في سيرة "عابـــــــد الحرمين" ..
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام :: القسم الاسلامي :: القصص الدينية
صفحة 1 من اصل 1
في سيرة "عابـــــــد الحرمين" ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
..مايمتعنا ويجلي الهم عن صدورنا من بعد قراءة كتاب ربنا وفهمه بسنة حبيبنا محمد هي قراءة سير هؤلاء الصالحون الذين اقتفوا ماجاء في القرآن والسنة ..
..الفضيل بن عياض..
الفضيل بن عياض الفضيل بن عياض
ابن مسعود بن بشر الإمام القدوة الثبت شيخ الإسلام ، أبو علي التميمي اليربوعي الخراساني ، المجاور بحرم الله . ولد بسمرقند ، ونشأ بأبِيْوَرْد ، وارتحل في طلب العلم .
فكتب بالكوفة عن منصور ، والأعمش ، وبيان بن بشر ، وحصين بن عبد الرحمن ، وليث ، وعطاء بن السائب ، وصفوان بن سليم ، وعبد العزيز بن رفيع ، وأبي إسحاق الشيباني ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وهشام بن حسان ، وابن أبي ليلى ، ومجالد ، وأشعث بن سوَّار ، وجعفر الصادق ، وحميد الطويل ، وخلق سواهم من الكوفيين والحجازيين .
حدث عنه : ابن المبارك ، ويحيى القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وابن عيينة ، والأصمعي ، وعبد الرزاق ، وعبد الرحمن بن مهدي بن هلال ، شيخ واسطي ، وحسين الجعفي ، وأسَدُ السُّنة والشافعي ، وأحمد بن يونس ، ويحيى بن يحيى التميمي ، وابن وهب ، ومسدد ، وقتيبة ، وبشر الحافي ، والسري بن مغلّس السقطي ، وأحمد بن المقدام ، وعبيد الله القواريري ، ومحمد بن زنبور المكي ، ولُوين ، ومحمد بن يحيى العدني ، والحميدي ، وعبد الصمد بن يزيد مردويه ، وعبدة بن عبد الرحيم المروزي ، ومحمد بن أبي السري العسقلاني ، ومحمد بن قدامة المصّيصي ، ويحيى بن أيوب المقابري ، وخلق كثير ، آخرهم موتا الحسين بن داود البَلْخي .
وروى عنه سفيان الثوري أجلُّ شيوخه ، وبينهما في الموت مائة وأربعون عاما .
قال أبو عمار الحسين بن حُرَيث ، عن الفضل بن موسى ، قال : كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس ، وكان سبب توبته أنه عشق جارية ، فبينا هو يرتقي الجدران إليها ، إذ سمع تاليا يتلو أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ فلما سمعها قال : بلى يا رب قد آن ، فرجع ، فأواه الليل إلى خربة فإذا فيها سابلة ، فقال بعضهم : نرحل ، وقال بعضهم : حتى [نصبح] فإن فُضَيلا على الطريق يقطع علينا .
قال : ففكرت ، وقلت : أنا أسعى بالليل في المعاصي ، وقوم من المسلمين هاهنا ، يخافوني ، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع ، اللهم إني قد تبت إليك ، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام .
وقال إبراهيم بن محمد الشافعي : سمعت سفيان بن عيينة يقول : فضيل ثقة .
وقال أبو عبيد : قال ابن مهدي : فضيل رجل صالح ، ولم يكن بحافظ .
وقال العجلى : كوفي ثقة متعبد ، رجل صالح ، سكن مكة .
وقال محمد بن عبد الله بن عمار : ليت فُضَيلا كان يحدثك بما يعرف ، قيل لابن عمار : ترى حديثه حجة ؟ قال : سبحان الله . وقال أبو حاتم : صدوق . وقال النسائي : ثقة مأمون ، رجل صالح . وقال الدارقطني : ثقة .
قال محمد بن سعد : ولد بخراسان بكورة أبيورد ، وقدم الكوفة وهو كبير ، فسمع من منصور وغيره ، ثم تعبد ، وانتقل إلى مكة ونزلها إلى أن مات بها في أول سنة سبع وثمانين ومائة في خلافة هارون ، وكان ثقة نبيلا فاضلا عابدا ورعا ، كثير الحديث .
وقال أبو وهب محمد بن مزاحم : سمعت ابن المبارك يقول : رأيت أعبد الناس عبد العزيز بن أبي روَّاد ، وأورع الناس الفضيل بن عياض ، وأعلم الناس سفيان الثوري ، وأفقه الناس أبا حنيفة ، ما رأيت في الفقه مثله.
وروى إبراهيم بن شماس ، عن ابن المبارك قال : ما بقي على ظهر الأرض عندي أفضل من الفضيل بن عياض .
قال نصر بن المغيرة البخاري : سمعت إبراهيم بن شماس يقول : رأيت أفقه الناس ، وأورع الناس ، وأحفظ الناس وكيعا والفضيل وابن المبارك .
وقال عبيد الله القواريري : أفضل من رأيت من المشايخ : بشر بن منصور، وفضيل بن عياض ، وعون بن معمر ، وحمزة بن نجيح. قلت : عون وحمزة لا يكادان يعرفان ، وكانا عابدين . قال النضر بن شميل : سمعت الرشيد يقول : ما رأيت في العلماء أهيب من مالك ، ولا أورع من الفضيل .
وروى أحمد بن أبي الحواري ، عن الهيثم بن جميل ، سمعت شريكا يقول : لم يزل لكل قوم حجة في أهل زمانهم ، وإن فضيل بن عياض حجة لأهل زمانه ، فقام فتى من مجلس الهيثم ، فلما توارى ، قال الهيثم : إن عاش هذا الفتى يكون حجة لأهل زمانه ، قيل : من كان الفتى ؟ قال : أحمد بن حنبل .
قال عبد الصمد مردويه الصائغ : قال لي ابن المبارك : إن الفضيل بن عياض صدق الله فأجرى الحكمة على لسانه ، فالفضيل ممن نفعه علمه.
وقال أبو بكر عبد الرحمن بن عفان : سمعت ابن المبارك يقول لأبي مريم القاضي : ما بقي في الحجاز أحد من الأبدال إلا فضيل بن عياض ، وابنه علي ، وعليّ مقدم في الخوف ، وما بقي أحد في بلاد الشام إلا يوسف بن أسباط ، وأبو معاوية الأسود ، وما بقي أحد بخراسان إلا شيخ حائك يقال له : معدان .
قال أبو بكر المقاريضي المذكر : سمعت بشر بن الحارث يقول : عشرة ممن كانوا يأكلون الحلال ، لا يُدخلون بطونهم إلا حلالا ولو استفوا التراب والرماد . قلت : من هم يا أبا نصر؟ قال : سفيان ، وإبراهيم بن أدهم ، والفضيل بن عياض ، وابنه ، وسليمان الخواص ، ويوسف بن أسباط ، وأبو معاوية نجيح الخادم ، وحذيفة المرعشي ، وداود الطائي ، ووهيب بن الورد .
وقال إبراهيم بن الأشعث : ما رأيت أحدا كان الله في صدره أعظم من الفضيل ، كان إذا ذَكر الله ، أو ذُكر عنده ، أو سمع القرآن ظهر ، به من الخوف والحزن ، وفاضت عيناه ، وبكى حتى يرحمه من يحضره ، وكان دائم الحزن ، شديد الفكرة ، ما رأيت رجلا يريد الله بعلمه وعمله ، وأخذه وعطائه ، ومنعه وبذله ، وبغضه وحبه ، وخصاله كلها غيره . كنا إذا خرجنا معه في جنازة لا يزال يعظ ، ويذكر ويبكي كأنه مودع أصحابه ، ذاهب إلى الأخرة ، حتى يبلغ المقابر ; فيجلس مكانه بين الموتى من الحزن والبكاء ، حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها .
وقال عبد الصمد بن يزيد مردويه : سمعت الفضيل يقول : لم يتزين الناس بشيء أفضل من الصدق ، وطلب الحلال ، فقال ابنه علي : يا أبة إن الحلال عزيز . قال : يا بني ، وإن قليله عند الله كثير .
قال سري بن المغلس : سمعت الفضيل يقول : من خاف الله لم يضره أحد ، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد .
وقال فيض بن إسحاق : سمعت الفضيل بن عياض ، وسأله عبد الله بن مالك : يا أبا علي ما الخلاص مما نحن فيه ؟ قال : أخبرني ، من أطاع الله هل تضره معصية أحد ؟ قال : لا . قال : فمن يعصي الله هل تنفعه طاعة أحد ؟ قال : لا ، قال : هو الخلاص إن أردت الخلاص .
قال إبراهيم بن الأشعث : سمعت الفضيل يقول : رهبة العبد من الله على قدر علمه بالله ، وزهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة ، من عمل بما علم استغنى عما لا يعلم ، ومن عمل بما علم وفَّقه الله لما لا يعلم ، ومن ساء خلقه شان دينه وحسبه ومروءته .
وسمعته يقول : أكذب الناس العائد في ذنبه ، وأجهل الناس المُدِلّ بحسناته ، وأعلم الناس بالله أخوفهم منه ، لن يكمل عبد حتى يؤثر دينه على شهوته ، ولن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه .
وقال محمد بن عبدويه : سمعت الفضيل يقول : ترْك العمل من أجل الناس رياء ، والعمل من أجل الناس شرك ، والإخلاص أن يعافيك الله عنهما.
قال سَلْم بن عبد الله الخراساني : سمعت الفضيل يقول : إنما أمس مثلٌ ، واليوم عمل ، وغدا أمل .
وقال فيض بن إسحاق : قال الفضيل : والله ما يحل لك أن تؤذي كلبا ولا خنزيرا بغير حق ، فكيف تؤذي مسلما .
وعن فضيل : لا يكون العبد من المتقين حتى يأمنه عدوه .
وعنه : بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله ، وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله .
قال محرز بن عون : أتيت الفضيل بمكة ، فقال لي : يا محرز ، وأنت أيضا مع أصحاب الحديث ، ما فعل القرآن ؟ والله لو نزل حرف باليمن لقد كان ينبغي أن نذهب حتى نسمعه ، والله لأن تكون راعي الحمر وأنت مقيم على ما يحب الله ، خير لك من الطواف وأنت مقيم على ما يكره الله .
المفضل الجندي : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الطبري ، قال : ما رأيت أحدا أخوف على نفسه ، ولا أرجى للناس من الفضيل . كانت قراءته حزينة ، شهية ، بطيئة ، مترسلة ، كأنه يخاطب إنسانا ، وكان إذا مر بآية فيها ذكر الجنة يردد فيها وسأل ، وكانت صلاته بالليل أكثر ذلك قاعدا ، يُلقى له الحصير في مسجده ، فيصلي من أول الليل ساعة ، ثم تغلبه عينه ، فيلقي نفسه على الحصير ، فينام قليلا ، ثم يقوم ، فإذا غلبه النوم نام ، ثم يقوم، هكذا حتى يصبح . وكان دأبه إذا نعس أن ينام ، ويقال : أشد العبادة ما كان هكذا .
وكان صحيح الحديث ، صدوق اللسان ، شديد الهيبة للحديث إذا حدث ، وكان يثقل عليه الحديث جدا ، وربما قال لي : لو أنك طلبت مني الدنانير كان أيسر علي من أن تطلب مني الحديث . فقلت : لو حدثتني بأحاديث فوائد ليست عندي ، كان أحب إلي من أن تهب لي عددها دنانير . قال : إنك مفتون ، أما والله لو عملت بما سمعت ، لكان لك في ذلك شغل عما لم تسمع ، سمعت سليمان بن مهران يقول : إذا كان بين يديك طعام تأكله ، فتأخذ اللقمة ، فترمي بها خلف ظهرك متى تشبع ؟
أنبأنا أحمد بن سلامة ، عن أبي المكارم التيمي ، أخبرنا الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا الطبراني ، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي ، حدثنا أبو عمر الجرمي النحوي ، حدثنا الفضل بن الربيع ، قال : حج أمير المؤمنين -يعني هارون- فقال لي : ويحك ، قد حك في نفسي شيء ، فانظر لي رجلا أسأله . فقلت : هاهنا سفيان بن عيينة ، فقال : امض بنا إليه ، فأتيناه ، فقرعت بابه ، فقال : من ذا ؟ فقلت : أجب أمير المؤمنين ، فخرج مسرعا ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلت إليَّ أتيتك . فقال : خذ لما جئتك له ، فحدثه ساعة ، ثم قال له : عليك دَين . قال : نعم . فقال لي : اقض دينه ، فلما [خرجنا] قال : ما أغنى عني صاحبك شيئا . قلت : هاهنا عبد الرزاق . قال : امْضِ بنا إليه ، فأتيناه ، فقرعت الباب فخرج ، وحادثه ساعة ، ثم قال : عليك دين؟ قال : نعم . قال : أبا عباس ، اقض دينه . فلما خرجنا قال : ما أغنى عني صاحبك شيئا ، انظر لي رجلا أسأله ، قلت : هاهنا الفضيل بن عياض ، قال : امض بنا إليه ، فأتيناه ، فإذا هو قائم يصلي ، يتلو آية يرددها ، فقال : اقرع الباب ، فقرعت ، فقال : من هذا ؟ قلت : أجب أمير المؤمنين . قال : مالي ولأمير المؤمنين ؟ قلت : سبحان الله ! أما عليك طاعة ، فنزل ففتح الباب ، ثم ارتقى إلى الغرفة ، فأطفأ السراج ثم التجأ إلى زاوية ، فدخلنا ، فجعلنا نجول عليه بأيدينا فسبقت كف هارون قبلي إليه ، فقال : يا لها من كف ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله ، فقلت في نفسي : ليكلمنه الليلة بكلام نقي من قلب تقي ، فقال له : خذ لما جئناك له -رحمك الله- فقال : إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا سالم بن عبد الله ، ومحمد بن كعب ، ورجاء بن حيوة ، فقال لهم : إني قد ابتليت بهذا البلاء ، فأشيروا عليّ . فعد الخلافة بلاء ، وعددتها أنت وأصحابك نعمة . فقال له سالم : إن أردت النجاة ، فصمِ الدنيا وليكن إفطارُك منها الموت . وقال له ابن كعب : إن أردت النجاة من عذاب الله ، فليكن كبير المسلمين عندك أبا ، وأوسطهم أخا ، وأصغرهم ولدا ، فوقّر أباك ، وأكرم أخاك ، وتحنن على ولدك .
وقال له رجاء : إن أردت النجاة من عذاب الله ، فأحبّ للمسلمين ما تحب لنفسك ، واكره لهم ما تكره لنفسك ، ثم مت إذا شئت ، وإني أقول لك هذا ، وإني أخاف عليك أشد الخوف يومًا تزل فيه الأقدام ، فهل معك -رحمك الله- مَن يشير عليك بمثل هذا . فبكى بكاء شديدا حتى غشي عليه . فقلت له : ارفق بأمير المؤمنين ، فقال : يا ابن أم الربيع تقتله أنت وأصحابك ، وأرفق به أنا ؟ ثم أفاق ، فقال له : زدني -رحمك الله- قلت : بلغني أن عاملا لعمر بن عبد العزيز شُكي إليه ، فكتب إليه : يا أخي أذكرك طول سهَر أهل النار في النار مع خلود الأبد ، وإياك أن ينصرف بك من عند الله ، فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء ، فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم عليه ، فقال : ما أقدمك ؟ قال : خلعت قلبي بكتابك ، لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله ، فبكى هارون بكاء شديدا فقال : ياأمير المؤمنين ، إن العباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم- جاء إليه فقال : أمّرْني ، فقال له : إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة ، فإن استطعت أن لا تكون أميرا فافعل . فبكى هارون ، وقال : زدني . قال : يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عن هذا الخلق يوم القيامة ، فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار ، فافعل ، وإياك أن تصبح وتمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك ، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : من أصبح لهم غاشا لم يَرح رائحة الجنة . فبكى هارون وقال له : عليك دَين ؟ قال : نعم ، دين لربي ، لم يحاسبني عليه . فالويل لي إن ساءلني ، والويل لي إن ناقشني ، والويل لي إن لم ألهم حجتي . قال : إنما أعني من دَين العباد . قال : إن ربي لم يأمرني بهذا ، أمرني أن أصدق وعده ، وأطيع أمره ، فقال -عز وجل- : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ الآيات . فقال : هذه ألف دينار خذها ، فأنفقها على عيالك ، وتقوَّ بها على عبادة ربك ، فقال : سبحان الله ! أنا أدلك على طريق النجاة ، وأنت تكافئني بمثل هذا . سلمك الله ، ووفقك . ثم صمت ، فلم يكلمنا ، فخرجنا ، فقال هارون : أبا عباس ، إذا دللتني ، فدلني على مثل هذا ، هذا سيد المسلمين . فدخلت عليه امرأة عن نسائه فقالت : قد ترى ما نحن فيه من الضيق ، فلو قبلت هذا المال . قال : إنما مثلي ومثلكم كمثل قوم لهم بعير يأكلون من كسبه ، فلما كبر نحروه ، فأكلوا لحمه ، فلما سمع هارون هذا الكلام قال : ندخل فعسى أن يقبل المال ، فلما علم الفضيل ، خرج فجلس في السطح على باب الغرفة ، فجاء هارون ، فجلس إلى جنبه ، فجعل يكلمه فلا يجيبه ، فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء ، فقالت : يا هذا ، قد آذيت الشيخ منذ الليلة ، فانصرف فانصرفنا . حكاية عجيبة، والغلابي غير ثقة، وقد رواها غيره .
أخبرتنا عائشة بنت عيسى ، أخبرنا ابن راجح ، أخبرنا السلفي ، أخبرنا العلاف ، أخبرنا أبو الحسن الحمامي ، أخبرنا جعفر بن محمد بن الحجاح بالموصل ، حدثنا محمد بن سعدان الحراني ، حدثنا أبو عمر النحوي ، هو الجرمي ، عن الفضل بن الربيع ، بها .
قال محمد بن علي بن شقيق : حدثنا أبو إسحاق قال : قال الفضيل : لو خيرت بين أن أعيش كلبا وأموت كلبا ، ولا أرى يوم القيامة ، لاخترت ذلك .
وقال فيض بن إسحاق : سمعت الفضيل يقول : والله لأن أكون ترابا أحب إلي من أن أكون في مِسْلاخ أفضل أهل الأرض ، وما يسرني أن أعرف الأمر حق معرفته ، إذا لطاش عقلي .
وقال إسحاق بن إبراهيم الطبري : سمعت الفضيل يقول : لو قلت : إنك تخاف الموت ما قبلت منك ، لو خفت الموت ما نفعك طعام ولا شراب ، ولا شيء ، ما يسرني أن أعرف الأمر حق معرفته إذًا لطاش عقلي ، ولم أنتفع بشيء .
عبد الصمد بن يزيد : سمعت الفضيل يقول : لا تجعل الرجال أوصياءك ، كيف تلومهم أن يضيعوا وصيتك ، وأنت قد ضيعتها في حياتك . وسمعته يقول : إذا أحب الله عبدا ، أكثر غمه ، وإذا أبغض عبدا ، وسع عليه دنياه .
وقال إبراهيم بن الأشعث : سمعت الفضيل يقول : من أحب أن يذكر لم يذكر ، ومن كره أن يُذكر ذُكر . وسمعته يقول : وعزته ، لو أدخلني النار ما أيست . وسمعته -وقد أفضنا من عرفات- يقول : واسوأتاه -واللهِ منك- وإن عفوت. وسمعته يقول : الخوف أفضل من الرجاء ما دام الرجل صحيحا ، فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل . قلت : وذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم- : لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله .
روى أحمد بن إبراهيم الدورقي ، عن علي بن الحسن قال : بلغ الفضيل أن حريزا يريد أن يأتيه ، فأَقفل الباب من خارج ، فجاء فرأى الباب مقفلا ، فرجع ، فأتيته فقلت له : حريز ، قال : ما يصنع بي ، يظهر لي محاسن كلامه ، وأظهر له محاسن كلامي ، فلا يتزين لي ، ولا أتزين له ، خير له .
ثم قال علي : ما رأيت أنصح للمسلمين ، ولا أخوف منه ، ولقد رأيته في المنام قائما على صندوق يعطي المصاحف ، والناس حوله ، فيهم : سفيان بن عيينة ، وهارون أمير المؤمنين ، فما رأيته يودّع أحدا ، فيقدر أن يتم وداعه .
قال فيض بن وثيق سمعت الفضيل يقول : إن استطعت أن لا تكون محدثا ولا قارئا ، ولا متكلما ، إن كنت بليغا قالوا : ما أبلغه ! وأحسن حديثه! وأحسن صوته ! فيعجبك ذلك ، فتنتفخ ، وإن لم تكن بليغا ، ولا حسن الصوت قالوا : ليس يُحسن يُحدّث ، وليس صوته بحسن ، أحزنك ذلك ، وشق عليك ، فتكون مرائيا ، وإذا جلست ، فتكلمت ، فلم تبال من ذمك ومن مدحك ، فتكلم .
وقال محمد بن زنبور : قال الفضيل : لا يسلم لك قلبك حتى لا تبالي من أكل الدنيا .
وقيل له : ما الزهد ؟ قال : القنوع ، قيل : ما الورع ؟ قال : اجتناب المحارم . قيل : ما العبادة ؟ قال : أداء الفرائض . قيل : ما التواضع ؟ قال : أن تخضع للحق . وقال : أشد الورع في اللسان .
قلت : هكذا هو ، فقد ترى الرجل ورعا في مأكله وملبسه ومعاملته ، وإذا تحدث يدخل عليه الداخل من حديثه ، فإما أن يتحرى الصدق ، فلا يكمل الصدق ، وإما أن يصدق ، فينمق حديثه لِيُمْدَح على الفصاحة ، وإما أن يظهر أحسن ما عنده ليعظم ، وإما أن يسكت في موضع الكلام ، لِيُثْنَى عليه . ودواء ذلك كله الانقطاع عن الناس إلا من الجماعة .
قال عبد الصمد بن يزيد : سمعت الفضيل يقول : لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في إمام ، فصلاح الإمام صلاح البلاد والعباد .
وسمعته يقول : إنما هما عالمان : فعالم الدنيا علمه منشور ، وعالم الآخرة علمه مستور . احذروا عالم الدنيا ، لا يضركم بسكره ، العلماء كثير ، والحكماء قليل .
وعنه : لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعد البلاء نعمة ، والرخاء مصيبة، وحتى لا يحب أن يحمد على عبادة الله .
قال الحسين بن زياد المروزي : سمعت فضيلا يقول : لو حلفت أني مراء كان أحب إلي من أن أحلف أني لست بمراء ، ولو رأيت رجلا اجتمع الناس حوله لقلت : هذا مجنون ، من الذي اجتمع الناس حوله ، لا يحب أن يجود كلامه لهم؟
فيض بن إسحاق : سمعت فضيلا يقول : ليست الدنيا دار إقامة ، وإنما آدم أُهْبِطَ إليها عقوبة ، ألا ترى كيف يزويها عنه ، ويمررها عليه بالجوع ، بالعُري ، بالحاجة ، كما تصنع الوالدة الشفيقة بولدها ، تسقيه مرة حُضَضا ومرة صبرا ، وإنما تريد بذلك ما هو خير له .
وعن الفضيل : حرام على قلوبكم أن تصيب حلاوة الإيمان حتى تزهدوا في الدنيا .
وعنه : إذا لم تقدر على قيام الليل ، وصيام النهار ، فاعلم أنك محروم ، كبلتك خطيئتك .
وعن فضيل ، ورأى قوما من أصحاب الحديث يمرحون ويضحكون ، فناداهم : مهلا يا ورثة الأنبياء ، مهلا ثلاثا ، إنكم أئمة يقتدى بكم .
قال ابن عيينة : سمعت الفضيل بن عياض يقول : يُغْفر للجاهل سبعون ذنبا ما لا يغفر للعالم ذنب واحد .
قال أحمد بن حنبل : حدثنا أبو جعفر الحذاء ، سمعت الفضيل يقول : أخذت بيد سفيان بن عيينة في هذا الوادي ، فقلت : إن كنت تظن أنه بقي على وجه الأرض شر مني ومنك ، فبئس ما تظن .
قال عبد الصمد مردويه : سمعت الفضيل يقول : من أحب صاحب بدعة ، أحبط الله عمله ، وأخرج نور الإسلام من قلبه ، لا يرتفع لصاحب بدعة إلى الله عمل ، نظر المؤمن إلى المؤمن يجلو القلب ، ونظر الرجل إلى صاحب بدعة يورث العمى ، من جلس مع صاحب بدعة لم يعطَ الحكمة .
قال أبو العباس السراج : حدثني أبو النضر إسماعيل بن عبد الله ، حدثنا يحيى بن يوسف الزمي ، عن فضيل بن عياض قال : لما دخل علي هارون أمير المؤمنين قلت : يا حسن الوجه ، لقد كلفت أمرا عظيما ، أما إني ما رأيت أحدا أحسن وجها منك ، فإن قدرت أن لا تسوِّد هذا الوجه بلفحة من النار فافعل . قال : عظني . قلت : بماذا أعظك ؟ هذا كتاب الله بين الدفتين ، انظر ماذا عمل بمن أطاعه ، وماذا عمل بمن عصاه ، إني رأيت الناس يغوصون على النار غوصا شديدا ، ويطلبونها طلبا حثيثا ، أما والله لو طلبوا الجنة بمثلها أو أيسر لنالوها ، وقال : عد إليّ ، فقال : لو لم تبعث إليّ لم آتك ، وإن انتفعت بما سمعت ، عدت إليك . قال إبراهيم بن الأشعث : سمعت الفضيل يقول في مرضه : ارحمني بحبي إياك فليس شيء أحب إلي منك .
وسمعته يقول وهو يشتكي : مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .
وسمعته يقول : من استوحش من الوحدة ، واستأنس بالناس ، لم يسلم من الرياء ، لا حج ولا جهاد أشد من حبس اللسان ، وليس أحد أشد غما ممن سجن لسانه .
قال الحسن بن زياد : سمعت الفضيل كثيرا يقول : احفظ لسانك ، وأقبل على شأنك ، واعرف زمانك ، وأخف مكانك .
وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي : حدثنا الفيض بن إسحاق ، سمعت الفضيل يقول : وددت أنه طار في الناس أني مت حتى لا أذكر . إني لأسمع صوت أصحاب الحديث ، فيأخذني البول فرقا منهم .
وقال الدورقي : حدثنا الحسين بن زياد ، سمعت فضيلا يقول لأصحاب الحديث : لم تكرهوني على أمر تعلمون أني كاره له -يعني الرواية- ؟ لو كنت عبدا لكم ، فكرهتكم كان نَوْلي أن تبيعوني ، لو أعلم أني إذا دفعت ردائي هذا إليكم ذهبتم عني لفعلت .
الدورقي : وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول : سمعت الفضيل يخاطب نفسه : ما أراه أخرجك من الحل فدسك في الحرم إلا ليضعف عليك الذنب ، أما تستحي تذكر الدينار والدرهم ، وأنت حول البيت ، إنما كان يأتيه التائب والمستجير .
وعن الفضيل قال : المؤمن يغبط ولا يحسد ، الغبطة من الإيمان ، والحسد من النفاق .
قلت : هذا يفسر لك قوله -عليه الصلاة والتسليم- : لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالا ينفقه في الحق ، ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار . فالحسد هنا معناه : الغبطة ،أن تحسد أخاك على ما آتاه الله ، لا أنك تحسده ، بمعنى أنك تود زوال ذلك عنه ، فهذا بغي وخُبث .
وعن الفضيل قال : من أخلاق الأنبياء الحلم والأناة وقيام الليل .
قال أبو عبد الرحمن السلمي : أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر ، أخبرنا الحسن بن عبد الله العسكري ، حدثنا ابن أخي أبي زرعة ، حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه ، حدثنا أبو عمار ، عن الفضل بن موسى قال : كان الفضيل شاطرًا يقطع الطريق ، فذكر الحكاية -وقد مضت .
وقال إبراهيم بن الليث : حدثنا المحدث علي بن خشرم قال : أخبرني رجل من جيران الفضيل من أبيورد ، قال : كان الفضيل يقطع الطريق وحده ، فبينا هو ذات ليلة ، وقد انتهت إليه القافلة ، فقال بعضهم : اعدلوا بنا إلى هذه القرية ، فإن الفضيل يقطع الطريق . فسمع ذلك ، فأرعد ، فقال : يا قوم جوزوا ، والله لأجتهدن أن لا أعصي الله .
وروي نحوها من وجه آخر ، لكنه في الإسناد ابن جهضم ، وهو هالك . وبكل حال : فالشرك أعظم من قطع الطريق ، وقد تاب من الشرك خلق صاروا أفضل الأمة . فنَواصي العباد بيد الله -تعالى- وهو يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ .
قال إبراهيم بن سعيد الجوهري : قال لي المأمون ، قال لي الرشيد : ما رأت عيناي مثل فضيل بن عياض ، دخلت عليه فقال لي : فرغ قلبك للحزن وللخوف حتى يسكناه ، فيقطعاك عن المعاصي ، ويباعداك من النار . وعن ابن أبي عمر قال : ما رأيت بعد الفضيل أعبد من وكيع . قال إبراهيم بن الأشعث : رأيت سفيان بن عيينة يقبل يد الفضيل مرتين ، وعن ابن المبارك قال : إذا نظرت إلى الفضيل ، جَدَّد لي الحزن ، ومقت نفسي ، ثم بكى .
قال يحيى بن أيوب : دخلت مع زافر بن سليمان على الفضيل بن عياض ، فإذا معه شيخ ، فدخل زافر وأقعدني على الباب . قال زافر : فجعل الفضيل ينظر إليّ ثم قال : هؤلاء المحدثون يعجبهم قرب الإسناد ، ألا أخبرك بإسناد لا شك فيه : رسول الله ، عن جبريل ، عن الله : نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ فأنا وأنت يا أبا سليمان من الناس ، ثم غشي عليه وعلى الشيخ ، وجعل زافر ينظر إليهما ، ثم خرج الفضيل ، وقمنا والشيخ مغشي عليه .
قال سهل بن راهويه : قلت لابن عيينة : ألا ترى إلى الفضيل لا تكاد تجف له دمعة . قال : إذا قَرِح القلب ، نديت العينان .
قال الأصمعي : نظر الفضيل إلى رجل يشكو إلى رجل ، فقال : يا هذا ، تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك .
قال أحمد بن أبي الحواري : حدثنا أبو عبد الله الأنطاكي قال : اجتمع الفضيل والثوري ، فتذاكرا ، فرق سفيان وبكى ، ثم قال : أرجو أن يكون هذا المجلس علينا رحمة وبركة . فقال له الفضيل : لكني يا أبا عبد الله ، أخاف أن لا يكون أضر علينا منه . ألست تخلصت إلى أحسن حديثك ، وتخلصت أنا إلى أحسن حديثي ، فتزينت لي وتزينت لك ؟ فبكى سفيان وقال : أحييتني أحياك الله .
وقال الفيض : قال لي الفضيل : لو قيل لك : يا مرائي ، غضبت ، وشق عليك ، وعسى ما قيل لك حق ، تزيَّنت للدنيا وتصنَّعت ، وقصَّرت ثيابك ، وحسَّنت سمتك ، وكففت أذاك حتى يقال : أبو فلان عابد ، ما أحسن سمته ! فيكرمونك ، وينظرونك ، ويقصدونك ويهدون إليك ، مثل الدرهم السُّتُّوق لا يعرفه كل أحد فإذا قشر قشر عن نحاس .
إبراهيم بن ألأشعث : سمعت الفضيل يقول : بلغني أن العلماء فيما مضى كانوا إذا تعلموا عملوا، وإذا عملوا شغلوا ، وإذا شغلوا فقدوا ، وإذا فقدوا طلبوا ، فإذا طلبوا هربوا .
وعنه قال : كفى بالله مُحبا وبالقرآن مؤنسا ، وبالموت واعظا ، وبخشية الله علما ، وبالاغترار جهلا .
وعنه : خصلتان تقسّيان القلب : كثرة الكلام ، وكثرة الأكل .
وعنه : كيف ترى حال من كثرت ذنوبه ، وضعف علمه ، وفني عمره ، ولم يتزود لمعاده .
وعنه : يا مسكين ، أنت مسيء وترى أنك محسن ، وأنت جاهل وترى أنك عالم ، وتبخل وترى أنك كريم ، وأحمق وترى أنك عاقل ، أجلك قصير ، وأملك طويل .
قلت : إي -واللهِ- صدق ، وأنت ظالم وترى أنك مظلوم ، وآكل للحرام وترى أنك متورع ، وفاسق وتعتقد أنك عدل ، وطالب العلم للدنيا وترى أنك تطلبه لله .
عباس الدوري : حدثنا محمد بن عبد الله الأنباري ، قال :سمعت فضيلا يقول : لما قدم هارون الرشيد إلى مكة قعد في الحِجْر هو وولده ، وقوم من الهاشميين ، وأحضروا المشايخ ، فبعثوا إلي فأردت أن لا أذهب ، فاستشرت جاري ، فقال : اذهب لعله يريد أن تعظه ، فدخلت المسجد ، فلما صرت إلى الحجر ، قلت لأدناهم : أيكم أمير المؤمنين ؟ فأشار إليه ، فقلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، فرد عليّ وقال : اقعد ، ثم قال : إنما دعوناك لتحدثنا بشيء ، وتعظنا ، فأقبلت عليه ، فقلت : يا حسن الوجه ، حساب الخلق كلهم عليك ، فجعل يبكي ويشهق ، فرددت عليه ، وهو يبكي ، حتى جاء الخادم فحملوني وأخرجوني ، وقال : اذهب بسلام .
وقال محرز بن عون : كنت عند الفضيل ، فأتى هارون ومعه يحيى بن خالد ، وولده جعفر ، فقال له يحيى : يا أبا علي ، هذا أمير المؤمنين يسلم عليك . قال : أيكم هو ؟ قالوا : هذا ، فقال : يا حسن الوجه ، لقد طوقت أمرا عظيما، وكررها ، ثم قال : حدثني عبيد المكتب ، عن مجاهد في قوله : وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ قال : الأوصال التي كانت في الدنيا . وأومأ بيده إليهم .
قال عبد الله بن خبيق : قال الفضيل : تباعد من القراء ، فإنهم إن أحبوك 0 مدحوك بما ليس فيك ، وإن غضبوا شهدوا عليك ، وقبل منهم .
قال قطبة بن العلاء : سمعت الفضيل يقول : آفة القراء العُجْب . وللفضيل -رحمه الله- مواعظ ، وقدم في التقوى راسخ ، وله ترجمة في كتاب "الحلية" وفي تاريخ أبي القاسم ابن عساكر . وكان يعيش من صلة ابن المبارك ونحوه من أهل الخير ، ويمتنع من جوائز الملوك .
قال بعضهم : كنا جلوسا عند الفضيل بن عياض ، فقلنا له: كم سنك؟ فقال : بلغت الثمانين أو جزتها
فمـاذا أؤمـل أو أنتظـر علتنـي السنون فأبلينني
فـدق العظـام وكل البصر
قلت : هو من أقران سفيان بن عيينة في المولد ولكنه مات قبله بسنوات وكان ابنه: علي .
======
وصلي اللهم وسلم على النبي محمد ........
..مايمتعنا ويجلي الهم عن صدورنا من بعد قراءة كتاب ربنا وفهمه بسنة حبيبنا محمد هي قراءة سير هؤلاء الصالحون الذين اقتفوا ماجاء في القرآن والسنة ..
..الفضيل بن عياض..
الفضيل بن عياض الفضيل بن عياض
ابن مسعود بن بشر الإمام القدوة الثبت شيخ الإسلام ، أبو علي التميمي اليربوعي الخراساني ، المجاور بحرم الله . ولد بسمرقند ، ونشأ بأبِيْوَرْد ، وارتحل في طلب العلم .
فكتب بالكوفة عن منصور ، والأعمش ، وبيان بن بشر ، وحصين بن عبد الرحمن ، وليث ، وعطاء بن السائب ، وصفوان بن سليم ، وعبد العزيز بن رفيع ، وأبي إسحاق الشيباني ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وهشام بن حسان ، وابن أبي ليلى ، ومجالد ، وأشعث بن سوَّار ، وجعفر الصادق ، وحميد الطويل ، وخلق سواهم من الكوفيين والحجازيين .
حدث عنه : ابن المبارك ، ويحيى القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وابن عيينة ، والأصمعي ، وعبد الرزاق ، وعبد الرحمن بن مهدي بن هلال ، شيخ واسطي ، وحسين الجعفي ، وأسَدُ السُّنة والشافعي ، وأحمد بن يونس ، ويحيى بن يحيى التميمي ، وابن وهب ، ومسدد ، وقتيبة ، وبشر الحافي ، والسري بن مغلّس السقطي ، وأحمد بن المقدام ، وعبيد الله القواريري ، ومحمد بن زنبور المكي ، ولُوين ، ومحمد بن يحيى العدني ، والحميدي ، وعبد الصمد بن يزيد مردويه ، وعبدة بن عبد الرحيم المروزي ، ومحمد بن أبي السري العسقلاني ، ومحمد بن قدامة المصّيصي ، ويحيى بن أيوب المقابري ، وخلق كثير ، آخرهم موتا الحسين بن داود البَلْخي .
وروى عنه سفيان الثوري أجلُّ شيوخه ، وبينهما في الموت مائة وأربعون عاما .
قال أبو عمار الحسين بن حُرَيث ، عن الفضل بن موسى ، قال : كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس ، وكان سبب توبته أنه عشق جارية ، فبينا هو يرتقي الجدران إليها ، إذ سمع تاليا يتلو أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ فلما سمعها قال : بلى يا رب قد آن ، فرجع ، فأواه الليل إلى خربة فإذا فيها سابلة ، فقال بعضهم : نرحل ، وقال بعضهم : حتى [نصبح] فإن فُضَيلا على الطريق يقطع علينا .
قال : ففكرت ، وقلت : أنا أسعى بالليل في المعاصي ، وقوم من المسلمين هاهنا ، يخافوني ، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع ، اللهم إني قد تبت إليك ، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام .
وقال إبراهيم بن محمد الشافعي : سمعت سفيان بن عيينة يقول : فضيل ثقة .
وقال أبو عبيد : قال ابن مهدي : فضيل رجل صالح ، ولم يكن بحافظ .
وقال العجلى : كوفي ثقة متعبد ، رجل صالح ، سكن مكة .
وقال محمد بن عبد الله بن عمار : ليت فُضَيلا كان يحدثك بما يعرف ، قيل لابن عمار : ترى حديثه حجة ؟ قال : سبحان الله . وقال أبو حاتم : صدوق . وقال النسائي : ثقة مأمون ، رجل صالح . وقال الدارقطني : ثقة .
قال محمد بن سعد : ولد بخراسان بكورة أبيورد ، وقدم الكوفة وهو كبير ، فسمع من منصور وغيره ، ثم تعبد ، وانتقل إلى مكة ونزلها إلى أن مات بها في أول سنة سبع وثمانين ومائة في خلافة هارون ، وكان ثقة نبيلا فاضلا عابدا ورعا ، كثير الحديث .
وقال أبو وهب محمد بن مزاحم : سمعت ابن المبارك يقول : رأيت أعبد الناس عبد العزيز بن أبي روَّاد ، وأورع الناس الفضيل بن عياض ، وأعلم الناس سفيان الثوري ، وأفقه الناس أبا حنيفة ، ما رأيت في الفقه مثله.
وروى إبراهيم بن شماس ، عن ابن المبارك قال : ما بقي على ظهر الأرض عندي أفضل من الفضيل بن عياض .
قال نصر بن المغيرة البخاري : سمعت إبراهيم بن شماس يقول : رأيت أفقه الناس ، وأورع الناس ، وأحفظ الناس وكيعا والفضيل وابن المبارك .
وقال عبيد الله القواريري : أفضل من رأيت من المشايخ : بشر بن منصور، وفضيل بن عياض ، وعون بن معمر ، وحمزة بن نجيح. قلت : عون وحمزة لا يكادان يعرفان ، وكانا عابدين . قال النضر بن شميل : سمعت الرشيد يقول : ما رأيت في العلماء أهيب من مالك ، ولا أورع من الفضيل .
وروى أحمد بن أبي الحواري ، عن الهيثم بن جميل ، سمعت شريكا يقول : لم يزل لكل قوم حجة في أهل زمانهم ، وإن فضيل بن عياض حجة لأهل زمانه ، فقام فتى من مجلس الهيثم ، فلما توارى ، قال الهيثم : إن عاش هذا الفتى يكون حجة لأهل زمانه ، قيل : من كان الفتى ؟ قال : أحمد بن حنبل .
قال عبد الصمد مردويه الصائغ : قال لي ابن المبارك : إن الفضيل بن عياض صدق الله فأجرى الحكمة على لسانه ، فالفضيل ممن نفعه علمه.
وقال أبو بكر عبد الرحمن بن عفان : سمعت ابن المبارك يقول لأبي مريم القاضي : ما بقي في الحجاز أحد من الأبدال إلا فضيل بن عياض ، وابنه علي ، وعليّ مقدم في الخوف ، وما بقي أحد في بلاد الشام إلا يوسف بن أسباط ، وأبو معاوية الأسود ، وما بقي أحد بخراسان إلا شيخ حائك يقال له : معدان .
قال أبو بكر المقاريضي المذكر : سمعت بشر بن الحارث يقول : عشرة ممن كانوا يأكلون الحلال ، لا يُدخلون بطونهم إلا حلالا ولو استفوا التراب والرماد . قلت : من هم يا أبا نصر؟ قال : سفيان ، وإبراهيم بن أدهم ، والفضيل بن عياض ، وابنه ، وسليمان الخواص ، ويوسف بن أسباط ، وأبو معاوية نجيح الخادم ، وحذيفة المرعشي ، وداود الطائي ، ووهيب بن الورد .
وقال إبراهيم بن الأشعث : ما رأيت أحدا كان الله في صدره أعظم من الفضيل ، كان إذا ذَكر الله ، أو ذُكر عنده ، أو سمع القرآن ظهر ، به من الخوف والحزن ، وفاضت عيناه ، وبكى حتى يرحمه من يحضره ، وكان دائم الحزن ، شديد الفكرة ، ما رأيت رجلا يريد الله بعلمه وعمله ، وأخذه وعطائه ، ومنعه وبذله ، وبغضه وحبه ، وخصاله كلها غيره . كنا إذا خرجنا معه في جنازة لا يزال يعظ ، ويذكر ويبكي كأنه مودع أصحابه ، ذاهب إلى الأخرة ، حتى يبلغ المقابر ; فيجلس مكانه بين الموتى من الحزن والبكاء ، حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها .
وقال عبد الصمد بن يزيد مردويه : سمعت الفضيل يقول : لم يتزين الناس بشيء أفضل من الصدق ، وطلب الحلال ، فقال ابنه علي : يا أبة إن الحلال عزيز . قال : يا بني ، وإن قليله عند الله كثير .
قال سري بن المغلس : سمعت الفضيل يقول : من خاف الله لم يضره أحد ، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد .
وقال فيض بن إسحاق : سمعت الفضيل بن عياض ، وسأله عبد الله بن مالك : يا أبا علي ما الخلاص مما نحن فيه ؟ قال : أخبرني ، من أطاع الله هل تضره معصية أحد ؟ قال : لا . قال : فمن يعصي الله هل تنفعه طاعة أحد ؟ قال : لا ، قال : هو الخلاص إن أردت الخلاص .
قال إبراهيم بن الأشعث : سمعت الفضيل يقول : رهبة العبد من الله على قدر علمه بالله ، وزهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة ، من عمل بما علم استغنى عما لا يعلم ، ومن عمل بما علم وفَّقه الله لما لا يعلم ، ومن ساء خلقه شان دينه وحسبه ومروءته .
وسمعته يقول : أكذب الناس العائد في ذنبه ، وأجهل الناس المُدِلّ بحسناته ، وأعلم الناس بالله أخوفهم منه ، لن يكمل عبد حتى يؤثر دينه على شهوته ، ولن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه .
وقال محمد بن عبدويه : سمعت الفضيل يقول : ترْك العمل من أجل الناس رياء ، والعمل من أجل الناس شرك ، والإخلاص أن يعافيك الله عنهما.
قال سَلْم بن عبد الله الخراساني : سمعت الفضيل يقول : إنما أمس مثلٌ ، واليوم عمل ، وغدا أمل .
وقال فيض بن إسحاق : قال الفضيل : والله ما يحل لك أن تؤذي كلبا ولا خنزيرا بغير حق ، فكيف تؤذي مسلما .
وعن فضيل : لا يكون العبد من المتقين حتى يأمنه عدوه .
وعنه : بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله ، وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله .
قال محرز بن عون : أتيت الفضيل بمكة ، فقال لي : يا محرز ، وأنت أيضا مع أصحاب الحديث ، ما فعل القرآن ؟ والله لو نزل حرف باليمن لقد كان ينبغي أن نذهب حتى نسمعه ، والله لأن تكون راعي الحمر وأنت مقيم على ما يحب الله ، خير لك من الطواف وأنت مقيم على ما يكره الله .
المفضل الجندي : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الطبري ، قال : ما رأيت أحدا أخوف على نفسه ، ولا أرجى للناس من الفضيل . كانت قراءته حزينة ، شهية ، بطيئة ، مترسلة ، كأنه يخاطب إنسانا ، وكان إذا مر بآية فيها ذكر الجنة يردد فيها وسأل ، وكانت صلاته بالليل أكثر ذلك قاعدا ، يُلقى له الحصير في مسجده ، فيصلي من أول الليل ساعة ، ثم تغلبه عينه ، فيلقي نفسه على الحصير ، فينام قليلا ، ثم يقوم ، فإذا غلبه النوم نام ، ثم يقوم، هكذا حتى يصبح . وكان دأبه إذا نعس أن ينام ، ويقال : أشد العبادة ما كان هكذا .
وكان صحيح الحديث ، صدوق اللسان ، شديد الهيبة للحديث إذا حدث ، وكان يثقل عليه الحديث جدا ، وربما قال لي : لو أنك طلبت مني الدنانير كان أيسر علي من أن تطلب مني الحديث . فقلت : لو حدثتني بأحاديث فوائد ليست عندي ، كان أحب إلي من أن تهب لي عددها دنانير . قال : إنك مفتون ، أما والله لو عملت بما سمعت ، لكان لك في ذلك شغل عما لم تسمع ، سمعت سليمان بن مهران يقول : إذا كان بين يديك طعام تأكله ، فتأخذ اللقمة ، فترمي بها خلف ظهرك متى تشبع ؟
أنبأنا أحمد بن سلامة ، عن أبي المكارم التيمي ، أخبرنا الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا الطبراني ، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي ، حدثنا أبو عمر الجرمي النحوي ، حدثنا الفضل بن الربيع ، قال : حج أمير المؤمنين -يعني هارون- فقال لي : ويحك ، قد حك في نفسي شيء ، فانظر لي رجلا أسأله . فقلت : هاهنا سفيان بن عيينة ، فقال : امض بنا إليه ، فأتيناه ، فقرعت بابه ، فقال : من ذا ؟ فقلت : أجب أمير المؤمنين ، فخرج مسرعا ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلت إليَّ أتيتك . فقال : خذ لما جئتك له ، فحدثه ساعة ، ثم قال له : عليك دَين . قال : نعم . فقال لي : اقض دينه ، فلما [خرجنا] قال : ما أغنى عني صاحبك شيئا . قلت : هاهنا عبد الرزاق . قال : امْضِ بنا إليه ، فأتيناه ، فقرعت الباب فخرج ، وحادثه ساعة ، ثم قال : عليك دين؟ قال : نعم . قال : أبا عباس ، اقض دينه . فلما خرجنا قال : ما أغنى عني صاحبك شيئا ، انظر لي رجلا أسأله ، قلت : هاهنا الفضيل بن عياض ، قال : امض بنا إليه ، فأتيناه ، فإذا هو قائم يصلي ، يتلو آية يرددها ، فقال : اقرع الباب ، فقرعت ، فقال : من هذا ؟ قلت : أجب أمير المؤمنين . قال : مالي ولأمير المؤمنين ؟ قلت : سبحان الله ! أما عليك طاعة ، فنزل ففتح الباب ، ثم ارتقى إلى الغرفة ، فأطفأ السراج ثم التجأ إلى زاوية ، فدخلنا ، فجعلنا نجول عليه بأيدينا فسبقت كف هارون قبلي إليه ، فقال : يا لها من كف ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله ، فقلت في نفسي : ليكلمنه الليلة بكلام نقي من قلب تقي ، فقال له : خذ لما جئناك له -رحمك الله- فقال : إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا سالم بن عبد الله ، ومحمد بن كعب ، ورجاء بن حيوة ، فقال لهم : إني قد ابتليت بهذا البلاء ، فأشيروا عليّ . فعد الخلافة بلاء ، وعددتها أنت وأصحابك نعمة . فقال له سالم : إن أردت النجاة ، فصمِ الدنيا وليكن إفطارُك منها الموت . وقال له ابن كعب : إن أردت النجاة من عذاب الله ، فليكن كبير المسلمين عندك أبا ، وأوسطهم أخا ، وأصغرهم ولدا ، فوقّر أباك ، وأكرم أخاك ، وتحنن على ولدك .
وقال له رجاء : إن أردت النجاة من عذاب الله ، فأحبّ للمسلمين ما تحب لنفسك ، واكره لهم ما تكره لنفسك ، ثم مت إذا شئت ، وإني أقول لك هذا ، وإني أخاف عليك أشد الخوف يومًا تزل فيه الأقدام ، فهل معك -رحمك الله- مَن يشير عليك بمثل هذا . فبكى بكاء شديدا حتى غشي عليه . فقلت له : ارفق بأمير المؤمنين ، فقال : يا ابن أم الربيع تقتله أنت وأصحابك ، وأرفق به أنا ؟ ثم أفاق ، فقال له : زدني -رحمك الله- قلت : بلغني أن عاملا لعمر بن عبد العزيز شُكي إليه ، فكتب إليه : يا أخي أذكرك طول سهَر أهل النار في النار مع خلود الأبد ، وإياك أن ينصرف بك من عند الله ، فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء ، فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم عليه ، فقال : ما أقدمك ؟ قال : خلعت قلبي بكتابك ، لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله ، فبكى هارون بكاء شديدا فقال : ياأمير المؤمنين ، إن العباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم- جاء إليه فقال : أمّرْني ، فقال له : إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة ، فإن استطعت أن لا تكون أميرا فافعل . فبكى هارون ، وقال : زدني . قال : يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عن هذا الخلق يوم القيامة ، فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار ، فافعل ، وإياك أن تصبح وتمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك ، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : من أصبح لهم غاشا لم يَرح رائحة الجنة . فبكى هارون وقال له : عليك دَين ؟ قال : نعم ، دين لربي ، لم يحاسبني عليه . فالويل لي إن ساءلني ، والويل لي إن ناقشني ، والويل لي إن لم ألهم حجتي . قال : إنما أعني من دَين العباد . قال : إن ربي لم يأمرني بهذا ، أمرني أن أصدق وعده ، وأطيع أمره ، فقال -عز وجل- : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ الآيات . فقال : هذه ألف دينار خذها ، فأنفقها على عيالك ، وتقوَّ بها على عبادة ربك ، فقال : سبحان الله ! أنا أدلك على طريق النجاة ، وأنت تكافئني بمثل هذا . سلمك الله ، ووفقك . ثم صمت ، فلم يكلمنا ، فخرجنا ، فقال هارون : أبا عباس ، إذا دللتني ، فدلني على مثل هذا ، هذا سيد المسلمين . فدخلت عليه امرأة عن نسائه فقالت : قد ترى ما نحن فيه من الضيق ، فلو قبلت هذا المال . قال : إنما مثلي ومثلكم كمثل قوم لهم بعير يأكلون من كسبه ، فلما كبر نحروه ، فأكلوا لحمه ، فلما سمع هارون هذا الكلام قال : ندخل فعسى أن يقبل المال ، فلما علم الفضيل ، خرج فجلس في السطح على باب الغرفة ، فجاء هارون ، فجلس إلى جنبه ، فجعل يكلمه فلا يجيبه ، فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء ، فقالت : يا هذا ، قد آذيت الشيخ منذ الليلة ، فانصرف فانصرفنا . حكاية عجيبة، والغلابي غير ثقة، وقد رواها غيره .
أخبرتنا عائشة بنت عيسى ، أخبرنا ابن راجح ، أخبرنا السلفي ، أخبرنا العلاف ، أخبرنا أبو الحسن الحمامي ، أخبرنا جعفر بن محمد بن الحجاح بالموصل ، حدثنا محمد بن سعدان الحراني ، حدثنا أبو عمر النحوي ، هو الجرمي ، عن الفضل بن الربيع ، بها .
قال محمد بن علي بن شقيق : حدثنا أبو إسحاق قال : قال الفضيل : لو خيرت بين أن أعيش كلبا وأموت كلبا ، ولا أرى يوم القيامة ، لاخترت ذلك .
وقال فيض بن إسحاق : سمعت الفضيل يقول : والله لأن أكون ترابا أحب إلي من أن أكون في مِسْلاخ أفضل أهل الأرض ، وما يسرني أن أعرف الأمر حق معرفته ، إذا لطاش عقلي .
وقال إسحاق بن إبراهيم الطبري : سمعت الفضيل يقول : لو قلت : إنك تخاف الموت ما قبلت منك ، لو خفت الموت ما نفعك طعام ولا شراب ، ولا شيء ، ما يسرني أن أعرف الأمر حق معرفته إذًا لطاش عقلي ، ولم أنتفع بشيء .
عبد الصمد بن يزيد : سمعت الفضيل يقول : لا تجعل الرجال أوصياءك ، كيف تلومهم أن يضيعوا وصيتك ، وأنت قد ضيعتها في حياتك . وسمعته يقول : إذا أحب الله عبدا ، أكثر غمه ، وإذا أبغض عبدا ، وسع عليه دنياه .
وقال إبراهيم بن الأشعث : سمعت الفضيل يقول : من أحب أن يذكر لم يذكر ، ومن كره أن يُذكر ذُكر . وسمعته يقول : وعزته ، لو أدخلني النار ما أيست . وسمعته -وقد أفضنا من عرفات- يقول : واسوأتاه -واللهِ منك- وإن عفوت. وسمعته يقول : الخوف أفضل من الرجاء ما دام الرجل صحيحا ، فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل . قلت : وذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم- : لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله .
روى أحمد بن إبراهيم الدورقي ، عن علي بن الحسن قال : بلغ الفضيل أن حريزا يريد أن يأتيه ، فأَقفل الباب من خارج ، فجاء فرأى الباب مقفلا ، فرجع ، فأتيته فقلت له : حريز ، قال : ما يصنع بي ، يظهر لي محاسن كلامه ، وأظهر له محاسن كلامي ، فلا يتزين لي ، ولا أتزين له ، خير له .
ثم قال علي : ما رأيت أنصح للمسلمين ، ولا أخوف منه ، ولقد رأيته في المنام قائما على صندوق يعطي المصاحف ، والناس حوله ، فيهم : سفيان بن عيينة ، وهارون أمير المؤمنين ، فما رأيته يودّع أحدا ، فيقدر أن يتم وداعه .
قال فيض بن وثيق سمعت الفضيل يقول : إن استطعت أن لا تكون محدثا ولا قارئا ، ولا متكلما ، إن كنت بليغا قالوا : ما أبلغه ! وأحسن حديثه! وأحسن صوته ! فيعجبك ذلك ، فتنتفخ ، وإن لم تكن بليغا ، ولا حسن الصوت قالوا : ليس يُحسن يُحدّث ، وليس صوته بحسن ، أحزنك ذلك ، وشق عليك ، فتكون مرائيا ، وإذا جلست ، فتكلمت ، فلم تبال من ذمك ومن مدحك ، فتكلم .
وقال محمد بن زنبور : قال الفضيل : لا يسلم لك قلبك حتى لا تبالي من أكل الدنيا .
وقيل له : ما الزهد ؟ قال : القنوع ، قيل : ما الورع ؟ قال : اجتناب المحارم . قيل : ما العبادة ؟ قال : أداء الفرائض . قيل : ما التواضع ؟ قال : أن تخضع للحق . وقال : أشد الورع في اللسان .
قلت : هكذا هو ، فقد ترى الرجل ورعا في مأكله وملبسه ومعاملته ، وإذا تحدث يدخل عليه الداخل من حديثه ، فإما أن يتحرى الصدق ، فلا يكمل الصدق ، وإما أن يصدق ، فينمق حديثه لِيُمْدَح على الفصاحة ، وإما أن يظهر أحسن ما عنده ليعظم ، وإما أن يسكت في موضع الكلام ، لِيُثْنَى عليه . ودواء ذلك كله الانقطاع عن الناس إلا من الجماعة .
قال عبد الصمد بن يزيد : سمعت الفضيل يقول : لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في إمام ، فصلاح الإمام صلاح البلاد والعباد .
وسمعته يقول : إنما هما عالمان : فعالم الدنيا علمه منشور ، وعالم الآخرة علمه مستور . احذروا عالم الدنيا ، لا يضركم بسكره ، العلماء كثير ، والحكماء قليل .
وعنه : لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعد البلاء نعمة ، والرخاء مصيبة، وحتى لا يحب أن يحمد على عبادة الله .
قال الحسين بن زياد المروزي : سمعت فضيلا يقول : لو حلفت أني مراء كان أحب إلي من أن أحلف أني لست بمراء ، ولو رأيت رجلا اجتمع الناس حوله لقلت : هذا مجنون ، من الذي اجتمع الناس حوله ، لا يحب أن يجود كلامه لهم؟
فيض بن إسحاق : سمعت فضيلا يقول : ليست الدنيا دار إقامة ، وإنما آدم أُهْبِطَ إليها عقوبة ، ألا ترى كيف يزويها عنه ، ويمررها عليه بالجوع ، بالعُري ، بالحاجة ، كما تصنع الوالدة الشفيقة بولدها ، تسقيه مرة حُضَضا ومرة صبرا ، وإنما تريد بذلك ما هو خير له .
وعن الفضيل : حرام على قلوبكم أن تصيب حلاوة الإيمان حتى تزهدوا في الدنيا .
وعنه : إذا لم تقدر على قيام الليل ، وصيام النهار ، فاعلم أنك محروم ، كبلتك خطيئتك .
وعن فضيل ، ورأى قوما من أصحاب الحديث يمرحون ويضحكون ، فناداهم : مهلا يا ورثة الأنبياء ، مهلا ثلاثا ، إنكم أئمة يقتدى بكم .
قال ابن عيينة : سمعت الفضيل بن عياض يقول : يُغْفر للجاهل سبعون ذنبا ما لا يغفر للعالم ذنب واحد .
قال أحمد بن حنبل : حدثنا أبو جعفر الحذاء ، سمعت الفضيل يقول : أخذت بيد سفيان بن عيينة في هذا الوادي ، فقلت : إن كنت تظن أنه بقي على وجه الأرض شر مني ومنك ، فبئس ما تظن .
قال عبد الصمد مردويه : سمعت الفضيل يقول : من أحب صاحب بدعة ، أحبط الله عمله ، وأخرج نور الإسلام من قلبه ، لا يرتفع لصاحب بدعة إلى الله عمل ، نظر المؤمن إلى المؤمن يجلو القلب ، ونظر الرجل إلى صاحب بدعة يورث العمى ، من جلس مع صاحب بدعة لم يعطَ الحكمة .
قال أبو العباس السراج : حدثني أبو النضر إسماعيل بن عبد الله ، حدثنا يحيى بن يوسف الزمي ، عن فضيل بن عياض قال : لما دخل علي هارون أمير المؤمنين قلت : يا حسن الوجه ، لقد كلفت أمرا عظيما ، أما إني ما رأيت أحدا أحسن وجها منك ، فإن قدرت أن لا تسوِّد هذا الوجه بلفحة من النار فافعل . قال : عظني . قلت : بماذا أعظك ؟ هذا كتاب الله بين الدفتين ، انظر ماذا عمل بمن أطاعه ، وماذا عمل بمن عصاه ، إني رأيت الناس يغوصون على النار غوصا شديدا ، ويطلبونها طلبا حثيثا ، أما والله لو طلبوا الجنة بمثلها أو أيسر لنالوها ، وقال : عد إليّ ، فقال : لو لم تبعث إليّ لم آتك ، وإن انتفعت بما سمعت ، عدت إليك . قال إبراهيم بن الأشعث : سمعت الفضيل يقول في مرضه : ارحمني بحبي إياك فليس شيء أحب إلي منك .
وسمعته يقول وهو يشتكي : مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .
وسمعته يقول : من استوحش من الوحدة ، واستأنس بالناس ، لم يسلم من الرياء ، لا حج ولا جهاد أشد من حبس اللسان ، وليس أحد أشد غما ممن سجن لسانه .
قال الحسن بن زياد : سمعت الفضيل كثيرا يقول : احفظ لسانك ، وأقبل على شأنك ، واعرف زمانك ، وأخف مكانك .
وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي : حدثنا الفيض بن إسحاق ، سمعت الفضيل يقول : وددت أنه طار في الناس أني مت حتى لا أذكر . إني لأسمع صوت أصحاب الحديث ، فيأخذني البول فرقا منهم .
وقال الدورقي : حدثنا الحسين بن زياد ، سمعت فضيلا يقول لأصحاب الحديث : لم تكرهوني على أمر تعلمون أني كاره له -يعني الرواية- ؟ لو كنت عبدا لكم ، فكرهتكم كان نَوْلي أن تبيعوني ، لو أعلم أني إذا دفعت ردائي هذا إليكم ذهبتم عني لفعلت .
الدورقي : وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول : سمعت الفضيل يخاطب نفسه : ما أراه أخرجك من الحل فدسك في الحرم إلا ليضعف عليك الذنب ، أما تستحي تذكر الدينار والدرهم ، وأنت حول البيت ، إنما كان يأتيه التائب والمستجير .
وعن الفضيل قال : المؤمن يغبط ولا يحسد ، الغبطة من الإيمان ، والحسد من النفاق .
قلت : هذا يفسر لك قوله -عليه الصلاة والتسليم- : لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالا ينفقه في الحق ، ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار . فالحسد هنا معناه : الغبطة ،أن تحسد أخاك على ما آتاه الله ، لا أنك تحسده ، بمعنى أنك تود زوال ذلك عنه ، فهذا بغي وخُبث .
وعن الفضيل قال : من أخلاق الأنبياء الحلم والأناة وقيام الليل .
قال أبو عبد الرحمن السلمي : أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر ، أخبرنا الحسن بن عبد الله العسكري ، حدثنا ابن أخي أبي زرعة ، حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه ، حدثنا أبو عمار ، عن الفضل بن موسى قال : كان الفضيل شاطرًا يقطع الطريق ، فذكر الحكاية -وقد مضت .
وقال إبراهيم بن الليث : حدثنا المحدث علي بن خشرم قال : أخبرني رجل من جيران الفضيل من أبيورد ، قال : كان الفضيل يقطع الطريق وحده ، فبينا هو ذات ليلة ، وقد انتهت إليه القافلة ، فقال بعضهم : اعدلوا بنا إلى هذه القرية ، فإن الفضيل يقطع الطريق . فسمع ذلك ، فأرعد ، فقال : يا قوم جوزوا ، والله لأجتهدن أن لا أعصي الله .
وروي نحوها من وجه آخر ، لكنه في الإسناد ابن جهضم ، وهو هالك . وبكل حال : فالشرك أعظم من قطع الطريق ، وقد تاب من الشرك خلق صاروا أفضل الأمة . فنَواصي العباد بيد الله -تعالى- وهو يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ .
قال إبراهيم بن سعيد الجوهري : قال لي المأمون ، قال لي الرشيد : ما رأت عيناي مثل فضيل بن عياض ، دخلت عليه فقال لي : فرغ قلبك للحزن وللخوف حتى يسكناه ، فيقطعاك عن المعاصي ، ويباعداك من النار . وعن ابن أبي عمر قال : ما رأيت بعد الفضيل أعبد من وكيع . قال إبراهيم بن الأشعث : رأيت سفيان بن عيينة يقبل يد الفضيل مرتين ، وعن ابن المبارك قال : إذا نظرت إلى الفضيل ، جَدَّد لي الحزن ، ومقت نفسي ، ثم بكى .
قال يحيى بن أيوب : دخلت مع زافر بن سليمان على الفضيل بن عياض ، فإذا معه شيخ ، فدخل زافر وأقعدني على الباب . قال زافر : فجعل الفضيل ينظر إليّ ثم قال : هؤلاء المحدثون يعجبهم قرب الإسناد ، ألا أخبرك بإسناد لا شك فيه : رسول الله ، عن جبريل ، عن الله : نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ فأنا وأنت يا أبا سليمان من الناس ، ثم غشي عليه وعلى الشيخ ، وجعل زافر ينظر إليهما ، ثم خرج الفضيل ، وقمنا والشيخ مغشي عليه .
قال سهل بن راهويه : قلت لابن عيينة : ألا ترى إلى الفضيل لا تكاد تجف له دمعة . قال : إذا قَرِح القلب ، نديت العينان .
قال الأصمعي : نظر الفضيل إلى رجل يشكو إلى رجل ، فقال : يا هذا ، تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك .
قال أحمد بن أبي الحواري : حدثنا أبو عبد الله الأنطاكي قال : اجتمع الفضيل والثوري ، فتذاكرا ، فرق سفيان وبكى ، ثم قال : أرجو أن يكون هذا المجلس علينا رحمة وبركة . فقال له الفضيل : لكني يا أبا عبد الله ، أخاف أن لا يكون أضر علينا منه . ألست تخلصت إلى أحسن حديثك ، وتخلصت أنا إلى أحسن حديثي ، فتزينت لي وتزينت لك ؟ فبكى سفيان وقال : أحييتني أحياك الله .
وقال الفيض : قال لي الفضيل : لو قيل لك : يا مرائي ، غضبت ، وشق عليك ، وعسى ما قيل لك حق ، تزيَّنت للدنيا وتصنَّعت ، وقصَّرت ثيابك ، وحسَّنت سمتك ، وكففت أذاك حتى يقال : أبو فلان عابد ، ما أحسن سمته ! فيكرمونك ، وينظرونك ، ويقصدونك ويهدون إليك ، مثل الدرهم السُّتُّوق لا يعرفه كل أحد فإذا قشر قشر عن نحاس .
إبراهيم بن ألأشعث : سمعت الفضيل يقول : بلغني أن العلماء فيما مضى كانوا إذا تعلموا عملوا، وإذا عملوا شغلوا ، وإذا شغلوا فقدوا ، وإذا فقدوا طلبوا ، فإذا طلبوا هربوا .
وعنه قال : كفى بالله مُحبا وبالقرآن مؤنسا ، وبالموت واعظا ، وبخشية الله علما ، وبالاغترار جهلا .
وعنه : خصلتان تقسّيان القلب : كثرة الكلام ، وكثرة الأكل .
وعنه : كيف ترى حال من كثرت ذنوبه ، وضعف علمه ، وفني عمره ، ولم يتزود لمعاده .
وعنه : يا مسكين ، أنت مسيء وترى أنك محسن ، وأنت جاهل وترى أنك عالم ، وتبخل وترى أنك كريم ، وأحمق وترى أنك عاقل ، أجلك قصير ، وأملك طويل .
قلت : إي -واللهِ- صدق ، وأنت ظالم وترى أنك مظلوم ، وآكل للحرام وترى أنك متورع ، وفاسق وتعتقد أنك عدل ، وطالب العلم للدنيا وترى أنك تطلبه لله .
عباس الدوري : حدثنا محمد بن عبد الله الأنباري ، قال :سمعت فضيلا يقول : لما قدم هارون الرشيد إلى مكة قعد في الحِجْر هو وولده ، وقوم من الهاشميين ، وأحضروا المشايخ ، فبعثوا إلي فأردت أن لا أذهب ، فاستشرت جاري ، فقال : اذهب لعله يريد أن تعظه ، فدخلت المسجد ، فلما صرت إلى الحجر ، قلت لأدناهم : أيكم أمير المؤمنين ؟ فأشار إليه ، فقلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، فرد عليّ وقال : اقعد ، ثم قال : إنما دعوناك لتحدثنا بشيء ، وتعظنا ، فأقبلت عليه ، فقلت : يا حسن الوجه ، حساب الخلق كلهم عليك ، فجعل يبكي ويشهق ، فرددت عليه ، وهو يبكي ، حتى جاء الخادم فحملوني وأخرجوني ، وقال : اذهب بسلام .
وقال محرز بن عون : كنت عند الفضيل ، فأتى هارون ومعه يحيى بن خالد ، وولده جعفر ، فقال له يحيى : يا أبا علي ، هذا أمير المؤمنين يسلم عليك . قال : أيكم هو ؟ قالوا : هذا ، فقال : يا حسن الوجه ، لقد طوقت أمرا عظيما، وكررها ، ثم قال : حدثني عبيد المكتب ، عن مجاهد في قوله : وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ قال : الأوصال التي كانت في الدنيا . وأومأ بيده إليهم .
قال عبد الله بن خبيق : قال الفضيل : تباعد من القراء ، فإنهم إن أحبوك 0 مدحوك بما ليس فيك ، وإن غضبوا شهدوا عليك ، وقبل منهم .
قال قطبة بن العلاء : سمعت الفضيل يقول : آفة القراء العُجْب . وللفضيل -رحمه الله- مواعظ ، وقدم في التقوى راسخ ، وله ترجمة في كتاب "الحلية" وفي تاريخ أبي القاسم ابن عساكر . وكان يعيش من صلة ابن المبارك ونحوه من أهل الخير ، ويمتنع من جوائز الملوك .
قال بعضهم : كنا جلوسا عند الفضيل بن عياض ، فقلنا له: كم سنك؟ فقال : بلغت الثمانين أو جزتها
فمـاذا أؤمـل أو أنتظـر علتنـي السنون فأبلينني
فـدق العظـام وكل البصر
قلت : هو من أقران سفيان بن عيينة في المولد ولكنه مات قبله بسنوات وكان ابنه: علي .
======
وصلي اللهم وسلم على النبي محمد ........
مواضيع مماثلة
» سيرة الصحابي عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
» ـ[ سيرة المصطفى من البعثة للهجرة ]ـ
» ــ[ رابعة العدويـة ..سيرة ذاتية ]ــ
» انشر سيرة نبيك بكل اللغات انـنــشـــرهــــا لا تتردد
» سؤال وجواب في سيرة النبي صلي الله عليه واله وصحبه وسلم
» ـ[ سيرة المصطفى من البعثة للهجرة ]ـ
» ــ[ رابعة العدويـة ..سيرة ذاتية ]ــ
» انشر سيرة نبيك بكل اللغات انـنــشـــرهــــا لا تتردد
» سؤال وجواب في سيرة النبي صلي الله عليه واله وصحبه وسلم
عبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام :: القسم الاسلامي :: القصص الدينية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى