- فاعتذر له وقال ( لا تجـدْ عليّ ، فإن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- كان قد ذكر حفصة ، فلم أكن لأفشي سِرّه ، ولو تركها لتزوّجتها )
بيت الزوجية
ودخلت حفصة بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- ثالثة الزوجات في بيوتاته عليه الصلاة والسلام ، بعد سودة وعائشة ، أما سودة فرحّبت بها راضية ، وأمّا عائشة فحارت ماذا تصنع بابنة الفاروق عمر ، وسكتت أمام هذا الزواج المفاجيء ، الذي تقتطع فيه حفصة ثلث أيامها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكن هذه الغيرة تضاءلت مع قدوم زوجات أخريات ، فلم يسعها إلا أن تصافيها الودّ ، وتُسرّ حفصة لودّ ضرتها عائشة ، وعندها حذّر عمر بن الخطاب ابنته من هذا الحلف الداخلي ، ومن مسايرة حفصة لعائشة المدللة ، فقال لها ( يا حفصة ، أين أنت من عائشة ، وأين أبوكِ من أبيها ؟)
الجرأة الأدبية
سمع عمر -رضي الله عنه- يوما من زوجته أن حفصة تراجع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالكلام ، فمضى إليها غاضباً ، وزجرها قائلاً ( تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله ، يا بُنيّة ! لا يغرنّك هذه التي أعجبها حسنها وحبُّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- إياها ، والله لقد علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لولا أنا لطلّقك ) ولكن على الرغم من تحذير أبيها لها ، كانت تتمتع حفصة بجرأة أدبية كبيرة ، فقد كانت كاتبة ذات فصاحة وبلاغة ، ولعل هذا ما يجعلها تبدي رأيها ولو بين يدي الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- ، فقد رويَ أن الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- قد ذكر عند حفصة أصحابه الذين بايعوه تحت الشجرة فقال ( لا يدخل النار إن شاء الله أصحاب الشجـرة الذين بايعوا تحتها ) فقالت حفصـة ( بلى يا رسـول الله ) فانتهـرها ، فقالت حفصـة الآية الكريمة
قال تعالى "( وإنْ منكم إلا واردُها كان على ربِّك حتماً مقضياً ")
فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-
قال الله تعالى "( ثم ننجي الذين اتقوا ونذرُ الظالمين فيها جثِيّاً ")
الطـلاق
طلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- حفصة طلقةً رجعية ، وذلك لإفشائها سِرّاً استكتمها إيّاه ، فلم تكتمه ، وقصة ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلا يوماً بمارية -رضي الله عنها- في بيت حفصة ، فلمّا انصرفت مارية دخلت حفصة حجرتها وقالت للنبي -صلى الله عليه وسلم- ( لقد رأيت من كان عندك ، يا نبي الله لقد جئت إليّ شيئاً ما جئت إلى أحدٍ من أزواجك في يومي ، وفي دوري وفي فراشي ) ثم استعبرت باكية ، فأخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- باسترضائها فقال ( ألا ترضين أن أحرّمها فلا أقربها ؟) قالت ( بلى ) فحرّمها وقال لها ( لا تذكري ذلك لأحدٍ ) ورضيت حفصة بذلك ، وسعدت ليلتها بقرب النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا أصبحت الغداةَ ، لم تستطع على كتمان سرّها ، فنبّأت به عائشة ، فأنزل الله تعالى قوله الكريم مؤدِّباً لحفصة خاصة ولنساء النبي عامة
قال الله تعالى
( وإذْ أسَرَّ النَّبِيُّ إلى بَعْضِ أزْوَاجه حَديثاً ، فلمّا نَبّأتْ بِهِ وأظهَرَهُ اللّهُ عليه عَرَّفَ بعضَه وأعْرَض عن بَعْضٍ فلمّا نَبّأهَا بِهِ قالت مَنْ أنْبَأكَ هَذا قال نَبّأنِي العَلِيمُ الخَبيرُ ") سورة التحريم آية ( 3 )
فبلغ ذلك عمر فحثا التراب على رأسه وقال ( ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها ) فنزل جبريل -عليه السلام- من الغَدِ على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال ( إن الله يأمرك أن تُراجِعَ حفصة رحمة بعمر ) وفي رواية أن جبريل قال ( أرْجِع حفصة ، فإنها صوّامة قوّامة ، وإنها زوجتك في الجنة )
اعتزال النبي لنسائه
اعتزل النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه شهراً ، وشاع الخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد طلّق نساءه ، ولم يكن أحد من الصحابة يجرؤ على الكلام معه في ذلك ، واستأذن عمر عدّة مرات للدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يؤذن له ، فذهب مسرعاً الى بيت حفصة ، فوجدها تبكي فقال ( لعلّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قد طلّقك ؟ إنه كان قد طلّقك مرةً ، ثم راجعك من أجلي ، فإن كان طلّقك مرّة أخرى لا أكلمك أبداً )
ثم ذهب ثالثة يستأذن في الدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأذِنَ له ، فدخل عمر والنبي -صلى الله عليه وسلم- متكىء على حصير قد أثر في جنبه ، فقال عمر ( أطلقت يا رسول الله نساءك ؟) فرفع -صلى الله عليه وسلم- رأسه وقال ( لا) فقال عمر ( الله أكبر ) ثم أخذ عمر وهو مسرور يهوّن على النبـي -صلى الله عليه وسلم- ما لاقى من نسائـه ، فقال عمر ( الله أكبر ! لو رأيتنا يا رسـول اللـه وكنّا معشر قريش قوماً نغلِبُ النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ، فغضبتُ على امرأتي يوماً ، فإذا هي تراجعني ، فأنكرت أن تراجعني ، فقالت ( ما تُنْكِر أن راجعتك ؟ فوالله إن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ليراجعْنَهُ ، وتهجره إحداهنّ اليوم الى الليل ) فقلت ( قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسِرَتْ ، أفتأمَنُ إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذاً هي قد هلكت ؟) فتبسّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فقال عمر ( يا رسول الله ، قد دخلت على حفصة فقلت ( لا يغرنّك أن كانت جاريتك -يعني عائشة- هي أوْسَم وأحبُّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منك ) فتبسّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثانية ، فاستأذن عمر -رضي الله عنه- بالجلوس فأذن له وكان -صلى الله عليه وسلم- أقسم أن لا يدخل على نسائه شهراً من شدّة مَوْجدَتِهِ عليهنّ ، حتى عاتبه الله تعالى ونزلت هذه الآية في عائشة وحفصة لأنهما البادئتان في مظاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والآية التي تليها في أمهات المؤمنين
قال تعالى
( إِن تَتُوبَا إلى اللهِ فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما وإن تَظَاهرا عَلَيه فإنّ اللهَ هوَ مَوْلاهُ وجِبريلُ وَصَالِحُ المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ ** عسى رَبُّهُ إن طلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أزواجاً خَيْراً منكُنَّ مُسْلِماتٍ مؤمناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائِحاتٍ ثَيَّباتٍ وأبكاراً )
سورة التحريم آية ( 4 - 5 )
فما كان منهن وآيات الله تتلى على مسامعهن إلا أن قلنَ
قال تعالى ( سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير )
وارِثة المصحف
لقد عكِفَـت أم المؤمنين حفصـة على تلاوة المصحف وتدبُّره والتأمـل فيه ، مما أثار انتباه أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- مما جعله يُوصي الى ابنته ( حفصة ) بالمصحف الشريف الذي كُتِبَ في عهد أبي بكر الصدّيق بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وكتابته كانت على العرضة الأخيرة التي عارضها له جبريل مرتين في شهر رمضان من عام وفاته -صلى الله عليه وسلم- ولمّا أجمع الصحابة على أمر أمير المؤمنين عثمان بن عفان في جمع الناس على مصحف إمامٍ ينسخون منه مصاحفهم ، أرسل أمير المؤمنين عثمان الى أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- ( أن أرسلي إلينا بالصُّحُفِ ننسخها في المصاحف ) فحفظت أم المؤمنين الوديعة الغالية بكل أمانة ، وصانتها ورعتها
وفاتها
وبقيت حفصة عاكفة على العبادة ، صوّامة قوّامة إلى أن توفيت أول ما بويع معاوية سنة إحدى وأربعين ، وشيّعها أهل المدينة الى مثواها الأخير في البقيع مع أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن
رد: سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
زينب بنت خزيمة
أم المؤمنين و أم المساكين
كانت بحقّ أمِّ المساكين ، لأنها كانت تطعمهم ، وتتصدق عليهم
الإصابة
هي :
زينب بنت خزيمة بن عبد الله بن عمر بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن
صعصعة الهلاليـة ، أم المؤمنين زوج الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكانت
أخت أم المؤمنيـن ( ميمونة بنت الحارث ) لأمها ، ولِدَت قبل البعثـة في مكة
بثلاث عشرة سنة تقريباً ، كانت زوجة عبد الله بن جحش فاستشهد بأحد فخطبها
الرسـول -صلى الله عليه وسلم- بعد انقضاء عدّتها الى نفسها ، فجعلت أمرها
إليه تزوجها في السنة الثالثـة للهجرة بعد حفصـة ، وأقامت عند الرسول
ثمانية أشهر وتوفيت في سنة أربع للهجرة
الزواج المبارك
أرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى ( زينب بنت خزيمة ) يخطبها الى نفسه ، وما أن يصل الخبر الى المهاجرة الصابرة التي أفجعها فراق زوجها الشهيد عبد الله بن جحش في غزوة أحد ، امتلأت نفسها سعادة ورضا من التكريم النبوي لها ، فهي ستكون إحدى زوجاته -عليه أفضل الصلاة والسلام- فما كان منها إلا أن أرسلت الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( أني جعلت أمر نفسي إليك ) وتزوجها الرسول الكريم في شهر رمضان من السنة الثالثة للهجرة ولم تمكث عنده إلا أشهراً وتوفيت -رضي الله عنها-
أم المساكين
لقد أقلّت كتب السيرة والتراجم من ذكر أخبار السيدة زينب لقصر فترة اقامتها عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولكنها كانت أفضل أمهات المؤمنين في حب المساكين والإحسان إليهم ، لتكون حقاً ( أم المساكين ) فقد كانت تطعمهم وتتصدق عليهم
وفاتها
توفيت في شهر ربيع الآخر سنة أربع ، وعاشت ثلاثين سنة ، رضي الله عنها وأرضاها
أم المؤمنين و أم المساكين
كانت بحقّ أمِّ المساكين ، لأنها كانت تطعمهم ، وتتصدق عليهم
الإصابة
هي :
زينب بنت خزيمة بن عبد الله بن عمر بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن
صعصعة الهلاليـة ، أم المؤمنين زوج الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكانت
أخت أم المؤمنيـن ( ميمونة بنت الحارث ) لأمها ، ولِدَت قبل البعثـة في مكة
بثلاث عشرة سنة تقريباً ، كانت زوجة عبد الله بن جحش فاستشهد بأحد فخطبها
الرسـول -صلى الله عليه وسلم- بعد انقضاء عدّتها الى نفسها ، فجعلت أمرها
إليه تزوجها في السنة الثالثـة للهجرة بعد حفصـة ، وأقامت عند الرسول
ثمانية أشهر وتوفيت في سنة أربع للهجرة
الزواج المبارك
أرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى ( زينب بنت خزيمة ) يخطبها الى نفسه ، وما أن يصل الخبر الى المهاجرة الصابرة التي أفجعها فراق زوجها الشهيد عبد الله بن جحش في غزوة أحد ، امتلأت نفسها سعادة ورضا من التكريم النبوي لها ، فهي ستكون إحدى زوجاته -عليه أفضل الصلاة والسلام- فما كان منها إلا أن أرسلت الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( أني جعلت أمر نفسي إليك ) وتزوجها الرسول الكريم في شهر رمضان من السنة الثالثة للهجرة ولم تمكث عنده إلا أشهراً وتوفيت -رضي الله عنها-
أم المساكين
لقد أقلّت كتب السيرة والتراجم من ذكر أخبار السيدة زينب لقصر فترة اقامتها عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولكنها كانت أفضل أمهات المؤمنين في حب المساكين والإحسان إليهم ، لتكون حقاً ( أم المساكين ) فقد كانت تطعمهم وتتصدق عليهم
وفاتها
توفيت في شهر ربيع الآخر سنة أربع ، وعاشت ثلاثين سنة ، رضي الله عنها وأرضاها
رد: سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
أم سلمة هند بنت أبي أمية
" أم سلمة أول المهاجرات الى الحبشة و أول المهاجرات الى المدينة "
أعلام النبلاء
هي:
أم سلمـة هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن
يقظـة بن مرّة المخزومية ، بنت عم خالد بن الوليد وبنت عم أبي جهل عدو الله
أبـوها يلقب بـ( زاد الراكب ) فكل من يسافر معه يكفيـه المؤن ويغنيه
ولِدت في مكة قبل البعثة بنحو سبعة عشر سنة ، وكانت من أجمل النسـاء و
أشرفهن نسبا ، وكانت قريباً من خمس وثلاثين سنة عندما تزوّجها النبي الكريم
سنة أربع للهجرة وكانت قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند أخيـه من
الرضاعة أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي الرجل الصالح
الهجرة الى الحبشة
أم سلمة -رضي الله عنها- امرأة ذات شرف في أهلها ، وهي ابنة أحد أجود رجال العرب ، جادت بنفسها في سبيل إيمانها ، فكان أول من خرج من المسلمين الى الحبشة من بني مخزوم أبو سلمة بن عبد الأسد ، معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية ، وولدت له بأرض الحبشة زينب بنت أبي سلمة وتعود أم سلمة مع زوجها الى مكة مستخفية عن أنظار الظالمين ، وتصبر في سبيل الله وتوحيده ، حتى آذن الله لهم بالهجرة الى المدينة المنورة
الهجرة الى المدينة
تروي أم سلمة -رضي الله عنها- قصة هجرتها الى المدينة فتقول:
( لما أجمع أبو سلمة الخروج الى المدينة رحّل بعيراً له ، وحملني وحمل معي ابني سلمة ، ثم خرج يقود بعيره ، فلما رآه رجال بني المغيرة قاموا إليه فقالوا :
( هذه نفسك غلبتنا عليها ، أرأيت صاحبتنا هذه ، على مَ نتركك تسير بها في البلاد ؟) ونزعوا خطام البعير من يده ، وأخذوني ، فغضب عند ذلك بنو عبد الأسد ، وأهووا الى سلمة وقالوا ( والله لا نترك ابننا عندها ، إذا نزعتموها من صاحبنا ) فتجاذبوا ابني سلمة حتى خلعوا يده ، وانطلق به بنو عبد الأسد ، ورهط أبي سلمة ، وحبسني بنو المغيرة عندهم ، وانطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة ، ففرق بيني وبين زوجي وابني
فكنت أخرج كلّ غداة ، وأجلس بالأبطح ، فما أزال أبكي حتى أمسي سبعاً أو قريبها ، حتى مرّ بي رجل من بني عمي فرأى ما في وجهي ، فقال لبني المغيرة :
( ألا تخرجون من هذه المسكينة فرَّقتم بينها وبين زوجها وبين ابنها ؟)
فقالوا ( الحقي بزوجك إن شئت ) وردّ علي بنو عبد الأسد عند ذلك ابني
فرحلت بعيري ، ووضعت ابني في حجري ، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة ، وما معي من أحد من خلق الله ، فكنت أبلغ من لقيت ، حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة أخا بني عبد الدار ، فقال ( أين يا بنت أبي أمية ؟) قلت ( أريد زوجي بالمدينة ) فقال ( هل معك أحد ؟) فقلت ( لا والله إلا الله ، وابني هذا ؟)
فقال ( والله ما لك من منزل ) فأخذ بخطام البعير ، فانطلق معي يقودني ، فوالله ما صحبت رجلاً من العرب أراه أكرم منه ، وإذا نزل المنزل أناخ بي ثم تنحى الى الشجرة ، فاضطجع تحتها ، فإذا دنا الرواح قام الى بعيري فقدمه ورحله ثم استأخر عني
وقال ( اركبي ) فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه ، فقادني حتى نزلت ، فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بي المدينة.
فلما نظر الى قرية بني عمرو بن عوف بقباء ، قال :
( إن زوجك في هذه القرية )
وكان أبو سلمة نازلاً بها ، فيستقبل أبو سلمة أم سلمة وابنه معها ، بكل بهجة وسرور ، وتلتقي الأسرة المهاجرة بعد تفرّق وتشتّت وأهوال
وفاة أبو سلمة
ويشهد أبو سلمة غزوة أحد ، ويصاب بسهم في عضده ، ومع أنه ظنّ أنه التأم ، عاد وانفض جرحه فأخلد الى فراشه ، تمرضه أم سلمة الى أن حضره الأجل وتوفاه الله وقد قال عند وفاته ( اللهم اخلفني في أهلي بخير ) فأخلفه الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- على زوجته أم سلمة بعد انقضاء عدّتها حيث خطبها وتزوجها ، فصارت أماً للمؤمنين ، وصار الرسول -صلى الله عليه وسلم- ربيب بنيه ( عمر وسلمة وزينب )
البيت النبوي
كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند أم سلمة ، فدخل عليها الحسن والحسين -رضي الله عنهما- ، ثم أدخلهما تحت ثوبه ، ثم جأر الى الله عزّ وجل ثم قال ( هؤلاء أهل بيتـي ) فقالت أم سلمـة -رضي الله عنها- ( يا رسـول الله ، أدخلني معهم !) فقال -صلى اللـه عليه وسلم- ( أنتِ من أهلي ) وبهذا أدخل على نفسها الطمأنينة وكان -صلى اللـه عليه وسلـم- يهتم بأبنائهـا كأنهم أبنائه فربيبتـه زينـب بنت أبي سلمة أصبحـت من أفقه نساء أهل زمانها وبلغ من إعزازه -صلى الله عليه وسلم- لربيبـه سلمة بن أبي سلمة أن زوجـه بنت عمه الشهيد حمـزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه-
المشاركة في الغزوات
لقد صحبت أم المؤمنين أم سلمة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غزوات كثيرة ، فكانت معه في غزوة خيبر وفي فتح مكة وفي حصاره للطائف ، وفي غزو هوازن وثقيف ، ثم صحبتْهُ في حجة الوداع
ففي السنة السادسة للهجرة صحبت أم سلمة -رضي الله عنها- النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الحديبية ، وكان لها مشورة لرسول الله أنجت بها أصحابه من غضب اللـه ورسولـه ، وذلك حين أعرضوا عن امتثال أمره ، فعندما فرغ الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- من قضية الصلـح قال لأصحابه ( قوموا فانحروا ثم احلقوا ) فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فلمّا لم يقم منهم أحد دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أم سلمة فذكر لها ما لقي من عدم استجابة الناس ، وما في هذا من غضب لله ولرسوله ، ومن تشفي قريش بهم ، فألهم الله أم سلمة -رضي الله عنها- لتنقذ الموقف فقالت ( يا نبي الله ، أتُحبُّ ذلك ؟) -أي يطيعك الصحابة- فأومأ لها بنعم ، فقالت ( اخرج ثم لا تكلّمْ أحداً منهم كلمةً حتى تنحر بُدْنَكَ وتدعو حالِقكَ فيحلقُكَ )
فخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يُكلّم أحداً ، ونحر بُدْنَهُ ، ودعا حالِقَهُ فحلقه ، فلما رأى الصحابة ذلك قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضاً ، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غمّاً ، وبذلك نجا الصحابة من خطر مخالفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أم سلمة وعائشة
لقد كان لأم سلمة -رضي الله عنها- مشورة ثانية لأم المؤمنين عائشة ، وذلك حين عزمت الخروج لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ، فكتبت لها في عُنف وإنكار شديد فقالت ( إنك سُدّةٌ بين رسول الله وأمته ، وحجابك مضروبٌ على حرمته ، قد جمع القرآن الكريم ذيلكِ ، فلا تندحيه ، وسكّن الله عقيرتك فلا تصحريها -أي صوتك لا ترفعيه- الله من وراء هذه الأمة ، ما كنت قائلةً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو عارضك بأطراف الجبال والفلوات ؟ ولو أتيتُ الذي تُريدين ، ثم قيل لي ادخلي الجنة لاستحييتُ أن ألقى الله هاتكةً حجاباً قد ضربَهُ عليَّ ) وذكرت كلاماً تحرضها فيه على عدم الخروج
فكتبت لها السيدة عائشة -رضي الله عنها- تقول ( ما أقبلني لوعظك ، وما أعلمني بنصحك ، وليس مسيري على ما تظنين ، ولنِعْمَ المطلعُ مطلعٌ فزعتْ فيه الى فئتان متناجزتان )
وفاتها
كانت أم سلمة -رضي الله عنها- أخر من مات من أمهات المؤمنين ، فتوفيت سنة إحدى وستين من الهجرة وعاشت نحواً من تسعين سنة
" أم سلمة أول المهاجرات الى الحبشة و أول المهاجرات الى المدينة "
أعلام النبلاء
هي:
أم سلمـة هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن
يقظـة بن مرّة المخزومية ، بنت عم خالد بن الوليد وبنت عم أبي جهل عدو الله
أبـوها يلقب بـ( زاد الراكب ) فكل من يسافر معه يكفيـه المؤن ويغنيه
ولِدت في مكة قبل البعثة بنحو سبعة عشر سنة ، وكانت من أجمل النسـاء و
أشرفهن نسبا ، وكانت قريباً من خمس وثلاثين سنة عندما تزوّجها النبي الكريم
سنة أربع للهجرة وكانت قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند أخيـه من
الرضاعة أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي الرجل الصالح
الهجرة الى الحبشة
أم سلمة -رضي الله عنها- امرأة ذات شرف في أهلها ، وهي ابنة أحد أجود رجال العرب ، جادت بنفسها في سبيل إيمانها ، فكان أول من خرج من المسلمين الى الحبشة من بني مخزوم أبو سلمة بن عبد الأسد ، معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية ، وولدت له بأرض الحبشة زينب بنت أبي سلمة وتعود أم سلمة مع زوجها الى مكة مستخفية عن أنظار الظالمين ، وتصبر في سبيل الله وتوحيده ، حتى آذن الله لهم بالهجرة الى المدينة المنورة
الهجرة الى المدينة
تروي أم سلمة -رضي الله عنها- قصة هجرتها الى المدينة فتقول:
( لما أجمع أبو سلمة الخروج الى المدينة رحّل بعيراً له ، وحملني وحمل معي ابني سلمة ، ثم خرج يقود بعيره ، فلما رآه رجال بني المغيرة قاموا إليه فقالوا :
( هذه نفسك غلبتنا عليها ، أرأيت صاحبتنا هذه ، على مَ نتركك تسير بها في البلاد ؟) ونزعوا خطام البعير من يده ، وأخذوني ، فغضب عند ذلك بنو عبد الأسد ، وأهووا الى سلمة وقالوا ( والله لا نترك ابننا عندها ، إذا نزعتموها من صاحبنا ) فتجاذبوا ابني سلمة حتى خلعوا يده ، وانطلق به بنو عبد الأسد ، ورهط أبي سلمة ، وحبسني بنو المغيرة عندهم ، وانطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة ، ففرق بيني وبين زوجي وابني
فكنت أخرج كلّ غداة ، وأجلس بالأبطح ، فما أزال أبكي حتى أمسي سبعاً أو قريبها ، حتى مرّ بي رجل من بني عمي فرأى ما في وجهي ، فقال لبني المغيرة :
( ألا تخرجون من هذه المسكينة فرَّقتم بينها وبين زوجها وبين ابنها ؟)
فقالوا ( الحقي بزوجك إن شئت ) وردّ علي بنو عبد الأسد عند ذلك ابني
فرحلت بعيري ، ووضعت ابني في حجري ، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة ، وما معي من أحد من خلق الله ، فكنت أبلغ من لقيت ، حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة أخا بني عبد الدار ، فقال ( أين يا بنت أبي أمية ؟) قلت ( أريد زوجي بالمدينة ) فقال ( هل معك أحد ؟) فقلت ( لا والله إلا الله ، وابني هذا ؟)
فقال ( والله ما لك من منزل ) فأخذ بخطام البعير ، فانطلق معي يقودني ، فوالله ما صحبت رجلاً من العرب أراه أكرم منه ، وإذا نزل المنزل أناخ بي ثم تنحى الى الشجرة ، فاضطجع تحتها ، فإذا دنا الرواح قام الى بعيري فقدمه ورحله ثم استأخر عني
وقال ( اركبي ) فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه ، فقادني حتى نزلت ، فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بي المدينة.
فلما نظر الى قرية بني عمرو بن عوف بقباء ، قال :
( إن زوجك في هذه القرية )
وكان أبو سلمة نازلاً بها ، فيستقبل أبو سلمة أم سلمة وابنه معها ، بكل بهجة وسرور ، وتلتقي الأسرة المهاجرة بعد تفرّق وتشتّت وأهوال
وفاة أبو سلمة
ويشهد أبو سلمة غزوة أحد ، ويصاب بسهم في عضده ، ومع أنه ظنّ أنه التأم ، عاد وانفض جرحه فأخلد الى فراشه ، تمرضه أم سلمة الى أن حضره الأجل وتوفاه الله وقد قال عند وفاته ( اللهم اخلفني في أهلي بخير ) فأخلفه الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- على زوجته أم سلمة بعد انقضاء عدّتها حيث خطبها وتزوجها ، فصارت أماً للمؤمنين ، وصار الرسول -صلى الله عليه وسلم- ربيب بنيه ( عمر وسلمة وزينب )
البيت النبوي
كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند أم سلمة ، فدخل عليها الحسن والحسين -رضي الله عنهما- ، ثم أدخلهما تحت ثوبه ، ثم جأر الى الله عزّ وجل ثم قال ( هؤلاء أهل بيتـي ) فقالت أم سلمـة -رضي الله عنها- ( يا رسـول الله ، أدخلني معهم !) فقال -صلى اللـه عليه وسلم- ( أنتِ من أهلي ) وبهذا أدخل على نفسها الطمأنينة وكان -صلى اللـه عليه وسلـم- يهتم بأبنائهـا كأنهم أبنائه فربيبتـه زينـب بنت أبي سلمة أصبحـت من أفقه نساء أهل زمانها وبلغ من إعزازه -صلى الله عليه وسلم- لربيبـه سلمة بن أبي سلمة أن زوجـه بنت عمه الشهيد حمـزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه-
المشاركة في الغزوات
لقد صحبت أم المؤمنين أم سلمة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غزوات كثيرة ، فكانت معه في غزوة خيبر وفي فتح مكة وفي حصاره للطائف ، وفي غزو هوازن وثقيف ، ثم صحبتْهُ في حجة الوداع
ففي السنة السادسة للهجرة صحبت أم سلمة -رضي الله عنها- النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الحديبية ، وكان لها مشورة لرسول الله أنجت بها أصحابه من غضب اللـه ورسولـه ، وذلك حين أعرضوا عن امتثال أمره ، فعندما فرغ الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- من قضية الصلـح قال لأصحابه ( قوموا فانحروا ثم احلقوا ) فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فلمّا لم يقم منهم أحد دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أم سلمة فذكر لها ما لقي من عدم استجابة الناس ، وما في هذا من غضب لله ولرسوله ، ومن تشفي قريش بهم ، فألهم الله أم سلمة -رضي الله عنها- لتنقذ الموقف فقالت ( يا نبي الله ، أتُحبُّ ذلك ؟) -أي يطيعك الصحابة- فأومأ لها بنعم ، فقالت ( اخرج ثم لا تكلّمْ أحداً منهم كلمةً حتى تنحر بُدْنَكَ وتدعو حالِقكَ فيحلقُكَ )
فخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يُكلّم أحداً ، ونحر بُدْنَهُ ، ودعا حالِقَهُ فحلقه ، فلما رأى الصحابة ذلك قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضاً ، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غمّاً ، وبذلك نجا الصحابة من خطر مخالفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أم سلمة وعائشة
لقد كان لأم سلمة -رضي الله عنها- مشورة ثانية لأم المؤمنين عائشة ، وذلك حين عزمت الخروج لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ، فكتبت لها في عُنف وإنكار شديد فقالت ( إنك سُدّةٌ بين رسول الله وأمته ، وحجابك مضروبٌ على حرمته ، قد جمع القرآن الكريم ذيلكِ ، فلا تندحيه ، وسكّن الله عقيرتك فلا تصحريها -أي صوتك لا ترفعيه- الله من وراء هذه الأمة ، ما كنت قائلةً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو عارضك بأطراف الجبال والفلوات ؟ ولو أتيتُ الذي تُريدين ، ثم قيل لي ادخلي الجنة لاستحييتُ أن ألقى الله هاتكةً حجاباً قد ضربَهُ عليَّ ) وذكرت كلاماً تحرضها فيه على عدم الخروج
فكتبت لها السيدة عائشة -رضي الله عنها- تقول ( ما أقبلني لوعظك ، وما أعلمني بنصحك ، وليس مسيري على ما تظنين ، ولنِعْمَ المطلعُ مطلعٌ فزعتْ فيه الى فئتان متناجزتان )
وفاتها
كانت أم سلمة -رضي الله عنها- أخر من مات من أمهات المؤمنين ، فتوفيت سنة إحدى وستين من الهجرة وعاشت نحواً من تسعين سنة
رد: سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
زينب بنت جحش
" أسرعكـنّ لِحاقاً بي أطولَكُـنَّ يداً "
حديث شريف
هي :
زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صيرة بن مرّة بن كثير بن غنم بن
دودان بن أسد بن خزيمة ، أم المؤمنين وأمُّها أميمة بنت عبد المطلب عمّـة
رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولدت بمكة قبل البعثة بسبع عشرة
سنة وكانت من المهاجرات الأول ، أسلمت قديماً
زواجها من زيد
كان زيد بن حارثة مولى للسيدة خديجة -رضي الله عنها- ، فلمّا تزوّجها الرسول -صلى الله عليه وسلم-وهَبَته له ، وتبناه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأصبح زيد بن محمد ، وبعد الإسلام نزل قوله تعالى ( وادعوهم لآبائهم ) فعاد من جديد زيد بن حارثة
وأما قصة زواجه من السيـدة زينـب تعود الى أن زينب قد خطبها عدّة من قريش فأرسلت أختـها ( حمنة ) الى رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- تستشيره ، فقال الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ( أين هي ممن يُعلّمها كتاب ربّها وسنّة نبيها ؟)
قالت حمنة ( ومن هو يا رسـول الله ؟) قال ( زيد بن حارثة ) فغضبت ( حمنة ) غضباً شديداً وقالت ( يا رسول الله ! أتزوج ابنة عمّتك مولاك ؟!) وعادت الى زينب فأخبرتها ، فغضبت زينب وقالت أشد من قول أختها فأنزل الله تعالى
قال تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أنْ يكون لهم الخِيرة من أمرهم )
فأرسلت زينـب الى الرسـول -صلى الله عليه وسلم- وقالت
( إني استغفر الله وأطيع الله ورسولـه ، افعل يا رسول الله ما رأيت )
فزوّجها الرسول -صلى الله عليه وسلم- زيداً ، فكانت أزراً عليه ، وشكاها زيد الى الرسول الكريم ، فعاتبها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال لزيد
( أمسِكْ عليك زوجك واتّق الله ) فقال زيد ( أنا أطلقها ) وطلقها زيد -رضي الله عنه-
تزويج من السماء
وبينما الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- عند السيـدة عائشـة ، إذ أخذتـه غشيـةٌ فسُـرِّي عنه وهو يبتسـم و يقـول ( من يذهب الى زينـب يُبشِّرُها ؟) وتـلا
قال تعالى ( وإذْ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمتَ عليه أمسكْ عليك زوجكَ واتقِ اللهَ وتُخْفي في نفسكَ ما اللهُ مُبْدِيه وتَخْشى الناس والله أحقُّ أن تخْشَاهُ ، فلمّا قضى زَيْدٌ منها وَطَراً زَوَّجْنَاكها لكي لا يكون على المؤمنين حَرَجٌ في أزواج أدْعيائهم إذا قضوا منهنّ وَطَراً ، وكان أمْرُ اللهِ مَفْعولاً )
فعندما انقضت عِدّة زينب -رضي الله عنها- قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لزيْد بن حارثة ( اذهب فاذْكرها عليّ ) فانطلق حتى أتاها وهي تخمّرُ عجينها ، قال
( فلمّا رأيتها عظمَتْ في صدري حتى ما أستطيع أن أنظـر إليها ، وأقول إن رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكرها فولّيتُها ظهري ، ونكصت على عقبي وقُلتُ
( يا زينب أبشري أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكرك ؟)
قالت ( ما أنا بصانعةٍ شيئاً حتى أؤامِرَ ربيّ عز وجل )
فقامت الى مسجدها ونزل القرآن وجاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- فدخل عليها
تقول السيدة زينب ( لمّا انقضتْ عِدّتي لم أعلم إلا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد دخل عليّ بيتي ، وأنا مكشوفة الشعر ، فعلمت أنه أُمِرَ من السماء ،
فقلت ( يا رسول الله : بلا خطبة ولا إشهاد ؟!)
قال -صلى الله عليه وسلم- ( الله زوّجَ وجبريل الشاهد ) وتزوّج الرسول -صلى الله عليه وسلم- امرأة زيد بعده ، وانتفى ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من أن الذي يتبنى غيره يصير ابنه وكانت وليمة العرس حافلة مشهودة ، ذبح النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- شاة ، وأمر ( أنس بن مالك ) أن يدعوَ الناس الى الوليمـة ، فترافدوا أفواجاً أفواجاً ، يأكل كل فوج ويخرج ، ثم يدخل فوجٌ آخر ، حتى أكلوا كلُّهم
الفخر
لقد كانت السيدة زينب تفتخر بزواجها من الرسول -صلى الله عليه وسلم-
وتقول ( يا رسول الله إني والله ما أنا كإحدى نسائِكَ ، ليست امرأة من نسائِك إلا زوّجها أبوها أو أخوها أو أهلها ، غيري زوّجِنيك الله من السماء )
وقد كانت -رضي الله عنها- تفتخر على نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- فتقول
( زوّجكُنّ أهاليكنّ ، وزوّجني الله تعالى من فوق سبع سموات )
فلمّا سمعتها السيدة عائشة -رضي الله عنها-
قالت ( أنا التي نزل عذري من السماء ) فاعترفت لها زينب -رضي الله عنها-
السخاء والجود
لقد سميت السيد زينب بأم المؤمنين ومفزع اليتامى وملجأ الأرامل ، وقد اكتسبت تلك المكانة بكثرة سخائها وعظيم جودها ، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لنسائه
( أسْرعكُنّ لحاقاً بي أطوَلَكُنّ يداً ) تقول السيدة عائشة ( كنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نمدُّ أيدينا في الجدار نتطاول ، فلم نَزَل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش ، ولم تكن بأطولنا ، فعرفنا حينئذٍ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أراد طولَ اليدِ بالصدقة ، وكانت زينب امرأةً صناعَ اليد ، فكانت تَدْبَغُ وتخرزُ وتتصدق به في سبيل الله تعالى )
وبعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان عطاؤها اثني عشر ألفاً ، لم تأخذه إلا عاماً واحداً ، فجعلت تقول ( اللهم لا يدركني هذا المالُ من قابل ، فإنه فتنة ) ثم قسّمته في أهل رَحِمِها وفي أهل الحاجة ، فبلغ عمر فقال ( هذه امرأة يُرادُ بها خيراً ) فوقف عليها وأرسل بالسلام ، وقال ( بلغني ما فرّقت ، فأرسل بألف درهم تستبقيها ) فسلكت به ذلك المسلك
وفاتها
توفيـت السيـدة زينـب سنـة عشريـن من الهجـرة وهي بنـت خمسيـن ، وصلّى عليهـا عمـر بـن الخطـاب أميـر المؤمنيـن ، ودُفنـت في البقيـع -رضـي اللـه عنها-
قالت السيدة عائشة ( رحِمَ الله زينب ، لقد نالت في الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف ، إن الله زوّجها ، ونطق به القرآن ، وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال لنا
( وأسْرَعَكُنّ بي لُحوقاً أطولكُنَّ باعاً ) فبشَّرها بسرعة لحوقها به ،وهي زوجته في الجنة
" أسرعكـنّ لِحاقاً بي أطولَكُـنَّ يداً "
حديث شريف
هي :
زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صيرة بن مرّة بن كثير بن غنم بن
دودان بن أسد بن خزيمة ، أم المؤمنين وأمُّها أميمة بنت عبد المطلب عمّـة
رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولدت بمكة قبل البعثة بسبع عشرة
سنة وكانت من المهاجرات الأول ، أسلمت قديماً
زواجها من زيد
كان زيد بن حارثة مولى للسيدة خديجة -رضي الله عنها- ، فلمّا تزوّجها الرسول -صلى الله عليه وسلم-وهَبَته له ، وتبناه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأصبح زيد بن محمد ، وبعد الإسلام نزل قوله تعالى ( وادعوهم لآبائهم ) فعاد من جديد زيد بن حارثة
وأما قصة زواجه من السيـدة زينـب تعود الى أن زينب قد خطبها عدّة من قريش فأرسلت أختـها ( حمنة ) الى رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- تستشيره ، فقال الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ( أين هي ممن يُعلّمها كتاب ربّها وسنّة نبيها ؟)
قالت حمنة ( ومن هو يا رسـول الله ؟) قال ( زيد بن حارثة ) فغضبت ( حمنة ) غضباً شديداً وقالت ( يا رسول الله ! أتزوج ابنة عمّتك مولاك ؟!) وعادت الى زينب فأخبرتها ، فغضبت زينب وقالت أشد من قول أختها فأنزل الله تعالى
قال تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أنْ يكون لهم الخِيرة من أمرهم )
فأرسلت زينـب الى الرسـول -صلى الله عليه وسلم- وقالت
( إني استغفر الله وأطيع الله ورسولـه ، افعل يا رسول الله ما رأيت )
فزوّجها الرسول -صلى الله عليه وسلم- زيداً ، فكانت أزراً عليه ، وشكاها زيد الى الرسول الكريم ، فعاتبها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال لزيد
( أمسِكْ عليك زوجك واتّق الله ) فقال زيد ( أنا أطلقها ) وطلقها زيد -رضي الله عنه-
تزويج من السماء
وبينما الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- عند السيـدة عائشـة ، إذ أخذتـه غشيـةٌ فسُـرِّي عنه وهو يبتسـم و يقـول ( من يذهب الى زينـب يُبشِّرُها ؟) وتـلا
قال تعالى ( وإذْ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمتَ عليه أمسكْ عليك زوجكَ واتقِ اللهَ وتُخْفي في نفسكَ ما اللهُ مُبْدِيه وتَخْشى الناس والله أحقُّ أن تخْشَاهُ ، فلمّا قضى زَيْدٌ منها وَطَراً زَوَّجْنَاكها لكي لا يكون على المؤمنين حَرَجٌ في أزواج أدْعيائهم إذا قضوا منهنّ وَطَراً ، وكان أمْرُ اللهِ مَفْعولاً )
فعندما انقضت عِدّة زينب -رضي الله عنها- قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لزيْد بن حارثة ( اذهب فاذْكرها عليّ ) فانطلق حتى أتاها وهي تخمّرُ عجينها ، قال
( فلمّا رأيتها عظمَتْ في صدري حتى ما أستطيع أن أنظـر إليها ، وأقول إن رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكرها فولّيتُها ظهري ، ونكصت على عقبي وقُلتُ
( يا زينب أبشري أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكرك ؟)
قالت ( ما أنا بصانعةٍ شيئاً حتى أؤامِرَ ربيّ عز وجل )
فقامت الى مسجدها ونزل القرآن وجاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- فدخل عليها
تقول السيدة زينب ( لمّا انقضتْ عِدّتي لم أعلم إلا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد دخل عليّ بيتي ، وأنا مكشوفة الشعر ، فعلمت أنه أُمِرَ من السماء ،
فقلت ( يا رسول الله : بلا خطبة ولا إشهاد ؟!)
قال -صلى الله عليه وسلم- ( الله زوّجَ وجبريل الشاهد ) وتزوّج الرسول -صلى الله عليه وسلم- امرأة زيد بعده ، وانتفى ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من أن الذي يتبنى غيره يصير ابنه وكانت وليمة العرس حافلة مشهودة ، ذبح النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- شاة ، وأمر ( أنس بن مالك ) أن يدعوَ الناس الى الوليمـة ، فترافدوا أفواجاً أفواجاً ، يأكل كل فوج ويخرج ، ثم يدخل فوجٌ آخر ، حتى أكلوا كلُّهم
الفخر
لقد كانت السيدة زينب تفتخر بزواجها من الرسول -صلى الله عليه وسلم-
وتقول ( يا رسول الله إني والله ما أنا كإحدى نسائِكَ ، ليست امرأة من نسائِك إلا زوّجها أبوها أو أخوها أو أهلها ، غيري زوّجِنيك الله من السماء )
وقد كانت -رضي الله عنها- تفتخر على نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- فتقول
( زوّجكُنّ أهاليكنّ ، وزوّجني الله تعالى من فوق سبع سموات )
فلمّا سمعتها السيدة عائشة -رضي الله عنها-
قالت ( أنا التي نزل عذري من السماء ) فاعترفت لها زينب -رضي الله عنها-
السخاء والجود
لقد سميت السيد زينب بأم المؤمنين ومفزع اليتامى وملجأ الأرامل ، وقد اكتسبت تلك المكانة بكثرة سخائها وعظيم جودها ، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لنسائه
( أسْرعكُنّ لحاقاً بي أطوَلَكُنّ يداً ) تقول السيدة عائشة ( كنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نمدُّ أيدينا في الجدار نتطاول ، فلم نَزَل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش ، ولم تكن بأطولنا ، فعرفنا حينئذٍ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أراد طولَ اليدِ بالصدقة ، وكانت زينب امرأةً صناعَ اليد ، فكانت تَدْبَغُ وتخرزُ وتتصدق به في سبيل الله تعالى )
وبعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان عطاؤها اثني عشر ألفاً ، لم تأخذه إلا عاماً واحداً ، فجعلت تقول ( اللهم لا يدركني هذا المالُ من قابل ، فإنه فتنة ) ثم قسّمته في أهل رَحِمِها وفي أهل الحاجة ، فبلغ عمر فقال ( هذه امرأة يُرادُ بها خيراً ) فوقف عليها وأرسل بالسلام ، وقال ( بلغني ما فرّقت ، فأرسل بألف درهم تستبقيها ) فسلكت به ذلك المسلك
وفاتها
توفيـت السيـدة زينـب سنـة عشريـن من الهجـرة وهي بنـت خمسيـن ، وصلّى عليهـا عمـر بـن الخطـاب أميـر المؤمنيـن ، ودُفنـت في البقيـع -رضـي اللـه عنها-
قالت السيدة عائشة ( رحِمَ الله زينب ، لقد نالت في الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف ، إن الله زوّجها ، ونطق به القرآن ، وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال لنا
( وأسْرَعَكُنّ بي لُحوقاً أطولكُنَّ باعاً ) فبشَّرها بسرعة لحوقها به ،وهي زوجته في الجنة
رد: سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
جويرية بنت الحارث
"ما أعلم امرأةً أعظمُ بركة منها على قومها "
السيدة عائشة
هي :
جُوَيْرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن جذيمة الخزاعية المصطلقية
كان اسمهـا ( برَّة ) فسمّاها الرسول -صلى اللـه عليه وسلم- ( جويرية )
ولدت فبل البعثـة بنحو ثلاثة أعوام تقريباً ، وتزوجها الرسول الكريم وهي
ابنة عشرين سنة ، وكان أبوها الحارث سيّداً مطاعاً ، قدم على النبي -صلى
الله عليه وسلم- فأسلم
الأسر
وفي السنة السادسة للهجرة ، وبعد غزوة بني المصطلق أصاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- سبياً كثيراً قسّمه بين المسلمين ، وكان ممن أصاب يومها من السبايا جويرية بنت الحارث ، فلما قسّم السبايا وقعت جويرية في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له ، فكاتبته على نفسها ، وكانت امرأة حلوة مُلاّحة ، ولا يراها أحد إلا أخذت بنفسه ، فأتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تستعينه في كتابتها ،
وقالت له ( يا رسول الله ، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه ، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك ، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس ، فكاتبته على نفسي ، فجئتك أستعينك على كتابتي )
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( فهل لك في خير من ذلك ؟)
قالت ( وما هو يا رسول الله ؟) قال ( أقضي عنك كتابتك وأتزوجك )
قالت ( نعم يا رسول الله ) قال ( لقد فعلت )
العتق
وخرج الخبر الى الناس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد تزوّج جويرية ، فقال الناس ( أصهار رسول الله ) وأرسلوا ما بأيديهم ،
قالت السيدة عائشة ( فلقد أعتق بتزويجه إياها مئة أهل بيت من بني المصطلق ، فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها )
والدها الحارث
أقبل الحارث ( والد جويرية ) الى المدينة بفداء ابنته ، فلما كان بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء ، فرغب في بعيرين منها ، فغيّبهما في شِعْبٍ من شعاب العقيق ،
ثم أتى الى الرسـول -صلى اللـه عليه وسلـم- وقال ( يا محمـد أصبتم ابنتي ، وهذا فداؤها ) فقال رسـول الله -صلى الله عليه وسلم-
( فأين البعيران اللذان غَيبتهما بالعقيق في شعب كذا وكذا ؟)
فقال الحارث ( أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ! فوالله ما اطّلع على ذلك إلا الله ) فأسلم الحارث ومعه ابنان له ، وناس من قومه ، وأرسل الى البعيرين فجاء بهما
بيت النبوة
ولقد عاشت أم المؤمنين ( جويرية ) في بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كزوجة كريمة مُعزّزة ، فكانت خير مثل يُحتذى في رعايتها لبيتها وزوجها وحسن عشرتها معه -صلى الله عليه وسلم-
ولقد كانت كثيرة الإجتهاد بالعبادة لله تعالى ، والإكثار من ذكره المبارك ، والصوم وفعل الخيرات وكان يحرص الرسول -صلى الله عليه وسلم- على تعليمهـا أمور دينها فقد دخل عليها في يـوم جمعـة وهي صائمـة فقال لها ( أصَمْتِ أمس ؟) قالت ( لا )
قال ( أتريديـن أن تصومي غداً ؟) أي السبت مع الجمعة قالت ( لا ) قال ( فأفطري ) لكراهة ذلك
وفي أحـد الأيام خرج الرسـول -صلى الله عليه وسلم- من عندها بُكْرَةً حين صلّى الصبـح ، وهي في مسجدها ، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة
فقال ( مازلت على الحال التي فارقتك عليها ؟) قالت ( نعم )
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-
( لقد قُلتُ بعدك أربع كلمات ثلاث مراتً ، لو وزِنَت بما قلتِ منذ اليوم لوَزَنتهنّ : سبحان الله وبحمده عدَدَ خَلْقِه ورضا نفسه ، وزِنة عرشه ، ومِداد كلماته )
وفاتها
توفيت -رضي الله عنها- بالمدينة بعد منتصف القرن الأول من الهجرة سنة ستٍ وخمسين على الأرجح ، وصلى عليها مروان بن الحكم أمير المدينة آنذاك ، وقد بلغت سبعين سنة فرحمها الله
"ما أعلم امرأةً أعظمُ بركة منها على قومها "
السيدة عائشة
هي :
جُوَيْرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن جذيمة الخزاعية المصطلقية
كان اسمهـا ( برَّة ) فسمّاها الرسول -صلى اللـه عليه وسلم- ( جويرية )
ولدت فبل البعثـة بنحو ثلاثة أعوام تقريباً ، وتزوجها الرسول الكريم وهي
ابنة عشرين سنة ، وكان أبوها الحارث سيّداً مطاعاً ، قدم على النبي -صلى
الله عليه وسلم- فأسلم
الأسر
وفي السنة السادسة للهجرة ، وبعد غزوة بني المصطلق أصاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- سبياً كثيراً قسّمه بين المسلمين ، وكان ممن أصاب يومها من السبايا جويرية بنت الحارث ، فلما قسّم السبايا وقعت جويرية في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له ، فكاتبته على نفسها ، وكانت امرأة حلوة مُلاّحة ، ولا يراها أحد إلا أخذت بنفسه ، فأتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تستعينه في كتابتها ،
وقالت له ( يا رسول الله ، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه ، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك ، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس ، فكاتبته على نفسي ، فجئتك أستعينك على كتابتي )
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( فهل لك في خير من ذلك ؟)
قالت ( وما هو يا رسول الله ؟) قال ( أقضي عنك كتابتك وأتزوجك )
قالت ( نعم يا رسول الله ) قال ( لقد فعلت )
العتق
وخرج الخبر الى الناس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد تزوّج جويرية ، فقال الناس ( أصهار رسول الله ) وأرسلوا ما بأيديهم ،
قالت السيدة عائشة ( فلقد أعتق بتزويجه إياها مئة أهل بيت من بني المصطلق ، فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها )
والدها الحارث
أقبل الحارث ( والد جويرية ) الى المدينة بفداء ابنته ، فلما كان بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء ، فرغب في بعيرين منها ، فغيّبهما في شِعْبٍ من شعاب العقيق ،
ثم أتى الى الرسـول -صلى اللـه عليه وسلـم- وقال ( يا محمـد أصبتم ابنتي ، وهذا فداؤها ) فقال رسـول الله -صلى الله عليه وسلم-
( فأين البعيران اللذان غَيبتهما بالعقيق في شعب كذا وكذا ؟)
فقال الحارث ( أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ! فوالله ما اطّلع على ذلك إلا الله ) فأسلم الحارث ومعه ابنان له ، وناس من قومه ، وأرسل الى البعيرين فجاء بهما
بيت النبوة
ولقد عاشت أم المؤمنين ( جويرية ) في بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كزوجة كريمة مُعزّزة ، فكانت خير مثل يُحتذى في رعايتها لبيتها وزوجها وحسن عشرتها معه -صلى الله عليه وسلم-
ولقد كانت كثيرة الإجتهاد بالعبادة لله تعالى ، والإكثار من ذكره المبارك ، والصوم وفعل الخيرات وكان يحرص الرسول -صلى الله عليه وسلم- على تعليمهـا أمور دينها فقد دخل عليها في يـوم جمعـة وهي صائمـة فقال لها ( أصَمْتِ أمس ؟) قالت ( لا )
قال ( أتريديـن أن تصومي غداً ؟) أي السبت مع الجمعة قالت ( لا ) قال ( فأفطري ) لكراهة ذلك
وفي أحـد الأيام خرج الرسـول -صلى الله عليه وسلم- من عندها بُكْرَةً حين صلّى الصبـح ، وهي في مسجدها ، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة
فقال ( مازلت على الحال التي فارقتك عليها ؟) قالت ( نعم )
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-
( لقد قُلتُ بعدك أربع كلمات ثلاث مراتً ، لو وزِنَت بما قلتِ منذ اليوم لوَزَنتهنّ : سبحان الله وبحمده عدَدَ خَلْقِه ورضا نفسه ، وزِنة عرشه ، ومِداد كلماته )
وفاتها
توفيت -رضي الله عنها- بالمدينة بعد منتصف القرن الأول من الهجرة سنة ستٍ وخمسين على الأرجح ، وصلى عليها مروان بن الحكم أمير المدينة آنذاك ، وقد بلغت سبعين سنة فرحمها الله
رد: سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
أم حبيبة بنت أبي سفيان
" قد كـان يكـون بيننـا ما يكـون بيـن الضرائر ، فتحلَّليني من ذلك "
أم حبيبة
هي:
رملـة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف
وُلِدَت قبل البعثة بسبعـة عشر عاماً ، أسلمت قديماً وهاجرت الى الحبشة
مع عبيد الله بن جحش ، تُكنّى أم حبيبة ، تزوّجها رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- وهي في الحبشة ، وقدمت عليه سنة سبع
الهجرة والمحنة
لمّا اشتد الأذى من المشركين على الصحابة في مكة ، وأذن الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمستضعفين بالهجرة بدينهم الى الحبشة ، هاجرت أم حبيبة مع زوجها عُبيد الله بن جحش معَ من هاجر من الصحابة إلى الحبشة ، لقد تحمّلت أم حبيبة أذى قومها ، وهجر أهلها ، والغربة عن وطنها وديارها من أجل دينها وإسلامها وبعد أن استقرت في الحبشة جاءتها محنة أشد وأقوى ، فقد ارتـد زوجها عن الإسـلام وتنصّر ، تقول أم حبيبـة -رضي الله عنها- ( رأيت في المنام كأن زوجي عُبيد الله بن جحش بأسود صورة ففزعت ، فأصبحت فإذا به قد تنصّر ، فأخبرته بالمنام فلم يحفل به ، وأكبّ على الخمر حتى مات
الزواج المبارك
فأتاني آت في نومي فقال ( يا أم المؤمنين ) ففزعت ، فما هو إلا أن انقضتْ عدّتي ، فما شعرت إلا برسول النجاشي يستأذن ، فإذا هي جارية يُقال لها أبرهة ، فقالت
( إن الملك يقولُ لك : وكّلي مَنْ يُزوِّجك ) فأرسلت إلى خالـد بن سعيـد بن العـاص بن أمية فوكّلته ، فأعطيتُ أبرهة سِوارين من فضّة )
فلمّا كان العشيّ أمرَ النجاشي جعفـر بن أبي طالـب ومَنْ هناك من المسلميـن
فحضروا ، فخطب النجاشي فحمد اللـه تعالى وأثنى عليه وتشهـد ثم قال
( أما بعد ، فإن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- كتب إليّ أن أزوّجه أم حبيبة ، فأجبت وقد أصدقتُها عنه أربعمائة دينار ) ثم سكب الدنانير ، ثم خطب خالـد بن سعيـد فقال ( قد أجبتُ إلى ما دعا إليه رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- وزوّجته أم حبيبة ) وقبض الدنانير ، وعمل لهم النجاشي طعاماً فأكلوا
تقول أم حبيبة -رضي الله عنها- ( فلمّا وصل إليّ المال ، أعطيتُ أبرهة منه خمسين ديناراً ، فردتّها عليّ وقالت ( إن الملك عزم عليّ بذلك ) وردّت عليّ ما كنتُ أعطيتُها أوّلاً ثم جاءتني من الغَد بعودٍ ووَرْسٍ وعنبر ، وزبادٍ كثير -أي طيب كثير- ، فقدمتُ به معي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولمّا بلغ أبا سفيان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نكح ابنته قال ( هو الفحلُ لا يُجْدَعُ أنفُهُ ) أي إنه الكُفء الكريم الذي لا يُعاب ولا يُردّ
عودة المهاجرة
لقد كانت عـودة المهاجـرة ( أم حبيبة ) عقب فتح النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- خيبر ، عادت مع جعفر بن أبي طالب ومن معه من المهاجرين الى الحبشة ، وقد سُرَّ الرسـول -صلى الله عليه وسلـم- أيّما سرور لمجـيء هؤلاء الصحابـة بعد غياب طويل ، ومعهم الزوجة الصابرة الطاهرة وقد قال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- ( والله ما أدري بأيّهما أفرحُ ؟ بفتح خيبر ؟ أم بقدوم جعفر )
الزفاف المبارك
وما أن وصلت أم حبيبة -رضي الله عنها- الى المدينة ، حتى استقبلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالسرور والبهجة ، وأنزلها إحدى حجراته بجوار زوجاته الأخريات ، واحتفلت نساء المدينة بدخول أم حبيبة بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن يحملن لها إليها التحيات والتبريكات ، وقد أولم خالها عثمان بن عفان وليمة حافلة ، نحر فيها الذبائح وأطعم الناس اللحم
واستقبلت أمهات المؤمنين هذه الشريكة الكريمة بالإكرام والترحاب ، ومن بينهن العروس الجديدة ( صفية ) التي لم يمض على عرسها سوى أيام معدودات ، وقد أبدت السيدة عائشة استعدادا لقبول الزوجة الجديدة التي لم تُثر فيها حفيظة الغيرة حين
رأتها وقد قاربت سن الأربعين ، وعاشت أم حبيبة بجوار صواحبها الضرائر مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكل أمان وسعادة
أبو سفيان في بيت أم حبيبة
لقد حضر أبو سفيان ( والد أم حبيبة ) المدينة يطلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يمد في أجل الهدنة التي تمّ المصالحة عليها في الحديبية ، فيأبى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الطلب ، فأراد أبو سفيان أن يستعين على تحقيق مراده بابنته ( زوجة الرسول -صلى الله عليه وسلم-) فدخل دار أم حبيبة ، وفوجئت به يدخل بيتها ، ولم تكن قد رأته منذ هاجرت الى الحبشة ، فلاقته بالحيرة لا تدري أتردُّه لكونه مشركاً ؟ أم تستقبله لكونه أباهـا ؟ وأدرك أبو سفيان ما تعانيـه ابنته ، فأعفاها من أن تأذن له بالجلـوس ، وتقدّم من تلقاء نفسه ليجلس على فراش الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ، فما راعه إلا وابنته تجذب الفراش لئلا يجلس عليه ، فسألها بدهشة فقال
( يا بُنيّة ! أرغبتِ بهذا الفراش عني ؟ أم بي عنه ؟) فقالت أم حبيبة
( بلْ هو فراشُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنت امرءٌ نجسٌ مشركٌ )
فقال ( يا بُنيّة ، لقد أصابك بعدي شرٌّ ) ويخرج من بيتها خائب الرجاء
إسلام أبو سفيان
وبعد فتح مكة أسلم أبو سفيان ، وأكرمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال
( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، من أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن ) ووصل هذا الحدث المبارك الى أم المؤمنين ( أم حبيبة ) ففرحت بذلك فرحاً شديداً ، وشكرت الله تعالى أن حقَّق لها أمنيتها ورجاءَها في إسلام أبيها وقومها
وفاتها
وقبل وفاتها -رضي الله عنها- أرسلت في طلب السيدة عائشة وقالت
( قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر ، فتحلَّليني من ذلك )
فحلّلتها واستغفرت لها ، فقالت
( سررتني سرّك الله )
وأرسلت بمثل ذلك الى باقي الضرائر وتوفيت أم حبيبة -رضي الله عنها-
سنة أربع وأربعين من الهجرة ، ودفنت بالبقيع
" قد كـان يكـون بيننـا ما يكـون بيـن الضرائر ، فتحلَّليني من ذلك "
أم حبيبة
هي:
رملـة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف
وُلِدَت قبل البعثة بسبعـة عشر عاماً ، أسلمت قديماً وهاجرت الى الحبشة
مع عبيد الله بن جحش ، تُكنّى أم حبيبة ، تزوّجها رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- وهي في الحبشة ، وقدمت عليه سنة سبع
الهجرة والمحنة
لمّا اشتد الأذى من المشركين على الصحابة في مكة ، وأذن الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمستضعفين بالهجرة بدينهم الى الحبشة ، هاجرت أم حبيبة مع زوجها عُبيد الله بن جحش معَ من هاجر من الصحابة إلى الحبشة ، لقد تحمّلت أم حبيبة أذى قومها ، وهجر أهلها ، والغربة عن وطنها وديارها من أجل دينها وإسلامها وبعد أن استقرت في الحبشة جاءتها محنة أشد وأقوى ، فقد ارتـد زوجها عن الإسـلام وتنصّر ، تقول أم حبيبـة -رضي الله عنها- ( رأيت في المنام كأن زوجي عُبيد الله بن جحش بأسود صورة ففزعت ، فأصبحت فإذا به قد تنصّر ، فأخبرته بالمنام فلم يحفل به ، وأكبّ على الخمر حتى مات
الزواج المبارك
فأتاني آت في نومي فقال ( يا أم المؤمنين ) ففزعت ، فما هو إلا أن انقضتْ عدّتي ، فما شعرت إلا برسول النجاشي يستأذن ، فإذا هي جارية يُقال لها أبرهة ، فقالت
( إن الملك يقولُ لك : وكّلي مَنْ يُزوِّجك ) فأرسلت إلى خالـد بن سعيـد بن العـاص بن أمية فوكّلته ، فأعطيتُ أبرهة سِوارين من فضّة )
فلمّا كان العشيّ أمرَ النجاشي جعفـر بن أبي طالـب ومَنْ هناك من المسلميـن
فحضروا ، فخطب النجاشي فحمد اللـه تعالى وأثنى عليه وتشهـد ثم قال
( أما بعد ، فإن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- كتب إليّ أن أزوّجه أم حبيبة ، فأجبت وقد أصدقتُها عنه أربعمائة دينار ) ثم سكب الدنانير ، ثم خطب خالـد بن سعيـد فقال ( قد أجبتُ إلى ما دعا إليه رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- وزوّجته أم حبيبة ) وقبض الدنانير ، وعمل لهم النجاشي طعاماً فأكلوا
تقول أم حبيبة -رضي الله عنها- ( فلمّا وصل إليّ المال ، أعطيتُ أبرهة منه خمسين ديناراً ، فردتّها عليّ وقالت ( إن الملك عزم عليّ بذلك ) وردّت عليّ ما كنتُ أعطيتُها أوّلاً ثم جاءتني من الغَد بعودٍ ووَرْسٍ وعنبر ، وزبادٍ كثير -أي طيب كثير- ، فقدمتُ به معي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولمّا بلغ أبا سفيان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نكح ابنته قال ( هو الفحلُ لا يُجْدَعُ أنفُهُ ) أي إنه الكُفء الكريم الذي لا يُعاب ولا يُردّ
عودة المهاجرة
لقد كانت عـودة المهاجـرة ( أم حبيبة ) عقب فتح النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- خيبر ، عادت مع جعفر بن أبي طالب ومن معه من المهاجرين الى الحبشة ، وقد سُرَّ الرسـول -صلى الله عليه وسلـم- أيّما سرور لمجـيء هؤلاء الصحابـة بعد غياب طويل ، ومعهم الزوجة الصابرة الطاهرة وقد قال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- ( والله ما أدري بأيّهما أفرحُ ؟ بفتح خيبر ؟ أم بقدوم جعفر )
الزفاف المبارك
وما أن وصلت أم حبيبة -رضي الله عنها- الى المدينة ، حتى استقبلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالسرور والبهجة ، وأنزلها إحدى حجراته بجوار زوجاته الأخريات ، واحتفلت نساء المدينة بدخول أم حبيبة بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن يحملن لها إليها التحيات والتبريكات ، وقد أولم خالها عثمان بن عفان وليمة حافلة ، نحر فيها الذبائح وأطعم الناس اللحم
واستقبلت أمهات المؤمنين هذه الشريكة الكريمة بالإكرام والترحاب ، ومن بينهن العروس الجديدة ( صفية ) التي لم يمض على عرسها سوى أيام معدودات ، وقد أبدت السيدة عائشة استعدادا لقبول الزوجة الجديدة التي لم تُثر فيها حفيظة الغيرة حين
رأتها وقد قاربت سن الأربعين ، وعاشت أم حبيبة بجوار صواحبها الضرائر مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكل أمان وسعادة
أبو سفيان في بيت أم حبيبة
لقد حضر أبو سفيان ( والد أم حبيبة ) المدينة يطلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يمد في أجل الهدنة التي تمّ المصالحة عليها في الحديبية ، فيأبى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الطلب ، فأراد أبو سفيان أن يستعين على تحقيق مراده بابنته ( زوجة الرسول -صلى الله عليه وسلم-) فدخل دار أم حبيبة ، وفوجئت به يدخل بيتها ، ولم تكن قد رأته منذ هاجرت الى الحبشة ، فلاقته بالحيرة لا تدري أتردُّه لكونه مشركاً ؟ أم تستقبله لكونه أباهـا ؟ وأدرك أبو سفيان ما تعانيـه ابنته ، فأعفاها من أن تأذن له بالجلـوس ، وتقدّم من تلقاء نفسه ليجلس على فراش الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ، فما راعه إلا وابنته تجذب الفراش لئلا يجلس عليه ، فسألها بدهشة فقال
( يا بُنيّة ! أرغبتِ بهذا الفراش عني ؟ أم بي عنه ؟) فقالت أم حبيبة
( بلْ هو فراشُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنت امرءٌ نجسٌ مشركٌ )
فقال ( يا بُنيّة ، لقد أصابك بعدي شرٌّ ) ويخرج من بيتها خائب الرجاء
إسلام أبو سفيان
وبعد فتح مكة أسلم أبو سفيان ، وأكرمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال
( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، من أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن ) ووصل هذا الحدث المبارك الى أم المؤمنين ( أم حبيبة ) ففرحت بذلك فرحاً شديداً ، وشكرت الله تعالى أن حقَّق لها أمنيتها ورجاءَها في إسلام أبيها وقومها
وفاتها
وقبل وفاتها -رضي الله عنها- أرسلت في طلب السيدة عائشة وقالت
( قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر ، فتحلَّليني من ذلك )
فحلّلتها واستغفرت لها ، فقالت
( سررتني سرّك الله )
وأرسلت بمثل ذلك الى باقي الضرائر وتوفيت أم حبيبة -رضي الله عنها-
سنة أربع وأربعين من الهجرة ، ودفنت بالبقيع
رد: سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
مارية القبطيّة
" استوصوا بالقبط خيراً فإن لهم ذِمّة ورحِماُ "
حديث شريف
هي :
ماريـة بنت شمعون القبطيـة ، أهداها له المقوقس القبطي صاحب الإسكندرية
ومصر ، وذلك سنة سبع من الهجرة ، أسلمت على يدي حاطـب بن أبي بلتعة وهو
قادم بها من مصر الى المدينـة ، وكانت -رضي الله عنها- بيضاء جميلة ، وكان
الرسول -صلى الله عليه وسلم- يطؤها بملك اليمين ، وضرب عليها الحجاب ، وفي
ذي الحجـة سنة ثمان ولدت له إبراهيم الذي عاش قرابـة السنتيـن ، وكانت أمها
روميّة ، ولها أخـت قدمت معها اسمها سيرين ، أهداها النبـي -صلى اللـه عليه
وسلم- لشاعره حسّان بن ثابت ، وقد أسلمت أيضاً مع أختها
هدايا المقوقس
بعد أن استتـب الأمن للمسلميـن ، وقوية هيبتهم في النفـوس ، أخذ الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- يوجه الرسل والسفراء لتبليغ رسالة الإسلام ، ومن أولئك
( المقوقس عظيم القبط ) وقد أرسل حاطب بن أبي بلتعة رسولاً إليه وعاد حاطب الى المدينة مُحَمّلاً بالهدايا ، فقد أرسل المقوقس معه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشياء كثيرة : مارية وأختها سيرين ، وغلاماً خصياً أسوداً اسمه مأبور ، وبغلة شهباء ، وأهدي إليه حماراً أشهب يقال له يعفور ، وفرساً وهو اللزاز ،وأهدى إليه عسلاً من عسل نبها -قرية من قرى مصر-
وقبِل الرسول -صلى الله عليه وسلم- الهدايا ، واكتقى بمارية ، ووهب أختها الى شاعره حسان بن ثابت وطار النبأ الى بيوتات الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قد اختار مارية المصرية لنفسه ، وكانت شابة حلوة جذابة ، وأنه أنزلها في منزل الحارث بن النعمان قرب المسجد
مارية أم إبراهيم
ولقد سعدت مارية أن تهب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- الولد من بعد خديجة التي لم يبقَ من أولادها سوى فاطمة -رضي الله عنها- ، ولكن هذه السعادة لم تُطل سوى أقل من عامين ، حيث قدّر الله تعالى أن لا يكون رسوله -صلى الله عليه وسلم- أباً لأحد ، فتوفى الله تعالى إبراهيم ، وبقيت أمه من بعده ثكلى أبَد الحياة
فقد مَرِض إبراهيم وطار فؤاد أمه ، فأرسلت إلى أختها لتقوم معها بتمريضه ، وتمضِ الأيام والطفل لم تظهر عليه بوارق الشفاء ، وأرسلت الى أبيه ، فجاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليرى ولده ، وجاد إبراهيم بأنفاسه بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَدَمِعَت عيناه وقال ( تَدْمَع العين ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يُرْضي ربَّنا ،
والله يا إبراهيم ، إنا بك لَمَحْزونون )
وصية الرسول
قال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- ( إنّكم ستفتحون مِصـر ، وهي أرض يُسمّى فيها القيـراط ، فإذا فتحتوها فأحسنوا إلى أهلها ، فإن لهم ذمة ورَحِماً ) وقد حفظ الصحابة ذلك ، فها هو الحسن بن علي -رضي الله عنهما- يكلّم معاوية بن أبي سفيان لأهل
( حفن ) -بلد مارية- فوضع عنهم خراج الأرض كما أن عبادة بن الصامت عندما أتى مصر فاتحاً ، بحث عن قرية مارية ، وسأل عن موضع بيتها ، فبنى به مسجداً
وفاتها
وبعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقيت مارية على العهد إلى أن توفاها الله في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في شهر محرم سنة ست عشرة رضي الله عنها وأرضاها
" استوصوا بالقبط خيراً فإن لهم ذِمّة ورحِماُ "
حديث شريف
هي :
ماريـة بنت شمعون القبطيـة ، أهداها له المقوقس القبطي صاحب الإسكندرية
ومصر ، وذلك سنة سبع من الهجرة ، أسلمت على يدي حاطـب بن أبي بلتعة وهو
قادم بها من مصر الى المدينـة ، وكانت -رضي الله عنها- بيضاء جميلة ، وكان
الرسول -صلى الله عليه وسلم- يطؤها بملك اليمين ، وضرب عليها الحجاب ، وفي
ذي الحجـة سنة ثمان ولدت له إبراهيم الذي عاش قرابـة السنتيـن ، وكانت أمها
روميّة ، ولها أخـت قدمت معها اسمها سيرين ، أهداها النبـي -صلى اللـه عليه
وسلم- لشاعره حسّان بن ثابت ، وقد أسلمت أيضاً مع أختها
هدايا المقوقس
بعد أن استتـب الأمن للمسلميـن ، وقوية هيبتهم في النفـوس ، أخذ الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- يوجه الرسل والسفراء لتبليغ رسالة الإسلام ، ومن أولئك
( المقوقس عظيم القبط ) وقد أرسل حاطب بن أبي بلتعة رسولاً إليه وعاد حاطب الى المدينة مُحَمّلاً بالهدايا ، فقد أرسل المقوقس معه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشياء كثيرة : مارية وأختها سيرين ، وغلاماً خصياً أسوداً اسمه مأبور ، وبغلة شهباء ، وأهدي إليه حماراً أشهب يقال له يعفور ، وفرساً وهو اللزاز ،وأهدى إليه عسلاً من عسل نبها -قرية من قرى مصر-
وقبِل الرسول -صلى الله عليه وسلم- الهدايا ، واكتقى بمارية ، ووهب أختها الى شاعره حسان بن ثابت وطار النبأ الى بيوتات الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قد اختار مارية المصرية لنفسه ، وكانت شابة حلوة جذابة ، وأنه أنزلها في منزل الحارث بن النعمان قرب المسجد
مارية أم إبراهيم
ولقد سعدت مارية أن تهب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- الولد من بعد خديجة التي لم يبقَ من أولادها سوى فاطمة -رضي الله عنها- ، ولكن هذه السعادة لم تُطل سوى أقل من عامين ، حيث قدّر الله تعالى أن لا يكون رسوله -صلى الله عليه وسلم- أباً لأحد ، فتوفى الله تعالى إبراهيم ، وبقيت أمه من بعده ثكلى أبَد الحياة
فقد مَرِض إبراهيم وطار فؤاد أمه ، فأرسلت إلى أختها لتقوم معها بتمريضه ، وتمضِ الأيام والطفل لم تظهر عليه بوارق الشفاء ، وأرسلت الى أبيه ، فجاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليرى ولده ، وجاد إبراهيم بأنفاسه بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَدَمِعَت عيناه وقال ( تَدْمَع العين ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يُرْضي ربَّنا ،
والله يا إبراهيم ، إنا بك لَمَحْزونون )
وصية الرسول
قال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- ( إنّكم ستفتحون مِصـر ، وهي أرض يُسمّى فيها القيـراط ، فإذا فتحتوها فأحسنوا إلى أهلها ، فإن لهم ذمة ورَحِماً ) وقد حفظ الصحابة ذلك ، فها هو الحسن بن علي -رضي الله عنهما- يكلّم معاوية بن أبي سفيان لأهل
( حفن ) -بلد مارية- فوضع عنهم خراج الأرض كما أن عبادة بن الصامت عندما أتى مصر فاتحاً ، بحث عن قرية مارية ، وسأل عن موضع بيتها ، فبنى به مسجداً
وفاتها
وبعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقيت مارية على العهد إلى أن توفاها الله في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في شهر محرم سنة ست عشرة رضي الله عنها وأرضاها
رد: سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
ميمونة بنت الحارث
"إنها والله كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم "
السيدة عائشة
هي :
ميمونة بنت الحارث بن حَزْنِ بن بُجير بن الهُزم بن روبية بن عبد الله بن
هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية ، أخت أم الفضل زوجة العباس ، وخالة
عبـد اللـه بن العباس ، وخالة خالـد بن الوليد ، وكان اسمها برّة فسمـاها
الرسول -صلى الله عليه وسلم- ميمونة ، تزوجها الرسول الكريم في ذي القعدة
سنة سبع لمّا اعتمر عمرة القضاء
عمرة القضاء
بعد أن عاد المسلمون الى مكة وأدوا العمرة كما تم الإتفاق عليه في صلح الحديبية ، أقام الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مكة ثلاثة أيام بعد العمرة ، وكان العباس -رضي الله عنه- قد زوّجه ميمونة بمكة وكان لها من العمر ست وعشرون عاماً ، فعقد عليها بمكة بعد تحلله من العمرة ، وبنى بها في سَرِف من عودته الى المدينة
بيت النبوة
وعند وصول ميمونة -رضي الله عنها- الى المدينة ، استقبلتها النسوة بالترحاب والتبريكات ، واسمها ميمونة أصبح من تلك المناسبة الميمونة التي دخل فيها المسلمون مكة معتمرين000وبقيت -رضي الله عنها- تلقى كل البركات والخيرات
كباقي نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ولمّا اشتد المرض برسول الله وهو في بيتها ، استأذنت منها السيدة عائشة لينتقل النبي الى بيتها ليُمرّض حيث أحب بيت عائشة وبعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- عاشت ميمونة -رضي الله عنها- في نشر سنته بين الصحابة والتابعين
وفاتها
توفيت -رضي الله عنها- في عام إحدى وخمسين ، ولها ثمانون عاماً ، يقول عطاء
( توفيت ميمونة ( بسَرف ) وهو المكان الذي بنى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فخرج هو وابن عباس إليها ، فدفنوها في موضع قبتها الذي كان فيه عرسها ) رضي الله عنها وأرضاها
اللهم اجزى كاتبها وناقلها وقارئها كل خير خزائنه بيدك الكريمه واجعله من رفقائهم فى الجنة
"إنها والله كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم "
السيدة عائشة
هي :
ميمونة بنت الحارث بن حَزْنِ بن بُجير بن الهُزم بن روبية بن عبد الله بن
هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية ، أخت أم الفضل زوجة العباس ، وخالة
عبـد اللـه بن العباس ، وخالة خالـد بن الوليد ، وكان اسمها برّة فسمـاها
الرسول -صلى الله عليه وسلم- ميمونة ، تزوجها الرسول الكريم في ذي القعدة
سنة سبع لمّا اعتمر عمرة القضاء
عمرة القضاء
بعد أن عاد المسلمون الى مكة وأدوا العمرة كما تم الإتفاق عليه في صلح الحديبية ، أقام الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مكة ثلاثة أيام بعد العمرة ، وكان العباس -رضي الله عنه- قد زوّجه ميمونة بمكة وكان لها من العمر ست وعشرون عاماً ، فعقد عليها بمكة بعد تحلله من العمرة ، وبنى بها في سَرِف من عودته الى المدينة
بيت النبوة
وعند وصول ميمونة -رضي الله عنها- الى المدينة ، استقبلتها النسوة بالترحاب والتبريكات ، واسمها ميمونة أصبح من تلك المناسبة الميمونة التي دخل فيها المسلمون مكة معتمرين000وبقيت -رضي الله عنها- تلقى كل البركات والخيرات
كباقي نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ولمّا اشتد المرض برسول الله وهو في بيتها ، استأذنت منها السيدة عائشة لينتقل النبي الى بيتها ليُمرّض حيث أحب بيت عائشة وبعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- عاشت ميمونة -رضي الله عنها- في نشر سنته بين الصحابة والتابعين
وفاتها
توفيت -رضي الله عنها- في عام إحدى وخمسين ، ولها ثمانون عاماً ، يقول عطاء
( توفيت ميمونة ( بسَرف ) وهو المكان الذي بنى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فخرج هو وابن عباس إليها ، فدفنوها في موضع قبتها الذي كان فيه عرسها ) رضي الله عنها وأرضاها
اللهم اجزى كاتبها وناقلها وقارئها كل خير خزائنه بيدك الكريمه واجعله من رفقائهم فى الجنة
رد: سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
سلسلة رائعة حقا
ومفيدة
شكرا لكي يا عبير
ومفيدة
شكرا لكي يا عبير
بحر- مسلم مميز
- مساهماتي : 278
نقاطي : 458
تسجيلي : 22/12/2011
رد: سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
اللهم الحقنا بهم
شكؤا عبير
شكؤا عبير
مني- مسلم فعال
- مساهماتي : 144
نقاطي : 210
تسجيلي : 13/02/2012
رد: سلسلة أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن
شكرا عبير على مواضيعك العسل
قصدى السكر
قصدى المفيده
قصدى السكر
قصدى المفيده
السيد حسن2- مشرف الاقسام الادبية والثقافية
- مساهماتي : 1073
نقاطي : 1215
تسجيلي : 10/01/2012
مواضيع مماثلة
» ـ[ لباس أمهات المؤمنين رضي الله عنهن]ـ
» هل " مارية القبطية " من أمهات المؤمنين ؟
» تواريخ مهمة في حياة أمهات المؤمنين
» ــ[ زينب أم المؤمنين رضي الله عنها ]ــ
» قصيدة في الدفاع عن ام المؤمنين رضي الله عنها
» هل " مارية القبطية " من أمهات المؤمنين ؟
» تواريخ مهمة في حياة أمهات المؤمنين
» ــ[ زينب أم المؤمنين رضي الله عنها ]ــ
» قصيدة في الدفاع عن ام المؤمنين رضي الله عنها
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام :: القسم الاسلامي :: مسلمات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى